صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







همة حتى القمة ..ياوطن

د.عبدالله بن معيوف الجعيد
@abdullahaljuaid

 
اليوم الوطني السعودي، ليست مناسبة عابرة ، بل هي فرصة تتجدد في كل عام في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر؛ لنعلن ولاءنا وانتماءنا وحبنا لهذا الوطن الخالد.
إنَّ حبَّ الوطن دَيْنٌ مستحقٌ علينا أن ندفعه ونسدده من أوقاتها وجهودنا، ونفتديه بأموالنا وأنفسنا عند حاجته لنا، فلِمَ لا نحبُّ هذا الوطن ونعشق ثراه؟! فقد أحبَّه وعشقه قبلنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وإننَّا في هذه المناسبة المجيدة يطيب لنا أن نستذكر مدى حبه (صلى الله عليه وسلم) لوطنه مكة حينما قال: "مَا أطْيَبكِ مِن بَلدٍ وأحبَّكِ إِليَّ، وَلَوْلا أنَّ قَوْمِي أَخْرَجونِي مِنْكِ ما سَكَنْتُ غَيْرَكِ" –رواه الترمذي وصححه- ليس هذا فحسب، بل وجدناه (صلى الله عليه وسلم) يدعو ربه ليحبب في قلوبهم المدينة أيضاً، حيث قال: "اللهمَّ حَبِبْ إِلَيْنا المَدِينةَ كَحُبِّنا مَكَةَ أو أَشَد" -رواه البخاري- فغدت هذه المدينة ملتقًى للمهاجرين والأنصار، وأصبحت العاصمة الأولى للمسلمين، ومنها انطلقت كتائب الحق المبين لتجوب العالمين ساعين لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، هذه المدينة التي نُوِّرت بمقدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد أحبها وعشقها الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) حيث قال: "اللهم أُحرِّمُ ما بين جبليها مثل ما حرَّم إبراهيمُ مكة، اللهم بارك لهم في مُدِّهم وصاعهم" –متفق عليه-

وإننا في هذه المناسبة العطرة والتي تحمل شعاراً مميزاً لهذا العام (همة حتى القمة) حريٌّ بنا أن نُجدَّد العزم، ونُعلي الهمم، لنرى وطننا يتربع القمم؛ وحتى نصل القمم علينا أن نمتلك إرادة من حديد، وعزيمة لا تلين، وإصراراً على الرقي والتقدُّم والازدهار، فحبُّ الوطن لا يكون بالكلمات الرنانة، والشعارات المعسولة،ولا بالتجمهر في الطرقات وتعطيل المارة وسيارات الخدمات والطواري ولا بمن يتاجر بحب الوطن لترويج بضاعته ! بل هو سلوك مستدام يلازمنا في كل وقت وحين، يلازمنا في حلِّنا وترحالنا، في حركاتنا وسكناتنا، وفي هذا المقام نستذكر أمير الشعراء أحمد شوقي عندما قال: وَطَنِي لَوْ شُغِلْتُ بِالخُلْدِ عَنْهُ ... نَازَعَتْنِي إِلَيْهِ بِالخُلِدِ نَفْسِي، فبحكمة الآباء والأجداد، وبهمة الشباب والأحفاد نرفع شأن بلادنا عالياً في كافة الأرجاء.

إنَّ المملكة العربية السعودية لتفخر اليوم بأبنائها الذين سطروا صفحات عزٍّ في كافة الميادين، فكانوا حاضرين في المجالات كافة: الثقافية، والتعليمية، والرياضية، والاقتصادية، والإعلامية، والإدارية، والطبية، والهندسية والدعوية والخيرية وغيرها من المجالات التي أبدع فيها أبناء السعودية، ورفعوا علم بلادهم عالياً خفاقاً، كما لا ننسى أبناءنا الأبطال المجاهدين الذين دافعوا عن عقيدتنا وعن وطننا، وضحوا بأغلى ما يملكون نصرةً لهذا الوطن العزيز، فتحية إجلالٍ وإكبارٍ نبرقها إلى أرواح شهدائنا الأبطال، راجين من المولى لهم بالرحمة ولأهلهم بالصبر والسلوان.

ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن ندعو لملكنا خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده محمد بن سلمان بالتوفيق والسداد لخدمة الإسلام والمسلمين، راجين من الله جلَّ في علاه أن يكتب لهما الخير، ويرزقهما الإخلاص في القول والعمل، وندعو الله أن ينعم علينا بنعمة الأمن والاطمئنان، وأن يحفظ هذا الوطن الغالي من الأعداء والمندسين والمخربين، وكما شرفها الله بأن وضع فيها أول بيت لعبادته، قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين}[آل عمران:96] نسأله سبحانه أن تظل السعودية الملاذ الآمن لكل المسلمين.

وفي هذه المناسبة المباركة نذكركم بأنَّ من دلائل حبك لوطنك واحترامك له أن تلتزم بقوانينه، وأنظمته، وأنه علينا أن نتكاتف جميعاً، ونتشبث بوحدتنا، والتمسك بديننا وقيمنا الإسلامية وعلينا أن نسعى للحفاظ على منشآته ومقدراته، كما يجب علينا أن نُحوِّل شعار اليوم الوطني لهذا العام (همة حتى القمة) إلى واقع نلمسه في حياتنا، فيبدع كل واحدٍ منا في مجال عمله، وفي مجال اختصاصه؛ حتى نرى أبناء السعودية يحصدون المراتب المتقدمة في كافة المجالات، فلنُشمِّرْ عن سواعدنا وننطلقْ محلقين في سماء الإبداع والتقدُّم.

وفي الختام .. اعلموا أنَّ الولاء الحقيقي والصادق للوطن يكون بالوحدة والتماسك بتعالم ديننا الحنيف والتعاضد والتكاتف؛ من أجل بناء وطننا وازدهاره ورقيه، ولنا في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسوة حسنة في ذلك؛ إذ آخى بين المهاجرين والأنصار فور وصوله المدينة المنوَّرة؛ لتكون الخطوة الأولى في بناء الوطن واستقراره، فهذا الوطن عشنا فيه، وأكلنا من خيراته، وترعرعنا على ثراه، فدمت غالياً يا أغلى وطن.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • المقالات
  • العمل الخيري
  • الكتب
  • الصفحة الرئيسية