صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







جريمة خلط المفاهيم

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله مسبب الأسباب،وخالق البحر العباب،بث في الكون آيات عظمته ليتدبر ويتعظ أولوا الألباب،أحمده جل شأنه وأشكره وعد عباده الصالحين المتقين عظيم الثواب،وتوعد المعرضين والمعاندين بأليم العقاب،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له لا يخفى عليه ما ظهر للأعين وما عنها غاب،وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله والأصحاب.أمابعد: ف{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }(النساء:1). {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }(آل عمران:102).أحبتي في الله أرسى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أسس الحوار على المستوى الداخلي الوطني،وعلى المستوى العالمي وذلك انطلاقاً من قوله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}(النحل:125).والهدف من الحوار هو الوصول للنضج الفكري الذي يجلي الحقيقة ناصعة كالشمس في رابعة النهار؛وحتى يصل الحوار لتلك النتيجة لابد أن يتم في جو من الحرية البناءة؛بيد أن قوماَ اعتلوا منابر إعلامية واستغلوا تلك الحرية -إما عن جهل أوعن سوء نية-لتشكيك الناس في دينهم؛من خلال التشكيك في مفاهيم عقدية وفقهية واجتماعية وقدوات ومراجع شرعية، ظاهر حملتهم القذرة تلك الدفاع عن وحدة الوطن،وباطنها هدم هذا الكيان الكبير الذي قام على أساس متين هو التمسك بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وأضرب أمثلة من تلك الحملة؛فبعد أن قام المخلصون يحذرون الناس بعد حادثة سيول جدة من الذنوب والمعاصي حتى لاتتكرر المأساة التي حدثت في مناطق أخرى أو بصور أخرى،أنبرى بعض الكتاب في صحفنا المحلية يسفهون تلك المقولة ويقولون مخذلين للناس وحتى لا يفيق الغافلون من غفلتهم إنها كارثة طبيعية تحدث في كل مكان من العالم ولا داعِ للقلق فأنتم على خير؛وهي نفس المقولة التي قالها شاعر السوء يوم أن برر زلزالاً أصاب مصر بقوله:ما زلزت مصر من كيد ألم بها...لكنها رقصت من عدلكم طرباً. نقول لمثل هؤلاء أين تذهبون من خطاب الله لخير مجتمع وجد على وجه الأرض وفيهم سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مبيناً لهم ما حدث في غزوة أحد من أحداث أليمة قائلاً: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(آل عمران:65).قال الإمام ابن كثير في تفسير الآية" قال محمد بن إسحاق،وابن جريج،والربيع بن أنس،والسديِّ:{قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}أي:بسبب عصيانكم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم فعصيتم،يعني بذلك الرماة ".وخاطبهم مرة أخرى في غزوة حنين بقوله:{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ()ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ }(التوبة:25-26).عاقب تلك الزمرة الفاضلة ولم يشفع لهم أن فيهم خير الورى صلى الله عليه وسلم على اجتهاد لم يقصد منه المخالفة والمعاندة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبين للأمة من بعدهم أن سنن الله في البشر لا تحابي أحداً، فهل مجتمعنا اليوم أطهر من ذاك المجتمع..؟.ألا يوجد في مجتمعنا من يأتي كبائر الذنوب من الزنا،وأكل الربا،واللواط،والمخدرات والمسكرات،وعقوق الوالدين،والسحر وغيرها،ويتلذذ بها وكأنه يشرب عصيراً مرطباً،وخطورة قول من يسفه ربط ما حدث بالذنوب والخطايا أن يمعن الناس في غفلتهم ويكثر من يجترأ على محارم الله،فيعم الفساد وينتشر فتنزل عقوبة عامة لا قدر الله فتذهب بكل ما نعيشه من نعم ويتمزق لا قدر الله هذا الكيان العزيز؛ولنا عبرة في دول مجاورة وغير مجاورة؛وقد سؤل سيدي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم (أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟) قَالَ صلى الله عليه وسلم :((نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ))(البخاري،أحاديث الأنبياء،ح(3097)).عباد الله هذا الجبار يحذركم فاسمعوا لتحذير ربكم إذ يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ()وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}(الأنفال:24-25).

الخطبة الثانية:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن من المفاهيم الأساس التي أخذ أولئك القوم يشككون فيها مفهوم الاختلاط،ومع الأسف أخذت القافلة تكبر حتى انضم لقائمة المشككين رجال ظاهرهم الصلاح والله أعلم بنياتهم وبواطنهم،واستدلوا لجواز الاختلاط بين الرجال والنساء بأمور هي إما من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أو بأمور ووقائع كانت قبل شرع الحجاب،ولو قلت لأحدهم هات زوجتك وبناتك ليخالطون الشباب في مجالسهم لأرعد وأزبد؛ فسبحان الله كيف يرضون لبنات المسلمين ما لا يرضونه لنسائهم والصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يقول:((لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ))(البخاري،الإيمان،ح(12)).وإني أنادي القوم من هذا المكان محذراً فأقول اتقوا الله في الأمة عامة وفي بلادنا خاصة،فإن من الناس من في قلبه مرض وينتظر مثل الذي تقولون من التلبيس ليبرر انحرافه،أقول لهم اتقوا الله فكيف بكم إذا كان يوم القيامة وجاء كل من عمل بما تقولون غرماء متعلقون برقابكم؟.كيف بكم إذا وضعت الموازين وجاءت سيئات كل من عمل بقولكم السيئ إلى يوم القيامة في ميزان سيئاتكم؟. ياقوم لا تكونوا ممن يبيع دينه بعرض من الدنيا زائل. عباد الله إن من يحاول أن يشكك في تحريم الاختلاط إنما يشكك في علماء الأمة المخلصين عامة وفي علماء هذه البلاد المباركة خاصة ممن أفتوا بتحريمه؛ التشكيك في حرمة الاختلاط يعني أن كل من الشيخ ابن براهيم وابن حميد وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله وسماحة المفتي الحالي عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ لم يفقهوا في الدين وأنهم على خطأ، التشكيك في حرمة الاختلاط تشكيك في جهود هذه الدولة المباركة واتهامها بالسفه في إنفاق المال يوم أن أنفقت المليارات بسخاء لتحقيق الفصل التام بين الجنسين في جميع مراحل التعليم، نقول للقوم أين نذهب بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :((مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ))(البخاري،النكاح،ح(4706)).

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية