صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







موطن القوة وكنز الثروة
(joma561) 22/4/1433هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله علام الغيوب ، وغافر الذنوب ، ومصلح القلوب، أحمده جل شأنه وأشكره وأتوب إليه من كل ذنب واستغفره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له و لا ند ولا شبيه ولا مثيل ، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبدالله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .أمابعد:فهذا ربكم معاشر المؤمنين يوصيكم فاستمعوا لوصية ربكم إذ يقول:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران:102). عباد الله سؤال أتوجه به لكل واحد منكم:هل تود أن تكون غنياً ؟.هل تود أن تكون قوياً ؟.كأني أسمع الجميع يهتف بصوت رجل واحد نعم.وأنا واحد منكم أقول أيضاً نعم،ولو كل واحد من أمة الإسلام كان غنياً قوياً ما ذلت الأمة ولا استطاعت أن تقلب ذلها عزاً ، وضعفها قوة،وهزيمتها نصرا.هل تريدون أن أدلكم إلى مكمن الثروة والقوة فيكم فيخرج بإذن كل واحد منكم من المسجد وهو قوي غني؟.إذاً أعيروني آذان قلوبكم،ما رأيكم أن نبدأ الحديث بقصة؟.جاء رجل لسهل بن عبد الله فقال له:دخل لص بيتي وأخذ متاعي.أرأيتم كيف أن اللص يتربص بالمكان الذي به ثروة وإن قلت ليسرقها.بيد أني أريد منكم أن تسمعوا لرد سهل على الرجل،قال له اشكر الله تعالى!!. رد غريب رجل يسرق متاعه ويقول له اشكر الله!!.لكن اسمعوا إلى تتمة العبارة ثم أكمل قائلاً :لو دخل الشيطان قلبك فأفسد إيمانك ماذا كنت تصنع؟.نعم فالثروة الحقيقية في القلب،واللص الأكبر هو الشيطان،فلا إله إلا الله كم من الناس دخل اللص لقلوبهم وجال وعبث بها وتركها قاعاً صفصفا خاوية على عروشها،وما شعر أصحابها حجم السرقة التي تعرضوا لها وربما بكوا على ريال واحد سرق منهم،ولم يبكوا على إيمان سرق بالكامل!!. هذا اللص المتربص أعلن عن خططه وجريمته أمام رب العالمين وذكرها لنا ربنا في كتابه لنحذر منها فقال سبحانه { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ()إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ }(ص:82-83). فرد عليه العظيم { قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ()لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ }(ص:84-85). أرأيتم حجم خسارة من ترك أبوا ب و نوافذ قلبه مفتوحة لهذا اللص اللئيم، فترك عينه تنظر لكل حلال وحرام،وترك أذنه تسمع كل حلال وحرام ..وهكذا مع كل منافذ القلب،وإن علامات الخطر التي تنذر الفرد بحجم السرقة علامات واضحة لكل ذي لب،فإذا فقدت الخشوع في الصلاة فإنها من علامات الخطر،إذا تثاقل بدنك عن قيام الليل فإنها من علامات الخطر،إذا ما عدت تبالي أتأكل أنت وأولادك من حلال أم من حرام فتلك من علامات الخطر، إذا تثاقلت أقدامك عن المساجد وصلاة الجماعة فتلك من علامات الخطر،إذا قرأت القرآن أو سمعته فما اهتز قلبك ولا دمعت عينك فتلك من علامات الخطر..وقس على ذلك. عباد الله إذا كان المرء في بلد يكثر فيه اللصوص وتكثر فيه السرقة أكان يترك نوافذ وأبواب بيته مفتوحة أم يوصدها؟.فما أحوجنا أن نوصد أبواب ونوافذ قلوبنا أمام اللص الخطر الأعظم إبليس،نغلقها عن النظر الحرام ،والسمع الحرام، والكسب الحرام ، والخاطر الحرام ..وقس على ذلك.وقد يقول قائل ظننا أنك ستحدثنا عن المال وإذا بك تحدثنا عن أمر آخر. فأقول له تريد الحديث عن المال؟. إذاّ تعال واسمع معي لهذا لحديث يبين لك أن كامل الثروة في قلبك؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ))(البخاري،الغنى غنى النفس،ح(5965)). أسأل كل جامع للمال لم تجمع المال وتكدس الثروات؟.ستأتيك الإجابة لأحقق السعادة والراحة لنفسي و لأسرتي،فقولوا لي بربكم هل هناك أعظم سعادة من الأنس بجلال الله وبذكر الله،وأن يكون أبناؤك صالحين؟.هذه الثروات والأموال في الدنيا مهما عظمت ما مصيرها؟.عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْرَأُ أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ قَالَ:((يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِي مَالِي قَالَ وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ))(مسلم،باب،ح(5258)). لكن حلاوة الإيمان والطاعة تجني منها سعادة غامرة في الدنيا وفي الآخرة نعيم لا ينفذ ؛ واسمع للحبيب صلى الله عليه وسلم وهو يقارن بين من عرف أن الثروة في قلبه ومن ذهب يلهث خلف ثروات الدنيا بقوله:((مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ))(الترمذي،ح(2389)).أسمعتم معاشر المؤمنين أين يكون الغنى؟ (جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ) . عباد الله اسمعوا لتحذير عظيم من ربكم إذ يقول:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ()وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }(الحشر:18-19).

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى يجزي أهل الوفاء بالتمام والوفى ، وسلام على عباده الذن اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له يبتغى ولا ند له يرتجى ، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله النبي المجتبى والحبيب المصطفى ، صلى الله عليه وعلى آله الأطهار الحنفاء.أمابعد:فاتقوا الله عبد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن مصدر القوة البدنية هو القلب، فقد يدخل قلب المعركة العسكرية فيقلب الهزيمة نصراً مبيناً خاصة إن كان من نوع قلب أبي طلحة رضي الله عنه الذي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:((صوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل.))(صحيح الجامع،ح(3800)).صوته فحسب فكيف بسيفه؟. وهل بلغ هذا إلا بقلبه وما يحويه ذلك القلب؟. انظروا معي للمك المظفر قطز كيف بفضل الله ثم بما يحويه قلبه من إيمان وثقة بالله كيف حول ذل وهزيمة الأمة أمام التتار إلى نصر عظيم خلدته كتب التاريخ للأجيال . ورحم الله ابن الجوزي يوم أن قال:"الشجاع يلبس القلب على الدرع ، والجبان يلبس الدرع على القلب"(المدهش،ص465).نعم فما الذي جعل سحرة فرعون وهم يعلمون بطشه وجبروته يقفون في وجهه ويتحدون وعيده { قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى()قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا()إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى }(طه:71-73). إنه قوة الإيمان التي عمرت القلوب،ما الذي جعل امرأة فرعون تثبت أمام العذاب العظيم الذي صبه عليها فرعون،إنه الإيمان الذي في قلبها،ما الذي جعل بلال وخباب وسمية يصمدون أمام تنكيل قريش بهم أنه الإيمان الذي ولد قوة في القلب انعكست على الجسد ، وما الذي يجعل أهلنا في غزة وفي سوريا يواجهون مع ضعفهم هذا الجبروت والعدوان الوحشي عليهم إلا إيمان ولد قوة تحمل تعجبت منها سائر الأمم. فالقوة الحقيقية إنما تنبع من قوة الإيمان في القلب ، فهل لي أحبتي في الختام أن أدعوكم لنعمل سوياً على أنفسنا وأهلينا ومجتمعنا لنعرف مكامن الثروة والقوة ونفعلها في أنفسنا وفي أسرتنا وفي مجتمعنا.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية