صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ما حكم ترديد الإمام لبعض الآيات للاعتبار والتدبر في صلاة الجماعة؟

 محمد بن عبدالله الشمراني


هذه المسألة تشكل على البعض عندما يرى إماماً يردد بعض الآيات بقصد التدبر والاتعاظ والتأثير في المأمومين ! فأحببت أن أنقل كلام أهل العلم من المعاصرين في المسألة ممن طُرح عليهم مثل هذا السؤال ، ليكون مجتمعاً في موضعٍ واحد حتى يتضح الحكم لطالبه وبالله التوفيق .


أولاً/ سؤل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في مجموع فتاواه :
يقول السائل / ما حكم ترديد الإمام لبعض آيات الرحمة والعذاب ؟
الجواب / لا أعلم في هذا بأسا لقصد حث الناس على الترديد والخشوع والاستفادة فقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه ردد آية
{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة : 118]، رددها كثيرا صلى الله عليه وسلم .
فالحاصل : أنه إذا كان لقصد صالح لا لقصد الرياء فلا مانع من ذلك ، لكن إذا كان يرى أن ترديده لذلك قد يزعجهم ويحصل به أصوات مزعجة من البكاء فترك ذلك أولى حتى لا يحصل تشويش .
أما إذا كان ترديد ذلك لا يحصل عليه إلا الخشوع والتدبر والإقبال على الصلاة فهذا كله خير .
مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله 11 / 343 ، 344

ثانياً: سئل الشيخ العلامة محدث العصر محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في الشريط الحادي والعشرين من سلسلة فتاوى جدة :

يقول السائل / جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكرتم في كتابكم المبارك [صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ] أنه صلى الله عليه وسلم قام ليلة بآية يرددها وهي قوله تعالى : {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة : 118]. السؤال / هل يجوز للمفترض إماما كان أو مأموما أو منفردا أن يردد آية واحدة فقط مع الفاتحة في كل ركعة ؟ أو بعض الركعات أم أن هذا خاص به صلى الله عليه وسلم ؟ أم أن ذلك خاص لصلاة النفل ؟ وهل ما قيل من القاعدة الفقهية : أن ما شرع في النفل يشرع في الفريضة هل هذه القاعدة صحيحة ؟
الجواب / قال رحمه الله : أما القاعدة فصحيحة بقيد أن لا تكون السنة العملية مخالفة لها . وهنا الجواب من الأقوال التي ذكرت أن هذا الترداد والتكرار للآية إنما هي في النافلة ، وليس في النافلة مطلقا بل وفي نافلة الليل هذا هو الراجح ، والدليل ما أشرت إليه آنفا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس إماما لصلوات الفرائض وصلى في بعض السنن المختلف في سنيتها أو في وجوبها جماعة كصلاة الكسوف مثلا وصلاة التراويح فلم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم مثل هذا الترداد إلا حينما قام يصلي لوحده في تلك الليلة فقد أصبح يردد هذه الآية لكن قد جاء في صحيح البخاري أن رجلا من الأنصار كان يؤمهم وكان كلما فرغ من قراءة الفاتحة بقراءة سورة ( قل هو الله أحد ) ويكررها وكان الذين يصلون خلفه يعلمون أن هذا من خيرهم وأفضلهم فكانوا يكرهون أن يؤمهم غيره ولكن مع ذلك كان في قلوبهم شيء من وراء تكراره لهذه السورة ( قل هو الله أحد ) فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه فسأله عن السبب فقال : إني أحبها قال : حبك إياها أدخلك الجنة ] وهم حينما كانوا يطلبون منه أن لا يكرر هذا الشيء يلاحظون أن التكرار قد يمل بعض الناس فكان يقول لهم : ( إن أعجبكم أممتكم وإلا فليؤمكم غيري ) فذكروا ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم فأقره عليه السلام على ذلك بل قال : حبك إياها أدخلك الجنة ] يمكن أن نأخذ من هذا الحديث أنه يشرع تكرار آية ما في الفريضة إذا كان ذلك يرضى الجماعة وليس سنة مضطردة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك في الفرائض ولذلك كان ترداد هذا الإمام لـ ( قل هو الله أحد ) موضع استنكار من بعض أصحابه حتى وصل الأمر بالإمام أن يقول لهم إن أعجبكم هذا فأنا أؤمكم وإلا فلا ) فلما ذكروا أمره إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك وقال : [ حبك إياها أدخلك الجنة ] فيمكن أن نأخذ من هذا الحديث حكما خاصا بجماعه يقتدون بإمام قارئ مجود حسن الصوت يتغنى بالقرآن كما جاء في الأحاديث الصحيحة فلا يرضون به بديلا لكن قد يأخذون عليه مثل هذا الترداد فالجواب أنه يجوز إذا ما رضوا إمامته بسبب حسن تلاوته هذا آخر ما عندي من الجواب .
الشيخ العلامة محدث العصر محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
في الشريط الحادي والعشرين من سلسلة فتاوى جدة


ثالثاً / قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع :
يكره تكرار الفاتحة مرتين أو أكثر وتعليل ذلك أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم والمكرر للفاتحة على وجه التعبد بالتكرار لاشك أنه قد أتى مكروها لأنه لو كان هذا من الخير لفعله النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن إذا كرر الفاتحة لا على سبيل التعبد بل لفوات وصف مستحب ؟ فالظاهر الجواز مثل ن يكررها لأنه نسي فقرأها سرا في حال يشرع فيها الجهر كما يقع لبعض الأئمة ينسى فيقرأ الفاتحة سرا فهنا نقول لا بأس أن يعيدها من الأول استدراكا لما فات من مشروعية الجهر ، وكذلك لو قرأها في غير استحضار وأراد أن يكررها ليحضر قلبه في القراءة التالية فإن هذا تكرار لشيء مقصود شرعا وهو حضور القلب . الشرح الممتع 3/331

رابعاً / سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله :

يقول السـائل / ما حكم ترديد بعض الأئمة لآيات الرحمة وآيات العذاب لتخشيع المصلين وإبكائهم ؟ الخشوع ؟ فإن بعض الأمة يرددون آيات الرحمة وآيات العذاب ثلاث مرات أو أربع مرات أو أكثر بقصد إبكاء المصلين فما مدى موافقة ذلك للسنة وهل أثر هذا عن السلف ؟

الجواب / يجوز ترديد الآية للتدبر قال النووي في التبيان عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح الآية هي إن تعذبهم فإنهم عبادك رواه النسائي وابن ماجة .
وعن تميم الداري أنه كرر هذه الآية حتى أصبح
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية : 21] وذكر أن أسماء رضي الله عنها كررت قوله تعالى : {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور : 27] طويلا .
وردد ابن مسعود :
{ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه : 114]
وردد سعيد بن جبير قوله
{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة : 281] وردد أيضا قوله {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ} غافر : [70- 71]
وردد أيضا قوله تعالى
{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار : 6] .

وكان الضحاك إذا تلا قوله تعالى :
{لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر : 16] رددها إلى السحر .
ومن هذه الآثار يعلم أن ترديد هذه الآيات الوعظية لتأثره بها وليس لتأثيرها في غيرها ولكن لا مانع من الأمرين .
ابن جبرين رحمه الله رقم الفتوى 7205 في موقعه الرسمي على الإنترنت

وسئل الشيخ ابن جبرين كذلك رحمه الله :
يقول السائل : لو أعاد أو كرر المأموم بعض آيات الفاتحة وهو يقرأوها أو مثلا وقف على بعض الحروف أثناء قراءته ثم أعاد الآية من أولها هل في ذلك شيء ؟

الجواب / لا يجوز تكرار بعض الآيات لغير سبب كما يفعله بعض الموسوسين بحيث يخيل إلى أحدهم أنه أخطأ في بعض الكلمات فلا يزال يرددها حتى يركع الإمام فهذا الترديد وسوسة من الشيطان ودليل ذلك صحة قراءته خارج الصلاة .
أما إذا أعاد أو كرر بعض الآيات لأمر عارض أو لخطأ محقق أو للتذكر والاعتبار فلعل ذلك جائز فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قام ليلة بآية من القرآن يرددها وهي قوله تعالى :
{ إن تعذبهم فإنهم عبادك } الآية والله أعلم .

خامساً / سئل الشيخ عبدالله الفقيه الشنقيطي رئيس مركز الفتوى بدولة قطر :

يقول السائل : هل يجوز ترديد آيات العذاب والرحمة في صلاة الفريضة في جماعة ؟
الجواب / فإن الثابت هو ترديد آية أو آيات في النافلة هذا هو المنقول الثابت من فعله عليه السلام فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قام بآية يرددها حتى أصبح وهي قوله تعالى {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة : 281]
وردد أيضا قوله تعالى .
{الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ} [غافر: 70 - 71]
وردد أيضا قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار : 6]
وكان الضحاك إذا تلا قوله تعالى :
{لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر : 16] رددها إلى السحر .
والأصل أن ما جاز فعله في صلاة النافلة جاز فعله في المكتوبة وعليه فلا بأس يتردد الآيات في الفريضة وذلك من أجل تحصيل الخشوع والتدبر،فالترديد جائز ما لم يشق على المصلين أو يشوش عليهم .والله أعلم
أجاب عليها الشيخ الدكتور عبد الله الفقيه الشنقيطي رئيس مركز الفتوى بدولة قطر
مركز الفتوى موسوعة الفتاوى رقم الفتوى 15304


سادساً / سئل الشيخ وليد العبري رئيس اللجنة العلمية بدولة الأمارات :

يقول السائل / هل يجوز تكرار آية من الفاتحة بقصد التدبر ؟
الجواب/ نعم يجوز تكرار آية من الفاتحة فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قام بآية واحدة يرددها حتى أصبح وهي قوله تعالى : {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة : 118].والأصل أن ما ثبت في النفل ثبتت في الفرض والعكس هذا إن كانت إعادة الآية لتدبرها أما إن كانت الإعادة لإصلاح لحن يغير المعنى فيجب عليه أن يعبد الآية حتى يصلح اللحن .

أما تكرار الفاتحة لا على سبيل التعبد بل لفوات وصف مستحب فقد قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع الظاهر الجواز مثل أن يرددها ليحضر قلبه في القراءة التالية .

الشيخ وليد العبري/ رئيس اللجنة العلمية بدولة الإمارات


----------------------
* وعقد الإمام النووي في كتاب التبيان باباً سماه : ( استحباب ترديد الآية للتدبر )
* قاعدة : [ما صح في النافلة صح في الفريضة ] انظر الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين رحمه الله 1/604
والحمد لله رب العالمين


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد الشمراني
  • مقالات
  • الصفحة الرئيسية