اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/alsaber/206.htm?print_it=1

خطبة: استسقاء

محمد بن ابراهيم بن سعود السبر

  

​الحمد لله، مجيب من دعاه، ومن سأله أعطاه: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ـ وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له جل في علاه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه، صلى وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن والاه واتبع سبيله بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، فهي وصيته للأولين والآخرين من خلقه، وسبب لفتح خزائن​​ رحمته، ولا ينال ما عند الله إلا بتقواه، واتباع رضاه، فتقوى الله تعالى فيها الفوز والفلاح، ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.

أيها المسلمون: إن ربكم جل وعلا بيده ملكوت كل شيء، وهو الغني الحميد، يرزق من يشاء بغير حساب، وينزل الغيث من السماء ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾.

وربكم سبحانه وتعالى كريم العطاء، يحب أن يلجأ إليه عباده بالدعاء، وصدق الرجاء، فيفتح لندائهم أبواب السماء، ويكشف ضرهم، ويرحمهم، كما قال سبحانه: ﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾. ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾. 

وإن الله تعالى لم يكن مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة، فاستقيموا على أمر ربكم سبحانه فذلك من أسباب نزول الغيث وسعة الأرزاق، قال عز وجل: ﴿وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا.

وكثرة التوبة والاستغفار، إلى الله العزيز الغفار باب تنزل الرحمات: ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾. وقد حث الأنبياء عليهم السلام أقوامهم على الاستغفار، وبينوا حميد عاقبته، وحسن ثمرته، فقال سبحانه حاكيا عن هود عليه السلام: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ﴾. وقال نوح عليه السلام: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾.

وإنكم قد شكوتم جدب الديار، وانحباس القطر عن البلاد، وتأخر نزوله عن الحرث والزروع والثمار، وإن الله تعالى ما ابتلاكم بذلك إلا لتقبلوا عليه، وتلتجئوا إليه، فابتهلوا إليه ضارعين مخبتين، وادعوه وألحوا في الدعاء، فإن الله يحب الملحين في الدعاء، كما قال عز شأنه: ﴿ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ﴾. وكما قال : « إنَّ اللَّهَ حيِىٌّ كريمٌ يستحي إذا رفعَ الرَّجلُ إليْهِ يديْهِ أن يردَّهما صفرًا خائبتينِ». رواه الترمذي.

الحمدُ لله ربِّ العالمين، الرّحمن الرحيم، مالكِ يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا غيثًا مغيثاً، هنيئًا مريئًا، طبقًا مجللًا، سحًا عامًا، نافعًا غير ضار، عاجلًا غير آجل.

اللهم تحي به البلاد، وتغيث به العباد، وتجعله بلاغًا للحاضر والباد.

اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب، ولا هدم ولا غرق.

اللهم اسق عبادك وبلادك وبهائمك وانشر رحمتك، وأحيي بلدك الميت.

اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، وأنزل علينا من بركاتك، واجعل ما أنزلته علينا قوة لنا على طاعتك، وبلاغًا إلى حين.

اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك.

﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾.

اللهم اسقنا الغيث، وآمنا من الخوف، ولا تجعلنا آيسين، ولا تهلكنا بالسنين.

اللهم يا من وسعت رحمته كل شيء، ارحم الشيوخ الركع، والأطفال الرضع، والبهائم الرتع، وارحم الخلائق أجمع، برحمتك يا أرحم الراحمين.

عباد الله، لقد كان من هدي نبيكم ﷺ أنه قلب الرداء حينما استسقى، واستقبل القبلة، ودعا ربه، وأطال الدعاء، فتأسوا به، وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، عسى ربكم أن يرحمكم، فيغيث قلوبكم بالرجوع إليه، وبلادكم بإنزال الغيث عليه.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.                                         

 

 
  • خطب دعوية
  • مقالات دعوية
  • تحقيقات وحوارات صحفية
  • الصفحة الرئيسية