اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/almubark/3.htm?print_it=1

إقامة البرهان على بطلان الإمامة "الشيعية" بنص القرآن

محمد بن حسن المبارك

 
يقرِّر الشيعة حسب مذهبهم العجيب أن الإمامة ينبغي أن تنحصر في آل بيت النبوة .
ثم يحصرونها بعد ذلك في اثني عشر منهم فقط دون دليل مخصِّص.
و يستدلون على مذهبهم في الإمامة بقول النبي عليه الصلاة و السلام لعلي رضي الله عنه : "أنت مني بمنزلة هارون من موسى" مع أن الحديث هو من أكبر الحجج عليهم لأن هارون لم يتولَّ أمر بني اسرائيل بعد موسى لكونه مات قبله ،و الذي خلف موسى يوشع بن نون وليس هارون ..

ـ ثم إنَّ معنى الحديث يتبيَّن من سبب وروده ، قال ابوبكر بن أبي شيبة في مصنَّفه : (حدثنا غندر عن شعبة عن الحكم عن مصعب بن سعد عن سعد بن أبي وقاص قال : خلَّف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال : يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان , فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ) .

فظاهرٌ : أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد تطييب خاطر علي رضي الله عنه بإخباره أنَّ حاله تلك ـ حين خلَّفه الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة ـ شبيهة بحال هارون عندما استخلفه موسى عليهما السلام لمَّا ذهب الى ميعاد ربه ، و وجه الشبه بينهما هو الاستخلاف.
مع ان النبي عليه الصلاة والسلام استخلف عددا من الصحابة :

أ ـ فقداستخلف "سعد بن عبادة" رضي الله عنه في غزوة " الأبواء "
ب ـ واستخلف"أبا سلمة بن عبدالأسد" رضي الله عنه في غزوة " العشيرة" .
ج ـ واستخلف " زيد بن حارثة " رضي الله عنه في غزوة " يدر الأولى".
4ـ واستخلف " بشير بن عبدالمنذر أبا لبابة " رضي الله عنه في غزوتي "بني قينقاع" و "السويق" .
5ـ واستخلف "عثمان بن عفان" رضي الله عنه في غزوة " غطفان "
5ـ واستخلف "ابن أم مكتوم " رضي الله عنه في غزوة " نجران " وتسمى غزوة "بني سليم " .
7ـ واستخلف "ابن أم مكتوم " رضي الله عنه في غزوة " حمراء الأسد".
ـ و غيرهم كثير رضي الله عنهم اجمعين.

إلاَّ أن القَصص القرآني ـ أيضاً ـ يردُّ ما ذهبت اليه الشيعة:

فبعد انقضاء المدّة التي أقامها بنو إسرائيل في التيه -وهي أربعون سنة- وبعد وفاة هارون وموسى، تولى أمر بني إسرائيل نبي من أنبيائهم اسمه "يوشع بن نون" ـ عليه السلام ـ ، فدخل بهم بلاد فلسطين، وقسم لهم الأرضين.

ـ وكان لهم تابوت "صندوق" يسمونه تابوت الميثاق أو "تابوت العهد"، فيه ألواح موسى وعصاه ونحو ذلك، وهو ما أشار إليه القرآن الكريم بقوله تعالى:
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ ءايَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} البقرة248 .

- و لما توفي يوشع بن نون تولى أمر بني إسرائيل قضاة منهم، ولذلك سمي الحكم في هذه المدّة: حكم القضاة.
وفي هذه المدة دبّ إلى بني إسرائيل التهاون الديني، فكثرت فيهم المعاصي، وفشا فيهم الفسق، إلى أن ضيعوا الشريعة، ودخلت في صفوفهم الوثنية، فسلَّط الله عليهم الأمم، فكانت قبائلهم عرضة لغزوات الأمم القريبة منهم، وكانوا إلى الخذلان أقرب منهم إلى النصر في كثير من مواقعهم مع عدوهم، وكثيراً ما كان خصومهم يخرجونهم من ديارهم وأموالهم وأبنائهم.

ـ وفي أواخر هذه المدّة سَلب الكنعانيون منهم "تابوت العهد"، في حربٍ دارت بين الطرفين، وكان ممّن يدبر أمرهم في أواخر مدّة حكم القضاة نبي من أنبياء بني إسرائيل من سِبط لاوي اسمه"صمويل" = شَمْويل، يتصل نسبه بهارون عليه السلام.

وكان بنو اسرائيل قد جعلوا الحكم و الرئاسة الدينية في ذرية هارون عليه السلام لأنهم آل بيت نبيهم موسى عليه السلام ، عن طريق أخيه هارون عليه السلام ، حيث أن موسى عليه السلام لم تكن له ذرية .

فطلب بنو إسرائيل من صمويل أن يجعل عليهم ملكاً يجتمعون عليه، ويقاتلون في سبيل الله بقيادته،و قد قصَّ الله عزوجل قصة هذا النبي مع بني اسرائيل في قوله تعالى :
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} البقرة: 246.

ـ فسأل شمويل ربه في ذلك، فأوحى الله إليه أن الله قد جعل عليهم ملكاً منهم اسمه طالوت ( شاؤول) من سبط بَنْيامين بن يعقوب"اسرائيل"، وكانت قبيلة بنيامين في ذلك العهد قد أوشكت على الفناء في حرب أهلية وفتن داخلية قامت بين بني إسرائيل.

عند ذلك اعترض بنواسرائيل وعلى رأسهم اللاويون "ذرية لاوي" الذي يتصل نسبه بهارون عليه السلام :
ـ ( كيف يكون الملك في غير ذرية هارون عليه السلام ) .
ـ و استنكروا أن يكون طالوت ملكاً عليهم.و قَالُوا " {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا} وهو من سبط بنيامين و ليس لاوِيّاً.
ـ { وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ} لأنهم هم أهل بيت نبيهم موسى عليه السلام .

يقول الله عزّ وجلّ: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} البقرة: 247.

ـ وعند ذلك سأل بنو اسرائيل النبي "صمويل" عن دليل رباني يدلهم على أن الله ملَّك "طالوت" عليهم، فقال لهم صمويل:
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ ءالُ مُوسَى وَءالُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} البقرة (248) .

ـ وأعطاهم صمويل موعداً لمجيء التابوت تحمله الملائكة، فخرجوا لاستقباله فلما وجدوا التابوت قد جيء به حسب الموعد أذعنوا لملك طالوت، فكان أول ملك من ملوك بني إسرائيل.

4ـ جمع طالوت صفوف بني إسرائيل، وهيأهم لمحاربة عدوهم، وخرج بهم، ثم اصطفى منهم خلاصة للقتال، يقارب عددها عدد المسلمين في غزوة بدر. قالوا: وكان عددهم نحواً من (319) مقاتل، وذلك بطريقة قصها القرآن علينا في قوله تعالى
:{ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلا مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} البقرة: 249.

ـ وهؤلاء القلة هم الذين اصطفاهم طالوت للقتال بعد رحلة برية شاقة سار بهم فيها، وقد اشتد فيها ظمأ القوم، وبهذه القلة التي جاوزت النهر واجه طالوت الأعداء.

5ـ لقي طالوت خصومه الوثنيين ، وكان رئيسهم جالوت (جليات عند العبرانيين) قوياً شجاعاً فرهبه بنو إسرائيل.

ـ و تحقَّق بملك طالوت الذي اصطفاه الله عزوجل لبني اسرائيل انتصارهم على عدوِّهم اللدود جالوت ، قال الله تعالى:
{فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} البقرة: 251.

ـ فبان بذلك بطلان فرية الإمامة الدعيَّة ، لدى الطائفة الشيعية ، وأنها لا تستند ـ في تقريرها ـ الى عقل و لا إلى شرع ، و الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم على نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين .

 

محمد آل مبارك
  • مقالات
  • تحقيقات ومؤلفات
  • فرق ومذاهب
  • تراجم
  • أدبيات
  • الصفحة الرئيسية