صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







كعب الأحبار المفترى عليه

عبدالله بن فهد الخليفي

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فهذا بحث أدفع فيه بعض الافتراءات على كعب الأحبار ، التي ذكرها أبورية في كتابه ( أضواء على السنة المحمدية ) ، وقلده بعد ذلك كثيرون ، وهو في الأساس أخذ عن محمد رشيد رضا وبعض المستشرقين ، وهؤلاء إنما أرادوا الطعن في السنة ، وذلك لأن جمعاً من الصحابة رووا عن كعب الأحبار واحترموه ، فأراد هؤلاء إظهار الصحابة في صورة السذج الذين خدعهم كعب
ثم نسبوا إلى الصحابة أنهم رووا عن كعب أموراً نسبت لاحقاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم :
قال المعلمي في الأنوار الكاشفة ص105 :" أقول: لكعب ترجمة في تهذيب التهذيب، وليس فيها عن أحد من المتقدمين توثيقه ، إنما فيها ثناء بعض الصحابة عليه بالعلم، وكان المزي علم عليه علامة الشيخين مع أنه إنما جرى ذكره في الصحيحين عرضاً لم يسند من طريقه شيء من الحديث فيهما. ولا
أعرف له رواية يحتاج إليها أهل العلم.. فأما ما كان يحكيه عن الكتب القديمة فليس بحجة عند أحد من المسلمين، وإن حكاه بعض السلف لمناسبته عنده لما ذكر في القرآن ، وبعد فليس كل ما نسب إلى كعب في الكتب بثابت عنه، فإن الكذابين من بعده قد نسبوا إليه أشياء كثيرة لم يقلها.
وما صح عنه من الأقوال ولم يوجد في كتب أهل الكتاب الآن ليس بحجة واضحة على كذبه. فإن كثيراً من كتبهم انقرضت نسخها ثم لم يزالوا يحرفون ويبدلون، وممن ذكر ذلك السيد رشيد رضا في مواضع من التفسير وغيره. واتهامه بالاشتراك في المؤامرة على قتل عمر لا يثبت، وكعب عربي النسب، وإن كان قبل أن يسلم يهودي النحلة "

أقول : والصحابة روايتهم عنه قليلة جداً ، وهؤلاء الصحابة لهم أحاديث كثيرة في باب الأحكام الباب الذي لم يكن يتكلم فيه كعب الأحبار لعلمه بنسخ ما في التوراة من الأحكام ، فإذا كان هؤلاء الصحابة عندهم تلك الثروة الزاخرة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الأحكام ، فلا يبعد أن يكون عندهم عدلها من أخبار الأنبياء وأخبار الجنة والنار ، فليسوا بكبير حاجةٍ إلى كعب ، وإنما يروون عنه عملاً بالرخصة ( وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) ، ولا يستبعد أن توافق أخبار كعب الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه ينقل عن التوراة الصحيحة في ظنه وهي كلام الله عز وجل ، والنبي صلى الله عليه وسلم مبلغٌ عن الله عز وجل

والعقلانيون فيهم جرأةٌ عجيبةٌ على السنة فكل حديثين يتعارضان في عقولهم ، ردوهما أو ردوا أحدهما
وليست كل دعوى تعارض تقبل ، فإن الزنادقة زعموا تعارض آيات في القرآن ! ، فهل نسلم لدعواهم ؟!
إنما تقبل هذه الدعاوى من أهل التخصص ، وإذا كانت هذه منزلة السنة عندهم ، فلا تستبعد أن ترد الاستشكالات الباردة على أخبار كعب الأحبار ، ومنزلتها ليست كمنزلة السنة ولا شك

والآن مع هذه الدعاوى

قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (1/ 278) : أنبأنا أبو طاهر محمد بن الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي أنا أبو القاسم قراءة عليه أنا أبو علي الحسن بن محمد بن درستوية إجازة وأخبرنا أبو الفضائل ناصر بن محمود القرشي نا علي بن أحمد بن زهير نا علي بن محمد بن شجاع نا أبو علي الحسن بن محمد بن درستوية نا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمارة العطار نا إبراهيم بن سعيد الجوهري نا عبد الله بن نمير عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن مجاهد عن تبيع عن كعب قال أهل الشام سيف من سيوف الله ينتقم الله بهم ممن عصاه
أقول : أورد أبو رية هذا الخبر طاعناً فيه على كعب الأحبار بالتزلف إلى أهل الشام ، ولا يصح إليه فإن فيه عبد الله بن مسلم بن هرمز اتفقوا على ضعفه وبعضهم تركه ، ولو صح فلا شيء فيه .
فإن فضل الشام ثابتٌ في القرآن والأحاديث المستفيضة .
قال الله تعالى :{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
فوصف الأرض التي حول المسجد الأقصى بأنها مباركة .

قال الآجري في الشريعة[ 1359 ] : وحدثنا أبو حفص عمر بن سهل بن مخلد البزار من كتابه قال : حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة بن سلم بن خالد بن جابر بن سمرة قال : حدثني سليمان بن عبد العزيز بن أبي ثابت ، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف قال : حدثني أبي ، عن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، عن المسور بن مخرمة ، عن أمه وكانت أمه عاتكة بنت عوف قالت : خرج عمر بن الخطاب يوما يطوف في السوق فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة وكان نصرانيا فقال : يا أمير المؤمنين ، أعدني على المغيرة بن شعبة فإن علي خراجا كثيرا قال : فكم خراجك ؟ قال : درهمان في كل يوم قال : وأي شيء صناعتك ؟ قال : نجارا نقاشا حدادا قال : ما أرى خراجك بكثير على ما تصنع من الأعمال ، ثم لقد بلغني أنك تقول لو أردت أن أعمل رحى تطحن بالريح فعلت قال : نعم قال : فاعمل لي رحى قال : لأن سلمت لأعملن لك رحى يتحدث بها من بالمشرق والمغرب قال : ثم انصرف عمر إلى منزله فلما كان من الغد جاءه كعب الأحبار فقال له : يا أمير المؤمنين ، اعهد ، فإنك ميت في ثلاثة أيام قال : وما يدريك ؟ قال : أجده في كتاب الله عز وجل التوراة قال عمر : آلله إنك تجد عمر بن الخطاب في التوراة ؟ قال : اللهم لا ، ولكن أجد صفتك وحليتك ، وأنه قد فني أجلك قال وعمر لا يحس وجعا ، ولا ألما قال : فلما كان الغد جاءه كعب فقال : يا أمير المؤمنين ، ذهب يوم وبقي يومان قال : ثم جاءه الغد فقال : يا أمير المؤمنين ، ذهب يومان وبقي يوم وليلة ، وهي لك إلى صبيحتها قال ، فلما كان في الصبح خرج عمر بن الخطاب إلى الصلاة ، وكان يوكل بالصفوف رجالا فإذا استووا دخل هو فكبر قال : ودخل أبو لؤلؤة في الناس في يده خنجر له رأسان ، نصابه في وسطه ، فضرب عمر ست ضربات ، إحداهن تحت سرته ، هي التي قتلته ، وقتل معه كليب بن وائل بن البكير الليثي ، كان حليفهم ، فلما وجد عمر حر السلاح سقط ، وقال : أفي الناس عبد الرحمن بن عوف ؟ قالوا : نعم هو ذا قال : فتقدم بالناس فصلى قال : فصلى عبد الرحمن وعمر طريح ؟ قال : ثم احتمل فأدخل إلى داره ، ودخل عبد الرحمن بن عوف ، فقال : إني أريد أن أعهد إليك قال : يا أمير المؤمنين إن أشرت علي قال : وما تريد ؟ قال : أنشدك بالله أتشير علي بذلك ؟ قال : اللهم لا قال : إذن والله لا أدخل فيه أبدا قال : فهبني صمتا حتى أعهد إلى النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، أدع لي عليا وعثمان والزبير وسعدا ؛ قال : وانتظروا أخاكم طلحة ثلاثا فإن جاء ، وإلا فاقضوا أمركم ، أنشدك الله يا علي ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بني هاشم على رقاب الناس ، أنشدك الله يا عثمان ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بني أبي معيط على رقاب الناس ، أ نشدك الله يا سعد ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل أقاربك على رقاب الناس ، قوموا فتشاوروا ، ثم اقضوا أمركم ، وليصل بالناس صهيب ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فقال : قم على بابهم فلا تدع أحدا يدخل إليهم ، وأوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم أن يقسم عليهم فيئهم ، ولا يستأثر عليهم ، وأوصى الخليفة من بعدي بالأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم أن يحسن إلى محسنهم ، وأن يعفو عن مسيئهم ، وأوصى الخليفة من بعدي بالعرب فإنهم مادة الإسلام ، أن تؤخذ صدقاتهم من حقها ، وتوضع في فقرائهم ، وأوصي الخليفة من بعدي بذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوفي لهم بعهدهم ، اللهم هل بلغت تركت الخليفة بعدي على أنقى من الراحة ، يا عبد الله بن عمر ، اخرج إلى الناس فانظر من قتلني قال : يا أمير المؤمنين ، قتلك أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة فقال : الحمد لله الذي لم يجعل قتلي بيد رجل سجد لله سجدة واحدة يا عبد الله بن عمر ، اذهب إلى عائشة رضي الله عنها فسلها أن تأذن لي أن أدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، يا عبد الله ، إن اختلف الناس فكن مع الأكثر ، وإن كانوا ثلاثة وثلاثة ، فكن في الحزب الذي فيه عبد الرحمن بن عوف يا عبد الله بن عمر ، ائذن للناس فجعل يدخل عليه المهاجرين والأنصار يسلمون عليه ويقول لهم : أعن ملاء منكم كان هذا ؟ فيقولون : معاذ الله . قال : ودخل في الناس كعب الأحبار ، فلما نظر إليه عمر أنشأ يقول : وأوعدني كعب ثلاثا أعدها ولا شك أن القول ما قاله كعب وما بي حذار الموت إني لميت ولكن حذار الذنب يتبعه الذنب فقيل له : يا أمير المؤمنين ، لو دعوت طبيبا ؛ قال : فدعي بطبيب من بني الحارث بن كعب ، فسقاه نبيذا فخرج النبيذ يعني مع الدم قال : فاسقوه لبنا ، فخرج اللبن أبيض فقيل له : يا أمير المؤمنين ، اعهد ، قال : قد فرغت ثم توفي ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين قال : فخرجوا به بكرة يوم الأربعاء ، فدفن في بيت عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه وتقدم صهيب فصلى عليه وذكر الحديث بطوله.
وسند الآجري فيه تشويش وأضبط منه سند الطبري
حيث قال الطبري في تاريخه (3/363) : حدثني سلم بن جنادة قال حدثنا سليمان بن عبد العزيز بن أبي ثابت بن عبد العزيز بن عمر بن عبدالرحمن بن عوف قال حدثنا أبي عن عبدالله بن جعفر عن أبيه عن المسور بن مخرمة به
أقول : وعبد العزيز بن أبي ثابت متروك له ترجمة حافلة في تهذيب الكمال (18/ 180)
وقد أورد أبو رية هذا الخبر زاعماً أن كعباً خطط لقتل عمر ! ، لهذا عرف متى يموت !
وقال ابن سعد في الطبقات (3/332): أخبرنا معن بن عيسى قال: أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله ابن دينار عن سعد الجاري مولى عمر بن الخطاب أن عمر بن الخطاب دعا أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، وكانت تحته ، فوجدها تبكي فقال: ما يبكيك ؟ فقالت : يا أمير المؤمنين هذا اليهودي ، تعني كعب الأحبار ، يقول إنك على باب من أبواب جهنم، فقال عمر : ما شاء الله ، والله إني لأرجو أن يكون ربي خلقني سعيدا.
ثم أرسل إلى كعب فدعاه، فلما جاءه كعب قال : يا أمير المؤمنين لا تعجل علي ، والذي نفسي بيده لا ينسلخ ذو الحجة حتى تدخل الجنة.
فقال عمر : أي شيء هذا ؟ مرة في الجنة ومرة في النار ، فقال : يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده إنا لنجدك في كتاب الله على باب من أبواب جهنم تمنع الناس أن يقعوا فيها فإذا مت لم يزالوا يقتحمون فيها إلى يوم القيامة.
أقول : سعد الجاري مجهول ، ولا شيء في هذا الخبر ، وقد أورده أبو رية
قال الحافظ في الإصابة (5/ 496) :" وأخرج ابن أبي خيثمة بسند حسن عن قتادة قال بلغ حذيفة أن كعبا يقولان السماء تدور على قطب كالرحى فقال كذب كعب أن الله يقول {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا} "

أقول : قتادة لم يدرك كعباً ولا حذيفة إذ لم يدرك من الصحابة إلا أنس وعبد الله بن سرجس ، وفي هذا الخبر الذي أورده أبو رية طاعناً ما يدل على أن الصحابة كانوا ينقدون ما يذكر كعبٌ .
وهذا الخبر وإن لم يصح عن حذيفة فقد صح عن عبد الله بن مسعود
قال ابن جرير في تفسيره[ 22212 ] : حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال : جاء رجل إلى عبدالله ، فقال : من أين جئت ؟ قال : من الشام ، قال : من لقيت ؟ قال : لقيت كعبا ، فقال : ما حدثك كعب ؟ قال : حدثني أن السموات تدور على منكب ملك ، قال : فصدقته أو كذبته ؟ قال : ما صدقته ولا كذبته ، قال : لوددت أنك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورحلها ، وكذب كعب إن الله يقول : { إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده} .

أقول : وقوله ( كذب كعب ) من باب ( أخطأ كعب ) كقول النبي صلى الله عليه وسلم ( كذب أبو السنابل ) ، وقول ابن عباس في نوف البكالي
( كذب عدو الله ) ، ولهذا وثق بقية الصحابة كعباً ورووا عنه ، وعلى هذا المعنى يخرج قول معاوية ( وإنا لنبلو عليه بعض الكذب )

وقال ابن جرير في تاريخه (2/309) :" وعن رجاء بن حيوة ، عمن شهد ؛ قال : لما شخص عمر من الجانية إلى إيلياء ، فدنا من باب المسجد ، قال: ارقبوا لي كعباً ، فلما انفرق به الباب ، قال : لبيك ، اللهم لبيك ، بما هو أحب إليك ! ثم قصد المحراب ؛ محراب داود عليه السلام ، وذلك ليلاً ، فصلى فيه ، ولم يلبث أن طلع الفجر، فأمر المؤذن بإقامة ، فتقدم فصلى بالناس، وقرأ بهم [ص] ، وسجد فيها ، ثم قام ، وقرأ بهم في الثانية صدر [ بني إسرائيل ] ، ثم ركع ثم انصرف ، فقال : على بكعب ، فأتى به ، فقال : أين ترى أن نجعل المصلى ؟ فقال : إلى الصخرة ، فقال : ضاهيت والله اليهودية يا كعب ، وقد رأيتك ، وخلعك نعليك ، فقال: أحببت أن أباشره بقدمي ، فقال : قد رأيتك ، بل نجعل قبلته صدره ، كما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلة مساجدنا صدورها ، اذهب غليك ، فإنا لم نؤمر بالصخرة ، ولكنا أمرنا بالكعبة ، فجعل قبلته صدره ، ثم قام من مصلاه إلى كناسة قد كانت الروم قد دفنت بها بيت المقدس في زمان بني إسرائيل ؛ فلما صار إليهم أبرزوا بعضها، وتركوا سائرها ، وقال: يا أيها الناس ، اصنعوا كما أصنع ، وجثا في أصلها ، وجثا في فرج من فروج قبائه ، وسمع التكبير من خلفه ، وكان يكره سوء الرعة في كل شيء فقال: ما هذا ؟ فقالوا : كبر كعب وكبر الناس بتكبيره فقال : علي به فأتى به ، فقال : يا أمير المؤمنين ؛ إنه قد تنبأ على ما صنعت اليوم نبي منذ خمسمائة سنة ، فقال: وكيف ؟ فقال: إن الروم أغاروا على بني إسرائيل ، فأديلوا عليهم، فدفنوه ، ثم أديلوا فلم يفرغوا ثم أدليت الروم عليهم إلى أن وليت ، فبعث الله نبياً على الكناسة ، فقال: أبشرى أورى شلم! عليك الفاروق ينقيك مما فيك.
وبعث إلى القسطنطينية نبي ؛ فقام على تلها ، فقال : يا قسطنطينية ، ما فعل أهلك ببيتي! أخرجوه وشبهوك كعرشي ؛ وتأولوا علي ، فقد قضيت عليك أن أجعلك جلحاء يوماً ما ، لا يأوي إليك أحد ، ولا يستظل فيك على أيدي بني القاذر سبأ وودان ؛ فما أمسوا حتى ما بقي شيء "

أقول : في سنده إبهام كما ترى , وطرقه الأخرى لا تقويه فهاكها :

وقال أبو عبيد في الأموال [ 384 ] : وحدثني هشام بن عمار ، عن الهيثم بن عمران العنسي ، قال : سمعت جدي عبد الله بن أبي عبد الله ، يقول : لما ولي عمر بن الخطاب زار أهل الشام ، فنزل الجابية ، وأرسل رجلا من جديلة إلى بيت المقدس ، فافتتحها صلحا ، ثم جاء عمر ومعه كعب ، فقال : يا أبا إسحاق ، أتعرف موضع الصخرة ؟ فقال أذرع من الحائط الذي يلي وادي جهنم كذا وكذا ذراعا ، ثم احتفر ، فإنك تجدها ، قال : وهي يومئذ مزبلة فحفروا فظهرت لهم ، فقال عمر لكعب : أين ترى أن نجعل المسجد ؟ - أو قال : القبلة - فقال : اجعلها خلف الصخرة ، فتجمع القبلتين : قبلة موسى عليه السلام ، وقبلة محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال : ضاهيت اليهودية يا أبا إسحاق ، خير المساجد مقدمها قال : فبناها في مقدم المسجد.

أقول : عبد الله بن أبي عبد الله شامي مجهول ، وقد يكون هو الساقط في خبر رجاء ، وهشام كبر فصار يلقن فيتلقن ، ولا أظن عبد الله أدرك عمر أو كعباً فإن كعباً متقدم الوفاة جداً فقد مات سنة 32 أي مات قبل عثمان بن عفان , والمتن هنا مختلف كثيراً عن المتن السابق .

وقال ابن كثير في تفسيره :" قال الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي سنان ، عن عبيد بن آدم وأبي مريم وأبي شعيب ؛ أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، كان بالجابية ، فذكر فتح بيت المقدس قال : قال أبو سلمة : فحدثني أبو سنان ، عن عبيد بن آدم قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول لكعب : أين ترى أن أصلي ؟ قال إن أخذت عني صليت خلف الصخرة ، فكانت القدس كلها بين يديك ، فقال عمر رضي الله عنه: ضاهيت اليهودية ، لا ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم إلى القبلة، فصلى ثم جاء فبسط رداءه وكنس الكناسة في ردائه ، وكنس الناس"

أقول : عيسى بن سنان أبو سنان شامي ضعيف ، وعبيد بن آدم شامي مجهول عين انفرد عنه أبو سنان الضعيف ، وقد يكون هو الساقط في الخبرين السابقين .
فالخلاصة : أن هذا الخبر مداره على المجاهيل والمبهمين .
وقال الكوثري في تبديد الظلام ص274:" أخرجه أبو إسماعيل الهروي في الفاروق عن كعب : إن الله نظر إلى الأرض فقال إني واطئ على بعضك فاستبقت له الجبال وتضعضعت الصخرة فشكر لها ذلك فوضع عليها قدمه فقال هذا مقامي . . ا ه‍ "

أقول : وهذا الخبر أورده أبو رية طاعناً على كعب ، ولا سند له ، ولو صح فليس فيه ما يمتنع

وقال ابن جرير في تفسيره حدثني يونس ، قال : أخبرنا عبد الله بن يوسف ، قال : ثنا عبد الله بن لهيعة ، قال : ثنا أبو الأسود ، عن عروة ، قال : كنا قعودا عند عبد الملك حين قال كعب : إن الصخرة موضع قدم الرحمن يوم القيامة ، فقال : كذب كعب ، إنما الصخرة جبل من الجبال ، إن الله يقول { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا } فسكت عبد الملك.

أقول : هذا خبرٌ منكر فإن كعباً لما مات كان عمر عبد الملك بن مروان سبع سنين ، فقد ذكر ابن سعد في الطبقات أن عمره كان عشر سنين يوم الدار ، وكان عبد الملك في أول حياته في المدينة ، فأين حصل هذا اللقاء ؟

وأما عروة فكان عمره عند وفاة كعب تسع سنين فقد ولد عام 23 ومات كعب عام 32 وهو مدني أيضاً.
إلا أن يكون عبد الملك قد روى هذا الخبر عن كعب رواية ، ولم يكن كعب حاضراً ، فيكون مرسلاً والله أعلم .

والحمل عندي في هذا الخبر على ابن لهيعة ، فإن له مناكير حتى قبل الاختلاط ، ضعفه مطلقاً من أجلها جمعٌ من الأئمة ثم إنه مذكور بالتدليس

وَقَال عبد الرحمن بن أَبي حاتم : سئل أبو زُرْعَة عن ابن لَهِيعَة سماع القدماء منه ؟ فقال : آخره وأوله سواء إلا أن ابن المبارك وابن وهب كانا يتتبعان أصوله فيكتبان منه ، وهؤلاء الباقون كانوا يأخذون من الشيخ ، وكان ابن لَهِيعَة لا يضبط ، وليس ممن يحتج بحديثه (الجرح والتعديل : 5 / الترجمة 682).

وَقَال ابن حبان في [ المجروحين ] :" كان شيخا صالحا ولكنه كان يدلس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه. وَقَال أيضا : قد سبرت أخبار ابن لَهِيعَة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجودا وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيرا "


وقال أبو رية في أضواء على السنة المحمدية ص296 : " وعن أبي هريرة - تلميذ كعب الأحبار - أن النبي قال : الأنهار كلها والسحاب والبحار والرياح تحت صخرة بيت المقدس وقال كعب : قال الله عز وجل لبيت المقدس : أنت جنتي وقدسي وصفوتي من بلادي ، من سكنك فبرحمة مني ، ومن خرج منك فبسخط مني عليه "

وهذا الحديث موضوع أورده ابن الجوزي في الموضوعات (2/51) :"
باب ذكر الأماكن في الفضائل والمثالب - باب في مدح مدن وذم مدن
أنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا ابن عدي حدثنا يحيى بن على بن هاشم حدثني محمد بن إبراهيم بن أبى سكينة حدثنا الوليد بن محمد حدثنا الزهري حدثنا سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أربع مدائن من مدن الجنة في الدنيا : مكة والمدينة وبيت المقدس ودمشق وأربع مدائن من مدن النار في الدنيا : القسطنطينية والطيرانية وأنطاكية والمحترقة وصنعاء ، وإن من المياه العذبة والرياح اللواقح من تحت صخرة بيت المقدس " . هذا حديث لا أصل له . قال أحمد بن حنبل : الوليد ليس بشيء "

والخبر المذكور عن كعب الأحبار لا أصل له عنه

وقال في ص305 :" مع هذه الأمة المعصومة التي لا تجتمع على ضلالة - إذا حدث بعض أعيان التابعين عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كعطاء بن أبى رباح والحسن البصري وأبى العالية ونحوهم - وهم من خيار علماء المسلمين وأكابر أئمة الدين -توقف أهل العلم في مراسيلهم فمنهم من يرد المراسيل مطلقا ، ومنهم من يتقبلها بشروط ، إلى أن قال : وهؤلاء ليس بين أحدهم وبين النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إلا رجل ، أو رجلان ، أو ثلاثة مثلا . وأما ما يوجد في كتب المسلمين في هذه الأوقات من الأحاديث التي يذكرها صاحب الكتاب مرسلة ، فلا يجوز الحكم بصحتها باتفاق العلماء – فكيف بما ينقله كعب الأحبار وأمثاله عن الأنبياء"

أقول : أوردت هذا النص لأبين تناقض القوم ، فالعقلانيون يردون الأسانيد الصحيحة إذا خالفت عقولهم ، ثم يستدلون بالواهيات التي لا تصح عقلاً ولا نقلاً إذا وافقت هواه
ولم يكن الصحابة والتابعون يتدينون بالأخبار المنقولة عن التوراة
قال شيخ الإسلام في كتاب [ الاستغاثة في الرد على البكري ص 323 ] : فلما رخص في الحديث عن بني إسرائيل استجاز ذلك عبد الله بن عمرو
وعبد الله بن عباس وغيرهما ولكن لا يأخذون من ذلك ديناً لما ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة قال : كان أهل الكتاب يقرءون التوراة ثم يفسرونها بالعربية فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم . اهــ

قلت : فهذا أبو هريرة الذي يظهره أبو رية بصورة الكلف الشغوف بالإسرائيليات يروي هذا الخبر الذي يوجب التوقف فيها ما لم توافق شرعنا .

وفي نسخة وكيع عن الأعمش جاء ما يلي [34 ] : عن الأعمش ، عن أبي صالح ، قال : كان الحادي يحدو بعثمان ، ويقول : إن الأمير بعده علي وفي الزبير خلف رضي قال : فقال كعب : بل هو صاحب البغلة الشهباء ، يعني : معاوية ، فبلغ ذلك معاوية ، فأتاه ، فقال : يا أبا إسحاق ما تقول هذا ؟ وههنا علي ، والزبير وأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أنت صاحبها .

أقول : أبو صالح السمان لم يدرك كعباً فقد نصوا على أنه لم يدرك أبا ذر ، وأبو ذر وكعب توفوا في عامٍ واحد ، وأبوصالح السمان كوفي مدني ، وكعب شامي

وقال أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (1/73) : حدثني محمد بن زرعة الرعيني قال: حدثنا مروان بن محمد قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبيد الله عن السائب بن يزيد قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي هريرة: لتتركن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لألحقنك بأرض دوس. وقال لكعب: لتتركن الأحاديث، أو لألحقنك بأرض القردة. وقد سمعت أبا مسهر يذكر عن سعيد بن عبد العزيز نحواً منه، ولم يسنده.

أقول : محمد بن زرعة الرعيني وثقه العجلي وابن حبان ، ولم أجد أحداً وثقه معهم ، وقد خالفه أبو زرعة الثقة الثبت فروى الخبر عن أبي مسهر الثقة الثبت أيضاً عن سعيد ولم يسنده ( أي رواه منقطعاً ) ، وهذا أصح ولا شك فيكون الخبر ضعيفاً .

والآن مع طعونات الروافض في كعب الأحبار

قال الفضل بن شاذان الأزدي الرافضي في الإيضاح ص292 :" ورويتم عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبى صالح قال :مر عمرو بن العاص على كعب الأحبار فعثرت به دابته فقال: يا كعب أتجد في التوراة أن دابتي تعثر بي ؟ قال: لا ولكن أجد في التوراة رجلا ينزو في الفتنة كما ينزو الحمار في القيد"

أقول : لم أجد هذا الخبر ، ولو صح إلى أبي معاوية فليس صحيحاً ، فإن أبا صالح لم يسمع كعباً كما قدمت سابقاً .
وقال البيهقي في دلائل النبوة [2820 ] : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حاتم الزاهد ، حدثنا الفضل بن محمد البيهقي ، حدثنا أبو صالح وهو عبد الله بن صالح قال : حدثني حرملة بن عمران ، عن يزيد بن أبي حبيب ، أنه سمعه يحدث ، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد الثقفي ، قال : اصطحب قيس بن خرشة وكعب حتى إذا بلغا صفين وقف ثم نظر ساعة ، ثم قال : ليهراقن بهذه البقعة من دماء المسلمين شيء لا يهراق ببقعة من الأرض مثله ، فغضب قيس وقال : ما يدريك يا أبا إسحاق ، ما هذا ؟ فإن هذا من الغيب الذي استأثر الله به فقال كعب : ما من الأرض شبر إلا مكتوب في التوراة الذي أنزل الله على موسى ما يكون عليه وما يخرج منه إلى يوم القيامة .

أقول : أورد هذا الخبر بعض الروافض ، مقلداً لأبي رية في كتابه ( شيخ المضيرة ) ، وفي سنده عبد الله بن صالح كاتب الليث وقد كان ضعيفاً ، والثقفي مجهول الحال كما في تقريب التهذيب .

وقال الشاشي في مسنده[ 81 ] حدثنا ابن أبي خيثمة ، نا أبي ، نا جرير ، عن مطرف ، عن القاسم بن كثير ، عن رجل من أصحابه قال : كان كعب يقص قال : فقال عبد الرحمن بن عوف : سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال . فأتى كعب فقيل له : ثكلتك أمك ، هذا عبد الرحمن يقول كذا وكذا ، فترك القصص ، ثم إن معاوية أمره بالقصص ، فاستحل ذلك بعد .

أقول : وقد أورد هذا الخبر بعض الروافض ليستفيد طعناً مزدوجاً في معاوية وكعب ، وفي السند مبهم كما ترى .

وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (17/81) :" وقال يوما : أيجوز للإمام أن يأخذ من المال ، فإذا أيسر قضى ؟ فقال كعب الأحبار : لا بأس بذلك ، فقال له أبو ذر : يا بن اليهوديين ، أتعلمنا ديننا ! فقال عثمان : قد كثر أذاك لي و تولعك بأصحابي ، الحق بالشام "

أقول : وهذا كما ترى بلا إسناد !

وقال ابن سعد في الطبقات (2/ 238) : أخبرنا محمد بن عمر قال أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن حرام بن عثمان عن أبي حازم عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن كعب الأحبار قام زمن عمر فقال ونحن جلوس عند عمر أمير المؤمنين ما كان آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر سل عليا قال أين هو قال هو هنا فسأله فقال علي أسندته إلى صدري فوضع رأسه على منكبي فقال الصلاة , الصلاة فقال كعب كذلك آخر عهد الأنبياء و به أمروا وعليه يبعثون قال فمن غسله يا أمير المؤمنين قال سل عليا قال فسأله فقال كنت أغسله وكان العباس جالسا وكان أسامة و شقران يختلفان إلي بالماء.

أقول : وهذه الرواية أوردها عبد الحسين الموسوي في مراجعاته ، لا للطعن في كعب ، وإنما للطعن في الصحابة وفي سندها الواقدي محمد بن عمر الكذاب

وقال نعيم بن حماد في الفتن 241 - حدثنا الحكم بن نافع أخبرنا صفوان بن عمرو عن أبي اليمان وشريح بن عبيد عن كعب قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنشدك الله يا كعب أتجدني خليفة أم ملكا قال قلت بل خليفة فاستحلفه فقال كعب خليفة والله من خير الخلفاء وزمانك خير زمان.

أقول : وهذه الرواية أوردها الرافضي محمد الصدر في موسوعته ، ليظهر كعباً في صورة المتزلف ، ويظهر عمر رضي الله عنه في صورة الشاك في خلافته ، وشريح بن عبيد و أبو اليمان لم يدركا كعباً ولا عمر بن الخطاب فقد نصوا على أن شريحاً لم يدرك أبا أمامة ، وقد تأخرت وفاته عن وفاة عمر وكعب جداً

وقال الطبراني في الأوسط [ 9283 ] : حدثنا الوليد بن أبان أنا محمد بن عمار الرازي نا مؤمل بن إسماعيل أنا حماد بن زيد عن علي بن زيد عن عبد الله بن الحارث قال كنت عند عائشة وعندها كعب الحبر فذكر إسرافيل فقالت عائشة يا كعب أخبرني عن إسرافيل فقال كعب عندكم العلم
فقالت أجل فأخبرني قال له أربعة أجنحة جناحان في الهواء وجناح قد تسربل به وجناح على كاهله والعرش على كاهله والقلم على أذنه فإذا نزل الوحي كتب القلم ثم درست الملائكة وملك الصور جاث على إحدى ركبتيه وقد نصبت الأخرى فالتقم الصور محني ظهره شاخص بصره إلى إسرافيل وقد أمر إذا رأى إسرافيل قد ضم جناحه أن ينفخ في الصور فقالت عائشة هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لم يرو هذا الحديث عن حماد بن زيد إلا مؤمل .

أقول : مؤمل بن إسماعيل سيء الحفظ ، وعلي بن زيد بن جدعان ضعيف ، ولو صحت هذه الرواية لما كان فيها شيء ، وقد أوردها بعض الروافض للطعن في أم المؤمنين ولا وجه لذلك ، فقد طلبت من كعب أن يعرض عليها علمه لتختبره بما عندها من العلم الغزير .

وقال الرافضي في محمد الصدر في موسوعته (3/ 453) :" شهادة كعب للنميري بأنه ذهب إلى الجنة ورجع !
قال الحموي في معجم البلدان [ ج 4 ص 386 ] : قال هشام بن محمد : أخبرني ابن عبدالرحمن القشيري عن امرأة بن حباشة النميري قالت خرجنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أيام خرج إلى الشام فنزلنا موضعاً يقال له القلت ، قالت : فذهب زوجي شريك يستقي فوقعت دلوه في القلت فلم يقدر على أخذها لكثرة الناس فقيل له : أخر ذلك إلى الليل ، فلما أمسى نزل إلى القلت ولم يرجع فأبطأ وأراد عمر الرحيل فأتيته وأخبرته بمكان زوجي فأقام عليه ثلاثاً وارتحل في الرابع ، وإذا شريك قد أقبل فقال له الناس : أين كنت ؟ فجاء إلى عمر رضي الله عنه ، وفي يده ورقة يواريها الكف وتشتمل على الرجل وتواريه فقال : يا أمير المؤمنين إني وجدت في القلت سربا وأتاني آت فأخرجني إلى أرض لا تشبهها أرضكم وبساتين لا تشبه بساتين أهل الدنيا فتناولت منه شيئاً فقال لي ليس هذا أوان ذلك ، فأخذت هذه الورقة فإذا وهي ورقة تين ، فدعا عمر كعب الأحبار وقال : أتجد في كتبكم أن رجلاً من أمتنا يدخل الجنة ثم يخرج ؟ قال نعم وإن كان في القوم أنبأتك به ! فقال : هو في القوم ، فتأملهم فقال : هذا هو ، فجعل شعار بني نمير خضراء إلى هذا اليوم ! ) انتهى"

أقول : هشام بن محمد هو الكلبي الرافضي الكذاب ، فانظر كيف يستدل كذابهم المتأخر ، بكذابهم المتقدم !

والآن مع دعوى تلمذة عبد الله بن عمرو على كعب الأحبار

قال ابن وهب في جامعه 659 - قال وأخبرني عمرو بن الحارث أن الجلاح حدثه أن أوس حدثه أن عبد الله بن عمرو بن العاص التقى هو وكعب بالكتابين فقال له يا كعب علم النجوم قال لي كعب لا خير فيه قال عبد الله لم قال ترى فيه ما تكره يريد الطيرة قال كعب وإن مضى وقال اللهم إنه لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا رب غيرك قال ثم سكت فقال عبد الله بن عمرو لا حول ولا قوة إلا بك قال كعب جاء بها عبد الله والذي نفسي بيده إنها لرأس التوكل وكنز العبد في الجنة ولا يقولها عند ذلك ثم يمضي إلا لم يضره شيء قال عبد الله أفرأيت إن لم يمض فقعد قال طعم الإشراك

أقول : أوس هو ابن بشر المعافري كما في شعب الإيمان للبيهقي شيخ الجلاح لا يعرف حاله ، وأستبعد أن يكون أدرك كعباً .

وقال ابن وهب في جامعه[ 660 ] : قال وأخبرني أسامة بن زيد قال سمعت نافع بن جبير بن مطعم يقول سأل كعب الأحبار عبد الله بن عمرو فقال : هل تطير فقال نعم قال فكيف تقول إذا تطيرت قال أقول اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا رب غيرك ولا قوة إلا بك فقال كعب أنت أفقه العرب وإنها لكذلك في التوراة .
أقول : نافع مدني ، وكعب شامي متقدم الوفاة فقد مات قبل عثمان سنه 32 فيبعد أن يكون قد أدركه .

وقد يكون الساقط في السند الأول ، هو نفسه الساقط في السند الثانية ، فلا يصلح هذا السند لتقوية صاحبه ، ولو صحت هذه الرواية فليس فيها أكثر من مذاكرة حصلت بين الرجلين فأين دعوى التلمذة ؟

وقد اختلف على أسامة بن زيد في إسناده

قال ابن سعد في طبقاته (3/162) : أخبرنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا أسامة بن زيد عن عبد الرحمن بن السلماني قال التقى كعب الأحبار وعبد الله بن عمرو فقال كعب أتطير قال نعم قال فما تقول قال أقول اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا رب غيرك ولا حول ولا قوة إلا بك فقال أنت أفقه العرب إنها لمكتوبة في التوراة.

أقول : ولا شك أن رواية ابن وهب أصح فهو أوثق من عبيد الله بن موسى

وقال الحاكم في المستدرك[ 6247 ] : أخبرنا عبد الله بن محمد الصيدلاني ثنا إسماعيل بن قتيبة ثنا يحيى بن يحيى أنا جرير عن عمارة عن الأخنس بن خليفة الضبي قال : رأى كعب الأحبار عبد الله بن عمرو يفتي الناس فقال : من هذا ؟ قالوا : هذا عبد الله بن عمرو بن العاص فأرسل إليه رجلا من أصحابه قال : قل له يا عبد الله بن عمرو لا تفتر على الله كذبا فيسحتك بعذاب و قد خاب من افترى قال : فأتاه الرجل فقال له ذلك قال : ابن عمرو : و صدق كعب قد خاب من افترى و لم يغضب قال : فأعاد عليه كعب الرجل فقال : سله عن الحشر ما هو و عن أرواح المسلمين أين تجتمع و أرواح أهل الشرك أين تجتمع ؟ فأتاه فسأله فقال : أما أرواح المسلمين فتجتمع بأريحاء و أما أرواح أهل الشرك فتجتمع بصنعاء و أما أول الحشر فإنها نار تسوق الناس يرونها ليلا و لا يرونها نهارا فرجع رسول كعب إليه فأخبره بالذي قال فقال : صدق هذا عالم فسلوه .

أقول : الأخنس مجهول ، وليس فيه ما يدل على التلمذة .

وقال ابن أبي حاتم في تفسيره [ 191 ] : حدثنا أبي ، ثنا أبو سلمة ، ثنا حماد يعني ابن سلمة ، عن عبد الجليل ، عن شهر بن حوشب ، قال عبد الله بن عمرو لرجل : سل كعبا عن البرق ، فقال كعب : البرق تصفيق ملك البرد وحكى حماد بيده ، لو ظهر لأهل الأرض لصعقوا.

أقول : عبد الجليل بن عطية ( صدوق يهم ) وشهر ضعيف ولم يدرك شهر كعباً .
قال ابن أبي حاتم في المراسيل [ 326 ] :" سمعت أبي يقول : شهر بن حوشب لم يلق عبدالله بن سلام وروايته عن كعب الأحبار مرسل"

وقال المتقي الهندي في كنز العمال [ 37261] :" عن محمد بن إسحاق قال حدثني من لا أتهم أن كعبا قدم مكة و بها عبد الله بن عمرو بن العاص فقال كعب: سلوه عن ثلاث ، فإن أخبركم بهن فهو عالم ، سلوه عن شيء من الجنة وضعه الله للناس في الأرض ، سلوه ما أول ماء وضع في الأرض ، وما أول شجرة غرست بالأرض ، فسئل عبد الله عنها فقال: الشيء الذي وضعه الله للناس في الأرض من الجنة فهذا الركن الأسود وأول ماء وضع في الأرض فبرهوت ماء باليمن يرده هام الكفار ، وأما أول شجرة غرسها الله في الأرض فالعوسجة التي اقتطع منها موسى عصاه. فلما بلغ ذلك كعبا قال: صدق الرجل والله عالم "

أقول : في سنده مبهم ، وأستبعد أن يكون أدرك كعباً ، وليس في الخبر ما يدل على التلمذة

وقال الحافظ ابن حجر في نزهة السامعين في رواية الصحابة عن التابعين ص12 :" الحديث الثاني سهيل عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن كعب أن الله أوحى إلى البحر الغربي حين خلقه قد خلقتك الحديث بطوله .
كذا رواه الدراوردي عنه وقال خالد الطحان عن سهيل عن النعمان بن أبي عياش عن عبد الله بن عمرو ولم يذكر كعبا وقال عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا "

أقول : فتبين من هذا أن رواية عبد الله بن عمرو عن كعب ما هي إلا وهم من الدراوردي

وقد أحسن المزي في تهذيب الكمال حيث لم يذكر عبد الله بن عمرو في تلاميذ كعب الأحبار .

وبهذا تبطل دعوى أبي رية في قوله في ظلماته ص 304 :" هذا هو الحديث الصحيح الذي يسطع منه نور النبوة ، ولكن أحد تلاميذ كعب هو عبد الله بن عمرو بن العاص يأتي فيروى عن النبي هذا الحديث : " بلغوا عنى ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"

أقول : وهذا الحديث لم ينفرد به عبد الله بن عمرو بن العاص بل رواه أبو سعيد الخدري أيضاً – وهو لا يروي عن كعب - .

قال أحمد [ 11442 ] : ثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا زيد عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " حدثوا عني ولا تكذبوا على ومن كذب على متعمدا فقد تبوأ مقعده من النار وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"

وقال الخساف في تعليقه على دفع شبه التشبيه ص292 :" قلت : وهذا إسناد ظاهره الصحة ، إلا أنني أجزم بأن هذا الأثر إن صح عن عبد الله بن عمرو فهو من الإسرائيليات التي حدث بها عن كعب الأحبار : (مجمع الكوارث و التخليطات ) لأنه قد ورد في ترجمة كعب الأحبار في " تهذيب التهذيب " (18 / 394 دار الفكر) رواية عطاء عنه وعن عبد الله بن عمرو "
أقول : وهذا الجزم باطل لما تقدم ، واستدلال الخساف برواية عطاء عن كعب وعبد الله بن عمرو معاً على تلمذة عبد الله بن عمرو على كعب من السخف

وإليك الخبر الذي رواه عطاء بن أبي رباح عن كعب وعبد الله بن عمرو

قال الفاكهي في أخبار مكة [ 15 ] : حدثنا محمد بن أبي عمر قال : ثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : لقد نزل الحجر وإنه أشد بياضا من الفضة ، ولولا ما مسه من أرجاس الجاهلية وأنجاسها ما مسه ذو عاهة بعاهة إلا برأ

أقول : وهذا هو الصواب الوجه الموقوف على عبد الله بن عمرو ، وقد رواه حماد بن زيد عن ابن جريج به مرفوعاً في مسند مسدد كما في إتحاف المهرة ( 3/189) ، وهو وهم فقد خالفه سفيان كما ترى .

وكذا خالفه عبد الرزاق كما في مصنفه (8915) فرواه موقوفاً وهو من أثبت أصحاب ابن جريج ، وحماد بن زيد ليس له كبير اختصاص بابن جريج

وعطاء بن أبي رباح لم يدرك كعباً قطعاً ، فقد اختلفوا في سماعه من ابن عمر ،وطعنوا في سماعه من أبي سعيد الخدري، فالبحث في سماعه من كعب من باب أولى

وفي سماع عطاء من عبد الله بن عمرو بحث ليس هذا محل بسطه

وقال أبو داود 3663 - حدثنا محمد بن المثنى ثنا معاذ حدثني أبي عن قتادة عن أبي حسان عن عبد الله بن عمرو قال كان نبي الله صلى الله عليه و سلم يحدثنا عن بني إسرائيل حتى يصبح ما يقوم إلا إلى عظم ( بضم العين وسكون أكثره ومعظمه ) صلاة .

أقول : هذا خبر حسن ، وهو يدل على أن عبد الله بن عمرو أخذ كثيراً من أخبار بني إسرائيل عن النبي صلى الله عليه وسلم .

فائدة : قال أحمد في المسند[ 7067 ] : ثنا قتيبة ثنا ابن لهيعة عن واهب بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاصي أنه قال : " رأيت فيما يرى النائم لكأن في إحدى أصبعي سمنا وفي الأخرى عسلا فأنا ألعقهما فلما أصبحت ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال تقرأ الكتابين التوراة والفرقان فكان يقرؤهما "

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (3/86) :" ابن لهيعة ضعيف الحديث، وهذا خبر منكر ، ولا يشرع لأحد بعد نزول القرآن أن يقرأ التوراة ولا أن يحفظها، لكونها مبدلة محرفة منسوخة العمل، قد اختلط فيها الحق بالباطل، فلتجتنب.
فأما النظر فيها للاعتبار وللرد على اليهود، فلا بأس بذلك للرجل العالم قليلا، والإعراض أولى "

أقول : استنكار الذهبي وجيه ، وإن كان الخبر من رواية قتيبة بن سعيد عنه فقد قدمت أنه روى مناكير قبل اختلاطه ( على القول بأنه اختلط )

وقد استنكر عليه ابن عدي أحاديث من رواية قتيبة بن سعيد عنه

قال ابن عدي في الكامل (4/142) :" أخبرنا محمد بن حفص الطالقاني بمصر حدثنا قتيبة ثنا بن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه وصلوا على الميت أربع تكبيرات بالليل والنهار سواء قال الشيخ ولفظ هذا الحديث صلوا على الميت أربع تكبيرات لا أعلم يأتي به غير ابن لهيعة"

وقال أيضاً :" أخبرنا الحسن ثنا قتيبة ثنا بن لهيعة عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من قوم يغدوا عليهم ويروح عشرون عنزا سودا أو شقرا فيخافون العالة ثنا عبد الكريم بن إبراهيم بن حيان ثنا محمد بن سلمة المرادي أبو الحارث ثنا عثمان بن صالح عن ابن لهيعة عن عطاء عن بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عمر مني وأنا من عمر والحق بعدي مع عمر أخبرنا الحسن بن سفيان ومحمد بن حفص الطالقاني قالا ثنا قتيبة ثنا ابن لهيعة عن عطاء عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحج والعمرة فريضتان واجبتان قال الشيخ وهذه الأحاديث عن ابن لهيعة عن عطاء غير محفوظة"

وقد أورد أخباراً أخرى من طريق قتيبة ، وقد قدمت ذكر كلام ابن حبان في تدليس ابن لهيعة ، ووقوع المناكير في حديثه قبل الاختلاط .

ومن الأكاذيب السمجة على كعب الأحبار والتي لم يرد منها الطعن عليه ما أورده الشقي الحصني في كتابه ( دفع شبه من شبه وتمرد ونسب ذلك إلى الإمام أحمد ) رداً على شيخ الإسلام !

حيث قال في ص 67 :" لما صالح عمر رضي الله عنه أهل بيت المقدس وقدم عليه كعب الأحبار وأسلم وفرح به عمر رضي الله عنه وبإسلامه قال له عمر رضي الله عنه هل لك أن تسير معي إلى المدينة وتزور قبر النبي وتنتفع بزيارته قال نعم يا أمير المؤمنين أفعل ذلك فهذا صريح في الندب إلى زيارة قبره وشد الرحل وإعمال المطي إليه والكلام على هذا يأتي إن شاء الله تعالى "

أقول : يا للسخف ، أبمثل هذا يرد على شيخ الإسلام ؟!
قال ابن عبد الهادي في الصارم المنكي ص247 :" ومن المعلوم أن هذا من الأكاذيب والموضوعات على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وفتوح الشام فيه كذب كثير ، وهذا لا يخفى على آحاد طلبة العلم "

وقال البيهقي في الأسماء والصفات [ (2/32) - 602] أخبرناه أبو محمد السكري ، أَخْبَرَنَا إسماعيل بن محمد الصفار ، حَدَّثَنَا أحمد بن منصور ، حَدَّثَنَا عبد الرزاق ، أَخْبَرَنَا معمر ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، عن جرير بن جابر الخثعمي ، عن كعب ، قال : إن الله عز وجل لما كلم موسى كلمه بالألسنة كلها سوى كلامه ، قال له موسى : أي رب هذا كلامك ؟ قال : لا ، لو كلمتك بكلامي لم تستقم له . قال : أي رب فهل من خلقك شيء يشبه كلامك ؟ قال : لا ، وأشد خلقي شبها بكلامي أشد ما تسمعون من هذه الصواعق .

ثم قال بعد كلامٍ له :" وأما قول كعب الأحبار فإنه يحدث عن التوراة التي أخبر الله تعالى عن أهلها أنهم حرفوها وبدلوها ، فليس من قوله ما يلزمنا توجيهه ، إذا لم يوافق أصول الدين والله أعلم"

أقول : ولا يصح عنه فإن جرير بن جابر أو جزء بن جابر الخثعمي لا يعرف ترجم له ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
وقال أبو الشيخ في العظمة (4/ 1163) : حدثنا إبراهيم بن محمد بن علي الرازي حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن أبي حمزة حدثنا حماد بن محمد السلمي أبو القاسم المروزي حدثنا أبو عصمة نوح بن أبي مريم عن مقاتل بن حيان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه بينما هو جالس ذات يوم إذ أتاه رجل فقال يا ابن عباس أسمعت بالعجب من كعب الأحبار رحمه الله تعالى يذكر في الشمس والقمر قال وكان ابن عباس رضي الله عنهما متكئا فاحتفز ثم قال وما ذلك قال زعم أنه يجاء بالشمس والقمر يوم القيامة كأنهما ثوران عقيران فيقذفان في النار قال عكرمة رحمه الله تعالى فطارت من ابن عباس رضي الله عنهما شظية ووقعت أخرى غضبا ثم قال كذب كعب ثلاثا هذه يهودية يريد إدخالها في الإسلام جل وعز أجل وأكرم أن يعذب على طاعته ألم تر إلى قول الله عز و جل وسخر لكم الشمس والقمر دائبين يعني دؤوبهما في طاعته فكيف يعذب عبدين أثنى عليهما أنهما دائبان في طاعته قاتل الله هذا الحبر وقبح حبريته ما أجرأه على الله عز و جل وأعظم فريته على هذين العبدين المطيعين لله عز و جل ثم استرجع مرارا ثم أخذ عويدا فجعل ينكته في الأرض فظل كذلك ما شاء الله ثم إنه رفع رأسه ورمى بالعود ثم قال ألا أحدثكم ما سمعت من رسول الله ص - يقول في الشمس والقمر وبدء خلقهما ومصير أمرهما قال قلنا نعم يرحمك الله تعالى فقال إن رسول الله ص - سئل عن ذلك فقال إن الله عز و جل لما أبرم خلقه إحكاما ولم يبق من خلقه غير آدم خلق شمسين من نور عرشه فأما ما كان في سابق علمه أن يدعها شمسا فإنه خلقها مثل الدنيا ما بين مشارقها ومغاربها وما كان في سابق علمه أن يطمسها ويحولها قمرا فإنه خلقها دون الشمس في العظم ولكن إنما يرى صغرها من شدة ارتفاعها في السماء وبعدها من الأرض فلو ترك الله عز و جل الشمس والقمر كما كان خلقهما في بدء الأمر لم يعرف الليل من النهار ولا النهار من الليل وكان لا يدري الأجير متى يعمل ومتى يأخذ أجره ولا يدري الصائم إلى متى يصوم ومتى يفطر ولا تدري المرأة متى تعتد ولا يدري المسلمون متى وقت صلاتهم ولا متى وقت حجهم .

أقول : وقد فات هذا الخبر الطاعنون في كعب ، وفي سنده نوح الجامع وهو وضاع معروف !

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبدالله الخليفي
  • مقالات
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية