صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







القيام بحقيقة الصلاة

خالد بن علي الجريش


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.

إذا صح الإيمان استقبل العبد صلاته وعمود دينه بأدب العبودية بين يدي الله تبارك وتعالى خاشعاً متذللاً، مستشعرًا هذا الموقف الكريم العزيز بين يدي الله العظيم جل جلاله، بحيث لا ينصرف بقلبه إلى سواه، فيظل جامعاً فكره وهمه إليه واقفاً صافًا قدميه وقوف المستجير المسكين المنكسر، يناجي ربه ويعظمه، ويستغفره من أعماق قلبه، طامعاً في فضله وإنعامه، راجيا وخائفا، ومُنزلا حوائجه فيه، ومشتغلا به عمن سواه، صارفا قلبه ونظره عن الدنيا وما عليها، مُعاركاً ومجاهدًا لهذه النفس وصابرًا ومصابرا ومجاهدًا لها حتى لا تلتفت به عن مولاه وخالقه العظيم، فهو يريد أن لا ينصرف عنه ربه، وينتقل في هذه الصلاة من رياض إلى رياض من قراءة كلام ربه مع تدبره إلى تعظيمه بالتسبيح، إلى دعائه بالسجود، إلى سؤاله المغفرة إلى الاستعاذة به من كل سوء ومكروه، وهكذا ينتقل من روضة إلى روضة، فما أعظم الموقف وما أجل الموقوف له عندما يُقبل العبد بقلبه وجوارحه على ربه جل جلاله يرجوه ويستعطفه بروح المذنب الذليل الفقير المستعين الذي تعرض للفتنة والابتلاء والامتحان، في كل يوم يسأل ومولاه أن يحفظه ويرعاه ويثبته ويتقبل منه، وأن يهديه ويوفقه ويفتح على قلبه، فإن قبله ظفر بالفوز والفلاح، وإن رده فما أعظم الخسران، وما أمرّ الحرمان فبالخشوع والتدبر تكون الصلاة قرة العيون ونور الصدور والوجوه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( جعلت قرة عيني في الصلاة )
وبالصلاة الخلاص من كل بلية وفحشاء ومنكر، قال تعالى: (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)

وبالصلاة الحقيقية تصلح بقية الأعمال، وتُقبل عند الله تعالى وبفسادها فساد الأعمال، والصلاة حلاوة المناجاة، حيث يترقى العبد في مراقي العبودية، ويعرف ربه ويتلذذ بمناجاته، فيشعر بالحلاوة واللذة التي لا يعرفها الغافلون، وإذا أردت أن تعرف قدرك عند الله تعالى فانظر إلى قدر الصلاة عندك، وما نصيبك منها، فهي الصلة بين العبد وربه، وهي الحد الفاصل بين الكفر والإسلام، وهي خمس صلوات بأجر خمسين، وهي التي فرضت من فوق سبع سماوات بين الرب عز وجل ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم بلا واسطة، وهي التي من حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وهي آخر ما وصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم أمته، فقال: ( الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) وقال عليه الصلاة والسلام: (إن العبد إذا قام يصلي أُتي بذنوبه كلها فوضعت على رأسه وعاتقيه، فكلما ركع أو سجد تساقطت )صححه الألباني.
استشعر هذا الحديث في كل سجود وركوع تسجده وتركعه في صلواتك، فما بالنا غافلين عن روح الصلاة وحقيقتها نؤديها بجوارحنا مع ذهول القلب وغفلته، ومن ثم أصبحت الصلاة غير مؤثرة على سلوك المصلي، فلا تحمل الخشوع وحضور القلب والتأثر.
كان علي بن الحسين رضي الله عنهما إذا توضأ اصفر لونه فقيل له ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟ قال أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم؟.
وقال حذيفة رضي الله عنه إياكم وخشوع النفاق، فقيل له وما خشوع النفاق؟ قال أن ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من الخاشعين والمحافظين على صلواتهم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • مقالات موسمية
  • توجيهات أسرية
  • الصفحة الرئيسية