صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







استثمار فرح الأولاد بالإجازة
(joma571) 19/7/1433هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وسع كل شيء رحمة وعلماً،وجعل لكل شيء أجلاً وقدراً،أحمده جل شأنه وأشكره على نعم تتابع علينا تترا،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ولا معين ولاند يدعى،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله رفع الله له في الدنيا والآخرة قدرا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ما أعقب الظلمة نورا وما أعقب الليل فجراً.أمابعد:فهذا ربكم يخاطبكم فاسمعوا ياعباد الله لخطاب ربكم إذ يقول : { ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا } (الطلاق:5). عباد الله فرح الأبناء والآباء والأمهات بالإجازة الدراسية الصيفية ،والسؤال:لماذا يفرحون ؟.الإجابة المنطقية أن الحياة في ظل الدراسة بها ارتباط دقيق لا يمكن الفكاك منه،ففي الإجازة ارتاح الآباء من هم توصيل الأولاد يومياً والعودة بهم من المدرسة، وارتاحت الأمهات من عناء المتابعة اليومية لدروس الأبناء والبنات ومن الاستيقاظ المبكر لإعداد الإفطار للأولاد وتجهيزهم للمدرسة،وارتاحت شريحة كبيرة من المجتمع وهم المعلمون والمعلمات من عناء التدريس والتصحيح والمتابعة ونحوها، ففرحوا بتلك الراحة وهذا أمر طبعي أن يفرح الإنسان كلما خف عن كاهله الواجبات التي يجب عليه أداؤها.عباد الله إذا كان العباد يفرحون وقد خُفف عنهم شيئاً من التكاليف مع بقية الكثير من غيرها،حق لنا أن نتساءل كم هي فرحة العبد يوم أن يعيش وليس عليه أي تكليف،ولا يبذل أي جهد؟.أتدرون أين تكون تلك الفرحة الكبرى؟. إنها قريبة إنها هناك في جنة الخلد بلغني الله وإياكم دخولها.فهذه الدنيا مهما خُفف عنك فيها من التزامات فإنها دار ضنك وجهد وعناء واسمع معي أخي لربك وهو يقسم ثلاثاً فيقول:{ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ()وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ()وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ()لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ()أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } (البلد:1-5). فالله أكبر أين الطغاة وأين العصاة وأين المتكبرون وأين قتلة الأطفال وهتكت الأعراض من قول الجبار جل في علاه:{ أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ }.الدنيا مهما كان فيها من نعيم فإنه لا يسلم من تنغيص من هم من مرض من كدر من بلاء،فهي طبعت على هذا فهذه الدنيا إن لم تصفو لصفوة البشر من الأنبياء والمرسلين وعلى رأسهم نبينا وحبيبنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، هل نرجو أن تصفو لنا ؟. حكمُ المنيَّة في البريَّة جارِ..ما هذه الدنيا بدار قرارِ..بينا يُرى الانسانُ فيها مخبراً..حتى يُرى خبراً من الاخبار..طُبعت على كدرٍ وأنت تريدُها..صفواً من الأقذاء والأكدار..ومكلّف الأيَّامٍ ضدَّ طباعها..متطلّبٌ في الماءِ جذوة نار..وإذا رجوتَ المستحيل فإنما..تبني الرَّجاء على شفيرٍ هار.(علي بن محمد التهامي،العصر العباسي،حكم المنية في البرية جار). أخي الحبيب هل تسمح لي أن أدعوك ونفسي لنعمل أيام عمرنا المعدودة القليلة التي أزفت على الفناء لنسعد غداً براحة أبدية ، نعم راحة أبدية هنا في جنة الخلد إنها قريبة منك ليس بينها وبينك إلا أن تموت فتنتقل إليها أخبرك عنها ربك بقوله:{ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى()وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى }(طه:118-119).هناك في جنة الخلد لا تجد نصباً ولا تعباً واسمع معي لربك إذ يقول:{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ()ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ()وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ()لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ()نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ()وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ } (الحجر:45-50). ياعباد الله هذا ربكم يقدم مغفرته ورحمته على عذابه فهل لي أن أدعوكم ونفسي لاستثمار ساعات الفراغ في الإجازة للمسارعة إلى ظلال رحمته ومغفرته الوارفة ، فها هي أفواج الصالحين تفر إليها لتفوز بها فنعوذ بالله أخي من ذنوب تقعدني وإياك من السير الحثيث نحوها.أخي الحبيب أختي الكريمة إني أدعوكم دعوة مشفق عليكم راغب في نجاتكم، دعوة من رأى فئام من الناس تتخطفهم الشياطين وتزين لهم أن الإجازة هي تفلت من كل شيء حتى من عرى الدين والأخلاق والقيم،فبات المرء يرى من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من يسهرون الليل حتى الفجر على ما يغضب الله،ثم قد يصلون الفجر وقد لا يصلون و ينامون كجيف الأموات وقد تفوتهم صلاة الظهر أيضاً، وكم من الناس يقضي إجازته في الداخل أو الخارج فتأخذ نساؤه إجازة من الحجاب ومن الحياء والأدب فيخالطون الرجال في المنتزهات و الألعاب وغيرها.عباد الله قاعدة ربانية وضعها لنا ربنا في آيات تتلى إلى يوم القيامة ما أحرانا أن نتأملها ونقف أمامها طويلاً وهي قوله تعالى:{ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ()وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ }(النساء:13-14).

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه،وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه.أما بعد فاتقوا الله عباد الله، واغتنموا وقت إجازتكم وفراغكم فيما يقربكم من جنة ربكم،واعلموا رحمني الله وإياكم أن مما بعين على ذلك هو معرفة الغاية التي من أجلها خُلق الإنسان،عباد الله ما رأيكم أن نستمع لقصَّة ونتأملها معاً قصَها خير فم نطق على وجه الأرض صلى الله عليه وسلم وأخرجها الإمام البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((بَيْنَمَا رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ قَالَ: آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ..))(البخاري،استعمال البقر للحراثة،ح(2156)). عباد الله تأملوا معي كيف أن البقرة عرفت الغرض الذي خلقت من أجله،فلم تحتج على استعمالها في الحرث،ولما استخدمت في غير ما خلقت من أجله اعترضت،والسؤال:نحن بنوا آدم البشر لما خلقنا؟.أخبرنا الله عن ذلك بقوله:{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ()مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ()إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ }(الذاريات:56-58 ). فهل من ضيع إجازته في غير طاعة الله بالمفهوم الواسع بما في ذلك النزهات والترفيه المباح عن النفس هل عرف الغاية التي خُلق من أجلها ؟هل من أمضى إجازته يبارز الجبار العظيم بالمعاصي عرف الغاية من خلقه أم هو في غفلة؟.عباد الله إني أرجو منكم جميعاً أن تقارنو بين موقف البقرة التي قصَّ علينا النبي صلى الله عليه وسلم شأنها في الحديث الصحيح وبين من غفل عن الغاية التي خُلق من أجلها في ظلال قول الله تعالى : { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } (الأعراف:179).عباد الله إن ربكم كريم وخيره عميم والناس والله فيها حب للخير والإيمان عظيم، فما أحوجنا أن نذكر أنفسنا وأهلينا ومن حولنا دائماً بالغاية من خلقنا ولنحاسب أنفسنا على كل قول أو عمل هل يصب في الغاية التي خلقنا من أجلها أم أنا عدونا قد استخدمنا في غير تلك الغاية ، فلا أقل من أن نعترض كما اعترضت البقرة على صاحبها وأن نعود لطريق الحق والصواب


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية