صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







دراسة لكتاب القواعد في الفقه
للإمام الحافظ عبدالرحمن بن رجب الحنبلي

عامر بن عيسى اللهو

 
1) عنـوان الكتاب :
اختلفت مسميات هذا الكتاب نظراً لأن مؤلفه عليه رحمة الله لم ينص على تسميته في مقدمة كتابه كعادة بعض المؤلفين ومن أكثر الأسماء انتشاراً لهذا الكتاب (القواعد في الفقه الإسلامي) كما هو في اسم الطبعة التي حققها الشيخ حامد الفقي. إلا أن الإمام ابن رجب رحمه الله قد ذكر اسم هذا الكتاب في مؤلفاته الأخرى فقد ذكر في مواضع من كتابه ( فتح الباري شرح صحيح البخاري ) الكتاب باسم ( القواعد في الفقه ) في 3/456 ، وفي 4/143 ، وفي 5/284 ، وفي 6/513 . مما يدل على أن لهذه التسمية تأكيداً عند الحافظ رحمه الله .
إلا أننا نجد بعض محققي هذا الكتاب يذكرون أن النسخة الخطية على طرّتها اسم ( تقرير القواعد وتحرير الفوائد ) كما ذكر ذلك الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان وقال : سماه بهذا الاسم غير واحد من المعاصرين منهم : الشيخ بكر أبو زيد في كتابه ( المدخل المفصّل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل ) والدكتور محمد صدقي البورنو في كتابه ( الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية ).

2) المؤلف ونسبة الكتاب إليه :

مؤلِف الكتاب هو الإمام الحافظ أبو الفرج زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي رحمه الله رحمة واسعة ولد في بغداد سنة 736 هـ ورحل في طلب العلم إلى مصر ومكة والشام التي حطّ بها عصا ترحاله إلى أن توفي بها رحمه الله سنة 795 هـ .
وأما نسبة الكتاب إليه فقد ذكرنا أن الإمام ابن رجب رحمه الله كان يذكر هذا المؤلف في ثنايا مؤلفاته الأخرى وهذا من أقوى ما يؤيد نسبة الكتاب إلى مؤلفه فقد قال مثلاً في 5/284 من كتابه ( فتح الباري في باب ما جاء في الثوم النيئ والبصل والكراث : وقد اختلف أصحابنا الفقهاء فيما يتكرر حمله من أصول الخضروات ونحوهما : هل هو ملتحق بالشجر ، أو بالزرع ؟ وفيه وجهان ، ينبني عليهما مسائل متعددة ، قد ذكرناها في ((كتاب القواعد في الفقه )) .
ومما يؤكد نسبة الكتاب إلى الحافظ أبضاً نسبة جمع من الأعلام الكتاب إلى الحافظ رحمه الله فقد ذكره غير واحد من الأئمة والمؤلفين من ذلك ابن حجر العسقلاني في ( الدرر الكامنة ) 2/322 ويوسف بن عبد الهادي في ( الجوهر النضيد ) ص 49 وحاجي خليفة في ( كشف الظنون ) 2/1359 . وغيرهم .

3) ما قيل في الكتاب :

في الحقيقة إنّ كل من نظر في كتاب الإمام ابن رجب يمدح الكتاب لحسن جمعه وترتيبه وشموله رغم إن الإمام رحمه الله يُقرّ أنه قد ألّفه على غاية من الإعجال كالارتجال أو قريباً من الارتجال في أيام يسيرة وليال !! مما يدل على رسوخ هذا العَلَم في العِلم وتمكنه منه، ولا غرابة فهؤلاء هم سلفنا الصالح قد شُغفوا بالعلم وطلبه حتى صاروا أئمة يُستنارُ بهم ويُنهل من علمهم .
فممن مدح هذا الكتاب الشيخ يوسف بن عبد الهادي الحنبلي رحمه الله ( ت 909 هـ ) حيث قال : وكتاب القواعد الفقهية مجلد كبير وهو كتاب نافع من عجائب الدهر حتى أنه استُكثر عليه حتى زعم بعضهم أنه وَجَدَ قواعد مُبدَّدةً لشيخ الإسلام ابن تيمية فجمعها، وليس الأمر كذلك بل كان رحمه الله فوق ذلك . ( الجوهر النضيد في طبقات متأخري أصحاب أحمد ص49 ).
وقال عنه الأستاذ مصطفى الزرقا : وهو كتاب عظيم القيمة يحمل من الثروة الفقهية ما يجل عن الوصف . ( المدخل الفقهي العام 2/976 )

4) منهج المؤلف :

إن المتأمل لكتاب ابن رجب رحمه الله يجد قسَّم كتابه هذا إلى قسمين كبيرين:
القسم الأول: ذكر فيه القواعد، وقد بلغت مائة وستين قاعدة.
والقسم الثاني: ذكر فيه الفوائد وقد بلغت إحدى وعشرين فائدة.
- وقد اهتم في قواعده بذكر الخلاف داخل المذهب، وتفصيل الروايات والأوجه فيها، كما اهتم بضبط القواعد حتى لا يوجد لها محترزات، بل تكون القاعدة جامعة مانعة.
- ثم إنه رحمه الله تعالى رتب قواعده حسب الترتيب الفقهي، حيث بدأ بقاعدتين في الطهارة، ثم بدأ بقواعد في العبادات، ثم في المعاملات ثم في الجنايات ثم في الأحوال الشخصية ثم جاء بقاعدة القرعة، وهي قاعدة شاملة لا يخلو منها باب من أبواب الفقه وهذا في العموم الغالب.
- وكما فعل بالقواعد فعل أيضاً في الفوائد حيث بدأ بفوائد متعلقة بالعبادات، ثم بالمعاملات ونحو ذلك .
- رتب رحمه الله الفروع الفقهية حسب الترتيب الفقهي، وهذه سمة بارزة حيث يبدأ بالفروع المتقدمة حسب أبواب الفقه، ثم التي بعدها وهكذا .
- تختلف قواعد ابن رجب وفوائده من حيث الإطناب والاختصار، وكثرة الفروع وقلَّتها من قاعدة لقاعدة .
- من منهج ابن رجب أنه قصر الحديث في قواعده وفوائده والفروع المندرجة تحتها على المذهب الحنبلي حيث عرضها والخلاف فيها وفق ما هو مقرر في هذا المذهب فقط .

موقع الكتـاب وأهميته :

يُعد كتاب ابن رجب هذا من الكتب المعتمدة في الفقه الحنبلي وخصوصا عند الاختلاف في المذهب يقول العلامة علاء الدين المرداوي في كتابه الإنصاف : وإن كان الترجيح مختلفاً بين الأصحاب في مسائل متجاذبة، فالاعتماد في معرفة المذهب من ذلك على ما قاله المصنف والمجد والشارح وصاحب الفروع والقواعد الفقهية .. ثم قال : فإن اختلفوا فالمذهب ما قدّمه صاحب الفروع فيه في معظم مسائله، فإن أطلق الخلاف أو كان من غير المعظم الذي قدّمه، فالمذهب ما اتفق عليه الشيخان – أعني المصنف والمجد – أو وافق أحدهما الآخر في أحد اختياريه .. فإن اختلافا فالمذهب مع من وافقه صاحب القواعد الفقهية... إلى أن قال : فإن لم يكن لهما ولا لأحدهما في ذلك تصحيح فصاحب القواعد الفقهية ثم صاحب الوجيز .. إلخ
فنلاحظ كيف أن كتاب القواعد لابن رجب رحمه الله معوّل على ما فيه من تقريرات وقواعد ومسائل فقهية في المذهب الحنبلي وما ذاك إلا لكعب مؤلفه العالي في الإحاطة بفروع المذهب رحمه الله .

الملحوظات على الكتاب :

كأي كتاب لا يخلو من بعض الملحوظات ذلك أنها من تأليف البشر وما أجمل ما قاله الإمام ابن رجب رحمه الله نفسه في مقدمة كتابه هذا حيث قال : ويأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه ، والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه. نعم والله إنه لمغتفر ، وليس لمثلي أن يدوّن ملحوظات على مثل ابن رجب، فرحم الله رجلاً عرف قدر نفسه، ولكن عزائي أنه تنفيذ أمر واستجابة لطلب كريم، ثم أيضاً هي في الحقيقة ملحوظات قد تكون شكلية لا تقدح بعلم الإمام رحمه الله، فمن ذلك :
1) قد اصطلح أهل الفن على تقسيم القواعد الفقهية إلى قواعد وهي الأحكام الأغلبية وتندرج تحتها جزئيات كثيرة ، وإلى ضوابط وهي الجزئيات التي تختص بباب من أبواب الفقه وإن الناظر إلى كتاب ابن رجب رحمه الله لا يجد لهذا التقسيم أثراً فإنه يذكر في بعض الأحيان قاعدة كلية يندرج تحتها الكثير من الضوابط من مثل القاعدة الثالثة والثلاثين بعد المائة: يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، والرابعة والثلاثين بعد المائة:المنع أسهل من الرفع ، وفي بعض الأحيان يذكر ضوابط تخص باباً أو بابين أو ثلاثة مثل القاعدة العشرين : النماء المتولد من العين حكمه حكم الجزء، والمتولد من الكسب بخلافه. يقول الدكتور محمد البورنو في كتابه الوجيز : ذلك الخلط الناشئ عن عدم تحديد مجال كل من القاعدة والضابط نشأ عنه وجود عدد من القواعد والضوابط فاقت الحصر والعد حتى قال بعضهم : إن القواعد الفقهية في المذهب الحنبلي تصل إلى ثمانمائة قاعدة وهذه في الحقيقة أكثرها ضوابط عند التحديد . ( الوجيز ص 25 ).
2) مما يلاحظ أيضا في صياغة بعض القواعد الإطالة مما يخرجها عن صبغة القواعد المعروفة التي تصاغ بألفاظ محكمة وقليلة . مثل القاعدة الرابعة والأربعين ، والثالثة والخمسين ، والثانية والستين ، والتاسعة والستين ، وغيرها . وقد يغتفر للإمام ذلك لأنه أراد ضبط القاعدة بحيث تشمل جميع الفروع .
3) ومما يتعلق بالإطالة أيضا أنه أحياناً يُفصِّل في بعض الفروع ويطيل فيها تطويلاً كثيراً، مثل القاعدة التاسعة والسبعين والرابعة والثمانين والخامسة والثمانين والمائة والستين، في حين أنه يختصر في بعض القواعد اختصاراً شديداً مثل القاعدة السابعة والعشرين والرابعة والثلاثين والحادية والأربعين .
4) ذكر بعض الباحثين أن تقسيم الكتاب إلى قواعد، وفوائد ليس له سبب ظاهر لأن التقسيم لا يخلو مما يأتي :
1) أن القواعد ما اتفق عليها، والفوائد مختلف فيها،فقد وجد عنده كثير من القواعد المختلف فيها.
2) أن القواعد ما كانت أوسع وأكثر فروعاً، والفوائد ضد ذلك، وقد وجد في الكتاب بعض القواعد القصيرة جداً إذا قورنت بالفوائد.
3) أن القواعد ما كانت فروعها من أبواب مختلفة، والفوائد ما كانت فروعها من باب واحد، فقد وجد في القواعد ما يكون من باب واحد، ووجد في الفوائد ما تكون فروعها من أبواب متفرقة بل هي الأكثر.

هذا ما أردت بيانه حول هذا الكتاب العظيم في بابه والله أسأل أن يجزي مؤلفه خيراً وأن يجعله وباقي تآليفه من الآثار الباقية التي يجري بها الثواب وأن ينفعنا بعلمه وأن يرزقنا صحة القصد وحسن العمل وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،
 

إعداد / عامر بن عيسى اللهو
المدرس في كلية التربية – جامعة الدمام
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عامر بن عيسى اللهو
  • مقالات دعوية
  • كتب ورسائل
  • خطب
  • تأملات قرآنية
  • الصفحة الرئيسية