اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/alumary/1.htm?print_it=1

مادونا في دبي ... رقصٌ على جراح الأمة

حامد خلف العُمري

 
ومن المؤسف أن يأتي هذا الخبر المحزن في الوقت الذي يعيش فيه أكثر من مليون ونصف مسلم في غزة تحت حصار خانق، اُضطر معه بعض الآباء، وكما أوردت بعض القنوات الفضائية إلى عرض أبنائهم للبيع! فكيف إذا يطيب لبعضنا الطرب والرقص والحال ما ذكر، بل كيف ونحن نشاهد صباحاً ومساءً ما يقاسيه إخواننا في فلسطين والعراق من قتل وتنكيل!

يبدو أن بعض المسؤولين الإماراتيين، وبخاصة في دبي، مهووسون بتحطيم الأرقام القياسية، وهذا ما مكنهم من الدخول ضمن موسوعة غينس للأرقام القياسية، فمن أطول كعكة تمر وموز بارتفاع 2.5م، إلى أكبر جلباب إماراتي "كندورة" بطول 25 مترا! مروراً بأطول عيدان صينية وأكبر عدد لراقصي "اليولة"!! وانتهاءً بأغلى لوحة سيارة تحمل الرقم "1" في العالم، بقيمة 14 مليون دولار (52.2 مليون درهم)!!!

غير أن الجديد في عالم تحطيم الأرقام هذه المرة جاء مختلفاً وصاخباً ومدوياً!! فقد نشرت صحيفة (الصن) الشعبية البريطانية بتاريخ 18 ابريل 2008، خبراً مفاده أن المطربة الأميركية مادونا المقيمة في العاصمة البريطانية، وقعت عقدا بقيمة 13 مليون جنيه إسترليني، (25 مليون دولار أمريكي)، وذلك مقابل إقامة حفلتين غنائيتين خلال زيارة لها لدبي في نوفمبر المقبل، وتستغرق المدة الزمنية للحفلتين ثلاث ساعات، بمعدل ساعة ونصف للحفلة الواحدة، مما يعني أن الدقيقة الواحدة ستكلف حوالي 83،333 جنيه إسترليني!! وبحسب الصحيفة، فإن مادونا تستعد للحصول على أعلى مبلغ في مشوارها الفني، إن لم يكن الأعلى في تاريخ الغناء!!

ولمن لا يعرف مادونا، فهي مغنية خمسينية تتمحور أغلب أغنياتها حول الألم كمتعة جنسية، والترويج للحب الحر وممارسات الجنس السادية والمازوشية والعلاقات المثلية، وتسعى بحسب مقابلة أجريت معها إلى تحرير نساء العالم، وتضيف أيضاً: (لقد كنت غاضبة من نظرة الناس إليَّ، خاصة من فكرة أنه طالما أن المرء جنساني، فإنه لا يمكن أن يكون ذكياً). والجدير بالذكر، أن أحد أعمال هذه المغنية بلغ حدا من الجرأة، لم تتحمل معه محطة (إم تي في) مغبة عرضه، بل شكلت الكنيسة والحركة النسوية الأمريكية اتحاداً ضد هذا العمل، ومما هو معروف عنها، أنها تمارس شعائر الصوفية اليهودية المعروفة بـ"كابالا"، وقد سبق أن حجت إلى إسرائيل في عام 2004م.

ومن المؤسف أن يأتي هذا الخبر المحزن في الوقت الذي يعيش فيه أكثر من مليون ونصف مسلم في غزة تحت حصار خانق، اُضطر معه بعض الآباء، وكما أوردت بعض القنوات الفضائية إلى عرض أبنائهم للبيع! فكيف إذا يطيب لبعضنا الطرب والرقص والحال ما ذكر، بل كيف ونحن نشاهد صباحاً ومساءً ما يقاسيه إخواننا في فلسطين والعراق من قتل وتنكيل!

إنه من المشرف لنا جميعاً، كخليجيين وعرب ومسلمين، ما وصلت إليه مدينة دبي من تطور ورقي في مجالات كثيرة، ما حدا ببعض المسئولين الغربيين إلى الاعتراف بمنافستها لمدن عالمية عريقة، بيد أنه من المهم جداً أن نعمل على أن تكون هذه المنافسة مقصورة على الجوانب الإيجابية، لا أن ننافسهم فيما وصلوا إليه من ثقافة الانحلال والانحطاط الأخلاقي.

وأخيراً: فهذه رسالة إلى أولئك الغيورين من أهل تلك البلاد المباركة، والذين عُرف عنهم الأنفة والغيرة على دينهم، وعلى رأسهم الفارس العربي الأصيل صاحب الخصال الحميدة، سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، القائل: (أنا عربي، من أبٍ عربي وأمٍ عربية، رضعت حب العروبة منذ الطفولة، وانتميت إلى دوحتها)، ذلك القيادي الذي عُرف عنه تقبل النصيحة والنقد الهادف، حيث يقول: (نحن نتقبل النقد، لأنه ربما يدلنا على الصواب).

فنقول له ولجميع إخواننا، إن من نعم الله علينا في دول الخليج عموما، ما حبانا الله من سعة في الرزق وأمن في الأوطان، ما يحتم علينا شكر المنعم بصرف ما حبانا إياه فيما يعود على أمتنا بالنفع، لا أن نجعل ذلك عوناً لأعداء ديننا وقيمنا.

 

حامد العُمري
  • المقالات
  • القصائد
  • الصفحة الرئيسية