صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ثناء العلامة ابن عثيمين على شيخ الإسلام ابن تيمية

فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

 
 بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...أما بعد : فمن العلماء الربانيين الذين ماتوا من مئات السنين, وعلومهم لا زالت باقية نافعة: فارس المعقول والمنقول: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, وتلاميذه, وتلاميذ تلاميذه, فتلاميذ العالم لا يقتصرون على من عاصروه, بل إن تلاميذ تلاميذه تلاميذ له, يقول العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن الحافظ ابن رجب, رحمهما الله: "شيخ الإسلام ابن تيمية هو جدُّ المؤلف من جهة العلم, وليس من جهة النسب, لأن ابن رجب تلميذ ابن القيم, وابن القيم تلميذ شيخ الإسلام."

ومن تلاميذ تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية: العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين, فالشيخ متأثر به وبتلميذه العلامة ابن القيم, رحم الله الجميع.

وحيث يوجد للشيخ كلام عن شيخ ابن تيمية رحمهما الله, في بعض مصنفاته, فقد يسّر الله الكريم لي جمعه, أسأل الله أن ينفع به ويبارك فيه.      

 

علم منير ومجاهد كبير

قال الشيخ رحمه: كان رحمه الله عالماً كبيراً, وعلماً منيراً, ومجاهد شهيراً, جاهد في الله بعقله وفكره, وعلمه وجسمه, وكان قوي الحجة لا يصمد أحد لمحاجته, ولا تأخذه في الله لومة لائم إذا بان له الحق أن يقول به, ومن ثم حصلت له محن من ذوي السلطان والجاه, فحبس مراراً, وتوفي محبوساً في قلعة دمشق في 20 شوال 728هـ 

وقال رحمه الله: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وناهيك به علماً, وناهيك به فقهاً, وناهيك به ورعاً.

بحر العلوم العقلية والنقلية

قال الشيخ رحمه الله: العالم الرباني, بحر العلوم العقلية والنقلية, تلقى العلم حتى بلغ الذروة فيه, كان رحمه الله عالماً كبيراً, وعلماً مُنيراً, ومُجاهداً شهيراً, جاهد في الله بما استطاع من قوله وفعله, وكان قول الحُجَّة, حُرَّ التفكير, صائب الرأي.  

وقال رحمه الله: شيخ الإسلام رحمه الله بحر, ما هو نهر أو جدول, بل بحار رحمه الله, ما تكلم بفنٍّ إلا قلت: هو إمامه...ما تكلم بشيءٍ من نحوٍ, أو منطق, أو فلسفةٍ, أو عقيدةٍ, أو فقهٍ, إلا قلت: هو إمامه, كأن العلم يتفجر بين عينيه رضي الله عنه ورحمه.

وقال رحمه الله: ممن اشتهر في الأُمة الإسلامية, ولاسيما في العصور المتأخرة, وذلك لأنه جمع الله له بين العلوم الشرعية والعقلية, فصار من آيات الله في حفظه وفهمه وورعه وشجاعته, وغير ذلك من صفاته التي تعرف من تراجمه.

  

من أعظم العلماء إنصافاً

قال رحمه الله: شيخ الإسلام رحمه الله أعظم من رأيته إنصافاً من العلماء, يقول هذا اجتهاد يثابون عليه, بينما لو يحصل خطأ من بعض طلبة العلم في عصرنا هذا مع اجتهاده قالوا هذا ضال هذا مبتدع هذا فيه كذا.وجعلوا يغتابونه ويسبونه وشيخ الإسلام رحمه الله مع أن كلامه قوي يقول هذا كلام لا يجوز وهذا قول على الله بغير علم وهذا حرام بهذا الأسلوب القوي الشديد يقول إن هذا اجتهاد يثابون عليه.

ما يختاره فالغالب عليه الصواب

قال الشيخ رحمه الله: الغالب حسب علمي مع قصوري أن شيخ الإسلام رحمه الله, دائماً موافق للصواب, فغالب ما يختار هو الصواب.

وقال رحمه الله: قلَّ أن يختار الرأي فيخطئ الصَّواب.

وقال رحمه الله: غالب اختياراته أقرب إلى الصواب من غيره, كل ما اختاره إذا تأملته وتدبرته وجدته أقرب إلى الصواب من غيره, لكنه ليس بمعصوم, لدينا نحو عشر مسائل أو أكثر نرى أن الصواب خلاف كلامه رحمه الله, لأنه كغيره يخطئ ويصيب.

وقال رحمه الله: شيخ الإسلام ابن تيمية أقول بحقٍّ : إنه رجل أعطاه الله تعالى علماً وفهماً وعقلاً وديناً, ولهذا تجد اختياراته في الغالب الكثير هي الموافقة للصواب.

من أدق الناس في نقل الإجماع

قال الشيخ رحمه الله: الظاهر أن من أدق الناس وأوثقهم في نقل الإجماع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

 

ثقة فيما ينقل من اتفاق أهل العلم

قال الشيخ رحمه الله: أسماء الله تعلى غير محصورة بعدد معين...ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تعين هذه الأسماء, والحديث المرويُّ عنه في تعينها ضعيف, قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى" (ص:383ج6) من مجموع ابن قاسم: تعينها ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم باتِّفاق أهل المعرفة بحديثة

وشيخ الإسلام رحمه الله ثقة من وجهين: من حيث الأمانة, ومن حيث العلم, فقد اجتمع في حقه رحمه الله القوة والأمانة, وهما ركنا العمل, فهو غير مُتهم في دينه فينقُلُ اتفاقاً وهو فيه كاذب, وعلمنا ذلك من حاله رحمه الله, وهو ثقة أيضاً: ليس مُتهماً بقُصُور العلم. 

عنده من الأدلة العقلية والنقلية ما يفحم به خصمه

قال الشيخ رحمه الله: شيخ الإسلام ابن تيمية أعطاه الله تعالى علم المأثور, وعلم المنظور, يعنى : أعطاه الله تعالى علماً بالآثار, وعلماً بالعقل, وعنده من الأدلة العقلية والنقلية ما يفحم به خصمه, حتى أنه رحمه الله يستدلُّ بالنصوص التي استدل بها خصمه على خصمه.

وقال رحمه الله: العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح, وقد التزم شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه " درء تعارض العقل والنقل " بأنه لا يحتجُّ محتج بدليل صحيح يدَّعي أنه مخالف للعقل, إلا وكان هذا الدليل الذي جعله دليلاً له كان دليلاً عليه, وهذا التزام عجيب, أن يأخذ سلاحك من يدك ويرميك به ! لكن فضل الله يؤتيه من يشاء.

وقال رحمه الله: سبحان الله! لكن لا يدرك هذا إلا العباقرة.

 

لم يخالف الأئمة الأربعة لكنه خرج عن المشهور من أقوالهم

سئل الشيخ: بالنسبة للمسائل التي خالف فيها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهم الله الأئمة الأربعة ألا يوجد كتاب مُؤلف فيها ؟

فأجاب رحمه الله: نعم يُوجدُ كتاب في هذا, جمع هذه المسائل بعض العلماء, وهي تزيد على عشرين مسألة, ولكنه رحمه الله لم يُخالفهم بمعنى أنه خرج على أقوالهم كلها, فتجده إذا اختار قولاً من الأقوال لا بُدَّ ن يكون له أصل لا سيما عند الإمام أحمد رحمه الله, ولكن يكون هذا القول الذي ذهب إليه غير مشهور, فيظن الظانُّ أنه خالف الأئمة الأربعة.

تمكين الله له في الأرض ببقاء أقواله

قال الشيخ رحمه الله: التمكين في الأرض ليس معناه أن الإنسان يحكم الناس, ليكون سلطاناً عليهم, لا, بل قد يكون التمكين للإنسان في الأرض بتمكين قوله, حتى يكون له سلطان على المؤمنين.

ولنأخذ شيخ الإسلام ابن تيمية مثلاً, فقد مكن الله له في الأرض أعظم من تمكين الولاة أنفسهم, فتمكين الولاة قد انقضى بموتهم, أما ابن تيمية رحمه الله فقد مكَّن الله له بأن جعل قوله مُعتبراً بين الناس, وما زالت أقواله باقية حتى الآن.

قوله معتبر في أوساط المسلمين

قال الشيخ رحمه الله: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم ينتفع الناس بكتبه إلا بعد أزمنة متطاولةٍ من موته, فقد كثر انتفاع الناس به, وإلى يومنا هذا إذا رأيت المناقشة بين طلاب العلم تجد القائل منهم يقول: قال شيخ الإسلام ابن تيمية كذا وكذا, فصار قوله رحمه الله قولاً معتبراً في أوساط المسلمين.

 

الوصية بكتبه

قال الشيخ رحمه الله : شيخ الإسلام ابن تيمية...ينبغي للإنسان أن يقرأ كتبه, ويستفيد منها, لأنني لا أعلم أحداً ألف في الكتب لا في علم التوحيد, ولا في علم الفقه, ولا في علم السلوك, ولا في غيرها, مثل هذا الرجل, فعليك بكتبه إن كنت تنهل من النهر الصافي العذب.

وقال رحمه الله: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أهدى الناس سبيلاً, وليس بمعصوم, فنحنُ لا ندّعي العصمة لأحد من البشر إلا الرسول صلى الله عليه وسلم, لكن الرجل رحمه الله له كُتب عظيمة, تزيدُ الإنسان إيماناً وتوحيداً, وإخلاصاً, ومعرفةُ للهدى من الضلال, وأحثُّ إخواننا المسلمين أن يقرؤوه كُتبه, وأن يستمسكوا بغرره.

قال جامعه : لقد أثني ووصى الشيخ بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحم الله الجميع, وقد ذكرت ما قاله في مواضيع سابقة, منها:

موضوع بعنوان " اقتناء الكتب ومحتويات المكتبة "

وموضوع بعنوان " كتب فيها أبحاث مفيدة "

وموضوع بعنوان " رأي الشيخ ابن عثيمين في كتب ومصنفات "

اطلاعه واسع عظيم

قال الشيخ رحمه الله: له اطلاع واسع عظيم, وإذا شئت أن تعرف اطلاعه فانظر رُدُودهُ على أهل الكلام والفلاسفة كيف يسرد لك عشرين كتاباً أو أكثر في مقام واحدٍ, مما يدل على سعة علمه واطلاعه رحمه الله, وعلى قوة استحضاره.

 

له كلمات طيبة وعظيمة ومفيدة

قال الشيخ رحمه الله : ولشيخ الإسلام رحمه الله كلمه طيبة ولطيفه في هذا, إذا قال: " كُلُّ من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً " ويُضاف إليها أيضاً قولهم: " بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين " وهي كلمات مختصرة مفيدة.

وقال رحمه الله: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله...له..كلمة مفيدة..يقول: كنت أقول دائما, أو أظن دائماً, أن المنطق اليوناني- يعني علم المنطق- لا ينتفع به البليد, ولا يحتاجُ إليه الذكي,

وعلم هذه مرتبتُه لا فائدة منه, فإذا كان البليد لا ينتفع به, لأنه يستدير رأسه قبل أن يعرف فصلاً من فصوله, والذكي لا يحتاج إليه, لأن جميع المقدمات والنتائج موجودة كُلُّها في عقل الإنسان العاقل, لا حاجة إليه.

وقال رحمه الله: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " العقيدة الواسطية " : (من تدبر القرآن طالباً للهدى منه, تبين له طريق الحق) كلمة عظيمة, فيها أمران, تدبُّر, وطلب الهدى, فـ (تدبر): الفعل, و ( طالبا للهدى): النية الصالحة, ( تبين له طريق الحق) جواب الشرط.

فالشيخ رحمه الله جزم به, لأنه موجود في القرآن لا شك في هذا.

وقال رحمه الله: وهذه كلمة لشيخ الإسلام رحمه الله من أحسن الكلمات " الواجب على الخلق اتباع الكتاب والسنة, وإن لم يدركوا ما في ذلك من المصلحة والمفسدة"  

فائدة: قال الشيخ رحمه الله: ما قيل عن شيخ الإسلام أنه قال بفناء النار ليس بصحيح.

 

تنبيه: قال الشيخ رحمه الله: وهنا تنبيه على ما كُتب في اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ولا يستحب الجهر بالذكر عقب الصلاة " وهذا غلط محض, والصواب في العبارة " ويستحبُّ " فمن عنده نسخة على هذا الوجه فليُصححها.

كتب الشيخ التي تم الرجوع إليها

* تفسير سورة القصص

* تفسير سورة الزمر

* التعليق على صحيح البخاري

* التعليق على المنتقى في أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم

* شرح مشكاة المصابيح

* مذكرة على العقيدة الواسطية

* شرح فتح البرية بتلخيص الحموية

* شرح اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم

* شرح القواعد المثلى في صفات الله تعالى وأسمائه الحُسنى

* التعليق على رسالة حقيقة الصيام, وكتاب الصيام من الفروع

* التعليق على القواعد النورانية

* منظومة أصول الفقه وقواعده

* شرح مختصر التحرير

* دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين

* لقاءات الباب المفتوح

 

كتبه / فهد  بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
فهد الشويرخ
  • كتب
  • مقالات
  • الصفحة الرئيسية