صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







كفى عبثاً يا دعاة البرمجة العصبية المزعومة

الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها
ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية

 
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
فقد اطلعت على ما نُشر في الصفحة الأخيرة من مُلحق " الرسالة " بتاريخ 11 / 3 / 1425هـ لفضيلة الشيخ / يوسف القرضاوي الذي وصف ظاهرة " البرمجة اللغوية العصبية " بأنها أحدث أسلوبٍ تغريبي يُمارسه الغرب ضد المسلمين . وهنا أحمد الله تعالى الذي أجرى الحق على لسان فضيلته ؛ حيث إن هذه النوعية من البرامج دائماً ما تتزيا بزي العلم والمعرفة ، وهي في واقع الأمر كذبٌ وخداعٌ وزيفٌ لا فائدة منه ولا نفع فيه لا سيما وأن بعض الكتابات المعنية بهذا الشأن تُشير إلى أن هذه البرامج على اختلاف أنواعها مما يمتزج فيه الشرك بالوثنية من الفلسفات القديمة في الصين والهند ؛ فهي بذلك ذات جذورٍ فلسفيةٍ شرقيةٍ قديمة تعتمد على فكرٍ فلسفيٍ ماديٍ يقوم على كثيرٍ من المغالطات التي تُعظم شأن الإنسان ، وتعمل على تضخيم قدراته العقلية بصورةٍ مُبالغٍ فيها حتى أنها قد تصل إلى إعطاء الإنسان كما يزعم بعض دعاة هذه البرامج قدراتٍ حتميةٍ يمكن له من خلالها تحقيق النجاح في كل شأنه متى ما عرف ما يُسمى بوصفة النجاح التي يُمكنه من خلالها تحقيق كل ما يريد من أهدافٍ ومقاصد مهما كانت عظيمةً أو مستحيلة ، اعتماداً على تلك القُدرات المزعومة التي يأتي من أبرزها عندهم ما يُسمى بالقوة المعجزة والفاعلة للعقل الباطن الذي يجعل منه أصحاب هذه البرامج ركيزةً أساسيةً تصنع المعجزات وتُحقق المستحيل في حياة الإنسان .

وعلى الرغم من انتشار هذه البرامج بطريقةٍ لافتةٍ للنظر حتى ضج بها المجتمع ، وانتشرت فيه انتشار النار في الهشيم لتكون بمثابة الموضةً العصريةً التي تدَّعي وتزعم أنها علمٌ يطور مهارات الإنسان ويزيد من جودة الأداء في مختلف المجالات الحياتية ؛ إلا أن هناك العديد من المآخذ التي يمكن للجميع ملاحظتها على هذه البرامج المزعومة ، والتي يأتي من أبرزها ما يلي :
( 1 ) أن تسمية هذه البرامج بـ " البرمجة اللُغوية العصبية " أو " برمجة الأعصاب لُغوياً " تدل دلالةً واضحةً على الغموض الذي يكتنفها والضبابية التي تحول دون معرفة حقيقتها لاسيما وأن عملية نقل المصطلح من لغةٍ أو ثقافةٍ إلى أُخرى لا بُد وأن يكون متلائماً مع البيئة المنقول إليها لأن اللفظ قد يكون مشحوناً - كما يُشير إلى ذلك بعض الكُتَّاب – بدلالاتٍ غير مناسبة في هذه البيئة ، أو أن يكون غامضاً وغير واضح المعنى ، وهو ما يتوافر ويتحقق بوضوح في هذا المصطلح المشوه .
( 2 ) أن هذه البرامج المزعومة أصبحت عند الكثيرين ممن فُتنوا بها تُمثل الحل الأمثل والمخرج الوحيد لجميع مشكلات الناس على اختلاف مستوياتهم وفئاتهم الاجتماعية ، وأنها بمثابة السبيل الذي لا بديل عنه لتحقيق آمالهم وزيادة نجاحاتهم .
( 3 ) أن هذه البرامج عبارةٌ عن خليطٍ من العلوم المختلفة التي تقوم على التخيل والإيحاء والمنطق وغيرها من العلوم التي لم يُنزل الله بها من سلطان ، ولذلك فهي تُشكِل في مجموعها تلاعباً بالعقل وعبثاً بالمشاعر والأحاسيس عند الإنسان .
( 4 ) أنها تعتبر الإنسان في كثيرٍ من الحالات مجرد آلةٍ صماء يمكن إعادة برمجتها حسب الطلب ، ومن ثم تشغيلها وفقاً لتلك البرمجة ؛ ولذلك فإن كثيراً من المهتمين بها يعدونها برامج لهندسة النفس الإنسانية ، أو هندسة النجاح الإنساني على حد تعبيرهم .
( 5 ) أن هذه البرامج تعتمد في المقام الأول على طرائق التفكير وأنماطه عند الإنسان حيث تعد التفكير بمثابة الموجِّه الوحيد للإنسان ، وعندما يختل التفكير فإن الإنسان كله يختل معه .

وهنا أغتنم هذه الفرصة وعبر منبر ملحق " الرسالة " الإعلامي المبارك لدعوة مختلف الجهات المعنية والمسؤولة في مجتمعاتنا الإسلامية للتنبه الواعي لخطر هذه البرامج التي لا تقل في خطورتها عن غيرها من المظاهر والدعوات التغريبية التي أفرزتها العولمة ، والتي تعمل بهدوء على سلب هوية الأمة ، ومسخ فكرها ، والطعن بطريقةٍ مباشرةٍ أو غير مباشرة في عقيدتها ومبادئها وقيمها ومنطلقاتها الرئيسة .

وفق الله الجميع لصالح القول وجميل العمل ، والله نسأل التوفيق والسداد ، والهداية والرشاد ، والحمد لله رب العباد .
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
صالح أبوعرَّاد
  • كتب وبحوث
  • رسائل دعوية
  • مقالات تربوية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية