صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ذكر الله تعالى هو الغنيمة الباردة

خالد بن علي الجريش


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد

إذا صح إيمان العبد أشغل لسانه وقلبه بذكر الله تبارك وتعالى، قال الله عز وجل (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) وذكر الله تعالى من خير الأعمال لأن الغفلة عنه كثيرة، على سهولته ويسره، فالذكر هو قوت القلوب ودواء الأرواح وسكينة النفوس، فيه يجد الذاكر الحلاوة والأنس والنعيم واللذة، قال ابن القيم رحمه الله: وبه تُستدفع الكربات وتُرفع الدرجات وتُقال العثرات.

والذكر يربط المسلم بخالقه، ففيه حياة القلوب وحفظها. وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه الوابل الصيب أكثر من سبعين فائدة للذكر، فذكر منها أنه يطرد الشيطان ويرضي الرحمن، ويزيل الهم والغم عن القلب، ويورث العبد المراقبة لله تبارك وتعالى والإنابة إليه والقرب منه، ويفتح له بابا عظيما من أبواب المعرفة، و يورثه الهيبة لربه عز وجل وإجلاله، ويورث ذكر الله تبارك وتعالى له لقوله تعالى (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون) فلو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى بها فضلا وشرفا، فالذكر سر التوفيق وعنوان المفلحين، ودليل الموفقين، لأنك بذكر الله تعالى تذكر أعظم مذكور، وإذا ذكرت الله تعالى ذكرك الله وإذا ذكرك الله تعالى فهو راض عنك، وإذا رضي عنك أدخلك الجنة وقربك إليه وحرمك من النار.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الذكر للقلب مثل الماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟

وقال ابن القيم رحمه الله: حضرت شيخ الإسلام مرة صلى الفجر ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار، ثم التفت إلي وقال هذه غدوتي، ولو لم أتغداها لسقطت قوتي.

والذكر يزيل الوحشة بين العبد وبين ربه، وإذا انصرف العبد إلى ربه بذكره في الرخاء عرفه في الشدة، والذكر سبب لاشتغال اللسان عن الغيبة والنميمة والكذب والفحش والباطل، فإن العبد لا بد له أن يتكلم، فإن لم يتكلم بذكر الله تعالى وذكر أوامره تكلم ربما بهذه المحرمات أو بعضها إلا من رحم الله، ومن عوّد لسانه ذكر الله تعالى صان الله لسانه عن الباطل واللغو، ومن يبس لسانه عن ذكر الله ترطب بكل باطل ولغو وفحش، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهو أيسر العبادات وأجلها وأفضلها، لأن حركة اللسان أخف حركات الجوارح وأيسرها، ولو تحرك عدد من الأعضاء في اليوم والليلة بقدر حركة اللسان لشق عليه غاية المشقة، بل لا يمكنه ذلك، والذكر هو غراس الجنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال يا محمد أقرأ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر).

وعن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال سبحان الله العظيم وبحمده غُرست له نخلة في الجنة).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لأن أقول سبحان الله، والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر).

فما أجمل أن نربي أنفسنا على مثل هذه الأذكار ونربي أيضا صغارنا وأهل بيتينا وجلسائنا، فإذا دللناهم على ذلك الخير العظيم واليسير فإن لنا مثل أجورهم بإذن الله تبارك وتعالى، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما، فكيف تضيع منا الساعات بل الأيام والشهور والسنوات ونحن غافلون عن مثل هذا سواء في السوق أو العمل أو البيت أو المسجد، أجور أعظم من الجبال وأكثر من زبد البحار، ولكل لزهد بعضنا في الخير وقسوة القلوب واشتغالها بالسفاسف نُحرم من الخيرات.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يقربنا إليه بذكره وعمله الصالح، وأن يدخلنا جنته، وأن يجيرنا من ناره.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • مقالات موسمية
  • توجيهات أسرية
  • الصفحة الرئيسية