صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الشبـــــاب

علي بن عبدالعزيز الراجحي

 
لماذا الحديث عن الشباب :
مما لا شك فيه أن الشباب يتميز بخصائص لا توجد في غيره ، ومن أهمها :
1- أن فترة الشباب هي المرحلة التي يتمتع فيها الإنسان بكامل قواه الجسدية ، فهو قد تعدى مرحلة الصعود ( الطفولة ) ولم يبدأ مرحلة الانحدار (الشيخوخة) .
2- إن الشباب هم رجال الغد ، وآباء المستقبل ، وعليهم مهمة تربية الأجيال القادمة ، وإليهم تؤول قيادة الأمة في جميع مجالاتها .
3- في صلاح الشباب صلاح للأمة ، وفي فسادهم فساد لها ، لأنهم هو القوة المتحركة في المجتمع .
4- الشباب لم يكتمل نضجه بعد ، فهو قابل للتشكل والتغير ، فإن كان توجيهه إلى الخير قبله ونفع الله به ، وإن كانت الأخرى فالدمار مصيره ، وقد قيل :
وينشأ ناشئ الفتيان من على ما كان عوده أبوه

اهتمام الإسلام بالشباب :
أ ـ الشباب في القرآن :
يذكر الله تعالى في كتاب الكريم كل ما فيه هداية للبشر، فمن ذلك ذكره لقصص الأولين لنأخذ منها العبرة كما قال تعالى: ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب ).
(سورة يوسف آية 111 ).أو يوخز منهم القدوة، كما قال تعالى بعد ذكر الأنبياء مخاطباً رسوله صلى الله عليه وسلم ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ). (سورة الأنعام آية 90) .وقال تعالى : (قد كانت لكم أسوة حسن في إبراهيم والذين معه ) . (سورة الممتحنة آية 4).
فيذكر ربنا قصص الأنبياء ، لحكم كثيرة منها : القدوة بهم في إيمانهم ودعوتهم وصبرهم : ( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل )
(سورة الأحقاف آية 35) .. وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : ما بعث الله نبيناً إلا شاباً ، ولا أوتى العلم عالم إلا وهو شاب ) (رواه ابن أبي حاتم ، وذكره ابن كثير في تفسيره (سورة الأنبياء آية 60) .ومن قصصهم ما يلي :
1- قال تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام يحكي ما قال قومه: ( قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم )، (سورة الأنبياء آية 60).قال ابن كثير: أي شاباً.
2- ويذكر الله تعالى لنا قصة يوسف عليه السلام بتفاصيلها ، وفيها من العبر والفوائد الشيء الكثير وهو أحسن قدوة للشاب في العفة والطهر ، وإيثار مرضاة الله ، وإن ناله ما ناله في الدنيا من تعب وعناء .
3- ويذكر الله تعالى قصة الفتية : أهل الكهف : ( إنهم لفتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى) (سورة الكهف آية 13) ، ومن مواضع الاقتداء فيها : الاعتزاز بالدين ، والدعوة إليه ، والاستعانة بالله ، ودعاؤه ، واعتزال أهل الباطل عند العجز عن إصلاحهم ، وغير ذلك .
قال ابن كثير رحمه الله تعالى : فذكر الله تعالى أنهم فتية ، وهم الشباب ، وهم أقبل للحق ، وأهدى للسبيل من الشيوخ الذي قد عتوا ، وانغمسوا في دين الباطل ، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم شباباً ، وأما الشيوخ من قريش فعامتهم بقوا على دينهم ، ولم يسلم منهم إلا القليل . أ هـ .

ب ـ الشباب في السنة :
أما رسول الهدى صلى الله عليه وسلم فقد اشتد حرصه وتوجيهه للشباب، وظهرت عنايته الفائقة بهم، وإليك هذه النماذج اليسيرة:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. ) الحديث وفيه : (وشاب نشأ في طاعة الله). (رواه البخاري، كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد (الفتح2/143) رقم (660) كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة 2/715 رقم (1031).
2- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شباب لا نجد شيئاً ، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا معشر الشباب ، من استطاع الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء ) . (متفق عليه ، صحيح البخاري ، كتاب النكاح ، باب من لم يستطع الباءة فليصم ، (الفتح 9/112) رقم (5066) ومسلم كتاب النكاح ، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة 2/1018 رقم (1400) .
3- قال صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبي سلمة ( يا غلام ، سم الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك ). (رواه البخاري ، كتاب الأطعمة ، باب التسمية على الطعام ( الفتح 9521) رقم (5376) ومسلم في كتاب الأشربة ، باب آداب الطعام والشراب ، 3/1599 رقم (2032) .
4- وقال لابن عباس رضي الله عنهما : يا غلام إني أعلمك كلمات : أحفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك .. ). (رواه أحمد 1/293 ، والترمذي ، كتاب صفة القيامة ، باب (59) برقم 2516 وقال : حديث حسن صحيح . )
وغير ذلك كثير مما هو مسطر في كتب السنة ، وتراجم الصحابة ، وكتب السيرة .

حملة الإسلام الأوائل كانوا شباباً :
وقد كان أكثر حملة الإسلام الأوائل في أول زمن البعثة من الشباب :
فهذا الصديق رضي الله عنه لم يتجاوز السابعة والثلاثين ، وهذا عمر رضي الله عنه لم يتجاوز السابعة والعشرين ، وهذا عثمان رضي الله عنه لم يتجاوز الرابعة والثلاثين ، وعلي رضي الله عنه لم يكن تجاوز العاشرة ، وكذلك بقية العشرة رضي الله عنه : طلحة بن عبيد الله لم يتجاوز الرابعة عشر ، والزبير بن العوام لم يتجاوز السادسة عشرة ، وسعد بن ابي وقاص لم يتجاوز السابعة عشرة ، وسعيد بن زيد لم يتجاوز الخامسة عشرة ، وأبو عبيدة لم يتجاوز سبعاً وعشرين ، وعبد الرحمن بن عوف لم يتجاوز الثلاثين .قس بعض أعمارهم اختلاف يسير ، تراجع سيرهم في كتاب : الإصابة لابن حجر رحمه الله ، وغيره .
وجماعة كثيرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا شباباً ، قام عليهم الدين ، وحملوه على أكتافهم حتى أعزهم الله ونصرهم .

صور من حال الشباب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم :
1- عن مالك بن الحويثر قال : أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون ، فأقمنا عنده عشرين ليلة ، فظن أنا اشتقنا أهلنا ، وسألنا عمن تركنا في أهلنا بأخبرناه ، وكان رقيقاً رحيماً فقال : ( أرجعوا إلى أهليكم ، ومروهم وصلوا كما رأيتموني أصلي ، وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، ثم ليؤكم أكبركم ). (رواه البخاري كتاب الأدب ، باب رحمة الناس والبهائم ، (الفتح 10/437) رقم (6008) .
2- روى الإمام أحمد في مسنده ، عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : (كان شباب من الأنصار سبعين رجلاً يقال لهم القراء ، قال : كانوا يكونون في المسجد ، فإذا امسكوا انتحوا ناحية من المدينة فيتدارسون ويصلون ، يحسبهم أهلوهم أنهم في المسجد ، ويحسب أهل المسجد أنهم في أهليهم ، حتى إذا كانوا في وجه الصبح ، استعذبوا من الماء واحتطبوا من الخطب ، فجاءوا به ، فاسندوه إلى حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم جميعاً ، فأصيبوا ، يوم بئر معونة ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم على قتلتهم خمسة عشر يوماً في صلاة الغداة ). (مسند الإمام أحمد 3/2235 ) .
3- وأسامة بن زيد رضي الله عنه يشاوره النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة الإفك ، ويسلمه قادة الجيش الذاهب إلى الروم .
4- وعتاب بن أسيد ، يجعله أميراً على مكة .
5- وعبد الله بن الزبير ، يقود الغلمان لمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم .
6- ومصعب بن عمير ، يرسله داعية إلى أهل المدينة ، فيسلم على يديه أكثر أهلها ، ويدخل نور الإسلام كل بيت من بيوتها .

توجيهات للشباب :
إن الشباب بالإسلام هو الخير والعطاء والبناء ، وهو بغير الإسلام تعاسة وبلاء ، فالشباب طاقة يسخرها الله في إصلاح البشرية ، فإليك أخي الشاب هذه التوجيهات التي يمليها عليك دينك .
1- على الشاب أن يعرف دينه ، ويمتثله في سلوكه وعمله ، ويكون على قناعة تامة به ، ولا يلتفت لأقوال الحاقدين والمشكيين ، ولعلم أن دينه أفضل دين ، وأن كل ما سواه فهو زور وباطل ، عليه أن يسخر ما أودعه الله من قوة ونشاط في خدمة هذا الدين .
2- على الشاب أن يعلم أن أمته هي خير أمة ، وأن هذه الخيرية ثابتة لها ما دامت متمسكة بدينها ، ويعلم أن أمته بقيت دهراً طويلاً رائداً للعالم ، وأنه يجب أن تبقى لها هذه الريادة ، وذلك لا يتحقق إلا بالالتزام بتعاليم الإسلام.
3- على الشاب أن تكون همته بعد إصلاح نفسه إصلاح الآخرين ، وتعبيد الناس لرب العالمين ، وليحذر أن يكون داعية سوء ، يكون عليه وزر نفسه ، ومن أوزار الآخرين.
4- على الشاب أن يعرف ما لوطنه من وولاة أمره من الحق ، فهو بلد الإسلام الذي ولد فيه ، وعلى أرضه نشأ ، وأن عليه لولاة أمره الطاعة في المعروف ، وليحذر أن يكون آلة يستخدمها الأعداء لهم الأمة من داخلها ، والإفساد في الوطن .
5- على الشاب أن يكون دائماً الارتباط بالله تعالى ، من خلال أداء الصلاة في وقتها ، وكثرة الذكر والدعاء ، والاستعانة به في جميع الأمور ، والتوكل عليه ، والمحافظة على الأوراد المشروعة كأذكار الصباح والمساء ، والدخول والخروج ، والركوب ، ونزول المكان ، وغير ذلك .
6- على الشاب أن يعلم أن قدوته الحقيقة هو محمد صلى الله عليه وسلم ، وليحذر من التقليد الأعمى الذي يفقده شخصيته وتميزه .
7- على الشاب أن يحافظ على رجولته ، ويتجنب كل ما من شأنه أن يضعفها من ميوعة وتكسر ، وتشبه بالنساء ، وغير ذلك .
8- على الشاب أن يصبر على مشقة فعل الطاعة ، وترك المعصية ، حتى تستقيم نفسه على ذلك وتستلذ به ( فإن الخيرة عادة )جزء من حديث (رواه ابن ماجه في المقدمة ، باب فضل العلماء : (221) وابن حبان في صحيحه ، (2/8) ) وعليه أن لا يتأثر بمن يسخر منه أو يلمزه ، فقد قال تعالى : ( إن الذين أجرموا كانوا من الذين أمنوا يضحكون ). (سورة المطففين آية 29).
9- على الشباب أن يستشعوا بأنهم آباء المستقبل ، فلابد أن يعدوا أنفسهم لتربية أبنائهم التربية الصحيحة ، فليسلحوا أنفسهم بالعلم والأدب .
10- وعلى الشاب إذا أراد أن يروح عن نفسه أن يلتزم بالحلال ، ويتجنب الحرام ، فإن في الجلال غنية عن غيره ، وإن عاقبة الحرام وخيمة ، وليكن من دعائه ( اللهم اكفني بحلالك عن حرامك ، واغنني بفضلك عمن سواك ). (رواه الترمذي رقم (3634) وقال حديث حسن ).
11- على الشباب أن يكونوا حذرين من الأفكار الهدامة حتى ولو كان ظاهرهاً الصلاح والإصلاح فلا يقبلوا فكرة إلا بعد عرضها على العلماء والأساتذة حتى لا يقعوا فريسة في أيدي دعاة الباطل

نقل بتصرف وتعديل
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
علي الراجحي
  • مقالات دعوية
  • رسائل وبحوث
  • علم الفرائض
  • علم أصول الفقه
  • سلسلة الفوائد
  • الاستشارات التربوية
  • مختارات متنوعة
  • الصفحة الرئيسية