اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/alkassas/125.htm?print_it=1

هل كان عباس العقاد نصرانياً ؟

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

محمد جلال القصاص


بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
الفصل الرابع
موقف عباس العقاد من النصرانية


سعى الاحتلال الغربي إلى تفعيل الأقليات الدينية والعرقية والمذهبية كأداة من أدوات بث الفرقة والنزاع، وصولًا لتغيير هوية الأمة وإعادة بناء المجتمعات على غير قواعد الشريعة، وفي هذا السياق صعد نصارى الداخل في المشهد السلطوي والمشهد الاقتصادي وعامة مجالات الحياة. وحين  تتأمل السياق الذي تحرك فيه النصارى، من القرن التاسع عشر إلى اليوم، يظهر بوضوح تمكنهم من أسباب لم تكن بأيديهم من قبل، حتى أنهم تجرؤوا على محاولة تنصير المسلمين، فيما يعرف بحملات التنصير في أطراف العالم الإسلام وقلبه، وأفادت منهم الإمبريالية الغربية في تغيير ثقافة المنطقة وهويتها.. أفادت منهم كأسباب (مبررات) للفعل الإمبريالي أو بتمكينهم هم من محاولات التنصير والسيطرة على قدرات المجتمعات وبناء تكتلات داخل المجتمعات الإسلامية؛ حين تتأمل هذا السياق يكاد يذهب بعقلك العجب من عباس العقاد وهو يصطف بجوار النصارى ويدافع عنهم، يخالف الجميع ويقف منفردًا شاذًا في أقواله ومواقفه، وهو ما سنبينه في هذا الفصل إن شاء الله.
 
المبحث الأول:
عباس العقاد يدافع عن بولس:

أُرْسِلَ المسيحَ، عليه السلام، إلى بني إسرائيل، وبقي بينهم إلى أن رفعه الله إليه، ولم يمارس الدعوة إلى الله في غيرهم، وأمرَ المسيحُ، عليه السلام، الحواريينَ بالبقاء بين بني إسرائيل وأن لا يخرجوا من بينهم؛ وهذا صريحٌ في الكتاب "المقدس": «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا، بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ»([1])، وكان يقول: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ»([2]). وهو ما نجدهُ في كتابِ ربنا القرآن العظيم الذي حَفِظَهُ عباس العقَّادُ صغيرًا: (وَإِذۡ قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ يَٰبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَمُبَشِّرَۢا بِرَسُولٍ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِي ٱسۡمُهُۥٓ أَحۡمَدُۖ فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٌ مُّبِينٌ) [الصف: 6]. وهو ما نجده في سيرة المسيح، عليه السلام،  وفي سيرة الحواريينَ من بعده، فلم يخرج المسيح، عليه السلام،  ولا تلاميذه إلى غير خراف بني إسرائيل الضالة.
الذي حدث هو أنه بعد رفع المسيح، عليه السلام،  مباشرةً، جاء أحد نشطاء اليهود ودارسي الفلسفة على يد أكبر معلميها وواحد من أشهر من عرف بعداواته للحواريين، وهو (بولس -شاؤول)([3]) بدينٍ جديد، يختلف تمامًا عما عاش عليه المسيح ـ عليه السلام ـ ودعا التلاميذ إليه وتركهم عليه، وبدَّل تعاليم المسيح. فهو الذي افترى "ألوهية" المسيح ـ عليه السلام ـ وقد عاش عليه السلام عبدًا رسولًا لم يقل مرةً: إنه هو الله أو ابن الله متجسدًا، ولا دعا أحدًا لعبادته، ولا عبده أحدٌ من تلاميذه، بل كان يصلي كثيرًا، ويبتهل إلى الله كثيرًا، وكلما أراد فعل معجزةٍ رفع عينيه إلى السماء يستغيث بالله مولانا ومولاه.
وبولس الذي جعلها دعوةً عامةً، وكانت خاصة ببني إسرائيل!
وبولس هو الذي نقض الناموس (شريعة موسى عليه السلام) بأن جعل النجاة بالإيمان (التصديق أو المعرفة)، وكانت بإيمانٍ بالقلب وقولٍ باللسان وعملٍ بالأركان.
وبولس هو الذي حرّم الختان، وكان المسيح مختتنًا وكان التلاميذ مُخْتَتَنُون، ويخْتِنُون.
وبولس وأتباعه الذين أهملوا الحديثَ عن اليوم الآخر وجعلوه كلماتٍ مجملة لا تؤثر في العمل (السلوك)، وكان المسيح، وكل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، يتكلمون عن اليوم الآخر بكثيرٍ من التفاصيل، ويجعلون النجاة فيه بالأعمال الصالحة بعد الإيمان بالله وما أنزل على رسله، وهذا صريحٌ في الكتاب "المقدس": «... وَدِين الأَمْوَات مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَسْفَارِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ»، وفي رؤيا يوحنا اللاهوتي الإصحاح الثاني والعشرين: «وَهَا أَنَا آتِي سَرِيعًا وَأُجْرَتِي مَعِي لأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ»، وفي يوحنا [5: 28، 29]: «لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ».
كالذي عندنا: قبورٌ ونشورٌ، وصحفٌ للأعمال ينظر ما فيها ثم يكون الجزاء على حسبه، وفي أماكن أخرى يتكلم المسيح عن لذَّات ينالها عند الله.. خمرٍ في الجنان يشربه عند الرحمن؛ في (مرقص: 24: 25): «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ أَشْرَبُ بَعْدُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ اللهِ». وظل هذا موجودًا في أدبيات النصارى إلى وقتٍ قريب، وأشهر ذلك ما ورد في "الكوميديا الإلهية" للشاعر الإيطالي "دانتيه أليجيري" حيث ذكر في وصف جهنم (الجحيم) كثيرًا من الأوصاف التي وصفت بها في القرآن الكريم وكذا الجنة (النعيم). وتم محو هذه التفاصيل والفاعل كان بولس والذين اتبعوه. فلم يعد يذكر العذاب والنعيم إلا بكلامٍ مجمل لا يكاد يدفع أو يردع.
وبولس هو الذي تكلم عن وراثة الخطيئة من آدم عليه السلام: (كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ) [رومية (5/12)] . وأصر بولس على أن (أجرة الخطية هي موت) [رومية (6/23)]، وعلى العكس من كلام بولس عن الخطيئة يتحدث الكتاب "المقدس" : (بر البار عليه يكون، وشر الشرير عليه يكون) [حزقيال (18/20)]، وفيه حديث عن أبرار كانوا في القديم، وأبرار في كل زمان ( كالأطفال)، والمسيح يعظهم بالذبح وعمل الحسنات لتغفر خطاياهم، وبعد هذا كله جاء بولس وافترى التجسد والصلب من أجل الفداء .
إن ما تراه عينك الآن في النصرانية جاء بعد المسيح ـ عليه السلام ـ على يد بولس والذين اتبعوه؛ فهؤلاء الذين تراهم أمام عينيك أتباع بولس وعبَّاد المسيح، وليسوا بعبيد اللهِ أتباعِ المسيح!!
ولم يكن بولس على علاقة جيدة بتلاميذ المسيح-عليه السلام-، بل كانوا على عداءٍ تام.. وعلى رفضٍ تام.. وعلى النقيضِ تمامًا مما يفعلهُ بولسُ، ولم يتبعه إلا واحد منهم (برنابا).. خرج معه واعظًا ثم نَفَضَ منه يديه وتبرأ منه على الملأ، وكتب كتابًا (إنجيل برنابا) يُثبت فيه تلك البراءة، وقد تنكر أتباع بولس لهذا الإنجيل، وحاولوا أن يخفوه!!
ويعلم الذين يقرؤون كتاب النصارى أن بولس زارَ تلاميذَ المسيحِ ـ عليه السلام ـ في بيت المقدس مرتين وعرض عليهم ما افتراه في دين الله، وفي المرتين خالفوه، وذكر هو بنفسه مخالفتهم له في (غلاطية 2: 1 ـ 9)، وحين يأس منهم سبَّهم وشتمهم بألفاظ قبيحة لا تخرج من تقي فضلًا عن "رسول"، يقول عنهم: (كذبة) و(كلاب) و(فعلة الشر) و(لا يفهمون شيئًا)([4])!!
ما شأن عبّاس العقَّاد بهذا ؟!
كل هذا الاختلاف.. كل هذا التضاد بين بولس وتلاميذ المسيح، عليه السلام، ، وعباسُ العقَّاد يجعلهم سواءً.
يقول: كلهم تلاميذ المسيح ـ عليه السلام ـ وكلهم انتشروا في الأرض بأمر المسيح ـ عليه السلام ـ([5])!!
يقول: (الدعوة المسيحية بعد السيد المسيح كانت ترجع إلى مركزين: أحدهما برئاسة جيمس أي [يعقوب] المسمَّى بأخي الرب، ومقره بيت القدس، والثانية برئاسة بولس الرسول ومريديه، ومقرها خارج فلسطين بعيدًا عن سلطان هيكل اليهود. وقد كانت شعبة بيت المقدس أقرب إلى المحافظة والحرص على شعائر العهد القديم)!!
ثم يقول: (وظلت الرئاسة على العالم المسيحي معقودة لهذه الشعبة المقيمة في بيت المقدس حتى تهدَّم الهيكل وتقوضت مدينة بيت المقدس وتبددت الجماعة في أطراف البلاد، وآلت قيادة الدعوة إلى الشعبة التي كانت تعمل في خارج فلسطين)([6])!!
ولم يترك المسيح-عليه السلام- دولة بل أفرادًا يعدُّون عدًّا، تركهم محسورين مكبوتين خائفين، والعقَّاد يقول: فريقان يتناوبان رئاسة!!
وهو متردد، وتردده أمارة على فساد رأيه؛ مرة يقول: التلاميذ كانوا اثنى عشر، ومرة يقول: كانوا ثمانين، ومرة يقول: ترك المسيح شعبًا كثيرًا([7])، ومرة يقول: بل ترك شُعْبتين متوازيتين إحداهما بالداخل والأخرى بالخارج، وفي ذات الكتاب يغير عباس العقاد كلامه فيذكر أن التحريف الحاصل في النصرانية على يد (بولس) ومن معه كان تطورًا طبعيًا([8]).
والقول بأن التغير الحاصل على يد (بولس) كان تطورًا وطبعيًا ينقض قوله الأول بأن بولس من التلاميذ، وأن المسيح ـ عليه السلام ـ ترك شعبتين متوازيتين إحداهما بالخارج يترأسها (بولس) والأخرى بالداخل يترأسها يعقوب أخوه([9])!!
والقول بأن التغير الحاصل على يد (بولس) كان تطورًا وطبعيًا غير صحيح من ناحيتين:
الأولى: أنه لم يكن تعديلًا بسيطًا في الفروع اقتضته المستجدات بعد أن طال عليهم الأمد وتغير الزمان واقتضى الحال تغير الفتوى كما يدعي عباس، وإنما كان تبديلًا شاملًا كما قدّمتُ.
الثاني: أن هذا التغير كاد أن يلحقَ المسيحَ ـ عليه السلام ـ فبولس (مؤسس شعبة الخارج كما يدعي عبَّاس) من معاصري المسيح ـ عليه السلام ـ في نفس عمره تقريبًا، وبدأ دعوته بعد رفع المسيح ـ عليه السلام ـ بأيام. فأين التطور الذي يتكلم عنه العقاد؟!
وحين تُراجِع أدلة عبّاس التي يتكئ عليها في موقفه الإيجابي من بولس لا تجد شيئًا يقبل، يقول: عُذِّبَ وأوذي هو ومن معه وتبعته ألوف من الناس([10])، وأهلُ الباطلِ لا يتحملون العذابَ([11])!! بهذا يدلل، وكلامه غير صحيح فبولس لم يُعذَّب ولم يؤذَ؛ وجهده الذي بذله لا يساوي جهدَ ناشطٍ يترأس أسرة دعوية بين طلاب المدن الجامعية، فلم يقاتل عدوًا ولم ينفق مالًا، بل كان كذَّابًا متلونًا يلبس لكل قومٍ لبوسهم([12])، ولم يجلد ظهره أو يؤخذ ماله، وضربت عنقه في نهاية حياته بعد أن شاخ دونما تعذيب وتشريد، ومثل هذا النوع من الناس يُقدمون على القتل كنوع من الدعاية لأفكارهم. وإن سلمنا جدلاً أن بولس لاقى عذابًا شديدًا ـ وهو ما لا نعرفه ـ فلا يصلح أن يتكئ العقاد عليه كدليلٍ على موقفه الإيجابي من (بولس)، فلو أن كلَّ من صبر على بلاءٍ وتبعه ألوف من الناس صحّحنا مذهبه، لصار الكل تقيًّا مؤمنًا. بوذا.. وكرشنا.. وجنكيز خان.. والحلاج وكان جلدًا صبورًا.. والجهم بن صفوان.. ومحمد بن كرام.. والجعد بن درهم.. بل ليس ثَمَّ تمكينٌ لحقٍ أو باطلٍ بلا جَلَدٍ ومجالدة، والأكثرية تتبع شهواتها(وَمَآ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوۡ حَرَصۡتَ بِمُؤۡمِنِينَ) (يوسف: 103)، والانتشار ليس أمارة على الصواب، يقول الله تعالى: (وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ) (الأنعام: 116).
فَتَّشْتُ كثيرًا وطويلاً فيما كتب العقاد.. فوجدت الرجل يصر على  تصويب بولس ومن كانوا معه من المبدلين لدين الله؛ حتى إنه يدفع عن بولس تهمة الكذب التي أقرّ بها على نفسه، وشهد عليه بها أصدقاؤه وأعداؤه؛ يقول العقاد مدافعًا عنه: (بولس كان يتألف القلوب ببعض المجاملة)([13]).
وشيءٌ آخر:  المسيحُ ـ عليه السلام ـ وبولس مرَّا بالتاريخ مرور الكرام في زمانهما، حتى إنك لا تستطيع أن تدلل على وجود المسيح ـ عليه السلام ـ من غيرِ كتب المسلمين، وكلُ كتابٍ يتكلم عن المسيح وعنه بما في ذلك كتاب النصارى لا يثبت أمام النقد العلمي!!
دخل الوثنيون النصرانية بعد قرنين أو يزيد من رفع المسيح ـ عليه السلام ـ وجعلوا ينتقون منها بأهوائهم، وجيء ببولس وتلك الكتابات التي بين أيديهم من تحت ركام الأيام، فعقيدة النصارى الآن ظهرت بعد قرون من رفع المسيح ـ عليه السلام ـ وهلاك بولس وشارك فيها رجال (آباء الكنيسة) بمعنى أنها تتطور يومًا بعد يوم، وبعض الرسائل لا يُعرَف كاتبها، على سبيل المثال (سفر أعمال الرسل) وهو أهم الأسفار المنسوبة لبولس.
هذه هي الحقيقة التي لا يجهلها مهتم.
كيف طوعت له نفسه أن يُصور بولس وكأنه جاهد واجتهد وشدَّ واشتد حتى مكّن للنصرانية، وكأنه على خطى المسيح ـ عليه السلام ـ ؟!!
كيف سولت له نفسه أن يتكلم بهذا الكذب المكشوف؟!
بعد أن تحدث عبَّاس العقاد بهذا الإفك في الطبعة الأولى من كتابه "عبقرية المسيح" اعترض عليه كثيرون، وكان رده عليهم بأنه فتح الإنجيل أكثر من ألف مرة، وأنه يعرف ما لا يعرفون، وحقَّر من شأنهم، ولم يعتنِ بقولهم أو يناقش حججهم وبالتالي لم يتراجع عن قوله وأعاد طبع كتابه([14])!!

المبحث الثاني:
موقف العقاد من ألوهية المسيح المزعومة:

النصارى يقولون عن المسيح ـ عليه السلام ـ إنه هو الله، أو ابن الله، ثم هم مختلفون فيمن عاش بين الناس(شخص المسيح عليه السلام): هل كان حال معيشته بين الناس إنسانًا كاملًا أم "إلهًا" كاملًا أم بعضه إنسان وبعضه "إله"؟؛  يقولون بكل هذا، وكل هذا لا يجتمع، وأي من هذا لا يصح، لذا كل فرقة منهم تُكَفِّر أختها، ولا ترى نجاةً لها!!
ومتفقون على أن أن المسيح ولد من سيدةٍ عذراء، وتبعه اثنا عشر تلميذًا.
ومتفقون على أن آدام أخطأ وورثت ذريته الخطيئة، فتجسد "الله" ـ أو ابن "الله" ـ من أجل أن يُكَفِّرَ عن هذه الخطيئة!!
ومتفقون على أن الشخص الذي صلب قُبض عليه وسِيق مُقيدًا يُبصق في وجهه ويُضرب على قفاه، ثم صُلب على الأخشاب وراح يصرخ من الألم!! تعالى الله وتقدس عما يقولون علوًّا كبيرًا.
ومتفقون على أن مَنْ صدق هذا نجا من الجحيم واستحق النعيم، مهما اقترف من المعاصي، فشرطُ النجاةِ عندهم هو قبول المسيح فاديًا ومخلصًا([15])!!
وعقيدتهم هذه ليست جديدة كما يزعمون، بل وجدت من قبل!! ففي القرن التاسع عشر الميلادي، تأسس علم مقارنة الأديان، وساح أحد الباحثين في الأرض يتتبع الديانات الوثنية، فوجد أن الرواية النصرانية عن المسيح ـ عليه السلام ـ وجدت قبل ذلك أكثر من مرة عن غيره([16])، فليس في عقيدة النصارى الموجودة اليوم، والتي أسسها بولس ـ كما مرّ سابقًا ـ شيء جديد أبدًا.. بل كلها من الوثنيات([17])!!
وشيءٌ آخر:
إذا نظرنا لنبي الله المسيح ـ عليه السلام ـ من الناحية التاريخية، بمعنى أننا إذا استدعينا شهادةَ المؤرخين الذين كتبوا التاريخ في عصره، إذا بحثنا عن الروايات المتواترة أو غير المتواتر المنقولة مشافهةً من جيلٍ لجيلٍ تحكي شيئًا عن حياة المسيح ـ عليه السلام ـ فلن نجد شيئًا مذكورًا، وهذا قول "علماء الأديان"، وكتاب النصارى الذي بين أيديهم لا يثبت للنقد التاريخي، ولا يمكن الاعتماد عليه مصدرًا من مصادر التاريخ([18]).
ما شأن عباس العقَّاد بهذا؟!
في سياق تدافع حملات التنصير مدعومة من الاحتلال الغربي، وانشغال الجادين بما قد دهاهم من سقوط الخلافة وتفتيت الأمة وغلبة العدو، وقف عبَّاس يدافع عن عقيدة النصارى حتى أحبوه وأثنوا عليه خيرًا، كما مرَّ معنا في المقدمة من ثناء زكريا بطرس وناهد متولي، يقول: من قبيل ما يفعله المتصوفة من نسبة كل الكرامات إلى من يحبون من الأولياء! ومن قبيل خلع كل ما قيل في الكرماء على من عرف بالكرم!!
 هل التجسد والصلب من أجل الفداء مجرد  مدح من التابع للمتبوع؟؟!!
سبحانك هذا بهتان عظيم.
دعنا نمر. فحسبي أن تعرف ماذا يقول عبّاس، وأين يقف. فكشف الأقوال والمواقف يكفي.
عقيدة التجسد والصلب من أجل الفداء خرجت من رأس الشيطان، أوحى بها إلى أوليائه، قال العليم الخبير سبحانه وتعالى ذكره: { وإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}[الأنعام:121] ، ولذا تجد ذات العقيدة تتكرر في جنبات المعمورة دون اتصال مكاني أو زماني، وفي سيرة "بولس_شاؤول" ما يدل على أن  الشيطان هو الذي أوحى إليه([19]) بهذه الأفكار المكررة.
شخص الشيطان هو مصدر الكفر والعصيان، وذلك حين يجد نفسًا أمارة تستجيب له. هو الذي جاء قوم نوحٍ –عليه السلام- في هيئة رجلٍ  وصوّر لهم الصالحين، ثم نحت مثل الصور أصنامًا ثم عبدوها، وعمرو بن لحي جاءه إبليس ودلَّه على الأصنام التي كانت في "جدة" وأمره بإخراجها ورسم له الخطة ونفذها عمرو، وحين تتدبر (آلهة) العرب، و(آلهة) الفراعنة، و(آلهة) الدول التي قامت في العراق والشام.. الآشوريين والكلدانيين والبابليين والنبط، و(آلهة) اليونان، و(آلهة) الهند والصين واليابان تجد كلها متشابهة. الأفكار والأسماء وكل شيء تقريبًا. ما يدلك على أنها خرجت من رأسٍ واحدة هي رأس إبليس إمام الضالين([20])، حتى عبَّاس  ذكر في ثنايا كلامه مرة أن "العُزى" هي إيزيس([21]) ولم يقف ويحاول تفسير هذا التشابه. والتفاصيل، التي تبين التشابه الكبير بين من عبدهم الكفار في كل زمان ومكان، تستطيع أن تقف عليها في السرد الذي قدمه جواد علي في كتابه "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام.
ولا أدري من أين أتى عبّاس بأن كل محبٍ يخلع على محبوبه كل صفات المدح وينسب إليه كل كرائم الممدوحين؟! ولا أدري من أين أتاه أن كلَّ كريمٍ ينسب إليه كل مناقب الكرماء؟!
وتدبر هذه؛ يقول، وهو يرد على إنكار علماء مقارنة الأديان لوجود المسيح عليه السلام، : إن ذلك من نشوة العلم الجديد.. يقول: كان علم الأديان جديدًا فأخذته النشوة، فعمد إلى الغريب كي يلتفت الناس إليه. وفي مكان آخر (رسالة الله) مسالمٌ ودودٌ لعلم مقارنة الأديان ينقل عنهم ويناقشهم!! ثم هو يعترف بأن المصادر التاريخية خالية من ذكر المسيح ـ عليه السلام ـ وأن لا دليل فيها على وجود المسيح!!
والسؤال الذي ظلّ ثائرًا في خاطري لم يهدأ وأنا أقرأ دفاع العقاد عن النصرانية هو: هل كان يقرأ كتاب الله؟!، هل كان يصدق ما أنزل الله على محمدٍ، صلى الله عليه وسلم؟!
هل أتاه أن الله العليم الخبير شهد بوجود  المسيح ـ عليه السلام ـ في كتابه، وأن شهادة الله-سبحانه وتعالى- تكفي {قل أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ}[الأنعام:19] .
وبعد.. أردت من هذا المبحث أن أبين أن العقاد دافع بوعي تام.. وفي كتابٍ (عبقرية المسيح) وليس مقالٍ أو مقالين، عن وثنية النصرانية، وتم الاعتراض عليه من أقرانه وقرائه ولم يتراجع بل طبع الكتاب مرة ثانية واستخف بالنقد في مقدمة الطبعة الثانية، بمن اعترض عليه!!

المبحث الثالث:
عباس العقاد يدافع عن كتاب النصارى:

يواجه كتاب النصارى عددًا من المشكلات؛ واحدة منها فقط تذهب بقدسيته، أول هذه المشكلات وأهمها: (التقديس). من أين جاءه التقديس؟!، أو  مَن قال إنه مقدس؟!
ظهر وصف "القداسة" على كتاب النصارى بعد أربعة قرون من رفع المسيح، عليه السلام،  تحديدًا من "المجامع المقدسة" التي عقدت في القرن الرابع الميلادي. والعقاد يعرف ذلك ويذكره([22]).ولا توجد ضوابط معلنة بموجبها قيل أن هذه الكتب الأربعة والرسائل الملحقة بها مقدسة، فقد كانت الكتابات التي سجلت تعاليم المسيح، عليه السلام،  وتاريخه بين الناس كثيرة فاختاروا بعضها وخلعوا عليه وصف القداسة.
المشكلة الثانية: الخبرُ بمن يخبر به، أو بشواهدٍ في ذات الخبر تدلل على صدقه؛ فبعضهم إن أخبرك صدّقتَ مهما كان الخبر غريبًا كأبي بكر والصحابة صبيحة الإسراء، ويكون الدليل أن  الصادق الأمين هو الذي أخبر؛ وبعضهم إن أخبرك شككت في قوله ولو بدا أن القولَ صوابٌ لعلمك بسوء حاله.
وكتاب النصارى مردود من الناحيتين، من ناحية المخبِر به ومن ناحية ما فيه من أخبار؛ فأشخاص (أعيان) الذين كتبوا الكتاب مجهولة كليًا أو جزئيًا بما يطعن في خبرهم. وكثير مما كتبوه يُكذِّب بعضه بعضًا. والكتابات في عدم ثبوت عصمة للكتاب "المقدس" كثيرة ومنتشرة تحت عنوان "النقد النصي" الذي قدمه العلمانيون للكتاب "المقدس" بعهديه.
في الوقت الذي كان تعاني فيه الكنيسة من نقد كتابها بأيدي العلمانيين من أبنائها حتى أنهم أخرجوه من دائرة الموثوقية كليةً وفي الوقت الذي بدأت فيه طلائع الرد على شبهات المنصرين الذين انتشروا في جنبات العالم الإسلامي، وقف عبَّاس يدافع عن كتاب النصارى، وهذه بعض الأمثلة:
المثال الأول: بعض الأناجيل متشابهة، ويفسر العارفون هذا التشابه بأن بعضهم نقل من بعض، ما يعني أن الأناجيل كتبت بأيدي بشر ولم تكن وحيًا من الله. بل أناس كتبوا بأيديهم ونقلوا من بعضهم، والعقاد يعترف بهذا التشابه([23])، ويرد نيابة عن النصارى، فماذا يقول([24])؟!
يعلل بتعليلٍ ساذج يدل على سطحية في التفكير واستخفاف بالقارئ، يقول: لتشابه المصدر الذي ينقلون عنه!! بمعنى أنهم نقلوا من مصدرٍ واحد، ولذا تشابهت أقوالهم!!
 والنصارى يرفضون ذلك؛ لأنهم يقولون: أن الأناجيل كتبت بـ(وحي من الله) وليس عن طريق النقل من أي مصدر. والعقلاء يرفضون ذلك لعدم وجود دليل عليه، فلم يقل أحد قبل العقاد: إن مَن كتبوا الأناجيل كانوا ينقلون من مصدرٍ ما؛ بل كان نوعًا من تسجيل الأحداث للتاريخ أو للتسلية مع صديق([25])، ولكن العقّاد ـ كعادته ـ يرمي بكلام من تخمينه هو[26]. وهذا ما أريد إثباته أنه ليس فقط يدافع عن باطل، بل وبغير علم.
المثال الثاني: ومما يبين أن العقاد يدافع عن النصرانية، وبغير علم، قوله: (روايات الأناجيل تطابق التطور المعقول من بداية الدعوة إلى نهايتها، ومن التطور المعقول أن تبتدئ الدعوة قومية عنصرية ثم تنتهي إنسانية عالمية، وأن تبتدئ في تحفظ ومحافظة ثم تنتهي إلى الشك والمخالفة، وأن تبتدئ بقليل من الثقة في شخصية الداعي ثم تنتهي بالثقة التي لا حد لها في نفوس الأتباع والأشياع، وهكذا كانت الدعوة المسيحية كما روتها الأناجيل دون أن يتعمد كُتَّابها تطبيق أحوال التطور أو تلتفت أذهانهم إلى معنى تلك الأحوال)([27]).
يحاول صب النصرانية في قالب التطور، أو يقرأها من منظور التطور، وما يعنيني هنا هو بيان: كيف يفكر؟، وأنه يبث أوهامًا.. ممسكًا بفكرة أو فكرتين ويقرأ كل شيء بهما. وحين تدخل في التفاصيل تجد أنه يكذب، فالنصرانية لم تتطور كما ادعى، وإنما كبتها يهود ثم  هجم عليها الوثنيون وأخذوها بعيدًا.
المثال الثالث: في كتاب النصارى أن الشيطان تسلط على ربهم أربعين يومًا وليلة يهبط به ويصعد، ويدخل به ويخرج، ويقوم به ويقعد، ويأمره وينهاه، وهي إحدى أشهر ما يتردد نقدًا للكتاب "المقدس"، ونسأل: كيف يتسلط الشيطان على رب الأرباب؟! وكيف يأخذه ويسيح به هكذا؟! أإله هذا؟! ولا نجد إجابة.
والعقاد ـ حشر نفسه وراح يرد نيابة عنهم، وكالعادة بكلام يقوله من عند نفسه، يقول: كانت هذه الرحلة، التي تسلط فيها الشيطان على إله النصارى، نوع من رياضة النفس([28])، ولست هنا لمناقشة ما قيل عن المسيح وإنما لكشف مواقف العقاد وعرض عقله عليك، لتعلم أين يقف وكيف يفكر؟
المثال الرابع: في كتاب النصارى هذا النص: (وإن كان أحد يأتي إليّ ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته، حتى نفسه، فما هو بقادر أن يكون لي تلميذًا)([29])، فبزعمهم هذا يكون شرطًا للإيمان بالمسيح ـ عليه السلام ـ أن تبغض نفسك وأولادك وأمك وأباك وزوجتك، وهو نص محرف ولا شك، فلا نبي يدعو لقطيعة الرحم وعقوق الوالدين وإشعال النار في البيوت بغرز الكراهية بين أفرادها، ربما كتبه من أراد الإساءة للمسيح- عليه السلام- . والمحبون يقفون حول هذا النص حائرين  لا يدرون كيف يدافعون عنه، ودون أن ينتدبه أحد جاء العقاد ليدافع فقال: (وهذه وأشباهها من الشروط الصارمة التي كان يفرضها على مريديه؛ هي الشروط التي لا غنى عنها لكل دعوة مستبسلة أمام السيطرة والجبروت).
كأن شرط الإيمان أن تتحلى بهذه الصفات الرديئة التي يبغضها كل الناس!!
هذا ما يدور في عقل "العملاق" عبّاس!!
 المثال الخامس: أكثَرَ عباس العقاد من الحديث عن أن دعوة المسيح ـ عليه السلام ـ كانت دعوة مسالمة، في الضمائر فقط، تدع ما لقيصر لقيصر وما لله لله، تتنحى عن السلطة ولا تتصدى لها بإبطال أو بإنقاذ، وأن قيمة الإنسان بما يضمره لا بما يظهره، وأن ملكوت السموات في الضمير وليس في القصور والعروش، وأنها كانت على نسق واحد، دعوةً للسلام استولت على الدنيا كلها من يومها إلى الآن، وأنها دعوة ملكوت يدوم ولا يعرف له انتهاء، وأن ما تدعيه اليوم من سماحة وغفران هو جوهرها، ويثني على تحريم الطلاق إلا لعلة الزنا ويقول: هو شريعة المسيح([30]).
ويقول عن رسالة عيسى ـ عليه السلام ـ أنها كانت دعوة إنسانية عالمية([31])، ويقول بأن المسيح ـ عليه السلام ـ هو الذي نقض الناموس لأنه جاء بشريعة الحب لا شريعة الأوامر والنواهي، ويتطاول على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر([32]).
ولم ينقض المسيحُ ـ عليه السلام ـ الناموس (تعاليم موسى عليه السلام في العهد القديم) وإنما أكمله، والذي نقض الناموس هو بولس، والدعوة التي انتشرت هي دعوة بولس وليست دعوة المسيح ـ عليه السلام؛ وما يضمره الإنسان يظهر على جوارحه ولا شك فالظاهر لا ينفك عن الباطن؛ والنصرانية تدّعي السماحة والغفران ولا تعرفها، فكم قتل أدعياء المحبة!! سل عن الحروب الصليبية، وسل عن الحروب الأوروبية منذ كانوا إلى الحرب العالمية الثانية، وسل: ماذا يُفعل بالأبرياء في العراق والصومال والشيشان وأفغانستان وفلسطين والشام.. كلها مِن فعل أدعياء المحبة!؛ والطلاق والزواج والميراث وكل ما تراه عينك من شرائع هي من بولس والذين اتبعوه من الآباء.
المثال السادس:  يدعي أن الخلاف بين أتباع المسيح، عليه السلام،  كان بين منهجين: منهج الالتزام الحرفي ومنهج الالتزام بالمعنى، ويضرب مثالاً بمن اختصي ومن تقشف حتى أكله الدود، ويقول: ليس ثَمّ خلاف([33]).
ودعواه هذه تخالف الحقيقة كليةً، فالقوم لم يتفقوا على شيء تقريبًا، واختلاف تضاد لا اختلاف تنوع، وفي العقيدة لا في الشعائر، مختلفون في طبيعة المسيح، عليه السلام، وفي أمه مريم ـ عليها السلام ـ وفي الفداء لمن يكون؟، وفي الشعائر التي يؤدونها في كنائسهم.. في كل شيء ويجاهرون بتكفير بعضهم، والله يقول: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ }[المائدة:14]
بقي مما أعددته لهذا المبحث ثمانِ ورقات ممتلئة بمثل ما قرأت، ومما فيها: أن العقاد في مكانٍ يقول بأن كتبة الأناجيل هم الحواريون([34])، وفي مكان آخر يعترف بأن مرقص ولوقا ليسا من الحواريين، وفي مكان يقول: التلاميذ اثنا عشر، وفي مكان يقول: ثمانون، وفي مكان يقول: مات المسيح وخلفه صفوف كثيرة من الأتباع... إلى آخر هذا التضارب. ولا أريد أن أطيل؛ فقصدي فقط التمثيل للتدليل على تلك الأباطيل التي يُلقي بها العقاد. وعلى أن العقاد يدافع عن الذين كفروا من أهل الكتاب وبالكذب.
 
المبحث الرابع:
 موقف العقاد من قضية صلب المسيح:

الرواية النصرانية لحادثة الصلب المزعومة تنص على أن المسيح، عليه السلام، قبض عليه بعد أن خانه أحد تلاميذه (يهوذا الإسخريوطي)، وسيق مقيدًا في أغلاله يُبصق في وجهه ويُصفع على قفاه ويُستهزأ به، ثم حاكموه، وصلبوه وقتلوه على الصليب. هذا ما يقوله النصارى في قضية الصلب، ويقولون: إن كل ذلك تم من أجل افتداء الناس من الخطيئة التي ورثوها عن أبيهم آدم!!
وقضية الصلب التي يتكلم عنها النصارى تواجه عددًا من المشكلات التي لا يوجد لها حل إلى الآن: منها: أنها ظهرت بعد المسيح ولم يتكلم بها المسيح عليه السلام، بل بولس هو أول من تكلم بأن خطيئة آدم ورثت في ذريته، وأن أجرة الخطيئة دم يسفك. هو الذي تكلم عن (السقوط والتجسد والفداء)، وكلام بولس ليس له شواهد من (العهد القديم) و لا مما ينسبونه للمسيح، عليه السلام. بل في (العهد القديم) و(العهد الجديد) أن الخطيئة لا تورث، ولا يؤخذ أحد بذنب أحد، وأن الأبرار موجودون في كل زمان، وأن الله يغفر الذنوب جميعًا، وأن الحسنات يذهبن السيئات([35]).
ومنها: قولهم بأن  الخطيئة لا محدودة، وتحتاج إلى فداء لا محدود.. تحتاج أن يموت (الله) كي يكفر عن خطايا البشر، إذًا كي يتم الفداء لا بد أن يموت (الله)، ولا يكفي (الناسوت) فقط؛ فهم بين أمرين: إما أن يقولوا: ما مات الله وتم الفداء، ولا يستطيعون قول ذلك، لأنهم يعتقدون حياة أقنوم الابن بجوار الآب الآن في السماء، ولا يستطيعون قول ذلك لأنهم لو قالوا به لن يتم الفداء، أو يقولون: لم يمت الإله بل (الناسوت) فقط، ولا يتم الفداء بالناسوت (الجسد) فقط ـ حسب معتقدهم ـ فلا بد من لا محدود كي تكفر الخطيئة!!
والأمر مرهق جدًّا، ولا يوجد كلام واضح يقدمونه لمن يناقشهم. هم في حيرة لا تذهب عنهم حالهم على ما وصف الله: "وَإِنَّهُمۡ لَفِي شَكّ مِّنۡهُ مُرِيب" (هود: 110). ومنها أن قضية الصلب من أجل الفداء، بذات الهيئة التي  يدعيها النصارى، تكررت من قبل كثيرًا. وقد سبق بيان ذلك([36]).  وأكبر التحديات التي تواجه قضية الفداء والصلب هو إنكار العليم الخبير لها في كتابه المجيد؛ قال تعالى: (وَبِكُفۡرِهِمۡ وَقَوۡلِهِمۡ عَلَىٰ مَرۡيَمَ بُهۡتَٰنًا عَظِيمًا١٥٦ وَقَوۡلِهِمۡ إِنَّا قَتَلۡنَا ٱلۡمَسِيحَ عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنۡهُۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينَۢا) [النساء: ١٥٦ – ١٥٧].
ونطرح على  الأستاذ عباس هذا السؤال: هل قبض على المسيح وحوكم ثم صلب كما في كتابهم؟ أم أنهم ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم كما في القرآن الكريم؟!
الأستاذ  محتار لا يعرف إجابة؟!!
 إي والله.. هذا المسلم الذي يزعمون أنه ممن دافع عن الدين محتار في قضية الصلب كانت أم لم تكن!!
يقول في كلامه عن الصلب، وهو في آخر كتابه "حياة المسيح أو عبقرية المسيح حسب الطبعة الأولى": (ففي حادثة الاعتقال لا يدري متتبع الحوادث من اعتقله ومن دل عليه، وهل كان معروفًا من زياراته للهيكل أو كان مجهولًا لا يهتدى إليه بغير دليل).
ونسأل: لم الحيرة؟!
لو كان الرجل يعتمد على كتاب النصارى فإنه سيصرح سريعًا بأن الذي اعتقله هم يهود بعد أن دلَّهم عليه يهوذا الإسخريوطي، وأنه حوكم في الهيكل من قبل يهود، وأن يهود تجمعت تهتف: (اصلبه) حتى قتل وصلب، أو صلب ثم قتل كما يزعمون في كتابهم. ولو كان يؤمن بالله والنبي وما أنزل إليه، لقال بقول الله تعالى: (وَبِكُفۡرِهِمۡ وَقَوۡلِهِمۡ عَلَىٰ مَرۡيَمَ بُهۡتَٰنًا عَظِيمًا١٥٦ وَقَوۡلِهِمۡ إِنَّا قَتَلۡنَا ٱلۡمَسِيحَ عِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنۡهُۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينَۢا) [النساء: ١٥٦ – ١٥٧]. أو يقول بما ورد مفصَّلًا في السنة النبوية عَنِ عبد الله بن عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ إلَى السَّمَاءِ خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ ـ وَهُمَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا ـ مِنْ عين في الْبَيْتِ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً، فَقَالَ لَهُمْ: أَمَا إنَّ مِنْكُمْ مَنْ سَيَكْفُرُ بِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً بَعْدَ أَنْ آمَنَ بِي، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ سَيُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي فَيُقْتَلَ مَكَانِي وَيَكُونُ مَعِي فِي دَرَجَتِي؟! فَقَامَ شَابٌّ مِنْ أَحْدَثِهِمْ، فَقَالَ: أَنَا، فَقَالَ عِيسَى: اجْلِسْ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَامَ الشَّابُّ، فَقَالَ عِيسَى: اجْلِسْ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَامَ الشَّابُّ، فَقَالَ: أَنَا، فَقَالَ: نَعَمْ أَنْتَ ذَاكَ، قَالَ: فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهُ عِيسَى.
قَالَ: وَرُفِعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنْ رَوْزَنَةٍ كَانَتْ فِي الْبَيْتِ إلَى السَّمَاءِ، قَالَ: وَجَاءَ الطَّلَبُ مِنَ الْيَهُودِ فَأَخَذُوا الشَّبِيهَ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ صَلَبُوهُ, وَكَفَرَ بِهِ بَعْضُهُمَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً بَعْدَ أَنْ آمَنَ بِهِ([37]).
ولكن العقَّاد وقف حائرًا..
 كيف وقف حائرًا؟!
لا أدري. ولا إخالك تدري!!
لم يكن إنجيل يهوذا([38]) قد ظهر بعد حتى نقول: جاءه بعض الشك بسبب قراءته لإنجيل يهوذا!!
وتدبر هذه الكلمات للعقاد: (ولا نستطيع كما أسلفنا أن نقرر على وجه التحقيق من الناحية التاريخية كيف كانت نهاية السيرة المسيحية)([39])، ويتكلم بعد ذلك عن (قبر) المسيح ـ عليه السلام ـ  هل هو في فلسطين أم في كشمير؟!!
يتقاطع بل يتطابق عبَّاس العقاد مع طه حسين في إنكار حجية القرآن الكريم. والفرق بينهما أن طه حسين صرَّح بعدم اعترافه بالقرآن كمصدر تاريخي وقال قولته الشهيرة: (للقرآن أن يحدثنا كما يشاء عن إبراهيم وإسماعيل، ولنا أن نصدق أو لا نصدق)؛ وعبَّاس تحدث بأفعاله، فاعتمد رواية النصارى عن المسيح ولم يعتمد رواية القرآن الكريم، بل تعدى طه حسين وأكد على أن  كتاب النصارى يصلح كمصدر من مصادر التاريخ!!، ولا أعتقد أن العقاد يجهل ما شاع في علم "النقد النصي" للكتاب "المقدس"، وهو علم قدَّمه العلمانيون بعد اكتشاف مخالفة الكتاب "المقدس" للحقائق العلمية المكتشفة حديثًا عن كروية الأرض وتاريخ البشرية، وانتهى هذا العلم إلى عدم موثوقية الأخبار التي وردت بين دفتي "العهد القديم و "العهد الجديد". ولا أدري لماذا أقدم عبّاس على هذه المجاملة للنصارى.
وإن قيل: إنه يقول بما تقول به المصادر التاريخية. فهذا غير صحيح لأن المصادر التاريخية لم تتكلم عن المسيح، عليه السلام، . والعقاد يعرف هذا، وذكره في بعض المواطن وفسر إهمال المؤرخين للمسيح، عليه السلام، بكونهم يهود ولذا لم يهتموا به بل تعمدوا إخماد ذكره. ولكن السبب الحقيقي أن العلمانية حين كتبت التاريخ حاولت إهمال ذكر رسل الله، فأخرجت موسى من تاريخ الفراعنة وأخرجت المسيح، وأخرجت كل الرسالات، ولولا استمرار أثر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لحاولوا إخراجه أيضًا[40]. وقد مر بيان ذلك في الفصل السابق. وكذلك لم يكن للمسيح، عليه السلام، كبير أثر في حياة البشرية، والتأثير جاء بعد ذلك من أتباع بولس ومن الوثنين، وتوطين المسيح في الذاكرة جاء من القرآن الكريم بالأساس ولولا ما أنزل الله على رسوله محمد، صلى الله عليه وسلم، لربما ظلّ المسيح وأمه تحت ركام الأيام وبقي بولس وأتباعه.
لم يكن العقاد نصرانيًّا، بل كان منتسبًا للإسلام ويدافع عنه أحيانًا، ولم يكن العقاد يؤمن بالصلب من أجل الفداء، بل يصرح بأن لا خطيئة موروثة، ولكنه لم ينفِ ما تكلم به في كتاب "حياة المسيح/ عبقرية المسيح"، ولم يصرح بضده إلا في جملة أو جملتين، ومات وكتبه منشورة، ولم يصلنا أسف منه على شيء منها أو فيها، والذي أرتاح إليه هو ما صرحت به مرارًا في هذا الكتاب، وهو أن الرجل عاش مشاغبًا، ويحرص على أن يقف وحيدًا إن تكلم عن النصرانية أو تكلم عن الإسلام، إن كان في الأدب أو كان في الفكر!!
هذا هو العقاد.. لم ينصر إسلامًا ولم يغظ كفرًا، وإنما أضاع جهده ونفسه في إثبات ذاته ومناطحة أقرانه، وأضاع وقتنا في الرد عليه.
 
 
..........................

([1]) (متى 10: 5، 6).
([2]) (متى: 15: 21، 24).
([3]) اسمه الحقيقي شاول أو شاؤول، وتعني الطالب، ثم سمى نفسه بعد ذلك بـ(بولس) بمعنى حقير؛ يقول: تواضعًا!!
([4]) (فيليبي: 2ـ20)، و تيميثاوس1 (6: 3 ـ 5).
([5]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/712)، و(5/ 59، 60)، وما بعدها ط. دار الكتب لبنان.
([6]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/556) ط. دار الكتب لبنان. وهي مقدمة الطبعة الثانية لكتاب (عبقرية المسيح)، وقد صدرت الطبعة الثانية بعنوان (حياة المسيح) عليه السلام.
([7]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/ 729) ط. دار الكتب لبنان. وفي صفحة 732 عاد يكرر ذات الكلام ويزيد عليه، يقول: التلاميذ ثمانون، وفوقهم ألوف من المسحيين. ولا أدري علام التفرقة ومن أين أتى بهذا العدد؟!
([8]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/690) ط. دار الكتب لبنان.
([9]) النصارى مختلفون في القول بأن للمسيح ـ عليه السلام ـ أخًا أم لا؛ والسبب في ذلك نص ورد عن (بولس) يصف يعقوب (أحد الحواريين) بأنه أخو الرب. ومختلفون في زواج المسيح ـ عليه السلام ـ فبعضهم على أنه تزوج مريم المجدلية، ومختلفون في كل شيء!!
([10]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/714) ط. دار الكتب لبنان.
([11]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/558،559) ط. دار الكتب لبنان.
([12]) انظر إن شئت للكاتب: (لم أفهم، ولم يفهم، ولن تفهم). بصيد الفوائد وطريق الإسلام وغيرهما.
([13]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/714) ط. دار الكتب لبنان.
([14]) وانظر غير ما مضى كتاب (حقائق الإسلام) ضمن الجزء الخامس من (موسوعة العقاد الإسلامية) ص60.
([15]) في هذا تفصيل عندهم؛ فبعضهم يجعلها نجاة تامّة، وبعضهم يجعلها نجاة من الخطيئة الأولى، وتبقى الذنوب تحتاج لتوبة عند القساوسة أو دون قساوسة، وبعضهم يجعل الفداء للجميع.. مختلفون.
([16]) الباحث هو كيرسي جريفز (1813م ـ 1883م) وكتابه اسمه: المخلصون من «الخطيئة الأولى» الستة عشر الذين ماتوا على الصليب في العالم The World's Sixteen Crucified Saviors.
([17]) يوجد تسجيل صوتي للأنبا يؤانس أسقف محافظة الغربية في مصر سابقًا، يفتخر فيه بأن كل ما عند الأقباط هو هو بأم عينه الذي كان عند الفراعنة الوثنيين!! والتسجيل منشور في موقع غرفة (الحوار الإسلامي المسيحي)، وقد أطال الشيخ وسام عبد الله في عرض هذه التسجيلات= =والتعليق عليها، وموقع ابن مريم وغيرهم. والدراسات في إثبات أن النصرانية من الوثنية أو ذات أصول وثنية كثيرة ومنتشرة.
([18]) قام فريق الترجمة بموقع (حرَّاس العقيدة) بترجمة أحد أكثر الكتب مبيعًا في أمريكا وهو كتاب (تحريف أقوال المسيح، من حرَّف الكتاب (المقدس) ولماذا؟!).
([19]) انظر إن شئت: (يسوع النصراني الجني الذي صحب بولس) للعميد جمال الدين شرقاوي. ط. دار النافذة.
([20]) انظر للكاتب: أثر الشيطان في تحريف الأديان.
([21]) أبو الأنبياء إبراهيم ص152.
([22]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/720) ط. دار الكتب لبنان. وكذا كتاب إبليس ص102 وما بعدها.
([23]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/ 720) ط. دار الكتب لبنان.
([24]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/632) ط. دار الكتب لبنان. والأناجيل ليست كل كتاب النصارى، بل تمثل الثلث تقريبًا، وكتابهم يتكون من (العهد القديم) و(العهد الجديد)، والعهد الجديد يتكون من الأناجيل الأربعة ورسائل بولس وغيره من (القديسين)، وتجاهل هذا العقّاد!!
([25]) صرح لوقا (كاتب الإنجيل) في بداية إنجيله أنه يكتب لصديقٍ له، تدوينًا للأحداث.
([26]) في كتابه (ساعات بين الكتب) ص617 يعترف العقاد بأن من كتبوا الأناجيل لم ير أحد منهم المسيح، وأن كثيرًا من سيرة المسيح ـ عليه السلام ـ وسيرةَ كثيرٍ من مشاهير النصرانية لا يعرف أحد عنها شيء. ومع ذلك يعتمد كلامهم وينقله نقل من يثق فيه!!
([27]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/633) ط. دار الكتب لبنان.
([28]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/ 639) ط. دار الكتب لبنان.
([29]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/638) ط. دار الكتب لبنان.
([30]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/647، 648) ط. دار الكتب لبنان.
([31]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/659) ط. دار الكتب لبنان. ويقصد بالتجربتين تجربة يحيى ـ عليه السلام ـ وتجربة المسيح ـ عليه السلام ـ.
([32]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/669) ط. دار الكتب لبنان..
([33]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/678) ط. دار الكتب لبنان.
([34]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/710). ط. دار الكتب لبنان.
([35]) انظر ـ إن شئت ـ : هل افتدانا المسيح بالصلب؟! للدكتور منقذ السقار.
([36]) أورد الدكتور منقذ السقار في كتابه (هل افتدانا المسيح بالصلب؟!) جدولاً يوضح فيه تطابق ما يقال عن قصة الصلب في النصرانية وما قد قيل عن بعض آلهة البابليين في العراق.
([37]) مصنف ابن أبي شيبة (11/546).
([38]) اكتشف مؤخرًا إنجيل يهوذا الإسخريوطي في السبعينات (1972م بعد وفاة العقاد بثمان سنوات، وبعد كتابة كتابه عبقرية المسيح بعشرين عامًا تقريبًا) في محافظة المنيا في مصر، وظهر من قريب فقط!! وفيه تكذيب لثوابت النصرانية، ومنها أن يهوذا خائن كما يدّعون، وفيه توضيح لنص إنجيل يوحنا المُشكل: (ما كنت ستفعله فافعله الآن)، وفيه تصديق لقول العليم الخبير بأنهم ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم، وفيه بيان لمشكلة النصارى الأبدية وهي التوثيق لعقائدهم وتاريخهم، وفيه بيان لطريقتهم في اختيار كتبهم، وهي فقط بالتشهي، فليس ثَمّ ضوابط تنطبق على المقبول ولا تنطبق على المرفوض، وهو إحدى الانشقاقات الفكرية التي لا تنتهي داخل النصرانية، ونفسي لا تطاوعني في تبرئة يهود من حبس إنجيل يهوذا ثم إخراجه بعد عقود من اكتشافه ونشره بين الناس.. دوامة جديدة للفكر النصراني كما هي عادة يهود مع الأمميين.
([39]) موسوعة عباس العقاد الإسلامية (1/737) ط. دار الكتب لبنان. والحيرة جاءت العقاد من أنه قرأ لأحدهم كلامًا عن سيرة المسيح في بلاد الهند (لاهاسا). انظر: ساعات بين الكتب ص625 وما بعدها. والحق أن المسيح ـ بالرواية النصرانية ـ يوجد منه ستة عشر فردًا، والعقاد يعرف كما مرَّ بنا، فالذي حكى عنه كاهن التبت للكاتب الروسي الذي أشار إليه العقاد في (ساعات بين الكتب) مسيح آخر غير المسيح، والهندوس عندهم ذات الحكاية، وغيرهم وغيرهم.
[40] توجد بعض المحاولات لإخراج الأحداث الهامة في تاريخ المسلمين من التاريخ، وذلك من خلال استخدام "مناهج" علمانية تتكئ على "الوثائق الرسمية". والمحاولات في هذا الباب تحاول التشكيك في تاريخ المسلمين أو بعض أحداثه ومن ثم إحداث حالة من الارتباك الذهني عند المسلمين.
 

محمد القصاص
  • مقالات شرعية
  • في نصرة النبي
  • مقالات في فقه الواقع
  • مقالات أدبية
  • تقارير وتحليلات
  • رسائل ومحاضرات
  • مع العقلانيين
  • صوتيات
  • مقالات تعريفية بالنصرانية
  • رد الكذاب اللئيم
  • اخترت لكم
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية