اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/alnaggar/102.htm?print_it=1

أعلام وأقزام .. محمد حسنين هيكل (7)

د. خالد سعد النجار

 
بسم الله الرحمن الرحيم

السـابــق

عندما نتطرق لأزمة الثقافة العربية المعاصرة لا نقصد التجريح أو التشهير، بل المقصود عرض لمسيرة النخبة المثقفة التي تضخمت في الإعلام العربي (مصر نموذجا)، وأخذت حيزا وزخما كبيرا، فرصد واقع هذه النخبة يشير إلى أن وراء الأكمة شيئا ماكرا يدبر لهذه الأمة، سواء كان هذا التدبير داخليا أو خارجيا، إلا أن المحصلة أن أكثرية هذه النخبة المثقفة لم تكن على المستوى المطلوب الذي يرضاه الدين والعقل والعرف، وأنها أقحمت المجتمع العربي في أمور منافية لعقيدتنا الصافية وأعرافنا الراقية وتقاليدنا السامية، بل وصدرت لنا من غثاء الغرب الفكري والسلوكي الكثير والكثير، في الوقت الذي كنا في أشد الحاجة لنتعرف على مقومات النهضة العالمية، والاستفادة من خبرات الشعوب المتقدمة في مسيرتها التنموية، في إطار ثوابتنا الدينية الإسلامية الغالية.

المقالات والمؤلفات

صدرت لهيكل عشرات الكتب التي تجمع بين التوثيق والتأريخ والشهادة، إلا أن رواياته دائماً تكون بعد وفاة أبطالها، ويكون وحده صاحب الحق في الحديث. ومن أبرز كتبه وأكثرها مبيعا «خريف الغضب» و «مدافع آية الله.. قصة إيران والثورة».
وقام هيكل بنشر أحد عشر كتاباً في مجال النشر الدولي ما بين 25- 30 لغة تمتد من اليابانية إلى الأسبانية، من أبرزها “خريف الغضب” و”عودة آية الله” و”الطريق إلى رمضان” و”أوهام القوة والنصر” و”أبو الهول والقوميسير”، بالإضافة إلي 28 كتاباً باللغة العربية من أهمها “مجموعة حرب الثلاثين سنة” و”المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل”.
وفي الكتاب الأخير تحدث الكتاب -الصادر عن دار الشروق في القاهرة- عن التغيير الجذري الحاصل في العلاقة العربية مع إسرائيل، فيقول على الغلاف الأخير: "إن المعايير اختلفت من سنة 1974، وعندما جاءت سنة 1994 كانت العجلة قد دارت دورة كاملة. سقطت موانع التحريم، كما زالت دواعي القداسة، لكن وجه الغرابة أن وجه الحقائق والقيم لم تكن تغيرت".
أما كتابه «حرب الخليج.. أوهام القوة والنصر» فقد كان هيكل قد أصدر نسخة من هذا الكتاب باللغة الانجليزية، وبشكل مختلف بعض الشيء بما يتناسب مع القارئ الغربي واهتماماته، نشرته دار Collins Harber التي يملكها الناشر اليهودي المشهور روبرت مردوخ. وقد قوبل الكتاب بإهمال تام من قبل الصحافة العالمية في بداية الأمر، إلى أن علق عليه الكاتب الصحفي والمعلق السياسي ديفيد برايس جونز في الصندي تايمس – المملوكة لمردوخ أيضاً – تحت عنوان: (أحلام اليقظة)، وقد سخر من الكتاب والكاتب فكان مما قال: ".. وفي عرضه للمناورات الدبلوماسية للحملة يقدم هيكل اسكتشات شيقة بل مسلية عن زعماء العالم وهم يهرعون للتليفون يبثون مخاوفهم وحساباتهم لبعضهم البعض وهو لا يقدم أي مصدر لهذه المحادثات الخاصة التي لا يمكن التحقق من مصداقيته عنها، ولكن لا ضير فالأمر لا يخرج عن هذا الذي تخيله هيكل!!".

ثروة مثار جدل

بالرغم من أن هيكل كان لسان «الثورة الاشتراكية» وعلى رأس المبشرين بقيمها التي تقوم على أسس العدل والمساواة والقضاء على الإقطاع والثراء غير المشروع.. الخ!! إلا أن هيكل لم يكن ملتزماً بتلك القيم، فقد كان يعيش عيشة الباشاوات بل السوبر باشاوات.
جاء في صحيفة أخبار اليوم العدد الصادر يوم السبت 10 ديسمبر 1977: "إن محمد حسنين هيكل أغنى اشتراكي في مصر. له عزبة يمتلكها في الهرم، وله شقة مطلة على النيل بها ست عشرة غرفة. وله شقة في الإسكندرية، وله يخت يملكه على شاطئ المعمورة".
ويقول الأستاذ عمر التلمساني – رحمه الله – الذي أورد هذا الخبر في كتابه: «قال الناس ولم أقل في حكم عبد الناصر» الصادر بعد نشر الجريدة للخبر بثلاث سنوات: "ولم يكذب هيكل حرفاً واحداً من هذه الاتهامات التي تمس الأمانة والذمة الطاهرة في صميمها. هيكل الذي كان قبل اتصاله بعبد الناصر، لا يملك إلا مرتبه التافه، وثمن الإعلانات التي كان يكتبها أحمد عبود باشا رحمه الله، هذا هو المستشار الصحفي للزعيم المفدى بالدم والروح والمال، من كل ممخرق مأجور".
ويقول الصحفي عبد الباري عطوان رئيس تحرير جريدة القدس العربي اللندنية سابقا: "الأستاذ هيكل كان ارستقراطيا ليس في الصحافة فقط، وإنما في حياته الخاصة، فكان يتردد على مصايف الأمراء والأثرياء في جزيرة سردينيا الإيطالية رغم ميوله الاشتراكية، وكان يحرص أن تكون جميع لقاءاته واجتماعاته في لندن في فندق كلاريدجز، أكثر فنادقها عراقة وفخامة، ولم يشاركه هذا العشق إلا العاهل الأردني الملك حسين، وربما ملوك وأمراء آخرون لا أعرفهم، رغم أنه لم يكن يقيم في الفندق نفسه، وإنما في شقة قريبة".
ويقول عطوان أيضا: "كان يشعر بالملل لتأخره في العودة إلى مصر بسبب ذلك الغبار البركاني الذي عطل حركة الطيران لأكثر من أسبوع، عرضت عليه خدماتي في حجز مكان له في اليوم الأول لعودة الطيران، وبعد تمنع منه، وإصرار مني، قال لي إن: أولاده سيرسلون له طائرة خاصة فاسقط في يدي".
ويقول أيضا: "كان رجلا يحمل كبرياء وعزة نفس غير مسبوقين، يضع نفسه في مقام الملوك والرؤساء، إن لم يكن أعلى، لا ينحني لأحد، يعتد بنفسه وتاريخه، ولا يتواضع إلا في حالة واحدة، وهي وصف نفسه بأنه «جورنالجي» ونقطة على السطر، وهذا فخر وتقدير كبيران لمهنة الصحافة".
أنجب هيكل ثلاث أولاد: (علي هيكل) طبيب أمراض باطنية وروماتيزم في جامعة القاهرة، (أحمد هيكل) رئيس مجلس إدارة شركة «القلعة» للاستثمارات المالية، (حسن هيكل) رئيس مجلس الإدارة المشارك والرئيس التنفيذي للمجموعة المالية «هيرميس».
تحتل ثروة أبناء هيكل المرتبة 49 في القائمة العربية لأغنى أغنياء العرب بثروة مقدرة بنحو 1.7 مليار دولار، وفق تقارير نشرتها في وقت سابق «أرابيان بيزنس». وحل أحمد هيكل بحسب «أرابيان بيزنس» في قائمة أغنى 50 رجل أعمال عربيا لعام 2010، وقدرت الثروة الإجمالية لأغنى 50 عربيا لعام 2010 نحو 245.4 مليار دولار، فيما سيطر على القائمة نحو 29 شخصية وعائلة سعودية.
كان دخول أولاد هيكل مجال البيزنس عبئا كبيرًا عليه، ووضعته في مرمى النيران باستمرار، حيث كانت هناك شراكة لأولاده مع جمال مبارك في شركة «هيرميس» للأوراق المالية. كما أن أبناء هيكل متهمون في قضية التلاعب في البورصة مع أبناء مبارك.
يذكر الصحفي (عادل حمودة) -وهو من أقرب المقربين من هيكل، وأحد تلامذته البارزين- في مقال له عن تتبع ثروة الرئيس مبارك وعائلته في الخارج بأن على الحكومة المصرية أن تستعين بخبرة (أحمد هيكل) في كشف وسائل إخفاء مبارك وعائلته وبطانته لثرواتهم، فأحمد هيكل في رأيه خبير بالدهاليز السرية لإخفاء الأموال، ولم يذكر عادل حمودة أن أحمد هيكل ممنوع من السفر وأنه تم التحقيق الأولي معه بشأن تعاملاته المالية وثروته الضخمة.
والمتابعون لحركة أحمد هيكل الاقتصادية يراقبون زياراته المتكررة إلى لبنان، بطائرة خاصة دائماً، يلتقي فيها مسئولين في حزب الله بعيداً عن الأضواء والإعلام. ولا يعرف متى يأتي ومتى يغادر إلا عدد قليل من مسئولي حزب الله، الفارسي الهوى، في لبنان، أو من خلال قراءة جدول السفر في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، ومستقبليه ومودعيه من الحزب نفسه.
البعض يعتبر أن حزب الله يستثمر جزءاً من أمواله في مشاريع أحمد محمد حسنين هيكل الزراعية في السودان تحديداً، حيث للحزب مكانة خاصة لدى المسئولين السودانيين، الذين يتلقون دعماً سياسياً ومالياً وإعلامياً من إيران.
وهذا البعض يؤكد أن أحمد محمد حسنين هيكل ربما يحل مكان رجل الأعمال اللبناني الشيعي (صلاح عز الدين) الذي أفلست مؤسسته المالية التي كانت تشكل حافظة نقود حزب الله، وبلغت خسائره – حسب معلومات البعض- 2 مليار دولار، شملت ودائع لفقراء ومتوسطي حال الشيعة وبعض المستثمرين القطريين، فضلاً عن أموال قادة حزب الله السياسيين والأمنيين، في حالة شبيهة بإفلاس شركات الريان المصرية في ثمانينات القرن الماضي.
فهل يستثمر حزب الله بواسطة هيكل جزءاً من أمواله أيضاً في مصر من خلال مشاريع هيكل الزراعية؟ وهل يشكل موقف والده الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل، المتبني للسياسة الإيرانية في الوطن العربي كقائد للكتيبة الإعلامية الإيرانية في مصر غطاء لنشاطات ومشاريع نجله الزراعية – الاقتصادية؟

د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com

تـــابــــع
 

د.خالد النجار
  • تربية الأبناء
  • المقالات
  • بين زوجين
  • موسميات
  • مع المصطفى
  • تراجم وشخصيات
  • إدارة الذات
  • زهد ورقائق
  • مع الأحداث
  • قضايا معاصرة
  • القرآن الكريم وعلومه
  • التاريخ والحضارة
  • من بطون الكتب
  • الصفحة الرئيسية