صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







من رسائل الإيمان (18)
كيف يكون بيتك سعيداً

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

أمير بن محمد المدري
إمام وخطيب مسجد الإيمان – اليمن

 
الحمد لله مُعزّ من أطاعه واتقاه، ومذلّ من خالف أمره وعصاه، قاهر الجبابرة وكاسر الأكاسرة، لا يذل من والاه ولا يعز من عاداه، ينصر من نصره ويغضب لغضبه ويرضى لرضاه، أحمده سبحانه وأشكره حمدًا وشكرًا يملآن أرضه وسماه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله وخيرته من خلقه ومصطفاه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين.
وبعد

إخواني:

كلنا يبحث ويريد البيت المسلم السعيد، البيت الذي فيه المأوى الكريم والراحة النفسية ،البيت الذي ينشأ في جنباته جيلٌ صالحٌ فريد ، فيا ترى هذا البيت السعيد ما هي سماته وما هي صفاته؟ .
البيت نعمة لا يعرف قيمته وفضله إلا من فقده وعاش في ظلمات سجن أو في غربة أوفي فلاة، قال تعالى : {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَن } [النحل:80]البيت نعمة من نعم الله على عباده يجد المسلم فيه راحته وهدوء باله،وفيه السكن والراحة والمودة في خضم مشاكل الحياة .

أيها الأحبة:

إنّ طريق الفوز والنجاة في الدنيا والآخرة لا يبدأ إلا بِصلاح البيوت وتربيتها على الإيمان والقرآن والذكر .أما الخسارة فستكون فادحة وعظيمة يوم يخسر الإنسان أهله ويُضّيع من يعول ،قال تعالى: {قل إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }[الزمر: 15]
إن العلاقة الزوجية ليست علاقة دنيوية مادية ولا شهوانية بهيمية فهي أسمى وأعلى من ذلك إذ هي علاقة روحية كريمة إذا ترعرعت ونمت امتدت إلى الحياة الآخرة بعد الممات .قال تعالى: { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ }[الرعد:23]

البيت السعيد
أمانة يحملها الزوجان وبهما تنطلق مسيرة هذا البيت فإذا استقاما على منهج الله قولاً وعملاً وتزينا بزينة النفوس ظاهراً وباطناً .وتجملا بحسن الخلق والسيرة الطبية ،أصبح هذا البيت مأوى النور وإشعاع الفضيلة وأصبح منطلقاً لبناء جيلٍ صالح وصناعة مجتمع كريم وأمه عظيمة وحضارة راقية،قال صلى الله عليه وسلم : «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» .

البيت السعيد
هو حصانة للفطرة من الإنحراف ، كما قال صلى الله عليه وسلم : «كُلُّ مَوْلود يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ وَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانَهُ أَوْ يُنَصِّرَانَهُ أَوْ يُمَجِّسَانَهُ، كَمَا تَنْتُجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ»[متفق عليه].
قال ابن القيم /:«وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدنيا وسننه فأضاعوهم صِغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً ».ومن ثم فإن صلاح الأبناء من أعظم مطالب السعادة في الأسرة المسلمة.

إخواني:
ما أجمل أن يجمع الأب أبناءه فيقرأ عليهم القرآن ويسرد عليهم من قصص الأنبياء والصحابة ويغرس فيهم الأخلاق العالية .
إن أهم رسالة للبيت المسلم هي تربية الأولاد التربية الصحيحة لا غبش فيها ولا تشوه ،ولا تربية لا بتحقيق القدوة الحسنة في الوالدين .القدوة في العبادات والأخلاق ،القدوة في الأقوال والأعمال ،القدوة في المخبر والمظهر .فيأمر الأب أولاده بالصلاة وهو أول المصلين ويأمرهم بالأخلاق وهو أعلاهم خُلقاً ويحثهم على الصدق وهو أصدقهم .


مشى الطاووس يوماً باختيالٍ --- فقلّده بمشيته بنوه
فقال علام تختالون فقالوا --- بدأت به ونحن مقلدوه
وينشأ ناشئ الفتيان منا --- على ما كان عوّده أبوه


الأولاد مفطورون على حُب التقليد وأول من يقلّد الطفل أباه وأمه، لكن عندما انشغل الآباء عند تربية أبناءهم والقيام بالقوامة على نساءهم والحفاظ على أبناءهم من قرناء السوء والضياع والدمار عند ذلك تحطّمت الأسر والبيوت وضاع جيل بعد جيل : فليتق الله كل الآباء.

البيت السعيد
من صفاته أنه يرد الأمور عند الخلاف والنزاع إلى الله ورسوله ،قال تعالى : {فإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }[النساء :59].

البيت السعيد
سعادته وأُنسه ولذته في ذكر الله ،ففي الحديث الصحيح عن أبي موسى ا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت» .وفي الصحيح أيضاً يقول صلى الله عليه وسلم : « اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا ».وقال صلى الله عليه وسلم : « لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة »،وقال صلى الله عليه وسلم : « عليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ».
في هذه الأحاديث وغيرها دليل على مشروعية إحياء البيوت وتنويرها بالتسبيح والتهليل والتكبير وقراءة القرآن وصلاة النافلة ،وإذا خلت البيوت من الصلاة ومن الذكر كانت قبوراً موحشة ولو كانت قصوراً .فبدون الذكر تغدوا البيوت مكاناً للشياطين سكانها موتى القلوب وإن كانوا أحياء .
قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }[طه : 124] ،وقال عز وجل : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [الزخرف:36]

البيت السعيد
هو البيت البعيد عن المشاجرات والمهاترات وضرب الوجه والإهانة والإذلال ،سئل النبي صلى الله عليه وسلم : « ما حق امرأة أحدنا عليه؟ قال صلى الله عليه وسلم : «أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسبت ولا تقرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلى في الفراش»[صحيح ، سنن أبي داود ح (2142). وأخرجه أيضاً أحمد (4/447) وابن ماجه ح (1850)].

البيت السعيد
ليس شرطاً أن يكون قصراً ليس شرطاً أن يمتلأ بالأموال والمأكولات والمشروبات ،ولكن يكفيه الكفاف والرضا بالمقسوم شعاره قول النبي صلى الله عليه وسلم : «من بات أمتاً في سربه معافى في بدنه معه قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها »[أخرجه البخاري في الأدب المفرد حديث رقم «300» وأخرجه الترمذي في سننه : كتاب الزهد ، باب في التوكل على الله 4/ 574 ] .
فيا عبد الله سل الله العافية في الدنيا والآخرة لك ولأهلك ولأحبابك .

البيت السعيد
يتعاون أفراده على الطاعة والعبادة فضعف إيمان الزوج تقويه الزوجة ،وإعوجاج سلوك الزوجة يقوّيه الزوج تكامل وقوة ونصيحة وتناصح قال صلى الله عليه وسلم : « رحم الله رجلاً قام من الليل فصل ثم أيقظ زوجته فإن أبى نضح في وجهها الماء ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت ثم أيقضت زوجها فإن ابى نضحت في وجهه الماء » [أخرجه أبو داود وابن ماجه].
وعن أبي سعيد وأبي هريرة ب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين، كُتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات»[رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه واللفظ له].

البيت السعيد
يؤسس على علمٍ وعمل، بيتٌ تُقام فيه حِلق الذكر والعلم فيتعلم الجميع آداب الطهارة وأحكام الصلاة وآداب الاستئذان والحلال والحرام .

البيت السعيد
أساسه قائمٌ على الحياء فهو يزرع في قلوب أبناءه وبناته الحياء والحشمة .فلا يليق بالبيت المسلم أن يخدش حياءه ويهتك سترة بالأفلام الخليعة والمسلسلات الخبيثة والمجلات الفاسدة .
قال تعالى : {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ } [التوبة:109] .

البيت السعيد
أسراره محفوظة وخلافاته مستورة لا تُفشى لا من قبل الزوج ولا من قبل الزوجة ،قال الرسول صلى الله عليه وسلم : « إن من شرار الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم يصبح وينشر سرها »[رواه مسلم].
في ظل هذه المعاني يقوم البيت المسلم السعيد عامراً بالصلاة والقرآن تُظلله المحبة والوئام وتنشأ الذرية الصالحة فتكون قُرة عين للوالدين ومصدر خير لهما في الدنيا والآخرة .قال تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }[النحل:97]

البيت السعيد
بسيط في كل جوانبه ما دية ومعنوية بعيد عن الإسراف في المأكل والمشرب .قال تعالى : {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }[الأعراف:31] ،وليعلم الزوج أن أفضل الصدقة دينار ينفقه على أهله .

البيت السعيد
هو البيت الطاهر النظيف ظاهراً وباطناً فيه أناس يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين .

البيت السعيد
يقوم على قواعد ثابتة من السكينة والهدوء والمودة والرحمة وهو بعيد عن الضوضاء ورفع الأصوات هذا البيت شعاره قوله تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ } [لقمان:19]

البيت السعيد
هو الذي فيه يعلم الزوج أن للزوجة حقوق وعليها حقوق ،ومن أول هذه الحقوق للزوجة معاشرتها بالمعروف امتثالاً لقوله تعالى : {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ }[النساء:19].
كيف تكون الراحة والطمأنينة في البيت إذا كان رب البيت ثقيل الطبع سيء العشرة بطيئٌ في الرضا سريع في الغضب، فلو تأخر عنه الغداء أو العشاء دقائق ملأ أجواء البيت سباً وشتماً إذا دخل البيت فكثير المنّ وإذا خرج فمسيء الظن قليل المزاح والملاحظة مع زوجته يظن أن المزاح مع زوجته مسقط للهيبة مذهب للمروءة .
يطالبها بالتجمل والتزين له ويأتي لها بثياب خلقة ورائحته نتنة يرى أن مساعدتها في البيت عملا مشيناً مع أن خير الخلق الرسول صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك وقال صلى الله عليه وسلم : « أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خيارهم لنساءهم »[رواه الترمذي وقال حسن صحيح].

ومن حقوق الزوجة
كف الأذى عنها وذلك مراعاة شعورها فلا يمدح امرأة أمامها ولا يرفع يده عليها خاصة أمام أهله وأهلها ، ومن أبشع الأمور وأفظعها ضربها أمام أولادها .

أخي الزوج:
تذكر قبل أن ترفع يدك على زوجتك أن الله أقوى منك فإذا دعتك قدرتك عليها فتذكر قدرة الله عليه .

ومن حقوق الزوجة
أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر وتبصيرها بأمور دينها وذلك عن طريق الكلمة الطبية والموعظة الحسنة النافعة .

البيت السعيد لا يقوم على أثاث منسق، وأدوات مرصوصة وإنما البيت السعيد هو وليد الحب، والفهم، والدفء , والقدرة على استخلاص أقصى المتعة من كل موقف طارئ.

هناك ثلاثة معالم ينبغي أن تتوفر في البيت المسلم هي:


السكينة والمودة والتراحم

وأعني بالسكينة:
الاستقرار النفسي؛ فتكون الزوجة قرة عين لزوجها، لا يعدوها إلى أخرى، كما يكون الزوج قرة عين لامرأته لا تفكر في غيره.
أما المودة: فهي شعور متبادل بالحب يجعل العلاقة قائمة على الرضاء والسعادة ..ويجيء دور الرحمة: لنعلم أن هذه الصفة أساس الأخلاق العظيمة في الرجال والنساء على حد سواء، فالله سبحانه يقول لنبيه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } [آل عمران:159].
وليست الرحمة لونًا من الشفقة العارضة، وإنما هي نبع للرقة الدائمة ودماثة الخلق وشرف السيرة.
وعندما تقوم البيوت على السكن المستقر، والود المتصل، والتراحم الحاني فإن الزواج يكون أشرف النعم، وأبركها أثرًا.
إذًا فمعادلة استقرار البيوت واستمرارها إذًا: تفاهم + حب = بيت سعيد مستقر.

والتفاهم ينشأ من حسن الاختيار والتجاوب النفسي والتوافق بين الرجل والمرأة في الطباع والاتفاق بشأن الأولاد والإنفاق والتجاوب في العلاقة الجنسية.
أما الحب فهو ذلك الميل القلبي نحو الزوج أو الزوجة، حيث إن الله فطر الرجل والمرأة على ميل كل منهما إلى الآخر وعلى الأنس به والاطمئنان إليه, ولذا منّ الله على عباده بذلك فقال: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم:21].
وإذا كانت البيوت تُبنى على الحب فإن دمارها يبدأ من جفاف المشاعر، ومع أن الأسرة في عصرنا الحاضر قد تعيش في بحبوحة من العيش، تملك الكثير من متاع الدنيا، لكنها تبحث عن السعادة فلا تجدها، والسبب في ذلك أن المشاعر قد جف وانحصرت، وأصبحت هشيمًا، وهذه العلاقة أصبحت كجسد لا روح فيه توشك أن تنقضي وتقع وتنهار، والجميع يعرف حقوقه ولكنه دائمًا ما ينسى تمامًا واجباته.

الزوج المثالي :
يعلم أن المرأة ضعيفة في خلقها، وخُلِقها إذا حوسبت على كل شيء عجزت عن كل شيء، والمبالغة في تقويمها يقود إلى كسرها وكسرها طلاقها، يقول المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم : «واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا»[ رواه البخاري ومسلم].،فالاعوجاج في المرأة من أصل الخلقة فلابد من مسايرته والصبر عليه.
الزوج المثالي إن رأى ما يسوؤه من زوجته يذكر أن لها محاسن تغطي المساوئ ،وفي مثل هذا يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم :«- لا يفرك مؤمن مؤمنة- أي لايبغض ولا يكره- إن كره منها خُلقا رضي منها آخر» [رواه مسلم].

الزوجة المثالية :
تعلم أن السعادة والمودة والرحمة لا تتم إلا حين تكون ذات عفة ودين تعرف ما لها فلا تتجاوزه ولا تتعداه، تستجيب لزوجها فهو الذي له القوامة عليها يصونها ويحفظها وينفق عليها، فتجب طاعته وحفظه في نفسها وماله، تتقن عملها وتقوم به وتعتني بنفسها وبيتها، فهي زوجة صالحة وأم شفيقة، راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، تعترف بجميل زوجها ولا تتنكر للفضل والعشرة الحسنة، يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا التنكر ويقول: «أُريتُ النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن. قيل: أيكفرن بالله؟ قال: لا. يكفرن العشير، لو أحسنت لإحداهن الدهر ثم رأت منذ شيئا قالت؟ ما رأيت منك خيرا قط ».
في غياب البيت المسلم الهادئ الصالح الهانئ ينمو الانحراف، وتفشو الجريمة، وترتفع نسبة المخدرات، بل ونسمع بارتفاع في نسبة الانتحار.
إن البيت الذي لا يغرس الإيمان ولا يستقيم على نهج القرآن ولا يعيش في ألفةٍ ووئام ينجب عناصرَ تعيش التمزُّقَ النفسي، والضياعَ الفكري، والفسادَ الأخلاق، هذا العقوق الذي نجده من بعض الأولاد والعلاقات الخاسرة بين الشباب والتخلي عن المسؤولية والإعراض عن الله والتمرُّد على القيم والمبادئ الذي يعصِف بفريق من أبناء أمتنا اليوم، ذلك نتيجة حتمية لبيت غفل عن التزكية، وأهمل التربية، وفقد القدوة، وتشتَّت شمله.
البيت الذي يجعل شرائع الإسلام عِضين، يأخذ ما يشتهي، ويذر ما لا يريد، إلى شرقٍ أو غرب، يُنشئ نماذجَ بشرية هزيلة، ونفوسا مهزوزة، لن تفلح في النهوض بالأمة إلى مواقع عزها وسُؤددها.

أخيراً:
فرحم الله رجلاً محمود السيرة، طيب السريرة، سهلاً رفيقاً، ليناً رؤوفا، رحيماً بأهله حازماً في أمره، لايكلف شططا ولا يرهق عسرا، ولا يهمل في مسئولية. ورحم الله امرأة لا تطلب غلطاً ولا تكثر لغطاً صالحة قانتة حافظة للغيب بما حفظ الله.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يُصلح بيوتنا ونساءنا وذرياتنا ،وأن يحيينا حياةً طيبة ،وأن يجمعنا بهم في جناتٍ ونهر في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر إنه ولي ذلك والقادر عليه .وصلّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
 

أضغط هنا لتحميل الموضوع على هيئة مطوية

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أمير المدري
  • كتب وبحوث
  • مقالات ورسائل
  • خطب من القرآن
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية