صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







جمال البنا والطعن في السنة

عبد الله بن راضي المعيدي الشمري


سلام من الله عليكم .. وبعد ،،
فإنَّ الله أعلى للسنة مكانها، وأوجب على العباد حبَّها وإتباعها .. وقيَّض لها على مرِّ العصور والدهور رجالها وأنصارها.. الذين تعلَّموها وعملوا بها ودعوا إليها.. فكانوا أحقَّ بها وأهلها.
بذلوا لِمن والاها صادق محبتهم، ولمن عاداها جليَّ بُغضهم وظاهر عداوتهم .. فهم أهل السُّنة شعارًا ودثارًا .. وحماة عرينها ليلاً ونهارًا ..
وقد أخذ بهذا الصحابة رضي الله عنهم .. وساروا عليه .. فكانوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مُحبِّين طائعين.. وكانت سُنته وقوله وهديه مُقدَّمةً عندهم على كلِّ شيء.. فكلام النبي صلى الله عليه وسلم هو الأول لا يُقدَّم عليه كلام أحدٍ من البشر كائنًا من كان..
وكانوا عن السُنة منافحين .. ولها حامين .. فإذا رأوا أحدًا يعارضها أو يستهزئ بشيءٍ منها – قصدًا أو بغير قصد – وبَّخُوه وقرَّعوه وزجروه، ثم هجروه، لا يكلمونه ولا يساكنونه، وقد يضربونه أو يقتلونه رِدَّةً أو تعزيرًا.
وبذلك حموا السُّنة عن كيد الكائدين وعدوان المعتدين.
ثم جاء بعدهم التابعون فساروا على طريقهم وحذوا حذوهم ...
حتى إذا بَعُدَ الزمان .. وطال بالناس العهد .. وضعف الإيمان .. وكثر الخبث والنفاق.. وقلَّ الورع .. تجرَّأ كثيرٌ من الناس على القول والكلام .. فقال كلٌّ بهواه .. وتكلَّم بما لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ...
وفي هذا الزمان .. زمان الفتن التي يرقِّق بعضها بعضًا .. رأينا العجائب والعظائم.. رأينا أمورًا لا يسع أحدًا السكوت عنها بحال ..
وهذه كلمات جمعت عن وجوب تعظيم سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبيان الأدلة على ذلك وحكم من أنكر السنة أو ردها ...
والباعث لجمع هذه الكلمات هي تلك الحلقة المزعجة التي بثتها ( قناة الرسالة ) في برنامج الوسطية وهو من تقديم د / طارق السويدان .. ( مع أن لي تحفظات على طرح طارق خاصة في الحلقة ) كقوله : \" إن النبي صلى الله عليه وسلم كان نبياً مرسلاً وكان حاكماً للدولة في نفس الوقت، وكانت تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً تكون بحكم تشريعي وأحياناً تكون سياسة شرعية وعلم السياسة قابل للتغيير \" وغيرها ...
المهم أن الدكتور طارق استضاف في حلقته مفكرين أثنين عرف أحدهما - وهو جمال البناء - ببذل عمره ووقته وجهده في بيان الدعوى لرد السنة التي لا توافق القرآن بزعمه ؟!! وتحيكم عقله الفاسد فيها!!
وأنت وإن عجبت من استضافة أمثال هؤلاء وما الهدف من ذلك ؟! إلا أن العجب لا ينقضي من زعمهم وفساد أرائهم وتصوراتهم .. وإني والله لا أدري بما يوصف أمثال هؤلاء ؟!
إن قلت : أنهم مسلمون فالمسلم لا يفعل هذا أبداً .. وهل يكون المسلم عوناً لأعداء الإسلام من المنافقين والملحدين الكافرين في هدم شطر الدين وأحد أركانه العظام ؟!
فإذا بماذا نصفهم ؟!!

والذي أريد قوله في هذه العجالة مايلي :

أولاً : خطورة نشر هذه الأفكار وخطورة السكوت عنها .

إن القلب يتفطّر كمداً حينما يسمع أمثال هؤلاء .. والمصبية الكبرى أن تأتي قناة إسلامية لها جمهورها فتفسح المجال لهم لبث أفكارهم وشبههم بحجة عرض الرأي الآخر ؟!! وهنا مكمن الخطر ..

وحجة هؤلاء أمرين :

الأمر الأول : أن الناس لهم عقولٌ يميزون فيها بين الأقوال فهذه حجة باطلة ..

إذ إن الناس وإن كان لهم عقولٌ إلا إنهم لبس لديهم آلة يعرفون بها الحق من الباطل .. والبدعة من السنة إذ كانت تعرض بهذه الطريقة ..
وهذا المنهج منهج خطير ومنحرف ..
فكم من مسلم ومسلمة وقعة في قلبه شبهة من شبههم .. فإن الشُبه خطّافة .. وكما قيل فإنَّ لكلِّ ساقطةٍ لاقطة .. فهذه القراءة المزعومة في كتب العقائد تلقَّفها ونشرها مركز للدراسات التاريخية في دولة عربية، وهو عملٌ من أعظم التعاون على الإثم والعدوان .. لِمَا فيه من تعميم نشر الباطل على نطاق واسع ..
وأقول فيها كما قال السيوطي أمثال هؤلاء في كتابه \" مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنَّة \" حينما رد على: \" اعلموا ـ يرحمكم الله ـ أنَّ من العلم كهيئة الدواء، ومن الآراء كهيئة الخلاء، لا تُذكر إلاَّ عند داعية الضرورة، وأنَّ مِمَّا فاح ريحُه في هذا الزمان، وكان دارساً بحمد الله تعالى منذ أزمان، وهو أنَّ قائلاً رافضيًّا زنديقاً أكثر في كلامه أنَّ السنَّةَ النبويَّة والأحاديث المرويَّة ـ زادها الله علوًّا وشرَفاً ـ لا يُحتجُّ بها، وأنَّ الحجَّةَ في القرآن خاصَّة ...
فاعلموا ـ رحمكم الله ـ أنَّ مَن أنكر كون حديث النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ـ قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف في الأصول ـ حجَّةً كفرَ وخرج عن دائرة الإسلام، وحُشر مع اليهود والنصارى، أو مع مَن شاء الله من فرق الكفرَة ... \" أ.ه .
وما أشبه الليلة بالبارحة .. فإنَّ التشابهَ بين من عناهم السيوطي - رحمه الله – وهؤلاء واحظ وجلي ..

الأمر الثاني : حجة إفساح الرأي لمثل هؤلاء ..

حينما يقرأ المرء النصوص والآثار الواردة في خطورة من قال بهذا القول وحكمه في الإسلام .. يتعجب من جهل من يسمع لهؤلاء بهذه النصوص - وقد ذكرت جزءاً منها آخر المقال - أو سكوته عنها .. ويرون أن الذي يحمل هذا الفكر أخاً ومفكراً إسلامياً .. يجب أن يعبر عن رأيه بل ويحترم !!!
ولذا تجد أنّ أصحاب هذا المنهج يدعون إلى السماح بتطبيق كل خلاف مهما كان على أرض الواقع ! ( حتى المناهج الكفرية والمنحرفة ) بدعوى التعددية واحترام الآخر ..
وفاتهم أن نهاية هذه الدعوة ستؤول إلى الزندقة والتنصل من أحكام الشريعة ، لكن بأسلوب يُزعم له أنه شرعي ! كما قال الشاعر الماجن :

فاشرب ولط وازن وقامر واحتجج *** في كل مسألة بقول إمام !

ولا يرفعن أحدٌ من أتباع الليبرالية وغيرها عقيرته فيزعم أننا ننكر الخلاف .. وندعوا لرأي واحد ..
لا .. لأن الاختلاف بين الناس أمر واقع ومشاهد لا يستطيع أن ينكره عاقل ..
وإنما المقصد هنا .. أنه هناك فرق بين الخلاف بين المسلم وأخيه في مسألة يحتملها الدليل وصاحبه دائرٌ بين الأجر والأجرين ..
وبين خلاف المقصود منه التلبيس وإنكار أصول الدين وثوابته ثم يزعم القائل بهذه الأقوال أن هذا الاختلاف أمر يرضاه الله عز وجل ويحبه .. وهو من الاختلاف المحمود ..

ثانياً : الرد على جمال البنا وأمثاله ..

الرد على جمال يحتاج إلى مقال منفرداً حتى لايطول المقام وهناك ردود قام بها بعض العلماء أمثال الشيخ أبس اسحقا الحويني وغيره .. والرجل افتضح على أيدي مفكري الإسلام وعلمائه وعالماته على شاشات التلفزيون والقنوات الفضائية.. نظراً لكثرة خزعبلاته وكثرة الردود عليها ..ولقد كانت تلك الردود مفصلة ..
ولكن الذي أردت هنا هو تأصيل الرد المجمل .. وهو الرد الذي ينبغي أن يغرس في نفوس المسلمين خاصة الشباب منهم حتى لاينحرفوا في مثل هذا الأفكار ..
الرد المجمل عليه وعلى غيره من الليبراليين ومن دار في فلكهم ..
أن يقال : من المعلوم أنه قد تقرر عند كل مسلم ومسلمة أن من صميم العقيدة الإسلامية .. ومن أصول الإيمان تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم .. ومن تعظيمه تعظيم كلامه .. ومن تعظيم كلامه قبوله وعدم رده .. وأن من رد فهو متهم في دينه !!
ولهذا فقد جاءت نصوص كثيرة في هذا الباب

ومن النصوص الواردة في وجوب تعظيم السنة مايلي :
• النصوص من القرآن :
1- قال الله جل وعلا: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } [الأحزاب : 36].
2- { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } [النساء : 80].
3- لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرً } [الأحزاب : 21].
4- { وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } [النور : 54].
5- { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النور : 63].
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ } [الحجرات : 2].
قال ابن القيم الوابل الصيب (ص24). تعليقًا على هذه الآية: فحذَّر المؤمنين من حبوط أعمالهم بالجهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجهر بعضهم لبعض ،وليس هذا برِدَّة، بل معصية تحبط العمل، وصاحبها لا يشعر بها فما الظن بمن قدَّم على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه وطريقه قول غيره وهديه وطريقه؟!
أليس هذا قد حبط عمله وهو لا يشعر؟ اهـ.

• النصوص من السنة والآثار :

1- عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودِّع، فأوصنا. قال: «أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة». [ أخرجه أبو داود (ح4607) والترمذي (ح2676) وابن ماجه (ح44) ].
2- قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: «لست تاركًا شيئًا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به، إلا عملت به، وإني لأخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ».
علَّق ابن بطة في الإبانة (1/246) على هذا بقوله: هذا يا أخواني الصدِّيق الأكبر يتخوَّف على نفسه من الزيغ إن هو خالف شيئًا من أمر نبيه صلى الله عليه وسلم ، فماذا عسى أن يكون من زمان أضحى أهله يستهزئون بنبيهم وبأوامره، ويتباهون بمخالفته ويسخرون بسنته؟!.. نسأل الله عصمة من الزلل، ونجاة من سوء العمل.
3- قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: «لا رأي لأحد مع سُنة سنَّها رسول الله ». [ إعلام الموقعين (2/282) ] .
4- وعن أبي قلابة قال: إذا حدَّثت الرجل بالسُّنة فقال «دعنا من هذا وهات كتاب الله» فاعلم أنه ضال .طبقات ابن سعد (7/184). وقد علَّق الذهبي كما في سير أعلام النبلاء (4/472). على هذا بقوله: \" وإذا رأيت المتكلِّم المبتدع يقول «دعنا من الكتاب والأحاديث الآحاد وهات العقل» فاعلم أنه أبو جهل، وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول «دعنا من النقل ومن العقل وهات الذوق والوجد» فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر أو قد حلَّ فيه، فإن جبنت منه فاهرب، وإلاَّ فاصرعه، وابرك على صدره، واقرأ عليه آية الكرسي واخنقه \" .
5- قال الشافعي: \" أجمع المسلمون على أنَّ من استبان له سُنة رسول الله  لم يحلّ له أن يدعها لقول أحد. [ إعلام الموقعين (2/282) ] .
6- قال الحميدي: رَوى الشافعي يومًا حديثًا فقلت: أتأخذ به؟
فقال: رأيتني خرجت من كنيسة أو علي زنار حتى إذا سمعت عن رسول الله حديثًا لا أقول به؟! [ سير أعلام النبلاء (10/34) ] .
7- قال أحمد بن حنبل: من رد حديث النبي  فهو على شفا هلكة. [طبقات الحنابلة (2/15)، والإبانة (1/260) ].
8- قال البربهاري في شرح السنة (ص51). : وإذا سمعت الرجل يطعن في الآثار أو يريد الآثار، فاتهمه على الإسلام، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع.
وفي ما ذكرت غنية عما لم يذكر ..
والواجب على العلماء طلبة العلم الدفاع عن سنة الحبيب والرد على هؤلاء الجاهلين والمتعالمين وأهل الزيغ والفساد .. فإن سكوت العلماء عنهم يجعل العامة تغتر بهم ومن ثم تنتشر بدعهم وأقوالهم الباطلة وكما قيل فإنه إذا ماتت السنة حيت البدعة ..
والله المستعان ،،،


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبد الله المعيدي
  • مقالات ورسائل
  • بحوث ودراسات
  • الصائم العابد
  • الصفحة الرئيسية