اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/almgamce/57.htm?print_it=1

تأملات في سورة التوبة ج1

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

الشيخ صالح بن عواد المغامسي

 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره وتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد.

فهذا هو اللقاء المتجدد حول تأملات لنا لكتاب ربنا جل جلاله وقد كنا قد انتهينا إلى سورة الأنفال وسنشرع اليوم إن شاء الله تعالى في تأملات في سورة التوبة سائلين الله جل وعلا التوفيق لما يحبه ويرضاه والعون والسداد على التأمل فيها على أنني أكرر ما أقوله دائما إن المخاطب في مثل هذه التأملات هم طلبة العلم في المقام الأول ولهذا يهمنا جدا أن نعرج على مافي الآيات من مسائل علميه يحسن تدوينها والمقصود من هذه الدروس وأضرابها المقصود من ذلك كله إنشاء جيل قرءاني يتدبر القرآن وهذه مساهمة لا أكثر ولا أقل في إحياء جيل ينشأ على تدبر القرآن لأن الله جل وعلا نعى إلى أهل الإشراك إغفالهم عن القرآن بقوله
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }.


فإننا نقول مستعينين بالله جل وعلا
:
سورة التوبة سورة مدنيه وعدد آياتها : مائتان وتسع وعشرون آية .

وهذه السورة من آخر ما نزل من القرآن كما ثبت عند البخاري في صحيحه في كتاب التفسير من حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه : ( أن سورة براءة آخر ما نزل ) وليس المقصود بأنها آخر ما نزل كآية وإنما كسورة مجمله هي آخر ما نزل .

وإلا كآية قد عرجنا عليه في مسائل عدة :
اختلاف العلماء منهم من قال :{ وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ } وهو الأظهر.
ومنهم من قال إنها آية المائدة :{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً } . وقيل غير ذلك لكن هذين هما المشهوران .

الذي يعنينا أن سورة التوبة هي آخر مانزل وقبل أن نشرع في تفسير الست الآيات الأول منها نقدم إجمالا عن هذه السورة، النبي صلى الله عليه وسلم أنزل الله جل وعلا عليه القرآن أول ما أنزل{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } فكان لم يؤمر صلى الله عليه وسلم بأن يبلغه إلى الناس كان يقرأه بينه وبين نفسه ومن سنة الله في خلقه التدرج وعدم إعطاء الشيء دفعة واحدة فمن رام شيئا دفعه واحدة سيسقط عما قليل ولكن الله جل وعلا له سنن لا تتبدل ولا تتغير والله لا يعجل لعجلة أحد من خلقه والله يقول لعبده : {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً } . فلا يعطى الإنسان العطايا مرة واحدة وإنما يتدرج فيها على هذا بنيت الدنيا على هذا أجرى الله السنن في الكون، فهذا النبي الكريم أنزل عليه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } ولم يقل له : " ادع الناس " ولم يقل له : " اتل القرآن على الناس" ولم يقل له شيء من ذلك فلما نزل من ذلك الجبل خائفا وجلا وضمته زوجته خديجة رضي الله عنها وآوته واطمأنت نفسه أنزل الله جل وعلا عليه : {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنذِرْ } ينذر من؟ أنزل الله عليه { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} الذين حوله ولم يؤمر بأكثر من هذا ثم بعد ذلك أمر بالعرب الذين في مكة وحولها قال الله جل وعلا :
{لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} .


والقرآن يجب أن يفهم مقرونا بالسنة
لأن من أخطاء من وقع في كتاب ربنا جل وعلا أنهم فهموا القرآن مجزءا ولم ينظروا إلى سيرته صلى الله عليه وسلم وسنته حتى يُفهم القرآن ومن أراد أن يفهم القرآن من غير السنة ومن غير سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فلن يفهم شيئا وهذا هو الذي وقع فيه الخوارج الأولون لما حاربوا حتى الصحابة لأنهم لم يفهموا مراد الله على ما أراده الله من رسوله صلى الله عليه وسلم فالله يقول :{لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} لكن لايقصد الله بهذا نهاية النذارة وإنما التهيئة تدريجيا ثم أمره الله بأن ينذر العرب قاطبة ثم لما مكن الله له في الأرض صلوات الله وسلامه عليه وعقد صلح الحديبية مع أهل مكة واطمأن من مقاومتهم أخذ صلى الله عليه وسلم يأتي بعالمية الدعوة ويراسل الملوك والزعماء آنذاك ليحقق قول الله جل وعلا : {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} وقوله جل وعلا : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} .

في ظل هذا المفهوم يفهم الإنسان المقصود من سورة التوبة هذه السورة قلنا إنها من آخر ما نزل في عام تسع من الهجرة .

في شهر رجب من سنة تسع من الهجرة خرج النبي صلى الله عليه وسلم بجيش العسرة إلى تبوك وقد قلنا في أكثر من درس إن هذه الغزوة سميت في القرآن بغزوة العسرة قال الله جل وعلا : {لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ  } .


وسماها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة :
غزوة تبوك ولذلك الإمام البخاري رحمه الله لما تكلم عنها قال " باب غزوة تبوك وهي غزوة العسرة " حتى يجمع ما بين تسمية السنة وتسمية القرآن.

المقصود في عام تسع من الهجرة خرج  صلى الله عليه وسلم في جيش العسرة إلى تبوك هذا الظرف الذي كان في جيش العسرة، كان فيه شح في المال وظهور في الثمار وحر في المناخ أصاب الناس فتن فانقلبت الناس، كانوا أقسام في إتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم . منهم المثبطون، المحبطون، الناصرون، البكاؤون , فرق شتى فنزلت هذه السورة تبين حال المجتمع المدني وقت أن دعا النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة واستنفر الناس إلى غزوة العسرة بينتهم بجلاء وكشفت الكثير من الأسرار كما سيأتي .

ثم بعد ذلك بعد عودته صلى الله عليه وسلم من تبوك لما عاد من تخوم البلغاء وأذعن له الروم عامة بمعنى أنه لم يحصل حرب لكن اطمأن صلى الله عليه وسلم أن الروم لن تغزوه فرجع من تبوك لما لم يجد قتالا رجع إلى المدينة أراد صلى الله عليه وسلم أن يحج في العام التاسع ثم قال : ( إن العرب تحج وهي عراة وأنا لا أريد أن أحج على هذا الوضع فأمر أبا بكر أن يخرج بالناس حاجا ) . أمير على الحج لأن مكة كانت قد فتحت في العام الثامن ونحن نتحدث في العام التاسع فبعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميرا على الحج ثم بعد ذلك اتبعه بعلي بن أبي طالب ليظهر في الناس مقدمة سورة براءة فمقدمة سورة براءة الآيات الأول من سورة براءة الخمس الأول أو الست الأول من سورة براءة وإن كانت في مقدمة السورة إلا أنها من آخر ما نزل في نفس السورة لأن السورة تكلمت عن المنافقين وعن حالهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ما بين رجب إلى ذي الحجة ثم جاءت مقدمة السورة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يجعلوها في المقدمة فالقرآن ترتيبه الآن الذي نقرأه ليس على ترتيب نزوله .


من أهم ما يجب أن تعلمه أن ترتيب القرآن على ما نقرأه ليس على ترتيب نزوله
: فالفاتحة مثلا أول القرآن لكنها ليست أول سوره فالآيات الخمس من سورة العلق هي أول ما نزل، فترتيب القرآن ليس ترتيبا حسب النزول وإنما لحكمة توقيفيه آرادها النبي صلى الله عليه وسلم بأمر ربه كان يملي الكتبه ويقول افعلوا كذا واتركوا كذا وضعوا الآية في مكان كذا والسورة بعد كذا. فترتيب القرآن ترتيب سور المصحف ترتيب توقيفي من النبي صلى الله عليه وسلم نفذه الصحابة .

الذي يعنينا هذا هو المناخ العام لفهم سورة التوبة إذا ينجم عن هذا أن سورة التوبة ذكرت مواضيع عدة لكنها يمكن أن يقال إن موضوعين رئيسيين تضمنتهما سورة التوبة :

الموضوع الأول :
علاقة المسلمين بالمشركين وأهل الكتاب.
الموضوع الثاني:
كشف أسرار المنافقين وحال الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وفي جيش العسرة على وجه الخصوص .

هذان الموضوعان الرئيسان اللذان تعرضت لهما سورة التوبة قال الله جل وعلا : {بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ * وََأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ...}إلى آخر الآيات إلى أن قال الله {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} الآية السادسة هي التي سنتكلم عنها في لقاء هذا اليوم .


أول ما يلفت النظر في هذه السورة أنها ليست مصدره بالآية الشهيرة
{بسم الله الرَّّحمن الرَّحيم } .
ولذلك اختلف العلماء لماذا لم تصدر سورة براءة بــ ((
بسم الله الرَّّحمن الرَّحيم)) على أقوال عده أشهر هذه الأقوال ثلاث وسنبدأ بالأضعف ثم الأقوى ثم ما نره راجحا على عادتنا في التقسيم:

أما الأضعف :

فقد قيل إن من أسباب عدم ذكر{بسم الله الرَّّحمن الرَّحيم } في أول سورة براءة أنها جرت عادة العرب أنه إذا كانت ما بين قوم وقوم عهد فأراد أحدهم أن ينقضه كتبوا إليهم كتابا غير مصدر بالبسملة وأرادوا أن ينقضوه كتبوا إليهم كتابا غير مصدر بالبسملة وهؤلاء يعنون بكلمة (بسم الله الرحمن الرحيم) ( باسمك اللهم ) هذا قول ذكره العلماء وهو أضعف الأقوال.


القول الثاني :

ما رواه الحاكم في المستدرك وأحمد في المسند من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أن ابن عباس سأل عثمان ابن عفان رضي الله تعالى عنه وأرضاه قال له : ( لما جعلتم سورة الأنفال وهي من المثاني وبعدها سورة التوبة وهي من المئين ولم تجعلوا بينهما (بسم الله الرحمن الرحيم) فقال عثمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه لابن عباس قال له إن النبي صلى الله عليه وسلم كانت إذا نزلت عليه السورة أو الآية يقول ضعوها في مكان كذا في سورة كذا بعد كذا وكذا وإن سورة الأنفال من أول ما نزل بالمدينة وإن سورة التوبة من آخر مانزل فمات النبي صلى الله عليه وسلم دون أن يبين لنا هل هما سورة واحده أم لا فاختلف الصحابة فمنهم من قال إنهما سورة واحده ومنهم قال إنهما سورتان فلم يفصلوا بينهما وجعلوا بينهما فرجه حتى يعرف أنهما سورتان منفصلتان ولم يكتب بينهما (بسم الله الرحمن الرحيم) ) حتى يبقى قول من قال إنهما سورة واحده .

يعني أن الصحابة تراضوا على هذا القول أنهم جعلوا بينهما فرجه حتى يرضوا من قال أنهما سورتان ولم يكتبوا {بسم الله الرَّّحمن الرَّحيم } بينهما حتى يرضوا من قال : أنهما سورة واحده .

هذا القول اختاره العلامة الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان وقال كعادته نصا : " قال مقيده عفا الله عنه وهو أظهر الأقوال عندي " عند الشنقيطي رحمه الله هذا بناء على صحة الحديث والحديث رواه الحاكم كما قلت وقال صحيح على شرطيهما ولم يخرجاه على شرطيهما البخاري ومسلم ولم يخرجاه معناها لم يذكراها في الصحيحين هذا على صحة الحديث وقلت رواه أحمد في المسند رواه البيهقي في السنن لكن قال الألباني رحمه الله : " إن الحديث ضعيف " وأغرب منه قال العلامة أحمد محمد شاكر محقق كتاب المسند قال : " إن الحديث موضوع لا أصل له " وهذا صعب أن يقال لكني لم أطلع إلى الآن على نص كلامه لكن كلامه مثبت في مكان آخر. والحق أن المتن يؤيد قول أحمد محمد شاكر رحمه الله لأن الحديث فيه إن النبي صلى الله عليه وسلم مات ولم يبين لنا هل هما سورة أو سورتان هذا صعب أن يقال . فمتن الحديث يساعد على قول العلامة أحمد محمد شاكر أن الحديث لا أصل له وقلت إن الألباني رحمه الله يقول إن الحديث ضعيف أما من رأى صحة الحديث من العلماء الترمذي حسنه أخذ به وذهب إلى أنه ما دام حسنه فهو صحيح عنده والأثر مقدم على العقل مقدم الأثر على الرأي عند كثيرين فلذلك اختار الشنقيطي رحمه الله القول بأن أظهر الأقوال هو هذا القول المحكي عن عثمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه.


القول الثالث:

مروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه وعن سفيان بن عينيه المحدث المشهور وهذا القول هو الذي عليه أكثر العلماء وهو الذي نراه ونرجحه ونختاره والله أعلم، وهو أن سورة براءة نزلت بالسيف و{بسم الله الرَّّحمن الرَّحيم } فيها أمان ورحمه والأمان والرحمة لا يتفق مع السيف وسورة براءة نزلت بالسيف والبراءة من أهل الإشراك وقوة الحجة على المنافقين . هذا مجمل الأقوال الثلاثة التي ذكرها العلماء رحمهم الله في قضية لماذا لم تصدر سورة براءة بقول الرب جل وعلا : {بسم الله الرَّّحمن الرَّحيم } وخلاف العلماء في بقية الأقوال يجب أن لا ينظر فيها لأنها بعيده جدا فيما نحسبه عن الصواب والله تعالى أعلم.


نعود للسورة قبل أن نذكرها تفسير تفصيلي نقول :

هذه السورة من أسمائها سورة الفاضحة وهذا مروي عن ابن عباس لأنها فضحت أحوال أهل النفاق وقد قال سعيد بن جبير تلميذ ابن عباس أحد مشاهير التابعين خرج على الخليفة عبد الملك بن مروان فقتله الحجاج بن يوسف بأمر من عبد الملك بن مروان في فتنة عبد الرحمن بن الأشعث طبعا أنا أؤكد على من هم المفسرون وأذكر طرفا من أخبارهم لأنك تدرس تفسير فينبغي أن تعرف الأحاديث المعينة في التفسير والعلماء الذين تصدروا أهل التفسير وسعيد بن جبير هذا عرض القرآن على ابن عباس من أوله إلى آخره ثلاث مرات يستوقفه عند كل آية ولما قتل الحجاج سعيد بن جبير بعد ذلك بسنين قال الإمام أحمد رحمه الله : " قتل الحجاج سعيدا وما من أحد من أهل الأرض إلا وهو مفتقر إلى علم سعيد " . وقلنا إن سبب قتل الحجاج لسعيد بن جبير أنه خرج مع عبد الرحمن بن الأشعث على عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي المعروف الذي يعنينا أن سعيد بن جبير يقول : "  سألت ابن عباس عن سورة براءة فقال : هي الفاضحة ما زال ينزل ومنهم... ومنهم... ومنهم... يعني يذكر الله فيها المنافقين { وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ..} إلى آخر الآيات فما زال ينزل ومنهم ومنهم حتى خفنا ألا تدع أحدا منهم فلذلك سميت بالفاضحة " لأنها فضحت أحوال أهل النفاق عياذا بالله هذا ما يتعلق بتسمية السورة وقد أوصل الزمخشري رحمه الله في كتابه أوصل عدد أسماء السورة إلى أربعة عشر قلت في كتابه الكشاف .

وقلنا إن الزمخشري عالم لغوي شهير لكن عقيدته عقيدة المعتزلة فالزمخشري من مشاهير المعتزلة جار الله الزمخشري رحمه الله وعفا عنه من مشاهير المعتزلة ودافع عن مذهبهم دفاعا صلبا وإن كان من أفذاذ العلماء في اللغة والذي يعنينا الآن الرجل مات وأفضى إلى ما قدم الذي يعنينا العلم وقد ذكر أربعة عشر اسما للسورة لكنها كلها يدور في فلك واحد كلها يدور حول قول سعيد ابن جبير إنها الفاضحة .

قال الله فيها :
{بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ} يوجد مُتَبَرِئْ ويوجد مُتَبَرَأْ منه فمن المُتَبَرِئْ؟ الله ورسوله من :{الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ} .

البراءة :
الانفكاك والتخلص من الشيء ولا تكون البراءة من شيء إلا إذا كنت لا تريده بالكلية وهي أعظم صفات الانفكاك من الأشياء فأنت لو تعاملت مع أحد وأخذت صك براءة فلا يستطيع خصمك أن يطالبك بأي شيء لا نفكاكك تماما عنه فالله جل وعلا يقول لنبيه أن يقول للناس ,
هذه طبعا براءة : خبر لمبتدأ محذوف تقديره : " هذه براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين " .


النبي عليه الصلاة والسلام كان الناس حوله ثلاثة أقسام :
أهل الحرب:
الذين يحاربونه والذين ما زال بينهم وبينه حروب.
وأهل العهد:
الذين في الأصل هم محاربون لكن يوجد عهد لمده معينه.
وأهل الذمة:
غير مسلمين يعيشون تحت حكم المسلمين، كاليهود الذين كانوا أفرادا في المدينة هؤلاء يسمون أهل ذمه.

الخطاب هنا ليس موجها لا لأهل الحرب ولا لأهل الذمة موجه لأهل العهد {بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ } هذه البراءة فيها
{ فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} .


معنى الآية يا أخي :
أن من كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد أو لم يكن بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد فقد جعل الله لهم أربعة أشهر هذه الأربعة الأشهر حرم الله فيها على المسلمين قتال أهل الإشراك هذه الأربعة الأشهر حرم الله فيها على المسلمين قتال أهل الإشراك قال لهم :{ فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ} الخطاب للمشركين سيحوا في الأرض أي اقبلوا وادبروا سافروا اغدوا روحوا اذهبوا كيفما شئتم لن ينالكم أذى من المسلمين هذا بأمر من الله لكن بعد الأربعة أشهر ينتهي الأمان .

{ فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ }
ثم قال الله جل وعلا : {وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ}أي وإن أذن الله قدرا وشرعا أن تبقوا أربعة أشهر تسيحون في الأرض إلا أن ذلك لا يعني أبدا خروجكم وانفكاككم عن سلطان الله لأن هذا العطاء من الله أصلا لا يعني خروجكم وانفكاككم عن سلطان الله { وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} الخزي في الكافرين واقع لامحاله في الدنيا والآخرة . واقع في الدنيا بالحرب والقتل والأسر وبما يقع فيه من التعذيب والنكال. ويقع في الآخرة قطعا بشيء واحد هو عذاب النار .

هذه الآية
{ فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } : 
يجب أن تعلم أن المخاطب بها المشركين لذلك لا يجوز نزع الآية من سياقها والاحتجاج به وقد قرأت مرة لأحدهم يكتب عن السياحة وعلى أنه يجوز للمؤمن السياحة مطلقا في أي ديار فقال فإن السياحة مباحة قال الله جل وعلا :{فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ}وهذا إخراج النص من سياقه ووضعه في موضع غير موضعه هذا{فَسِيحُواْ فِي الأَرْض}المخاطب بها المشركون والمقصود أنه لكم أمان من الله أن تبقوا في الأرض أربعة أشهر أعطاكم الله إياها حتى يراجع المرء منهم حسابه ويتدبر في أمره ربما يفيء إلى أمر الله بعد ذلك ينتهي الأمان الذي أعطاهم الله جل وعلا لهم
:{فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} .

ثم قال الله جل وعلا :
{وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}

الأذان في اللغة :
هو الإعلام ، هذا الأذان الذي تولاه علي ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه . النبي صلى الله عليه وسلم قدمنا أنه بعث أميرا على الحج أبو بكر رضي الله عنه فلما وصل أبو بكر إلى ذو الحليفة بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعده علياً وأبو بكر حج بالناس وهو على ناقة النبي صلى الله عليه وسلم العظباء أميرا على الحج في العام التاسع فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم مقدمة سورة براءة أعطاها لعلي فأخذها علي حتى لحق بأبي بكر لذي الحليفة المسماة اليوم : " بأبيار علي " طبعا لا علاقة لعلي بها وإنما التسمية هذه جاءت متأخرة أما على عهد الصحابة والتابعين لم تسمى بأبيار علي وإنما هذه سميت متأخرة للرجل اسمه علي مجهول لا يعرف لكنها مذكورة في التاريخ القديم الذي يعنينا وصل علي إلى أبي بكر فقال أبو بكر لعلي وهذا من أدب الصحابة بعضهم مع بعض قال له : " أمير أو مأمور " فقال علي رضي الله عنه : " بل مأمور " .

هذه البراءة لما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتبرأ من أهل الإشراك وأن يبين حاله مع مشركي العرب، والإسلام دين واضح لا خداع فيه ولا تمويه لما أمر الله نبيه أن يفعل هذا جرت العادة أن مثل هذه الأمور لا يبلغها إلا الرجل بنفسه أو رجل من عصبته ولا شك أنه من حيث القرابة والعصبة واللصوق بالنبي صلى الله عليه وسلم فإن عليا أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أبي بكر من حيث العصبة والقرابة واللصوق بالنبي صلى الله عليه وسلم علي أقرب من أبي بكر وإن كان أبو بكر أفضل من علي قطعا لكن علياً ألصق بالنبي صلى الله عليه وسلم من أبي بكر بل ألصق بالنبي صلى الله عليه وسلم من كل أحد لأنه زوج ابنته وتربى في حجره وابن عمه وقد قال الإمام أحمد رحمه الله لم يجمع لأحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الخصائص ما جمع لعلي وهو الذي تولى غسله عليه الصلاة والسلام فالصحابة الذين من آل البيت كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم أيام وفاته كانوا إما يحملونه صلى الله عليه وسلم يعني العباس كان مسند يده ظهر النبي صلى الله عليه وسلم عليه وأسامة كان يسكب الماء لكن الذي كان يباشر الماء علي رضي الله عنه ولما نزلوا في حفرته عليه الصلاة والسلام كان علي من باشر دفنه صلوات الله وسلامه عليه فعلي من حيث القرابة ألصق بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم من كل رجل وإن كان العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وله مزية لكن تأخر إسلام العباس جعل لعلي تلك المنزلة . فالرسول صلى الله عليه وسلم حتى يبين للعرب الذين لهم أعراف وعادات يحكمها النظام القبلي القديم أبقاه النبي صلى الله عليه وسلم وبعث عليا بفواتح سورة براءة مع أبي بكر رضي الله تعالى عنه فكان الأمير هو أبو بكر رضي الله عنه وإنما تبليغ البراءة مسند إلى علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه الله يقول : {وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ }الآن لم يقل الله ما هو الآذان ما هو الإعلام {إِلَى النَّاسِ} ذكر الله الزمن تشويقا
{يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ}.


واختلف العلماء رحمهم الله بما هو المقصود بيوم الحج الأكبر على أقوال:

لكن هذه الأقوال تزدحم أخيرا في قولين وقلنا دائما من قواعد العلم ضيق المسافات حتى تصل إلى قمة الهرم فذكرت أقوال عده تضيق منها من قال : أنه يوم عرفه وهو منقول عن كثير من الصحابة أنه يوم عرفة والذي عليه أكثر العلماء وأهل التحقيق أنه يوم النحر وسمي يوم الحج الأكبر لأنه لا تجتمع أعمال الحج في يوم كما تجتمع في يوم النحر والذي يظهر والله أعلم أنه يوم الحج الأكبر هو يوم النحر الآن إلى هنا لم يقل الله ما هو الأذان قال الله سبحانه : {وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} والغاية المجملة من الآية براءة الرب جل وعلا ورسوله صلى الله عليه وسلم من أهل الإشراك وهذا يدل على أنه ليس بين المؤمن والمشرك أي عقد من الولاية وبين كل مؤمن ومؤمن عقد من الولاية بأصل الإيمان فمهما اختلفت اللغات والجنسيات وتباعد الديار وما أحدثه الاستعمار من فرقه إلا أن الله جل وعلا يقول : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } . فأنت ومن في أقصى الشرق أو في أقصى الغرب إخوان في الملة والدين ولو أن أخاك لأمك وأبيك لا قدر الله كان كافرا فليس بينك وبينه أي ولاية لا ترثه ولا يرثك وليس بينك وبينه أي ولاية والله يقول عن إمام الحنفاء إبراهيم { فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ} أي أن أباه {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ }والمقصود من هذا أن الله جمع المؤمنين بتوحيده وخالف بينهم وبين أهل الإشراك لأنهم أشركوا .


فقال الله جل وعلا :
{وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } هذه البراءة لم يكن وحدها التي ذهب بها علي وإنما أمر علي أن ينادي في الناس بأربعة أمور:
أولها:
أن لا يطوف بالبيت عريان وكانت قريش تسمي نفسها الحمس ويقولون لمن يقدم عليهم من خارج مكة لا يجوز لك أن تطوف في ثياب فأنت واحد من أمرين : إما أن تشتري ثوبا قرشيا أو تأخذ ثوبا من أحد قريش أو أن تطوف عريانا فكان الناس بعضهم يطوف عراة على فقه قريش فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا أن ينادي بألا يطوف بالبيت عريان .
الثانية:
أن لا يدخلن مكة بعد هذا العام مشرك وهذه قالها الله في كتابه :{ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا } فلا يقرب المسجد الحرام مشرك.
والأمر الثالث:
من كان له عهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعهده إلى مدته.
والأمر الرابع:
أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنه ـ ختم الله لنا ولكم بالإيمان وأدخلنا الله وإياكم الجنة ـ هذه هي التي أذن بها علي رضي الله تعالى عنه في الحج {وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } .

نأتي عند
{ وَرَسُولِهِ } الواو هنا تحتمل احتمالين:
الاحتمال الأول:
أن تكون عاطفة.
والاحتمال الذي عليه القراءة اليوم:
وهي أن تكون استئنافيه .

 فإن كانت عاطفة فلها كم احتمال من حيث التصور ؟ احتمالان :

الاحتمال الأول:
والاعتقاد به كفر أن يقرأها القارئ {وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسولِه }  فتعطف الرسول على المشركين فيصبح معنى الآية في غير القرآن أن الله متبرئ من المشركين ومتبرئ من رسوله وقد قرأها أعرابي بهذه الصورة سمع رجلا يلحن ما يعرف قواعد اللغة وعنده أعرابي والأعرابي قليل الفقه فالرجل العامي يقرأ:{ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسولِه } فقال الأعرابي: برئت من رسول الله برئت ممن برئ الله منه هذا من أحد أسباب قيام علم النحو فإن أبا الأسود الدولي يقولون : إنه لما سمع هذا الأعرابي ذهب إلى علي رضي اله عنه وأخبره الخبر فقال له : " انحُ للناس نحوا " فصنع علم النحو طبعا هذه لا يقولها مسلم إلا جهلا ولا تجد مسلما يعتقدها أو يقولها هذا الاحتمال الأول من حيث النحو لكنه لا يمكن أن يقع  شرعا.
الأمر الثاني:
أن تكون رسوله معطوفه على لفظ الجلالة فتؤتى بالنصب فيصبح المعنى {أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولَه} فتصبح معطوفة على لفظ الجلالة والمعنى هنا يستقيم وبه قراءة.

الحالة الثالثة :
{أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ }وتقف وتأتي الواو استئنافيه كلام جديد والمعنى : ورسوله كذلك بريء من المشركين. وهنا الواو تسمى واو استئنافيه وحق الاسم هنا أن يرفع لأن ما بعد واو الإستئنافيه يعرب مبتدأ .
{أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ }
والخطاب للمشركين{وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } .

ثم قال الله جل علا :
{فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ } هذه الآية قبل أن أفصل فيها تسمى آية السيف.طبعا عرفنا أنه فيه سور من القرآن لها أسماء لكن ينبغي أن تعلم أن هناك آيات من القرآن لها أسماء .

وأنا سأراجع اليوم معكم أربع من آيات القرآن المسماة :
أشهر آية في القرآن مسماه هي :
آية الكرسي وهي قول الله جل وعلا {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} الآية الخامسة والخمسون بعد المائتين من سورة البقرة .

ثم بالترتيب :
ـ الآية الثانية :
آية الدين أو آية المداينة اسم واحد وهي الآية الثانية والثمانون بعد المائتين من سورة البقرة {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ..}إلى آخر الآية.
ـ والآية الثالثة :
آية المباهلة الواحدة والستون أو الثالثة والستون من سورة آل عمران {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ *الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ }آية المباهلة{ فمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}.هذه آية المباهلة.
ـ الآية الرابعة :
هي آية السيف وهي الآية الخامسة من سورة براءة .

سميت آية السيف لأن الله أمر فيها بالقتال وقال بعض العلماء : " إن هذه الآية ناسخة لكل ما في القرآن من أمور الكف والإعراض " الله يقول : {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ} وقال جل وعلا :{فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا }وأمر نبيه بالصبر لكن قالوا هذه الآية ناسخه لكل ذلك وقال بعضهم إن آية سورة محمد {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء}ناسخه لآية السيف . وقال آخرون : " إن آية السيف ناسخه لسورة محمد " والحق أن لا أحدهما تنسخ الأخرى . وإنما العمل بها جميعا وكل منها توضع في موضعها الذي سيظهر في سياق الكلام .

الذي يعنينا أن هذه الآية اسمها آية السيف وهي الآية الخامسة من سورة التوبة.


قال الله تعالى :
{ فَإِذَا َ انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ } :
انسلخت / يعني مرت وانتهت.

لكن ما هي الأشهر الحرم؟

تحتمل معنيين : الأشهر الحرم التي في الذهن " ذي القعدة ـ وذو الحجة ـ ومحرم ـ ثلاثة سرد وواحد فرد ـ  رجب " .
واللفظ الآن يعود على { فَإِذَا َ انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ } الأربعة الأشهر التي مرت معنا { فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } فالعودة إلى المذكور أفضل أو العودة إلى المقدر . فنعيد هذه الأربعة إلى قول الله جل وعلا {فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} من أين أخذت كلمة حرم؟ هو الذي حرم فيها على المسلمين قتال المشركين من هذا المعنى أخذت كلمة
{ الْحُرُمُ }.


{فَإِذَا َ انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ }
ربنا يقول{ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } من هنا أخذ العلماء أن هذه الآية اسمها آية السيف لكن يوجد في القرآن ـ وأنا قلت أكلم طلبة علم وأنا أعلم أن أقوالي هذه تصل إلى غيرنا فأنا أُسس علميا ـ يوجد في القرآن عام وخاص ويوجد في القرآن ناسخ ومنسوخ وبينهما فرق دقيق لا يظهر إلا في التطبيق لكن عموما النسخ لايقع في الأخبار ويقع التخصيص في الأخبار ، النسخ يقع في الشرائع لكن التخصيص لايقع بين شريعة وأخرى هذا من حيث الإجمال.

من حيث التفصيل:

العام له ألفاظ من أشهر ألفاظه أم الباب هي " كل " . كلمة "كل"من أعظم ألفاظ العموم في القرآن وهي أم الباب يتبعها أدوات الشرط " من " ويتبعها بعد ذلك الأسماء الموصولة" الذي " ثم المضاف إلى معرفة . أمور طويلة دعونا في الثلاث الأوائل.


أما التخصيص فيقع على قسمين:
يقع مخصص متصل . ومخصص منفصل.

سأضرب مثال على المخصص المتصل والمخصص المنفصل سنأخذه في آية السيف :
المخصص المتصل :
ـ ستفهم جيدا يعني ليس الأمر بالصعوبة ـ الله يقول : {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ}هذه " كل " من ألفاظ العموم لكن هذا العموم خصص بقول الله تبارك وتعالى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} فوجه الله ـ تعالى الله  عما يقول الظالمون ـ ليس بهالك لأن الآية خصصته من كلمة " كل " خرج منها بحرف الاستثناء " إلا " استثني وجه الله تبارك وتعالى . فالاستثناء طريقه من طرائق التخصيص . فكل من ألفاظ العموم وخصص وجه الله جل وعلا من ألفاظ العموم هذا التخصيص وقع كله في آية واحدة لذلك اسماه العلماء تخصيص متصل لماذا أسموه تخصيص متصل ؟ لأنه وقع في آية واحدة " كل " من ألفاظ العموم {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} فقول ربنا جلت قدرته {إِلَّا وَجْهَهُ} هذا تخصيص .تخصيص من أي العموم؟ من قوله{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ} فكل من ألفاظ العموم وهذا يسمى تخصيص متصل .

المخصص المنفصل
: هو الذي بين أيدينا الآن نأخذ آية السيف يقول الرب جل وعلا : { فَإِذَا َ انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ  فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } سأبدأ من النهاية {حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ }يدل عمومه على أن المشرك يقتل في أي مكان .لأن ربنا يقول {حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } لكن هذا الكلام لايصح هذه الآية مخصصة بآية أخرى أنه توجد أمكنه لا يجوز قتل المشرك فيها في الحرم المكي الله يقول : { وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ }.

إذا كيف يجمع مابين الآيتين ؟

أن يقال إن آية التوبة عامه وآية البقرة مخصصة لعموم آية التوبة . وآية البقرة مخصصة لعموم آية التوبة فالمشرك يجوز قتله في أي مكان إذا لم يكن هناك عهد أو لم يكن هناك ذمه يجوز قتله حيث وجدناه إن لم يكن له عهد ولا ذمه ولا ميثاق إلا في المسجد الحرام فلو جاء إنسان وقتل أحدا في المسجد الحرام وقال إن الله يقول :{ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} قلنا له إن هذه الآية العامة خصصت بقول الرب جل وعلا :{ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ }. هذا تخصيص مكان.

نرجع قليلا الله جل وعلا يقول : { فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ } تعم كل مشرك لكن هل يجوز قتل كل مشرك؟ هنا مخصصه بالسنة لا يجوز قتل النساء ولا يجوز قتل الرهبان ولا يجوز قتل الأطفال . إذا العموم الذي وجد هنا في قوله جل وعلا{ الْمُشْرِكِينَ }خصصته السنة فأخرجت السنة النساء وأخرجت الأطفال وأخرجت الرهبان وفي رواية أخرجت الشيخ الكبير الهرم إن لم يكن له دور في المعركة أما إن كان له دور حيث أنه مدبر أو مفكر أو مخطط للمعركة فيجوز قتله ولو كان شيخا فانيا مثل دريد بن الصمه : دريد بن الصمه كان شيخا كبيرا فانيا وكان ذا عقل وتدبير وهو أحد فرسان العرب أدرك الطائف وهو كبير لكن العرب ـ عفا الله عنا وعنهم ـ فيهم أنفه كانوا مقدمين رجلا يقال له مالك أو كعب زعيم للمعركة ودريد أشد خبره من مالك هذا فلما أعمى يقودوه في المعركة وهو أعمى يتحسس الأرض ويسأل أين نحن؟ قالوا أنت في ديار كذا قال ماهي ديار حرب ما تصلح أخرجوا بعدوا شيلوا حطوا فخاف الزعيم والدنيا سبحان الله خاف الزعيم من نفس القبيلة أن يأخذ دريد الأمر عنه فما أراد أن يكون لدريد فيها نصيب فجاب السيف ووضعه على يده يعني وضع السيف وجعل نصل السيف قائم وثنى بطنه على السيف وقال إن لم تطعني هوازن قتلت نفسي يريد أن يخرج منها دريد بالكلية فهوازن كانت متعاطفة معه القبيلة قالوا لا خلاص أنت الزعيم والذي تقوله هو الذي يمضي لن نأخذ برأي دريد فرفع نفسه عن السيف ووقعت الهزيمة عليه وكان رأي دريد أشد صوابا لكنه لم تأخذ به العرب. وهو القائل المثل المشهور:

وهلْ أنَا إِلا مِن غَزِيةُ إِن غَوتْ *** غَوَيتُ وإنْ تَرْشُد غَزيةُ أَرْشُد.

هذا دريد بن الصمه قتله المسلمون وهو شيخ كبير لأنه كان يخطط وله دور في المعركة أما الشيخ الكبير الذي ليس له يد في المعارك فهذا يترك .

نعود للآية :
قلنا إن هذا تخصيص فالله يقول {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ } وهذا كله أمر بتضيق الخناق عليهم.

ثم قال الله جل وعلا :
{فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.
هذه الآية استدل بها بعض العلماء:
على أن تارك الصلاة كافر .

وحجة من قال بهذا قالوا :
إن الله ذكر ثلاثة أسباب هي العودة من الشرك وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. وقالوا إن إيتاء الزكاة خرج بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : ( ثم ينظر في سبيله تارك الزكاة هل هو إلى الجنة أو إلى نار) ويبقى تارك الصلاة والإشراك صاحب الشرك على حاله. وهذا رأي جيد وإن كان هذا ليس محل تفصيله لكن أنا أذكره لمناسبة الآية {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .

ثم قال سبحانه :
{وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ }بعد أن ذكر الله جل وعلا لنبيه كيفية التعامل مع أهل الإشراك قال له :{وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ } طلب أن تجيره أن يلجأ إليك فالله يأمر نبيه أن يقبل تلك الإجارة وأن يجير ذلك لسبب عظيم وهو :{ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ } فإذا سمع كلام الله وما في كلام الله من وعد ووعيد وثواب وعقاب ربما كان ذلك سبب في إسلامه بدليل أن الله قال بعدها :{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ}. الذي ينبغي أن تفهمه من الآية أن تفهم أن أهل الكفر وإن كان الكفر ملة واحدة لكن الكفار تختلف أسباب كفرهم فمنهم كافر عنادا ومنهم من هو كافر جهلا لو قدر له أن يسمع كلام الله لكان ذلك سببا في إيمانه فالله يقول لنبيه :{حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ} وهذا دلاله على أن المؤمن واثق من الدين الذي يدعوا له فينبغي أن نحرص على أن نسمع من كان علته الجهل أن نسمعه كلام الله وهذا يوجد لما في بلادنا مايسمى " بتوعية الجاليات " هذا أمر محمود لأن كثيرا من الناس لمن يأتون لهذه البلاد بغير قصد الإسلام فإذا اختلطوا بالناس ورأوا الإسلام كان ذلك سببا في إسلامهم وقد يأتي إنسان يريد أن يكون لاعب كرة فيحتك بالمسلمين هنا ثم يرى عظمة الإسلام فإذا تلي عليه القرآن يصبح ذلك سببا في إسلامه كذلك ما يقال على حال الأفراد يقال على حال الأمم والدول فليست كل دول الكفر السبب في كفرها شيء واحد وإنما تختلف اختلاف واضح فمنها من هو محارب للإسلام عقيدة ،ومنهم من هو محارب للإسلام عملا، ومنهم من يحارب الإسلام لمصلحة ومنهم من لا مصلحه له في حرب الإسلام فلا يحارب الإسلام فيجب أن نتعامل مع أهل الكفر بحسب أصل كفرهم أو بحسب سبب كفرهم .

مثلا قبل يومين ـ هذا الدرس قبل أكثر من ثلاث سنوات ـ وزيرة التربية والتعليم في الدنمرك أعلنت أنها قررت تطبيق تدريس القرآن الكريم في مراحل التعليم العام في الدنمرك من دون أي ضغط دولي إسلامي هذا من أعظم الفتوح في عالم الإسلام اليوم ولما جاءت المعارضة واحتجت عليها في بلادها على أنها قررت تدريس القرآن قالت: " إن الكثير من الدنمركيين مسلمين ـ وأنا قلت أن كلمة كثير لا تعني الأكثر لا تعني الغلبة يوجد مسلمون دنمركيون ـ وأصحاب لهم من الدنمركيين العاديين غير مسلمين فنريد منهم أن يتعرفوا على الإسلام وهذه حضارات لا يوجد شيء يمنعها " فهذا الفكر العلماني هنا خدم الإسلام بما يسمى سياسيا تقاطع المصالح فيجب أن ينظر من يدعوا إلى الله ينظر إلى حال أهل الكفر فليس أهل الكفر وإن كان الكفر ملة واحده ليس حالهم في معاداة الإسلام على حال واحدة على حال سواء بل يوجد بينهم أمور عظيمه من الخلافات فينبغي للعاقل أن يوطن نفسه كيف يدعوا إلى الله مستشهدا بالآية {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ} قال العلماء : " ربما كان سبب كفره الجهل فإذا رفع عنهم  الجهل دخل في دين الله تبارك وتعالى " أو دخل في الإسلام بتعبير أوضح.

المقصود من هذا أن الإنسان يفرق ما بين من يدعوهم في تعامله مع الأفراد تعامله مع الأمم تعامله مع الدول بنص القرآن.


الآية فيها دليل كذلك واضح على أن القرآن كلام الله وفيه رد عقدي على المعتزلة
:
الذين يقولون إن القرآن مخلوق وغير منزل والله جل وعلا قال :{ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ } فأضاف كلمة{ كَلاَمَ }إلى لفظ الجلالة وهو ما يسمى بإضافة صفة إلى موصوف فالله جل وعلا من صفاته تبارك وتعالى أنه يتكلم بما شاء متى شاء له جل وعلا الأمر كله وهذا من أدلة أهل السنة . وأدلتهم كثيرة على أن القرآن منزل غير مخلوق والآية من حيث قواعد اللغة { إِنْ } هذه شرطيه  { أَحَدٌ } مبتدأ وقلنا مرارا هذه جمل شرطيه { فَأَجِرْهُ } الفاء واقعة في جواب الشرط وسبب وقوعها أنها مبدوءة بفعل أمر.

هذا ما أردت بيانه في هذا اللقاء وأنا أكثرت فيه من الناحية العلمية لكن كما قلت المقصود أن يخرج من هذه الحلقة من يحمل تفسير كلام الله جل وعلا إلى غيره وليس المقصود الوعظ على وجه الخصوص وإن كانت ستأتي آيات خاصة بالوعظ نعرج عندها ونطيل أكثر من اليوم لكن أنا جرت العادة حتى وأنا أدرس في الكلية أن أول المحاضرات تكون أقل وآخر المحاضرات تكون أقل وهذا عين السنة. النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين ويختم بركعة واحدة ويجعل الإطالة في الوسط ولن تجد هديا أعظم من هدي محمد صلى الله عليه وسلم وأنا كنت أصرف الطلاب في آخر العام وأذهب للوكيل وأقول له هذه السنة لن تكون آخر حصة كمثل أوسط الحصص آخر العام يأخذ كلمتين مراجعة ويمشون وكذلك بداية العام وهذا الله يقول على لسان نبيه
:{وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً} .  

هذا وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.
 

 صالح المغامسي
  • تأملات قرآنية
  • السيرة النبوية
  • مجمع البحرين
  • آيات وعظات
  • مشاركات إعلامية
  • خطب
  • رمضانيات
  • فوائد ودرر
  • صوتيات
  • الصفحة الرئيسية