صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







وصايا للخطيب(22) : وحـدة الموضـوع

د.أمير بن محمد المدري


بسم الله الرحمن الرحيم


غالباً ما يفشل الخطاب؛ لأن الخطيب يبدو وكأنه يسعى لإنشاء سجل العالم خلال وقت محدد. فيقفز من نقطة لأخرى بسرعة فيخرج المستمع بلا شيء عن كل شيء.
وقد تحدث الشيخ محمد أبو زهرة مبيناً ما ينبغي للخطيب من البعد عن الخطب المجملة، والزج بأكثر من موضوع في الخطبة الواحدة فقال: «يجعل الخطبة متصدية لعيب واحد لا تعدوه، لأنه لو تعرّض لعدة عيوب لضعف التأثير، وما استطاع أن يصل إلى مرماه. ولذا يؤخذ على بعض خطباء المساجد أنهم في كل خطبة من خطبهم ينهون عن المعاصي جملة واحدة، أو يحصونها إحصاء، ويكررون ذلك في كل جمعة – والعاصي في غيه يعمه، وهو عنهم وعن وعظهم لاهٍ – ولو خصصوا خطبهم بدل أن يعمموا لأجدى كلامهم، ولأفاد وعظهم، ولو صلوا إلى بعض ما يريدون، أو نصبوا إليه اهـ[انظر: الخطابة ص (207)].

وللشيخ علي الطنطاوي كلام حول هذا المعنى. وقد عدَّ فيه الخطب المجملة – والتي تجمع أكثر من موضوع واحد – عيباً من عيوب الخطبة فقال: «ومن عيوبها: أنه ليس للخطبة موضوع واحد معين، بل تجد الخطيب يخوض في الخطبة الواحدة في كل شيء، ينتقل من موضوع إلى موضوع، فلا يوفي موضوعاً منها حقَّه من البحث، فإذا جاء الجمعة الثانية عاد إلى مثل ما كان منه في الجمعة الأولى، فتكون الخطب كلها متشابهة متماثلة، ولا يخرج السامع له بنتيجة عملية. ولو أن الخطيب اقتصر على موضوع واحد جلَّ أو دقَّ، كبر أو صغر، فتكلم فيه ولم يجاوزه إلى غيره، لكان لخطبته معنى، ولأخذ السامع منها عبرة، وحصل منها فائدة . اهـ[انظر: «فصول إسلامية» (ص125)].

ولهذا ينبغي أن يقتصر الخطيب على موضوع واحد يستوفي عناصره، ويحبـِّر كلماته، ويستوعب معالجته، ويجمع الأدلة من القرآن والسنة والتاريخ، لأن تشعب المواضيع وتعدد القضايا في المقام الواحد يُشتّت الأذهان، ويُنسي بعضها بعضاً.


وصايا للخطيب(1) : الإخلاص سر النجاح

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • كتب وبحوث
  • مقالات ورسائل
  • خطب من القرآن
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية