صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
الإخوان في مصر ودورة التاريخ ؟!

محمد جلال القصاص
mgalkassas@hotmail.com


ـ جماعة الإخوان المصرية كبرى الجماعات الإسلامية الموجودة على الساحة في مصر وأقدمها ، ومن تحت عباءتها خرج كثير ممن هم موجودون اليوم ، بل كثير ممن ( يلتزمون ) تبدأ مسيرتهم الدعوية من جماعة الإخوان . وهذا أمر معروف مشهور .

ـ نشأت الجماعة بعد سقوط الخلافة الإسلامية ، وكانت قضيتها الأولى تحكيم الشريعة وتحرير الأراضي المقدسة ، كما تنص الوصايا العشر لمرشد الجماعة الأول الإمام حسن البنا ـ يرحمه الله ـ ، واعتماد الجهاد في سبيل الله وسيلة من وسائل تحقيق الهدف وشعار الجماعة صريح في ذلك .

ـ كانت الجماعة أحد المساندين الرئيسيين للضباط الأحرار في ثورتهم ، ولم يلبث عبد الناصر مليا حتى فتح السجون وقام بواحدة من أكبر حملات الاعتقال في تاريخ مصر الحديث داخل صفوف الجماعة .

ـ تعرضت جماعة الإخوان المصرية لعدة مراجعات ـ إن صح التعبير ـ كان أبرزها ما حدث في العقد السابع من القرن العشرين على يد الأستاذ سيد قطب ومن وافقه ، ظهر بعدها ما عرف لاحقا بجماعة ( الجهاد الإسلامي ) و ( القطبيون ) و ( جماعات التكفير ) .وما حدث في منتصف العقد الأخير من القرن العشرين الميلادي فيما عرف بحزب الوسط .

ـ لا زالت الجماعة إلى اليوم تتعرض لفقد كثير من أفرادها بيد أن هذا يحدث على مستوى الفرد العادي أو المنضم لأصغر وحدة تكوين داخل الجماعة ( الأسرة ) ، مما يجعل تأثيره على الجماعة ككل غير ذي قيمة في المدى القريب .

ـ الاتصال بين الجماعة الأم المتواجدة في مصر وباقي الفروع في الدول الأخرى شبه معدوم ، وكل جماعة في بلد لها ما يميزها عن أخواتها ، فإخوان السعودية غير إخوان مصر غير إخوان العراق ، وإن كان هناك قاسم مشترك كبير بين الكل ، يرجع ـ من وجهة نظري ـ إلى نفسية الأفراد الذين يكونون الجماعة .أو ينضمون لهذا النوع من العمل الدعوي .

ـ في مصر رفضت الجماعة المشاركة في الانتخابات حينا وقبلت حينا آخر ، وهي اليوم في مجلس الشعب المصري بعدد لم يكن يخطر على بالهم هم فضلا عن غيرهم .

ـ يبدوا أن الجماعة في الآونة الأخيرة تركت سبيل الأولين الذين قاموا من أجل إنشاء الخلافة وتحرير فلسطين ، وتحكيم الشريعة ، وبدأت ترفع شعارات المعايشة مع الأنظمة العلمانية المبدلة لشرع الله ، المتعاونة مع اليهود فيما يعرف ( بالتطبيع ) ومن قبله معاهدة السلام الشامل . فقد رأينا في الانتخابات الأخيرة شعارات مثل ( معايشة لا مغالبة ) . ولم يعد للجماعة أي حلم في الحكم بل اكتفوا بما هو دون ذلك من عدد كراسي في البرلمان والمجالس المحلية التي تتيح لهم المحافظة على قاعدتهم الجماهيرية العريضة من خلال تقديم بعض الخدمات لهم .

ـ الجماعة تخطب ود النظام المصري ، وهذا بيّن جدا ، فقد طلب المرشد العام زيارة رئيس الجمهورية قبل الانتخابات الرئاسية الماضية ، ورفض الرئيس متعللا بأشياء. والجماعة توارب الباب من ناحية الأمريكان فهي ( على استعداد للتحاور معهم ولكن من خلال الخارجية المصرية أو بالتنسيق مع الخارجية المصرية ) . فهو حَبْلٌ ممدود بين الطرفين . النظام يريدهم في مجلس الشعب من أجل تصدير معارضة نزيهة يمتص بها غضب الشعب بعد أن باع ممتلكاته فيما يعرف بالخصخصة ، وذهب بقوت يومه ، وحالف عدوه اللدود ( إسرائيل ) ووقف به في زيل القافلة بين الشعوب العربية . ويبدوا أن النظام يريد أن يمرر من خلالهم تولية نجل الرئيس جمال مبارك .

ـ لا يوجد أي سياسة فعلية طويلة المدى للجماعة . أعرف ما يقال ولكني اقرأ الأفعال ولا يخيل علي جُمَلْ الدبلوماسية والاستهلاك المحلي . وحتى تعرف مثلي أنه لا خطط طويلة ولا قصيرة المدى وإنما هو ارتجال يسنده الخبرة الطويلة بالعمل السياسي والشعبي . سلهم عن موقفهم من الحرب في العراق . هل سيقفون موقف الحزب الإسلامي وهو ( فرعهم ) هناك ؟ أم يكونوا ( حماسيين ) . وسلهم عن ( اسرائيل ) ؟ وسلهم عن تحكيم الشريعة . وحال الأقباط فيها .

ـ هي حالة من التأرجح في المكان ، تحاول المحافظة على المكتسبات الماضية والحالية لحين توفر فرصة يتم اقتناصها ، ولكن : هل يخيل على الجماهير ، وخاصة مع حالة الانفتاح هذه التي نعيشها اليوم ؟
فالكل يسمع عن أهداف العولمة ونوايا أمريكا في العراق وغير العراق ؟
والطرح العقدي المتمثل في التيار السلفي يناوش الجماعة ، ويقدم بديلا مقبولا ، وهو الأقوى من حيث التنظير على الأقل ، وأعداده تتزايد . فماذا ستفعل الجماعة ؟

ـ النظام ( كاشف الملعب ) وأوراق الإخوان بالنسبة له ( محروقة ) وكلما أراد منهم شيء اعتقل عددا ثم ساومهم ، وبهذا فهو يصادر كل مكتسباتهم . ولكن يبدوا أنه يحتفظ بهم ليساعدوه ـ بطريقة أو بأخرى ـ على تولية مبارك الصغير .

ـ مصر كانت الصخرة القوية التي تحطم عليها التتار والصليبيين ، وتأبّت على ( العبيديين ) ولها ثقل بعدد أفرادها ووفرة مثقفيها ودعاتها ، ولا يمكن أن تظل مصر هكذا ألعوبة وأداة لتحقيق أطماع الأمريكان وغيره في المنطقة . فلم تكن مصر هكذا ولن تكون هكذا إن شاء الله .
فماذا سيفعل الإخوان إن خيروا بين عمل سياسي لا يخرج فعليا عن الأطر العامة الموجودة اليوم وهو ما ترفضه جماهيرهم العريضة وبين الرجوع للسيرتهم الأولى والتمسك بذات الأهداف التي أنشأت من أجلها الجماعة على يد مرشدها الأول ؟

ـ غالب الظن أنه سيحدث انشقاق كبير داخل الجماعة مثل الذي حدث في عهد عبد الناصر وستنفصل القيادة بجزء قليل من القاعدة وتصبح حزبا سياسيا كما حدث لإخوان العراق ، وتلحق الجماهير بآخرين .
فهل سيعيد التاريخ دورته من جديد ؟

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد القصاص
  • مقالات شرعية
  • في نصرة النبي
  • مقالات في فقه الواقع
  • مقالات أدبية
  • تقارير وتحليلات
  • رسائل ومحاضرات
  • مع العقلانيين
  • صوتيات
  • مقالات تعريفية بالنصرانية
  • رد الكذاب اللئيم
  • اخترت لكم
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية