اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/aljurish/96.htm?print_it=1

أهمية الدلالة على الخير

خالد بن علي الجريش


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه والتابعين

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) رواه مسلم.
والدلالة على الخير عبادة عظيمة جدا، فيها من الأجور العظيمة والحسنات الكثيرة ما الله به عليم، وهي التي تسمى الأوقاف المعنوية، فإذا كان المسلم قد لا يستطيع أن يوقف أوقافا حسية كبناء المساجد وحفر الآبار وبناء البيوت لابن السبيل ونحو ذلك، فإنه يستطيع الأوقاف المعنوية، وهي الدلالة على الخير، فإن لم تستطع التوقيف بمالك فأوقف بلسانك، وهذا الحديث العظيم ميدان للتنافس واسع فسيح وكبير للتنافس على القرب من الله تبارك وتعالى لدلالة الناس على الخير، وهنا تساؤل أيهما أفضل العمل اللازم أو العمل المتعدي؟ فالعمل اللازم هو الذي خيره لصاحبه فقط، وأما العمل المتعدي فهو الذي خيره يتعدى إلى الغير، وهنا نقول بأنه في الجملة العمل المتعدي هو الأفضل، ولكن العمل اللازم هو وقود لهذا العمل المتعدي، ففي الغالب أن الذي لديه عمل متعد إلى الآخرين نفعه وخيره فإنه لديه عمل لازم، ومن الصور على العمل المتعدي ما يلي:

يقول أحدهم: منذ خمسين عاما وأنا أقرأ آية الكرسي بعد كل صلاة علمني إياها فلان أياما أن كنت طفلا، وهنيئا للذي علمه فهو لمدة خمسين عاما وهو يقرأ آية الكرسي بعد كل صلاة، وفي عملية حسابية يسيرة قد نجد أن هذا الذي علمه قد حاز على مليارات الحسنات خلال تلك الخمسين عاما.
ويقول آخر" منذ خمسة وثلاثين عاما وأنا اقرء الأذكار الصباحية والمسائية علمني إياها فلان.
ويقول الثالث: منذ خمسة عشر عاما وأنا أصوم يوم الاثنين أخبرني به ودلني عليه فلان.
ويقول الرابع: منذ عشر سنين وأنا أصلي صلاة الضحى بسبب رسالة جوال أرسلها إلي فلان.

إذًا هذه أمور وصور وغيرها كثير تبين وتوضح أهمية الدلالة على الخير، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير) فأنت إذا علمت أحدا شيئا من الخير فأبشر بصلاة هؤلاء جميعا عليك، واستشعر الثواب العظيم الذي يأتيك من خلال تعويدك لنفسك على دلالة الناس على الخير، ومن النماذج التي يمكن أن تسلكها في الدلالة على الخير أن تحفظ حديثا أو حديثين أو أكثر من الأحاديث اليسيرة والقصيرة والفاضلة والثابتة في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لا تدع مجلسا من مجالسك إلا وتقولها إن تمكنت من ذلك، كقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة (من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) هذا الحديث وأمثاله أحاديث عظيمة ويسيرة، وهو في البخاري، احفظ مثل هذا الحديث، ثم بعد ذلك دل الناس عليه، فإنك ما دللت أحدا على هذا العمل وعمل به إلا جاءك مثل أجره، وإذا رأيت أيضا ملحظا على أخيك فعلمه وعدل له سلوكه، فإنه إذا عمل بهذا التعديل في كل عمره سيأتيك مثل أجره، وأيضا عملية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكلما أمرت أحدا بمعروف فامتثل فلك مثل أجره، ونهيت أحدا عن منكر فانتهى فلك مثل أجر تركه للمنكر، وابدأ أخي الكريم بأهل بيتك ومن تعول فإنهم أقرب الناس إليك، فاجعل الدلالة على الخير سجية لك في حياتك وفي مجالسك، وكم وكم من الأموات في قبورهم تسجل لهم حسنات كثيرة خلال الأيام لأنهم دلوا على هذه الخيرات العظيمة، فاجعل ذلك سجية لك أخي الكريم، أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

 
  • مقالات موسمية
  • توجيهات أسرية
  • الصفحة الرئيسية