اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/anwar/43.htm?print_it=1

يا نفس توبي
قوافل التائبين

أنور إبراهيم النبراوي
@AnwarAlnabrawi


ورغم الفتن والمحن هنا وهناك، ورغم تدفق الشهوات والملذات التي تعصف بالأفراد والمجتمعات، إلا أن قوافل التائبين قد انطلقت تقطع المفاوز والقفار، وسارت بهدى وتوفيق من الرحيم الغفار، لتلحق بركب الصالحين والأبرار، ترجو الفوز بالجنة والنجاة من النار، لسان حالهم يهتف: رباه إياك نعبد، ورحمتك نرجو، ورضاك نبتغي وننشد.
فأعلنها أخي توبة صادقة، وكن شجاعًا ذا همة عالية، وكن حقًا عبدًا لله تعالى.
أخي الكريم ! ألم يأن لك أن تسير في قافلة التائبين؟!.. ألا تريد الجنة ونعيمها؟!.. ألا ترغب في النجاة من النّار وعذابها؟!.

لهونا لعمر الله حتى تتابعت --- ذنوب على آثارهن ذنوب
فياليت أن الله يغفر ما مضى --- ويأذن في توباتنا فنتوب

أخي المبارك ألا تريد النظر إلى وجه ربك الكريم، قال سبحانه:
{وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القِيَامَة: 22-23].
هذه الوجوه الناضرة، نضَّرها أنها إلى ربها ناظرة.. إلى ربها.. إنها الرفعة العالية في دار النعيم. ذلك النعيم الذي أعده الله للنفس المؤمنة التي قد ارتفعت بالأمس عن ملذات الدنيا وشهواتها، وحطامها وزخارفها، وسمت عن وساوس النفس ورغباتها ونزواتها، فكان الجزاء هو الجنة، تلك الدار العالية، قال الله عز وجل: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القَصَص: 83].

نعم إنها جنة عالية .. سامية الرتبة .. بعيدة الآفاق..
إنها سلعة الله الغالية التي اشرأبَّت لها أرواح المتقين، وشمَّر لها العاملون. ِ
وإن العبد الموفق لا يغتر بحال العصاة مهما فُتح عليهم من الدنيا، بل عليه أن يحذر أن يكون من الظالمين المعرضين عن التوبة، فإن العباد كلهم ما بين تائب أو ظالم كما ذكر الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الحُجرَات: 11].
قال مجاهد رحمه الله: "من لم يتب إذا أمسى، وإذا أصبح، فهو من الظالمين" . فالله يمهل ولا يهمل، ويستر ويحلم، فإن تاب العبد وإلا كان ما يجده في الدنيا من خير وعطاء وهو مقيم على معصية الله بمثابة استدراج ليزداد إثمًا، ويكون عرضة للجزاء والعقاب. قال تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ *نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لاَ يَشْعُرُونَ} [المؤمنون: 55-56].
قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله: "المغبون من عطّل أيامه بالبطالات، وسلّط جوارحه، على الهلكات ومات قبل إفاقته من الجنايات".
***
 

أنور إبراهيم النبراوي
داعية إسلامي وباحث في الدراسات القرآنية والتربوية
ومهتم بشؤون الأسرة
Twitter: @AnwarAlnabrawi
E-mail: Aidn1224@gmail.com
 

أنور النبراوي
  • مقالات
  • كتب
  • تغريدات
  • الصفحة الرئيسية