صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







المرأة في القرآن
joma546) 29/10/1432هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى، الحمد الله الذي خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى،أحمده جل شأنه وأشكره على نعم لا تعد ولاتحصى،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له تفرد بالأسماء الحسنى والصفات العلى وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على النهج واقتفى.أما بعد:فأوصيكم عباد الله بتقوى الله يقول ربنا جل في علاه { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } (النساء:1).
أمة العفاف والتقى،المرأة هي المجتمع كله فهي نصف المجتمع وهي التي تلد وتربي النصف الآخر،فكما أن السعي في أفساد المرأة يحولها لخلية سرطانية تنمو لتدمر أخلاقيات المجتمع بالكامل فمن تَفْسد وتستطيب الفساد تربي أولادها على ذلك ويتضخم الفساد بشكل سريع،لذا كان التوجيه النبوي الكريم بالحث على الزواج من المرأة الصالحة حتى ينمو الخير والصلاح في المجتمع فقال صلى الله عليه وسلم :((تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ))(البخاري،الأكفاء في الدين،ح(4700))،في المقابل تهميش المرأة في المجتمع وعدم إعطائها حقوقها التي شرعها الله لها ظلم عظيم عاقبته وخيمة وقد أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء بقوله:((فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ))(مسلم ،حجة النبي،ح(2137))،معاشر الأعزاء ديننا بين لنا نهج الحياة العزيزة الرغيدة بكافة تفاصيلها،والتمسك بالنهج القويم هو طريق العزة والأمن والغنى وكل الخيرات، ولله در الفاروق يوم أن قال:"نحن قوم أعزنا الله بالإسلام،فإذا ابتغينا العزة بغير ما أعزنا الله أذلنا الله". أمة الهدى والبصيرة تعالوا لنرى نماذج من النساء أثنى عليهن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى في كتابه الكريم { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ()وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }(التحريم:11-12).إذاً هاتان امرأتان ارتضاهما الله جل جلاله مثلاً وقدوة للمؤمنين والمؤمنات أما امرأة فرعون وهي آسية بنت مزاحم رضي الله عنه فقد أورد ابن كثير وغيره قصتها في التفسير وموجزها "كان إيمانُ امرأة فرعونَ من قِبَلِ إيمان امرأة خازن فرعون، وذلك أنها جلست تمشط ابنة فرعون،فوقع المشط من يدها،فقالت تعس من كفر بالله؟ فقالت لها ابنة فرعون:ولك رب غير أبي؟ قالت:ربي ورب أبيك ورب كل شيء اللهُ. فلطمتها بنتُ فرعونَ وضربتها،وأخبرت أباها،فأرسل إليها فرعون فقال:تعبدين ربا غيري؟ قالت:نعم،ربي وربك ورب كل شيء الله.وإياه أعبد فعذبها فرعون وأوتد لها أوتادًا فشد رجليها ويديها وأرسل عليها الحيات،وكانت كذلك،فأتى عليها يومًا فقال لها:ما أنت منتهية؟ فقالت له:ربي وربك وربُ كل شيء الله.فقال لها:إني ذابح ابنك في فيك إن لم تفعلِ.فقالت له:اقض ما أنت قاض.فذبح ابنها في فيها،وإن روح ابنها بشرها،فقال لها:أبشري يا أماه، فإن لك عند الله من الثواب كذا وكذا.فصبرت ثم أتى عليها فرعون يومًا آخر فقال لها مثل ذلك، فقالت له،مثل ذلك،فذبح ابنها الآخر في فيها،فبشرها روحه أيضًا،وقال لها.اصبري يا أماه فإن لك عند الله من الثواب كذا وكذا.قال:وسمعت امرأة فرعون كلامَ روح ابنها الأكبر ثم الأصغر،فآمنت امرأةُ فرعونَ،وقبض الله روح امرأة خازن فرعون،وكشف الغطاء عن ثوابها ومنزلتها وكرامتها في الجنة لامرأة فرعون حتى رأت فازدادت إيمانًا ويقينًا وتصديقًا،فاطَّلع فرعون على إيمانها،فقال للملأ ما تعلمون من آسية بنت مزاحم؟ فأثنوا عليها، فقال لهم:إنها تعبد غيري.فقالوا له: اقتلها.فأوتد لها أوتادًا فشد يديها ورجليها،فدعت آسية ربها فقالت: { رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ }.فوافق ذلك أن حضرها،فرعون فضحكت حين رأت بيتها في الجنة، فقال فرعون:ألا تعجبون من جنونها!.إنا نعذبها وهي تضحك، فقبض الله روحها "هل اتضح لكم يا عباد الله لم جعل الله من آسية مثلاً لأنها صبرت وثبتت على دينها وقيمها في وجه أعتى طاغية عرفته الأرض وأثرت ما عند الله على دنيا زائلة،فما أحرى المرأة المؤمنة أن تثبت على قيمها ودينها وهي تعيش بفضل من الله في أمن وأمان وسعة من أمرها ظل دولة خادم الحرمين الشريفين التي تهتم بحقوقها حسب مصدر عزتنا الضوابط الشرعية،في الغرب دول تمنع المرأة من النقاب أو حتى من غطاء الشعر وتعاقب على ذلك وهناك نساء يناضلن لتغطية وجوههن،وعندنا مع الأسف يدعو الدين ويحبذ المجتمع للمرأة الغطاء والستر والعفاف ولدينا نساء يناضلن للكشف والتبرج والسفور فشتان بين الحالين،وبين المصيرين.أحبتي في الله إن كان المثل الأول في الثبات على الحق والقيم،فإن المثل الثاني في العفة والطهارة مريم بنت عمران امتدحها الله في الآيات بعفتها يقول ابن كثير في تفسير الآية:"أحصنت فرجها أي حفظته وصانته. والإحصان:هو العفاف والحرية،{ فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَ }.أي:بواسطة الملَك،وهو جبريل،فإن الله بعثه إليها فتمثل لها في صورة بشر سَوي، وأمره الله تعالى أن ينفخ بفيه في جيب درعها،فنزلت النفخة فولجت في فرجها،فكان منه الحمل بعيسى،ولهذا قال: { فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ }أي:بقدره وشرعه{ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }".ولم يتركها الله نهباً للألسنة القذرة بل أنطق عيسى في المهد ليؤكد عفتها وطهارتها فالله أكبر ما أعظم ربنا وضح لنا الطريق بجلاء ثم قال:{ ..فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى()وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }(طه:123-124).

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى يجزي أهل الوفاء بالتمام و الوفاء وسلام على عباده الذين أصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يبتغى ولا ند يرتجى، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأطهار الحنفاء.أما بعد: فاتقوا الله عباد الله،واعلموا رحمني الله وإياكم أننا في زمن كثرت فيه الفتن واختلطت فيه المعالم،وإن من أكبر الحصون لبناتنا وأولادنا لمواجهة ذلك بعد تقوى الله التربية الإيمانية الحقه التربية على نهج القرآن والسنة،وإن من أكبر ما يعين على ذلك أن نقص عليهم سير من امتدحهم الله في كتابه وجعلهم مثلاً،ومن امتدحهم نبيه صلى الله عليه وسلم ،فتخيلوا كيف لو أن الأب ذكر لبنياته ما أخرجه الإمام البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :((كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ))(البخاري،قول الله تعالى وضرب الله مثلا...،ح(3159)).ثم استخرج قصص أولاء القمم من كتب التاريخ أو السير وقصها لهم وبين لهم جوانب العظمة في سيرهن،وإن لم يستطع ذلك يأخذ محاضرات في أشرطة لسيرهن ويضعها في السيارة في نزهة عائلية ويترك المجال لاستخراج العبر من تلك السير وهكذا تبنى القيم والمثل والعفة في قلوب أبنائنا وبناتنا،وكم تبني قنوات السوء ومواقع الفحش في أنفسهم من حب للرذيلة وازدراء للفضيلة، وفوق كل هذا ومعه الدعاء الدعاء لهم بالهداية والاستقامة و الحفظ من مكر شياطين الإنس والجن فهذا ربنا يقول:{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }(البقرة:186).



 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية