صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الإسراف في ولائم الأفراح
joma539) 8/8/1432هـ)

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله تفرد بأحسن الأسماء وأكمل الأوصاف،عالم الغيب والشهادة يعلم كل ما هو ظاهر وخاف، أحمده جل شأنه وأشكره ذم التبذير والإسراف،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك ولا ند يُخاف،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما صلى مصلٍ ببيت الله أو طاف.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله تفوزوا بعطايا عظيمة من ربكم اسمعوا لها في قول ربكم إذ يقول:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا()يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمً }(الأحزاب:70-71).
معاشر المؤمنين سؤال في موسم الإجازة الصيفية الذي تكثر فيها الأفراح نحتاج للوقوف معه ملياً ؛ هل الزواج نعمه أم نقمه ؟. هل الزواج مناسبة للفرح أم الهم والغم؟.لا شك أحبتي في أن الزواج نعمة امتن الله به علينا في أكثر من موضع في كتابه الكريم منها قوله تعالى:{ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } (الروم:20-21).ولا شك أن الزواج فرحة؛ ففي الحديث الذي أخرجه الإمام الترمذي في سننه وقال حسن غريب عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :((أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ))(الترمذي،ماجاء في إعلان النكاح،ح(1009)).بيد أن الأمر بسبب المباهاة وطلب السمعة،والرضوخ لمطالب النساء تحول مع الأسف لنقمة وهم وغم؛فكم من عريس يقف مستقبلاً المهنئين بابتسامة باردة لأنه يحمل هم سداد الديون التي تحمَّلها بسبب هذا الزواج،ويذكر بعضهم أنه ما انتهى من ديون زواجه إلا بعد أن بلغ طفله الأول عامين،فأصبح الزواج كأنه مشروع للدخول في نفق مظلم من الديون،وكم من زواج ينتهي بصاحبه للسجن لعجزه عن سداد تكاليف ذلك الزواج،وفي المقابل كم من أسرة إذا تقدم لخطبت ابنتها رجل حملت هم مصاريف الزواج بدلاً من أن تفرح، وتزداد وطأة الأمر مع شح أصاب الناس،أو طلب المباهاة حتى فيما يقدم من مساعدة للعريس،فهو إما أنه لا يساعد بشيء فتجد المدعويين قد يتجاوزوا المائة شخص لا يقدم أحدهم حتى مائة ريال في ظرف مساعدة في الزواج لأنه يستقلها مع أن البحر يتكون من قطرات الماء القليلة. يا عباد الله إن هناك معادلة خطيرة ينبغي التنبه لها فكلما ضيقنا على الشباب والشابات في الزواج دفعنا بهم لحمئة الزنا والشذوذ عياذاَ بالله،ويزيد من خطورة الوضع تيار الفتن الجارف الذي أصبح عند أطراف أصابع الشباب والشابات ولا يعصم منها إلا الله،بل يقول لي أحد الشباب إن إشباع الشهوة بالحرام أصبح في مجتمعنا مع الأسف أسهل بكثير من الحلال،فهل هناك علاقة بين انتشار المعاكسات في الأسواق وتبرج النساء، بل ومحاولة اختطاف النساء من قبل الشباب بالقوة وبين الإسراف الذي أصبح يقوم كعقبة كؤؤد بين الشباب وبين الإحصان بالزواج؟.فياقوم هل أدركنا خطورة الوضع الذي صنعناه بأنفسنا،وببعدنا عن أحكام شريعة ربنا،فالقاعدة في كل أنواع الإنفاق هي قول العليم الحكيم سبحانه:{ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرً }(الطلاق:7).وقد يقول قائل قد أتاني الله مالاً فلما لا أتوسع في الفرح؟.فنقول له تذكر وصية ربك لخير البشر نبيك صلى الله عليه وسلم بقوله:{ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورً }(الإسراء:29).ثم انظر معي أخي وارع سمعك لصفات من أثنى الله عليهم بأنهم عباده بقوله:{ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامً } (الفرقان:67).
أحبتي في الله قد يُلَبِسُ الشيطان على البعض بأن الزواج لا يتم إلا بهذا الإسراف،وأن هذا هو الإعلان الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ! فأقول:إن هذا اعتقاد خاطئ،ثم أقول هذا حبيبنا هذا قدوتنا تعالوا معاً لنرى كيف كانت ولائم نكاحه؛وليمته في نكاح صفيه رضي الله عنها حيساً في نطع صغير(الأنوار في شمائل المختار،ج1،ص170).وأولم في زينب بشاة (السيرة النبوية دروس وعبر،ج8،ص9).عن أسماء رضي الله عنها قالت لقد أولم علي على فاطمة رضي الله عنها فما كان وليمة في ذلك الزمان أفضل من وليمته رهن درعه عند يهودى بشطر شعير وكانت وليمته آصعا من شعير وتمر وحيس(ذخائر العقبي،ج1،ص23).فنرى أحبتي أن ولائمه صلى الله عليه وسلم كانت بعيدة عن التكلف، أحبتي في الله ما المانع أن يجتمع عشرة إلى خمسة عشر إلى عشرين من كل طرف من أطراف الزواج في المنزل على خروفين أو ثلاث؟وما المانع أن يتعاون الجيران في إعارة منازلهم لأهل الفرح والوقوف معهم؟. ويعطى ما يتوفر من تكاليف للعروسين ليبنوا بها حياتهم.عباد الله اسمعوا لربكم إذ يقول:{ يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }(الأعراف:31).

الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهدي ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله،واعلموا رحمني الله وإياكم أن الإسراف في الأفراح تتوالد معه المنكرات التي لا يرضى الله عنها،فهل يرضي رب العالمين أن تلقى أطنان الأرز واللحم في كل ليلة في حاويات النفايات وفي أمة الإسلام من لا يجد ما يسد رمقه؟.أيرضى رب العالمين أن يكون الفرح بالزواج نقطة تجمع لنساء لا يسترن إلا اليسير من أجسادهن؟.أيرضى رب العالمين أن تعزف القينات والطقاقات طوال الليل حتى آذان الفجر وأحياناً يمتد الأمر حتى مع الصلاة؟.أيرضى رب العالمين أن يدخل الرجال الأجانب العريس ومن معه على نساء شبه عراة في كامل زينتهن؟.أيرضى رب العالمين أن يقوم العروسين بتقبيل بعضهما والرقص سوياً وبعض الحركات التي تذبح الحياء أمام النساء؟.ولو عددنا لما كفى الوقت،لكن تعالوا لنتفكر أتكون بركة في زواج اشتمل على العديد من المنكرات التي ولدت من رحم الإسراف والتبذير،هل هناك علاقة بين زيادة نسب الطلاق في المجتمع وبين ما يحدث من منكرات في ليلة الزواج؟. هل ارتفاع أسعار الخرفان والأرز في هذه الأيام هو إنذار وبداية عقوبة على ما يحدث من إسراف في الأفراح ؟.أحبتي في الله لنكن صرحاء واضحين في الأمر فلن تعتدل الأمور إلا إذا وجد رجال عقلاء يقومون على أزواجهم حق القيام ويعملون بما فيه خير العروسين،أما إذا لا زال النساء يأخذن بلحى الرجال ويجرجروهم في شوارع المظاهر والإسراف والتبذير فنخشى أن يدفع مجتمعنا غداً ثمناً باهظاً،واسمعوا لربنا يحذرنا من خطورة التبذير بقوله : { وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا()إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورً }(الإسراء:26-27).



 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية