صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حب الوطن في كلمات

أ . د / صالح بن علي أبو عرَّاد
(أستاذ التربية الإسلامية بجامعة الملك خالد في أبها)


الحمد لله الذي جعل حُب الوطن أمراً فطرياً، والصلاة والسلام على من ارسله الله تعالى رسولاً ونبياً، وعلى آله وصحابته والتابعين لهم في كل زمانٍ ومكان، أما بعد:
فحديثنا اليوم سيكون بإذن الله تعالى عن حُب الوطن، وسيكون موجهاً في كلماتٍ قليلاتٍ لكل من له قلبٌ أو ألقى السمع، وفيه أقول مستعيناً بالله تعالى وحده:
أخي المستمع الكريم: اعلم بارك الله فيك أن حبّ الوطن أمرٌ فطريٌ، وواجبٌ وطنيّ، وأن ارتباط الإنسان بوطنه مسألة متأصلة في النفوس، لأن الوطن مسقط الرأس، ومهد الذكريات، وميدان الحياة، ففيه كانت النشأة والترعرع، وبين ربوعه كان الشباب، وفيه الأهل والإخوان، والأحباب والأصحاب، وفيه الذكريات التي لا تُنسى، وفيه زُرعت الآمال واتسعت الطموحات، فهو بذلك ذاكرة الإنسان الحيّة التي تُشعره بالعِزة والكرامة، وتدفعه للولاء والانتماء.

ولعل مما يجدر بنا أن نلفت النظر إليه في مسألة حُب الوطن أن هذا الحب لا يقتصر على مجرد الـمشاعر والأحاسيس؛ وإنما يتجلى في كثيرٍ من الأقوال والأفعال، التي يأتي من أبرزها:

= الدعاء للوطن بصالح الدعوات، فقد دعا الرسول (صلى الله عليه وسلم) للمدينة، كما في "الصحيحين": ((اللهم اجعل بالمدينة ضِعْفَي ما جعلتَ بمكة من البركة))؛ رواه البخاري ومسلم.
ودعا لها بالبركة كما صحَّ في الحديث أنه (صلى الله عليه وسلم) دعا للمدينة قائلاً: ((اللهم باركْ لنا في تمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعِنا، وبارك لنا في مُدِّنا، اللهم إن إبراهيمَ عبدُك وخليلُك ونبيُّك، وإني عبدُك ونبيُّك، وإنه دعاك لمكة، وأنا أدعوك للمدينة بمثل ما دعا لمكة، ومثله معه))؛ رواه مسلم.
وقد حكى الله سبحانه وتعالى عن نبيِّه إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام أنه دعا لمكة المكرمة في قوله تعالى:﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾[البقرة: 126].

= ومن صور حب الوطن العناية والاهتمام بصلة الأرحام، والاهتمام بحُسن الجوار للمجاورين فهم الشركاء الأوائل في هذا الوطن، وبهم تطيب الإقامة على ثراه، وبين ربوعه.

= ومن صور حب الوطن الـمحافظة على روابط الأخوة والـمحبة والاحترام بين أبناء الوطن، لـما يترتب على ذلك من تحقيقٍ لـمعنى محبة الفرد لوطنه، وتقوية الرابطة بين أبناء الوطن الواحد، ونبذ العصبية، والالتزام بمبدأ الأخوة الإسلامية التي قال الله في شأنها: {إنما المؤمنون إخوة}.

= ومن صور حب الوطن الإسهام الإيجابي والـمُشاركة الفاعلة بالقول والعمل في خدمة الوطن، والتفاني في خدمته، والعناية بمصالحه والتعاون مع الآخرين من أبناء الوطن في كل ما من شأنه خدمة الوطن ونمائه، ورفعة شأنه ورُقيه، وعدم الإضرار بشيءٍ من مُكتسباته ومُنشآته ومُقدراته.

= ومن صور حب الوطن
التّضحية من أجله، والدفاع عنه قولاً وعملاً، وبذل كل غالٍ ونفيس من أجل عزته وكرامته، وافتداءه بالرّوح والـمال والأهل (إذا تطلّب الأمر) ذلك.
وختاماً: أسأل الله تعالى لنا جميعاً التوفيق والسدّاد، والهداية والرشاد، والحمد لله رب العباد.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
صالح أبوعرَّاد
  • كتب وبحوث
  • رسائل دعوية
  • مقالات تربوية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية