اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/arrad/21.htm?print_it=1

المرادفات المستخدمة قديماً
للدلالة على مصطلح التربية الإسلامية

الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها
ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية

 
انطلاقاً من كون التربية الإسلامية أحد أهم العلوم التربوية التي حظيت باهتمام وعناية العلماء والمفكرين المسلمين ، ونالت نصيباً طيباً من جهودهم العظيمة التي تمثلت في مجموعة الاستنباطات التربوية من القرآن الكريم ، و السُنة النبوية المُطهرة ، أو الدروس و التوجيهات التربوية التي توصلوا إليها من خلال كتاباتهم ، وتجاربهم ، و ملاحظاتهم المختلفة . فإنه يمكن القول : إن مصطلح التربية الإسلامية يُعد مصطلحاً علمياً حديث النشأة في المجال التربوي . ولكن هذا لا يعني أنه لم يكن معروفاً من قبل إذ أن هناك مجموعةً من المصطلحات المرادفة التي ورد ذكرها مبثوثةً في كُتب وتراث سلفنا الصالح ، والتي استعملها بعضهم للدلالة على معنى التربية الإسلامية ، ومنها على سبيل المثال :
1) مصطلح التنشئة : و يُقصد به تربية الإنسان ورعايته منذ الصغر . وهو مصطلح قد يدل - على العموم – على معنى التربية ؛ إلا أنه لايفي تماماً بذلك . ويأتي من أبرز المستخدمين لهذا المصطلح العالم ابن خُلدون في مقدمته الشهيرة .
2) مصطلح التزكيـة : وتعني تطهير النفس البشرية بمختلف جوانبها ( الجسمية ، والعقلية ، والروحية ) من كل المساوئ الظاهرة و الباطنة ، مصداقاً لقوله تعالى : { كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلوا عليكم آياتنا ويُزكيكم ويُعلمكم الكتاب والحكمة ويُعلمكم ما لم تكونوا تعلمون} ( البقرة : 151).
3) مصطلح التأديب : الذي يعني التحلي بمحامد الصفات السلوكية ، و التخلي عن قبائحها . و يشتق من هذا المصطلح تسمية المعلم مؤدباً ؛ و تسمية التعليم تأديباً ؛ وتسمية المعارف آداباً . وقد استخدم هذا المصطلح " التأديب " و" الأدب " بعض سلفنا الصالح مثل الإمام البُخاري في كتابه ( الأدب المفرد )، و أبو الحسن الماوردي في كتابه ( أدب الدنيا و الدين ) ؛ وغيرهما من العلماء ، والمربين ، والمفكرين المسلمين.
4) مصطلح الإصلاح : الذي يعني تعديل الشيء ، وتحسينه ، وتقويمه . و هو بذلك مصطلحٌ لا يؤدي المدلول و المعنى الكامل للتربية ؛ وإنما يؤدي جزءًا منه.
5) مصطلح التهذيب: ويُقصد به في العموم التسوية و التنقية ، ويعني تنقية الأخلاق ، والصفات ، والسلوك من كل رذيلة ؛ و تسويتها حتى تُصبح في أحسن حالٍ ؛ وأجمل صورة . وقد استعمل هذا المصطلح ابن مسكويه في كتابه ( تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق ) .
6) مصطلح التطهير: الذي يعني التنـزه عن كل ما يشين النفس البشرية ؛ والبعد عن كل ما لا يليق بها من الأقوال و الأفعال و الصفات.
7) مصطلح التعليم : الذي يُعد مصطلحاً شائعاً تم استُخدمه للدلالة على معنى التربية عند بعض السلف في كتاباتهم ؛ مثل رسالة ( العالم و المتعلم ) للإمام أبي حنيفة النُعمان ؛ وكتاب ( تعليم المتعلم طريق التعلم ) لبرهان الدين الزرنوجي.
8) مصطلح السياسة : وهو مصطلح يُقصد به حُسن تدبير الأمور في مختلف شئون الحياة . وممن استخدمه في هذا الشأن العالم المسلم ابن الجزار القيرواني في كتابه ( سياسة الصبيان وتدبيرهم ) .
9) مصطلح الإرشاد ويعني بذل النصح للآخرين ودلالتهم على الخير ، وقد استخدم هذا المصطلح الحارث المحاسبي في رسالته ( رسالة المسترشدين ) .
وعلى الرغم من كثرة هذه المصطلحات فإن الملاحظ أنه ليس فيها مصطلحٌ واحدٌ مرادفٌ تماماً لمعنى التربية الإسلامية في تراث سلفنا الصالح ؛ إذ إن بعضاً من أعلام المربين المسلمين قد فضلوا استخدام مصطلح التأديب والأدب ؛ ومنهم من فضل استخدام مصطلح التعليم ؛ و منهم من استعمل مصطلح الإصلاح ؛ وهكذا. إلا أنه يمكن القول أن المرادفات المعروفة لمصطلح التربية الإسلامية على اختلافها وتعددها تُشير ـ بطريقةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرة ـ إلى معنى التربية الإسلامية ؛ وتؤدي جزءاً من معناها الشامل لجميع جوانب حياة الإنسان .

 

صالح أبوعرَّاد
  • كتب وبحوث
  • رسائل دعوية
  • مقالات تربوية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية