اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/almueidi/51.htm?print_it=1

تأملات للمسافرين

عبد الله بن راضي المعيدي الشمري


تأملات للمسافرين
بقلم /
عبد الله بن راضي المعيدي
المدرس بالمعهد العلمي بحائل
وعضو الجمعية الفقهية السعودية
www.mettleofmuslem.net
almoaede@hotmail.com


في هذه الأيام تزداد رغبة الناس في السفر وذلك لبدء الإجازة .
وهذه بعض الوقفات والأحكام حول السفر أردت من خلالها تذكير الإخوة والنفس بها ..

أولاً :
لابد للمسافر أن يسأل نفسه سؤالاً مهماً لماذا تسافر ؟ وما ما الوجهة التي يقصدها المسافر والغاية من هذا السفر؟
فالسفر إلى بلاد غير المسلمين أو إلى بلاد مسلمة يظهر فيها العري والخمور ويكثر فيها الزنا، فتلك بلاد لا ينبغي السفر إليها، وللمسافر أماكنُ كثيرة نظيفة غنية عن تلك الأماكن، والغاية من السفر إن كانت للأمور المحرّمة كشرب الخمور والرقص في المراقص الليلية ومعاشرة العاهرات والجلوس على شواطئ التبرّج والعري فذلك سفر ومقصد خبيث ...
ونحن هنا لا نقول للناس : لا تسافروا ولا ترتحلوا، فالسفر كما قيل: فيه سبعة فوائد، ولكن ننصح ونذكّر كلّ من كان هذا قصده وغايته أن يتّقي الله في نفسه، وليعلم أن تلك الأرض التي سوف يذهب إليها هي من أرض الله وخلق الله، وستأتي يوم القيامة تشهَد لك أو عليك، تلك الخطوات والأميال التي قطعت، كلّها والله ستكتب وسوف يشهد عليك يوم القيامة الشهود، ولن ينفعك والله ما متعت به نفسك من متَع زائلة تزول في وقتها ويبقى عليك رجسها ..

ثانياً :
قصر الصلاة للمسافر :
المسافر له حالتين :
الحالة الأولى : أن يسافر المرء إلى بلد و لا يعلم متى يعود ، وأنه متى أنقضت حاجته رجع وهذا يعتبر مسافراً ولو طالت مدة بقائه .
الحالة الثانية : أن يصل المرء إلى بلد ويعلم أنه سيمكث فيه مدة معينة معلومة ، وهذا أختلف العلماء فيه على قولين :

القول الأول :
وهذه المسألة من مسائل الخلاف التي كثرت فيها الأقوال فزادت على عشرين قولاً لأهل العلم، وسبب ذلك أنه ليس فيها دليل فاصل يقطع النزاع، فلهذا اضطربت فيها أقوال أهل العلم، فأقوال المذاهب المتبوعة هي:
أولاً : مذهب الحنابلة رحمهم الله أنه إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام انقطع حكم السفر في حقه ولزمه الإِتمام .
ثانياً : مذهب الشافعي ومالك : إذا نوى إقامة أربعة أيام فأكثر فإنه يلزمه الإِتمام، لكن لا يحسب منها يوم الدخول ، ويوم الخروج وعلى هذا تكون الأيام ستة، يوم الدخول، ويوم الخروج، وأربعة أيام بينها .
ثالثاً : مذهب أبي حنيفة : إذا نوى إقامة أكثر من خمسة عشر يوماً أتم ، وإن نوى دونها قصر. اهـ .

فتبين أن أقوال المذاهب المتبوعة متفقة على جواز قصر الصلاة لمن نوى الإقامة ثلاثة أيام فأقل . وانظر المجموع (3/171) ، بداية المجتهد (1/168) الشرح الممتع (4/545) .
يقول الحافظ ابن حجر في شرحه لحديث العلاء بن الحضرمي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( ثلاث للمهاجر بعد الصَّدَر ) رواه البخاري (3933) ومسلم (1352) .
( بعد الصَّدَر أي بعد الرجوع من منى ، وفقه هذا الحديث أن الإقامة بمكة كانت حراما على من هاجر منها قبل الفتح لكن أبيح لمن قصدها منهم بحج أو عمرة أن يقيم بعد قضاء نسكه ثلاثة أيام لا يزيد عليها ، ويستنبط من ذلك أن إقامة ثلاثة أيام لا تخرج صاحبها عن حكم المسافر ) . اهـ فتح الباري (7/267)

فإذا كانت إقامتك لا تزيد على ثلاثة أيام فلك أن تترخص برخص السفر عند المذاهب الأربعة . والله أعلم

القول الثاني :
أن المسافر في هذه الحالة له أن يقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين رخصة من الله، وليس هناك تحديد لأيام محددة، بل طالما أنه مسافر عرفًا فيجوز له القصر، يستثنى من ذلك من كانت إقامته طويلة جدًا تقارب أن يكون استيطانًا وليس سفرًا، أما من سافر لقضاء حاجة أو نزهة فالسنة في حقه قصر الرباعية ولو تجاوزت مدة سفره أربعة أيام أو عشرة أيام أو شهر، وهذا القول الذي أفتى به شيخ الإسلام ابن تيميه والشيخ العثيمين رحمهما الله.

ثالثاً :
دعاء المسافر :
من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في السفر أنه كان يودع المسافر ويقول: ((أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك)). وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ابتدأ سفر وركب دابته كبر ثلاثًا ثم قال: ((سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل)).
وكان يكبر إذا علا أو هبط، وكان يصلي وهو على دابته صلاة التطوع في السفر يومي إيماءً، وكان إذا نزل منزلا استعاذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق .
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بسرعة الرجوع من السفر إذا قضى الإنسان حاجته، وقال: ((السفر قطعة من العذاب، فإذا قضى مهمته فليرحل إلى أهله)). وكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع الرجل إلى داره ليلاً فجأة. وكان من هديه صلاة ركعتين في المسجد قبل أن يبادر إلى بيته.

تنبيه مهم :

يلاحظ على كثير م المسافرين أهمالهم للصلاة في الطائرة مع أن الوقت سيخرج بحجة أنه سيصلي إذا نزلت الطائرة

كيفية صلاة المسافر ؟

إذا حان وقت الفريضة وأنت في الطائرة فلا تصلها في الطائرة بل انتظر حتى تهبط في المطار إن اتسع الوقت إلا أن يكون في الطائرة محل خاص يمكنك أن تصلي فيه صلاة تامة تستقبل فيه القبلة وتركع وتسجد وتقوم وتقعد فصلها في الطائرة حين يدخل الوقت.
فإن لم يكن في الطائرة مكان خاص يمكنك أن تصلي فيه صلاة تامة وخشيت أن يخرج الوقت قبل هبوط الطائرة فإن كانت الصلاة مما يجمع إلى ما بعدها كصلاة الظهر مع العصر وصلاة المغرب مع العشاء ويمكن أن تهبط الطائرة قبل خروج وقت الثانية فأخر الصلاة الأولى واجمعها إلى الثانية جمع تأخير ليتسنى لك الصلاة بعد هبوط الطائرة.
فإن كانت الطائرة لا تهبط إلا بعد خروج وقت الثانية فصل الصلاتين حينئذٍ في الطائرة على حسب استطاعتك فتستقبل القبلة وتصلي قائماً وتركع إن استطعت وإلا فأومئ بالركوع وأنت قائم ثم اسجد إن استطعت وإلا فأومئ بالسجود جالساً.
أما كيفية صلاة النافلة على الطائرة فإنه يصليها قاعداً على مقعده في الطائرة ويومئ بالركوع والسجود ويجعل السجود أخفض.

مسألة :

كما أنه لا يجوز للمسافر سفر معصية قد عزم الأمر على المعصية والعياذ بالله وأسرّها في نفسه والله مطلع على مكنون صدره وما هو عازم عليه ونيته، فمثل هذا لا يجوز له الترخص برخص السفر، عند كثير من أهل العلم ؟!!


 

عبد الله المعيدي
  • مقالات ورسائل
  • بحوث ودراسات
  • الصائم العابد
  • الصفحة الرئيسية