صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







العلماء والدعاة والقضاة يؤكدون:
إلقاء التهم وترويج الشائعات عن رجال الهيئة ظاهرة خطيرة

 تحقيق - محمد بن إبراهيم السبر*

 
تحظى الشائعات تلقياً وترويجاً بالقبول لدى البعض وخاصة عندما يكون الحديث عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنسوبيها وعملهم الميداني.
يصاحب ذلك حبكة قصصية ينسجها الفضول ويغذيها تضخيم الأخطاء، ويروي أوار نارها عدم التثبت والتروي في مخالفات شرعية جما وليست بالواحدة.
وهنا لا بد لنا من وقفات لا وقفة واحدة لتحليل بواعث ذلك ودواعيه ومنطلقاته.

كما لا بد لنا كمسلمين أن نلتزم بالواجب تجاه هذه الشائعات حين تتوفر الأرضية الأولية لتقييم الأخبار جديها من شائعها وهي منتشرة في الوقت الراهن.
وحول هذه المحاور كان لنا هذا التحقيق:
خلق أهل الإسلام
في البداية تحدث مفتي عام المملكة العربية السعودية سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ فقال: إن الأمر العظيم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلق أهل الإيمان والإسلام فالذي يكره هذا الأمر ويبغض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويكون في صدره حرج في هذا الجانب أو يعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كبتاً لحريات الناس وظلماً لهم وسلباً لحرياتهم وخصوصياتهم ويرى أن تعطيل هذا الأمر هو إعطاء النفوس حرياتها لتعمل ما تشاء لا شك أن هذا تصور خاطئ، ودليل على عمى البصيرة: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء}.
وبين سماحته أن الواجب على المسلم أن يعظم جناب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يقف بجانبه؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحفظ للناس أعراضهم، ويحفظ دماءهم وأموالهم مؤكداً أنه هيبة للأمة، ودليل على قوتها وتمسكها بدينها، فهذا المرفق العظيم لا يرتاب في أهميته ولا يرتاب في عظيم شأنه إلا من في قلبه مرض النفاق والعياذ بالله ممن يحب المنكر ويألفه، ويحارب الحق ويكرهه، في الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: (مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا سفينة، فكان بعضهم أسفلها وبعضهم أعلاها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا صعدوا إلى من فوقهم، فقالوا: لو خرقنا في نصيبنا خرقاً، فأخذنا الماء لم نؤذِ من فوقنا)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإن تركوهم وما أرادوا غرقوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً).
وشدد سماحته على أن المصيبة من يرتاب في هذا الجانب، أو يعدُّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمراً قد انتهى دوره، ولا ينبغي أن يكون له وجود بين الأمة، فتراه يسخر بالآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ويستهزئ بهم، ويبحث عسى أن يرى سلباً أو عيباً فيهم، ولو كان هذا العاتب فيه من العيوب أضعاف ذلك، لكن يتغاضى عن عيوبه، ويلصق التهم والعيوب بالآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.
وأكد سماحته أنه ليس هناك من أحد من الخلق معصوماً من الخطأ، مشدداً على أن المصيبة تتثمل في الإصرار على الخطأ بعد العلم به، أما الآمر بالمعروف الذي سلك في أمره ونهيه الطرق الشرعية فهو على خير وحماية للأمة وتأمين لها ودفاع عنها، فإن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر متى ما استقامت حالهم، ومتى كان عندهم من العلم والبصيرة الأمر بالمطلوب فإنهم حماية لمصالح الأمة، ودفاع عنها، ورد لكيد الكائدين ومن أشربت نفوسهم حب الشر والفساد.. كم نسمع في هذه الأيام، وكم نقرأ ما ينشر من سخرية بالإسلام وأهله، واستهزاء بأهل الدين، وسخرية بهم، وحط من قدرهم، لما رأوا تسلط الأعداء على المسلمين وحرصهم على إضعاف كيان الأمة نسبوا كل العيب والخطأ إلى من انتسب للإسلام، فترى أولئك تنطق ألسنتهم وتخط أقلامهم أموراً خطيرة، يصورون أهل الإسلام بأنهم إرهابيون، وبأن كل من وفر لحيته دليل على خبث قلبه، وأن كل من صلى وصام ودعا إلى الإسلام دليل على تأخره ورجعيته، وأن كل من كتب كتابة يناضل فيها عن الإسلام وقيمه وفضائله وصفوه بما يصفونه به من صفات الذم والنقص، تشابهت قلوبهم مع سلفهم من المنافقين، واتفقت كلمتهم مع سلفهم من أعداء الدين.
وتساءل سماحته هؤلاء الذين ينادون بتهميش جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أهؤلاء يقصدون خيراً؟ أم هؤلاء مفسدون والذين يطالبون الأمة بأن تتراجع عن دينها وأن تربي أبنائها على غير منهج الله أهولاء هم المصلحون؟! أم أن فيهم نفاقاً وشراً. وهذه الأمة - ولله الحمد - لن تزال باقية معظمة لهذا الجانب العظيم جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجانب التمسك بهذه الشريعة كما أوضحها مسؤولو هذه البلاد زودهم الله بالتقوى ورزقهم العمل الصالح والاستقامة على الخير.

ظاهرة

وفي ظل ما يعصف في المجتمع هذه الأيام من استمراء البعض لترويج وتلقي الشائعات وخاصة فيما يتعلق بالآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بيَّن الداعية الإسلامي الدكتور سعد بن عبدالله البريك في حديثه عن ظاهرة الشائعات وسببها أن لرجال الهيئة جهوداً عظيمةً ومهمات جليلة، فقل أن تغمض جفونهم أو تستريح أبدانهم وقال: فكم من خير نشروه، وكم من منكر في مهده قتلوه، وكم من حرمات حالوا دون انتهاكها، ولما قطعوا على أهل الباطل باطلهم بدأ هؤلاء ينفثون سمومهم عليها فيلصقون الأكاذيب، ويهولون الأخطاء.
ويوضح الشيخ البريك أن وقوع شخص أو أشخاص في خطأ عفوي أو متعمد ليس مبرراً للتجريح والتشهير، فلو أخطأ رجال من قوات الأمن، فهل يعد ذلك مبرراً للتنقص والشتم والمطالبة بتحجيم أجهزة الأمن أو إلغائها، ولو أخطأ طبيب أو ممرض في عملية جراحية أو أساء معاملة مريض فهل يعتبر ذلك مسوغاً للتشهير به في الصحف والمحلات، ولو أخطأ قاضٍ أو قضاة، فهل يقول عاقل بوجوب حل الجهاز القضائي كاملاً لأخطاء فردية؟ الجواب طبعاً لا. إذاً، الواجب التناصح عند وقوع الأخطاء والتواصي بما يرفع الأداء ويحقق مستوى مهنياً أعلى بدلاً من السباب والشتائم وتلفيق الأكاذيب التي لن يعود شؤمها إلا على أصحابها.

إحسان الظن مطلب

من جانبه طالب الشيخ سليمان المهنا القاضي بالمحكمة الجزئية بدوره بإحسان الظن برجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال مما يجب أن يظنه المسلم برجل الحسبة هو الظن الحسن وحمل أفعاله وتصرفاته على المحامل الحسنة، ذلك أنه بذل نفسه لهذه الشعيرة العظمى من شعائر الدين فحقه أن يؤيد وينصر ويتعاون معه تحقيقاً لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} وعليه فيكون التعامل مع أهل الاحتساب بهذا الاعتبار ورجال الحسبة بشر يجوز عليهم الخطأ وليسوا بمعصومين، فكل عامل عرضة للخطأ وهم مجتهدون في القيام بواجبهم وحسبهم الاجتهاد في هذا الشأن، ووقوع أخطاء من بعض العاملين منهم غير مبرر لثلبهم أوتنقصهم أو الطعن فيهم وتعميم الحكم عليهم فذلك ظلم وإجحاف ويجب على المسلم أن يبذل النصيحة لمن أخطأ منهم حاملاً تصرفه على محمل حسن وظن خير داعياً لهم بالتوفيق والتسديد.
وبين الشيخ المهنا أن ما يقع من بعض الناس - هداهم الله - من سوء ظن برجال الحسبة والوقوع في أعراضهم فهو خطأ، ومصدره أمران: إما أن يكون جهل وعدم إدراك واستشعار لما يقومون به من عمل جليل، أو هوى قاد صاحبه - والعياذ بالله - لذا فإن المتعين الوقوف مع رجال الحسبة وتأييدهم وتصويب أخطاءهم وتسديدهم.

أحد صنفين

والمتكلمون عن جهاز الهيئة أحد صنفين كما يقول الدكتور خالد بن عبدالله المصلح الأستاذ بجامعة القصيم: صنف مردت قلوبهم على الذنوب والمعاصي، وعششت الشهوات في قلوبهم، وأشربت حب الفساد، فهم سماسرة الفساد وأربابه، لا يعيشون إلا به، فهؤلاء لا غرابة في حقدهم وحنقهم، ووقيعتهم في الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، فإنهم شجَا حلوقهم، ونكد عيشهم، فهم يتربصون بأهل الحسبة الدوائر، يلتقطون السقطة، ويضخمون الهفوة، ويجعلون من الحبة قبة، فهؤلاء لا حيلة لنا فيهم إلا أن نقول كما قال الله تعالى لأسلافهم: {قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ}.
الصنف الثاني: قوم فيهم خير وصلاح، وحب لأهل الإصلاح، إلا أنهم يصغون لتشويه أهل الريب والفساد، وينصتون لوقيعة أهل المعصية والنفاق، وما ينشرون عن أهل الحسبة من الشائعات والمبالغات، كما قال الله تعالى: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}. فضلاً عن أن يكون قد حصل لبعضم موقف مع أهل الحسبة، يجعله مبرراً لوقيعته، وشاهداً لسماعه، فهؤلاء ليس لنا معهم قضية، إلا أننا نذكرهم بالله الذي رضوا به رباً، وبرسوله نبياً، وبإسلامه ديناً، ونقول لهم إياكم أن تكونوا أعواناً لأهل الفساد والنفاق على إخوانكم، فأهل الحسبة إخوانكم، وإن بغى بعضهم عليكم، فانصحوا لهم بالحسنى، وبينوا أخطاءهم بالمعروف وإياكم والتشهير والتعميم والمبالغة، ولا تنسوا في غمرة ذلك حاجة الأمة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك من محاسن القوم، فوالله وبالله، وتالله، إنهم لمما يحفظ الله به العباد والبلاد، فكم من شر قد ردوه، وكم من عرض حفظوه، وكم من شاب عن الضلال حجبوه، وكم من مفسد مخرب قد فضحوه وكشفوه، فالآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر حراس الدين وحماته ينافحون، ودونه يجاهدون، ينفون فساد المفسدين، ويبطلون سعي المخربين، فجزاهم الله خير ما جزى عباده المؤمنين، وقد أجاد من قال:

أقلوا عليهم لا أباً لأبيكمو *** من اللوم أو سدّوا المكان الذي سدوا
أولئك هم خير وأهدى لأنهم *** عن الحق ما ضلوا وعن ضده صدوا


اهتموا بنقائصكم

ووجه الشيخ عبدالعزيز الأسمري القاضي بالمحكمة العامة بالطائف رسالة لمن ابتلوا بالوقيعة في رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقوله نقول كما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) وعلَّق على الحديث بقوله وهنا أدب عظيم من رسولنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم وليعلم هؤلاء المترصدون لرجال الحسبة وجمع أخطائهم أن رب كلمة حملت مضموناً عند الله عظيماً سواء باللفظ الصريح أو الكتابة في الصحف أو المنتديات أو في المجالس أو عن طريق اللمز والغمز والغيبة والإساءة لهم. ونقول الأجدر بهؤلاء الناقدين أن يهتموا بنقائصهم هم فكل شخص مؤمن لا بد أن تكون همته عالية فرحم الله امرأً شغله عيبه عن عيوب الناس ونقول اتقوا الله فإن تتبع السقطات لمن أقبح المعاصي ولا يموت مقترفها حتى يُبلى بها. فكيف بمن اغتاب العلماء وطلبة العلم وأهل الصلاح تجريحاً بلا دليل لمزاً وغمزاً وسخريةً واتهاماً للعقائد ودخولاً في النيات فهذا من أعظم الكبائر.
وقال مخاطباً رجال الهيئة: وأنت أخي رجل الحسبة ثبتك الله على طاعته عليك بالصبر فمهما حصل لك فلن يأتيك شيء مما صنع الكفار برسولنا صلى الله عليه وسلم ثم عليك بدحض كل فرية بالثبات وحسن إتقان العلم وحسن الخلق وتطوير قدراتك عن طرق الدورات والاطلاع على كتب الدعاة وخير داعٍ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ثم نقول: إن رجل الحسبة ليس عنصراً نورانياً (ملائكياً) فلا أخطاء تظهر منهم، فالإنسان يخطئ بطبعه وقد أخطأ من هم خير منا وأفضل - من صحابة وتابعين - فلا بد لهؤلاء الناقدين أن يكون نقدهم هادفاً وموضوعياً بالدرجة الأولى فرجال الحسبة هم أول من يرحب بهذا النقد وهو محل اهتمامهم وعنايتهم.

نتعرض للنقد

ونختم هذا التحقيق بسؤال وجهناه لمعالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: هل من كلمة لأصحاب الأقلام من كُتَّاب وصحفيين حيال تعاملهم مع مهام رجل الهيئة وما ينسب إليها من أخبار؟ فأجاب معاليه: نحن جهة حكومية وشرعية كسائر الجهات الحكومية والشرعية نتعرض للنقد ونقبله إذا كان واقعياً ومفيداً أما النقد الخالي من الدلائل والبراهين على الإشاعات وسوء الظن وكلام المجالس فهذا لا نأبه به.

والدعاوى إذا لم يقيموا  --- عليها بينات أصحابها أدعياء

وأكرر أننا في الرئاسة نحفل ونهتم بالرأي الآخر والنقد البناء الذي يطوِّر علم الرئاسة ويسمو بأهدافها عالياً، وإننا ندعو إخواننا الإعلاميين عموماً في هذا البلد المعطاء إلى الاجتماع والتعاون على البر والتقوى والمحافظة على أمن البلد فكرياً وأخلاقياً قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، وعدم إلقاء التهم جزافاً وترويج الإشاعات وضرورة التثبت والتبين في نقل الأخبار وينبغي أن يكون هدف الإنسان في نقده وحواره وأطروحاته النصيحة.
وأوصى معاليه الجميع عامة وأصحاب الأقلام بخاصة بعدم الوقوع في أعراض المسلمين والمسلمات بالثلب والقدح والذم ونقل الأخبار دون تروٍ، فالإنسان مسؤول أمام الله عن لسانه وما يخطه بنانه قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}.
وقال الشاعر:

وما من كاتبٍ إلا سيفنى --- ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء --- يسرك في القيامة أن تراه


إدارة العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
نشر بجريدة الجزيرة الجمعة 22 جمادى الأول 1428
http://search.al-jazirah.com.sa/2007jaz/jun/8/is13.htm

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد السبر
  • خطب دعوية
  • مقالات دعوية
  • تحقيقات وحوارات صحفية
  • الصفحة الرئيسية