صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







🌹 ذهبوا قبلك 🌹

د.محمد السيد

 
نعم أقصد تماما هذا العنوان!
بل أجزم أننا لوفهمنا هذا المعنى بكل حقيقته، لأصبح لإشراق الشمس معنى !
عنوان اليوم جديد ، وتعامل جديد ، وحب يتجدد ، وابتسامة جديدة، وكلمة جديدة ، واعتذار جديد ، وتغافل جديد، واسلوب جديد، ورحمة يسكن فيها ذلك الإشراق.
نعم ، كل هذه المعاني تتزاحم فقط إذا استحضرت هذا المعنى: (ذهبوا قبلك)
تأمل الٱن بأقرب الناس لك ، أبا وأما وزوجا وزوجة ، وابنا وابنة وأخا وأختا ،وصديقا وقريبا، واستحضر كل ملفاتك معهم .
وخاصة تلك الملفات ذات المواقف المستمرة، والتي تستدعي غضبك وتجريحك وخصامك، وربما ظلمك وتشهيرك وإهمالك ونقدك ، وبعد هذا التأمل !
أما فكرت يوما ، ولو للحظة وهذه الملفات المحزنة بيدك ولسانك وتصرفاتك، تحزن بها كل من حولك، وتؤلم بها نفوسا ضعيفة ارتبطت معك بأجمل رباط قرب.
أما فكرت أن يأتيك خبرا عنهم ..
(إنهم ذهبوا قبلك)
رحلو عن دنياك إلى الأبد ..
تركوا كل الدنيا لك !
رحلوا ، ولم يسمعوا من ملفاتك كلمة اعتذار، أو بوحا لحب صادق ..
رحلوا وهم يتمنون أن يبتسموا معك، ويفرحوا بك، وتفرح بهم .
ماتت أمنياتهم معهم ولم يتمكنوا من البوح بها بسببك.
ستخبرك تلك الملفات التي تحملها بحقيقة واحدة :
(أنهم رحلوا للأبد )
هي تلك الزوجة الحبيبة التي تلومها مع كل نفس رحلت ، ولن تتمكن من إسعادها أو الاعتذار لها ، وقد تبكي اليوم لظلمك لها ، لكن هي بكت كثيرا في دنياها فقط لتشعر بها، وقد بخلت عليها حتى بحروف ودك..

رحلت ولن تعود..

قد يرحل ولدك وفلذة كبدك، ولم يذق طعم الحياة معك، ولم يترك ميراثا بعد رحيله إلا كلماتك القاسية، تشهد على ضعفه بين يديك ..
لقد كان يحبك ، لكنه رحل عنك ..

وهاهو أحد والديك يرحل ولم يتبلل بأنواع برك وقربك منه .

وربما كان يتذكر كل تعب وجهد وهم كان من أجلك، وينتظر على استحياء إكراما خاصا يليق به، أو كلمة تشعره بأنه رقما عظيما في دنياك ، لكنه رحل كاليتيم الذي غاب عنه أولاده، انشغالا وتسويفا ولم يصنعوا أجمل الذكريات معه .
لقد رحل وفي نفسه أمنيات ماتت معه!.
ويا لذلك الأخ الذي كان ينتظر اليوم الذي يشعر به بطعم الاخوة ، ويستنشق مع شقيقه ربيع الصحبة، ويشعر بالسند العظيم لذلك الحبيب ، والفرح به عند كل لقاء ، بعيدا عن اللوم والتدقيق، وربما الظلم والحسد والتنكيل لقد .
(مات أخوك) .

ماذا ستفعل بتلك المواقف؟

هل تستطيع أن تنظر إلى وجهه وهو مسجى بين يديك؟ يعلن ضعفه ومسكنته لٱخر لحظة.
عن اي شي سوف تعتذر له؟ هل تتمنى أن يعود ولو لدقيقة؟ لتبوح له بحبك ، وأنه روحك وقطعة منك، لتضمه وتفرحه، ويشعر بأنفاسك لأول مرة ،واخر مرة لقد رحل للابد..
دون ان تبلله بشي من ذلك.
نعم
(ذهبوا قبلك).. وشعرت بضعفهم وطيبة قلوبهم، وطهر نفوسهم وحبهم الصادق لك .
لقد كانوا أكثر أهل الأرض حبا لك .
نعم ، إن منهج:

(قد يذهبوا قبلك)،

يجعلك تسابق الشمس والقمر في إسعادهم، والإطمئنان معهم، والعيش بكل فرح بينهم ، وصناعة أجمل الذكريات لهم .

*يقول أحدهم :

" تخاصمت مع زوجتي فذهبت إلى بيت أهلها، وتدخل أهل الخير، وقبل عودتها بأيام توفيت !!
لن يرى اليوم ذلك الخصام الذي كان كبيرا في عقله إلا كحبة الرمل التي لا تكاد تذكر .
لكنها رحلت ،وقلبها مكسور ،ولن تعود، وعند الله تجتمع الخصوم.

*تقول تلك الزوجة :
زوجي من أرقى الناس في هذه الدنيا ، كريم ورحيم ومحب .
وفي أحد الأيام، رفعت صوتي عليه، فخرج لعمله بكل هدوء دون أن يرد علي بحرف ، وشعرت بغصة ودمعة على هذا الجحود في تعاملي ، فقررت أن يكون الغداء اليوم بطعم الشموع والاعتذار .
تأخر عن الموعد ! جواله مغلق !!
جاء الخبر :
"لن يرى شموع الإعتذار" مات زوجك الخلوق .

*يقول ذلك الشاب:
أبي كان يتمنى أن يراني صديقا للمسجد، كان ينصحني بكل رحمة وحب .
ولأن المسجد أصبح أعظم صديقا لي ، ليت ابي يراني ويسعد بي ، ليتني حققت أمنيته قبل رحيله ..

*يقول ذلك الأب:
كان ابني الصغير يطلب مني لعبة معينة، قيمتها (خمسون ريالا فقط)، وأنا مقتدر، لكني كل يوم أقول : غدا ، والحمدلله أنني تمكنت من إيجاد وقتا لشراء تلك اللعبة لابني .
عدت للمنزل وكان نائما، وفي الصباح وقبل ذهابه للمدرسة، أخبرته والدته أن اللعبة وصلت، وشاهدها واتى إلي في الغرفة وقبلني على موعد بعد مدرسته ، على أن نفتحها سويا ليستمتع بها.
عاد من المدرسة مسرعا ليصل إلى لعبته وكان ينتظره ذلك الحادث الذي جعله ساكنا في مكانه، يموت من ساعته!!
ياحبيبي، يابني،
وبقيت هديته دون ان تلامس أنامله .
وكأنها تقول لي: لا تؤجلوا فرحة أولادكم .!

ليعش هذا المعنى بيننا..
(قد يذهبوا قبلك)

عندها نعيش بكامل لياقة البوح ، وأنفاس الحب مع من نحب.

إذا رأيت قطرات المطر، وشعرت برحمتها وهي تسعد الأنسان والحيوان، وتغير الأرض والجبل والسهل والشجر، فهي أيضا تقول لك: كن كالغيث على من تحب، واجعلهم يشعرون بقطرات رحمتك.
 

( أسعد من حولك.. قبل أن تبكي على وداعهم ).

كتبه
د. محمد محمود السيد
٢٤/جماد الاخر/١٤٤١
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.محمد السيدة
  • مقالات
  • كتب
  • سلاسل تربوية
  • الصفحة الرئيسية