صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الحسين بن علي
(joma552)6/1/1433هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدلله تفرد سبحانه بصفات الكمال،خالق الجبال،ومحصي الأعمال،أحمده جل شأنه وأشكره على نعمه العظيمة ونسأله حسن المآل،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ند تفرد سبحانه بالعزة والجمال والجلال،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.أمابعد:فهذا ربكم ياعباد الله يوصيكم فاسمعوا لوصية ربكم إذ يقول : { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا } (النساء:131).إخوة الإيمان انظروا معي ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يجرُّ إزاره مسرعًا قد سَمِعَ خبرًا خفق له فؤادُه،وتحركت من أجله لواعجُ شوقه،ياترى ما لخبر؟.لقد ولدت فاطمةُ بنت محمد طفلاً،دخل الجدُّ صلى الله عليه وسلم على ابنته،وحمل الوليدَ المبارك بين يديه،ثم أتى بتمرةٍ،فلاكها بريقه الشريف،وحنَّك الطفل بها،ثم قال لعلي: "ما أسميته؟"، قال:جعفرًا،فقال صلى الله عليه وسلم : ((بل سمِّه الحُسين((،وعقَّ عنه جدُّه صلى الله عليه وسلم بكبشين.عاش الحسين،وترعرع في بيت النُّبوة، وامتلأ قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم محبةً ورحمةً بهذا الطفل الصغير،فسمَّاه:ريحانته؛ وقطع يوماً الخطبة ليحمله،وربما امتطى ظهره وهو يصلي بالناس فيطيل السجود، وكان يلاعبه حتى في الشارع ويضاحكه ثم يحمله ويقول (((حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ) (؛ (الترمذي، مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما،ح (3708)).يكفي الحسينَ بن علي رضي الله عنه شرفًا وفضلاً وفخرًا قولُ النبي عنه: ((الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ))(الترمذي،مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما،ح(3701)) يَا أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ حُبُّكُمُ *** فَرْضٌ مِنَ اللهِ فِي القُرْآنِ أَنْزَلَهُ كَفَاكُمُ مِنْ عَظِيمِ القَدْرِ أَنَّكُمُ *** مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْكُمْ لاَ صَلاَةَ لَهُ.و في ربيعه السادس فجع بوفاة جده صلى الله عليه وسلم ،وبعد ستة أشهر فُجِع بفاجعة عظيمة؛ توفِّيت أمُّه سيدة نساء الجنة رضي الله عنه .عاش الحسين رضي الله عنه بعد وفاة الجد صلى الله عليه وسلم حياة الإكرام واقعًا محسوسًا ،فكان الأصحاب رضي الله عنه يكرمونه ويحبونه إكرامًا و محبةً للنبي صلى الله عليه وسلم .كيف لا،وقد كان أشبهَ الناس بالحبيب صلى الله عليه وسلم ؟!فقد كان مُحَيَّاه يذكِّر الأصحابَ بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ؛كان أبو بكر رضي الله عنه يعطف ويحنو على الحسين الشيءَ الكثير؛ كان إذا رآه يُقْبِل عليه ويبشُّ له، وكان رضي الله عنه يقول للناس: "ارقُبُوا محمدً صلى الله عليه وسلم في آل بيته".فاضَتْ عيناه رضي الله عنه من الدموع، وهو يقول لعلي رضي الله عنه " لَقرابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبُّ إليَّ أن أصل من قرابتي".وَمَا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ خِلاَفَتَهُ..إِلاَّ انْحَنَى مُرْهَفَ الوِجْدَانِ وَابْتَسَمَا..وَقَالَ قَوْلَةَ إِجْلاَلٍ وَمَرْحَمَةٍ...قَرَابَةُ المُصْطَفَى أَوْلَى بِنَا رَحِمَا.أما الفاروق رضي الله عنه فقد كان يُجِلُّ و ويوقِّر الحسين؛ كيف لا،والحسين صِهْرُه ؟! فقد تزوَّج عمر أمَّ كلثوم بنت عليٍّ رضي الله عنه فكان يفرض للحسن والحسين كما يفرض لأهل بدر،فتح المسلمون بلاد الفرس،وجِيء ببنت يَزْدَجِرْد إلى عمر رضي الله عنه وكانت من أجمل النساء،فأهداها إلى أحب الناس إليه للحسين رضي الله عنه ،ثم جاء عثمان رضي الله عنه زوج خالتَيِ الحسين:رقية وأم كلثوم فحفظ للحسين فضله ومكانته،وعاش الحسين رضي الله عنه حياةَ الإكرام أيضًا في زمن معاوية رضي الله عنه ؛ فكان يبعث للحسن والحسين الكثير من العطاء،وفي سنة ستين للهجرة بُويِع يزيد بن معاوية بالخلافة،فلم يبايع يزيدَ لرأيه بأن هناك من هو أحق منه،ثم جاوَر مكة يتعبَّد لله.سمع أهل الكوفة أن الحسين رضي الله عنه لم يُبايِع، وكانوا أصحاب تاريخ مليء بالفتنة والشِّقَاق،وكانوا يُظْهِرون الميل لعليٍّ وشيعته.فأرسلوا يدعون الحسين للبيعة،وكثرت تلك الرسائل،عندها أرسل الحسين ابنَ عمه مسلم بن عقيل ليستوثق الخبر، وصل مسلم الكوفة،فوجد الناس يريدون الحسين، وجعل يأخذ البَيْعة له،ثم كتب مسلم إلى الحسين: "أن اقدِم فقد تمت البيعة لك".وصلت الأخبار ليزيد عن بيعة أهل الكوفة،فأمر واليَه على البصرة عبيدالله بن زياد أن يمنع أهل الكوفة من الخروج عليه مع الحسين،ولم يأمر بقتل الحسين،عَلِم مسلم بالخبر فخرج ومعه أربعة آلاف ممن بايَعه من شيعة الكوفة، وحاصَر عبيدالله في قصره،وشدَّد عليه الحصار.أما عبيدالله بن زياد المحاصَر، فعرف بمكْرِه ودهائِه كيف يفرِّق شيعة الكوفة عن مسلم؛فأرسل إلى رؤساء القبائل في الكوفة وأعطاهم من الأموال ما يخذلهم عن نصرة الحسين ومسلم.فجعل عُبَّادُ المال ينفرون ويتفرَّقون عن مسلم حتى أمسى وليس معه أحد،فوقع مسلم في قبضة ابن زياد فأمر بقتله،فطلب أن يكتب للحسين يخبره بحقيقة خيانة شيعة أهل الكوفة،فكتب للحسين: "ارجِع بأهلك، ولا يغرنَّك أهل الكوفة؛ فقد كذَبوني وكذَبوك، وليس لكاذب رأيٌ".أما الحسين بن علي رضي الله عنه فلم يعلم بما حصل، فخرج ظنًّا منه أنَّ البيعة قد تمت له هناك.خرج من مكة وليس على وجه الأرض مَن يوازيه في الفضل،وخرج معه سبعون من أهل بيته من أولاده وإخوانه وأبناء إخوانه.حاول الصحابة رضي الله عنه منْع الحسين وثنيَه عن الخروج ففشلوا،مضى الحسين رضي الله عنه إلى العراق، وقبل وصوله علم بمقتل ابن عمه مسلم،فهمَّ أن يرجع، إلا أن أبناء مسلم الذين كانوا معه طلبوا ثأر أبيهم، فنزل على رأيهم وواصل المسير،أما عبيدالله فقد أرسل جيوشه لمنْع الحسين من الكوفة، فالتقى الجمعان في أرض كربلاء في العاشر من محرم سنة إحدى وستين للهجرة؛الحسين ومعه سبعون من أهل بيته، وجيش ابن زياد بقيادة شمر بن ذي الجَوْشَن، وعمر بن سعد، وعددهم خمسة آلاف رجل.رأى الحسين عدمَ التكافؤ بينه وبين خصمه؛ فعرض عليهم ثلاثة أمور: إما أن يتركوه أن يرجع من حيث أتى أو أن ينطلق إلى ثغر من ثغور المسلمين للجهاد أو أن يتركوه يذهب إلى يزيد بالشام.فأبى عليه شمر -الذي كان بالأمس من شيعة علي رضي الله عنه ،أبى إلا أن يُرْبَط أسيرًا، وينزل على حكْم عبيدالله بن زياد أو القتال؛ فقال الحسين: "لا والله لا أنزل على حكم ابن زياد أبدًا،واصطفَّ الجيشان،وتجهَّز الجميع للقتال" هنا رفع الحسين رضي الله عنه يديه إلى السماء ودعَا على أهل الكوفة قائلاً: ""اللهم إن متعتهم إلى حين ففرِّقهم فِرَقًا،واجعلهم طرائق قِدَدًا،ولا تُرْضِ الولاةَ عنهم أبدًا؛فإنهم دعَونَا لينصرونا،ثم عدَوْا علينا فقتلونا"،وهذا الدعاء ذكرتْه كتب الشيعة أيضًا.وبدأ القتال وحمي الوَطِيس، وكان يومًا عصيبًا على الحسين رضي الله عنه يرى أهل بيته يتساقطون بين يديه صَرْعَى واحدًا تِلْوَ الآخر حتى بقي رضي الله عنه وحده، فتقدم إليه شمر،فرماه برُمحه في رقبته،ثم طعنه فسقط رضي الله عنه شهيدًا، وفاضت روحه الطاهرة إلى باريها، وهكذا قُتِل سيد المسلمين في عصره، قُتِل ريحانة المصطفى صلى الله عليه وسلم قُتِل الزاهد العابد المبشَّر بالجنة{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }.( إبراهيم: 42)

الخطبة لثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آل وصحبه وسلم . أما بعد: فاتقوا الله واعلموا رحمني الله وإياكم أنه لا يعبد الله إلا بما شرع ، ولم يشرع للمسلمين في يوم عاشوراء النياحة والبكاء وضرب الأجساد بالسلاسل وإراقة الدماء ولطم الخدود على فقد الحسين ، ولقد فقدت الأمة من هو أحب إليها وأعز من الحسين رضي الله عنه ، جده الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فالحزن لوفاته أعظم ولم يشرع لنا فعل شيء من ذلك؛ بناء على ذلك فكل ما يفعل بحجة الحزن على موت الحسين هو بدع في الدين ما أنزل الله بها من سلطان ، إن مما شرع لأمة الإسلام هو التقرب إلى الله بصيام هذا اليوم تأسياً بقدوتنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم وقد رغب صلى الله عليه وسلم في صيامه بقوله:فيما أخرجه الإمام مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بقوله:((وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ))(مسلم،الصيام،ح(1976)). فما أحوجني أخي وأحوجك وأحوجنا جميعاً لصيامه؛فلأن تكفر عنا سيئة واحدة لهو فوز عظيم ، فبسيئة واحدة قد يثقل ميزان السيئات ويهلك الإنسان فكيف بعام كامل؟.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية