اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/aljefri/223.htm?print_it=1

ما الرسالة في ختم العام بالحج ؟

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الجليل العظيم المقتدر،خلق كل شيء بقدر،ملأ الكون والحياة بالآيات والعبر،أحمده جل شأنه وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب عظيم غني عن الخلائق والبشر، وأشهد أن نبينا وحبيبنامحمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما اتصلت أذن بخبر أو عين بنظر.أما بعد:فـ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(آل عمران:102).{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبً}(النساء:1).معاشر الأحبة في الله جئت مهنئاً لكم؛نعم أقولها من كل قلبي هنيئاً لكم ما مَنَّ الله به عليكم في هذا الموسم العظيم،في هذه الأيام العظيمة التي لا يوجد فيها مسلم على وجه الأرض إلا وقد شارك إخوانه القربى إلى الله،الأمة الإسلامية قاطبة توحدت في هدف واحد خلال الأيام الماضية ألا وهو التقرب لله الواحد الأحد؛انظروا معي أحبتي للأمة وهي في أبهى حللها فهذا يلبي، وذاك يضحي وثالث يصلي،ورابع يكبر، وخامس يهلل،وسادس يتصدق،وسابع يقرأ القرآن ويختم الختمات،ماعدا فئة قليلة من الأمة عياذاً بالله حُرِمَتْ أن تكون ضمن قافلة الخير؛فئة سيطرت عليها الشهوة وغرقت في الغفلة حتى أنها لم تتنبه لنداء ريها إذ يناديها بقوله الخالد:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ()وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }(الحشر:18-19).احبتي في الله هل تأملنا ما العبرة في ختم عامنا الهجري بأيامٍ العمل الصالح فيها خير من الجهاد في سبيل الله،بيوم عرفة أعظم أيام العام؛اليوم الذي تتنزل فيه الرحمات ويتنزل فيه الغفران ويفيض الله على عباده من فضله حتى يقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه:((مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ..))(مسلم،الحج،ح(2402)).وجعل صيامه كفارة عامين من الذنوب،بيوم النحر وما فيه من الأعمال العظيمة والعمل الذي تشترك الأمة جمعاء فيه؛الأضحية التي قال فيها حبيبنا صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الإمام الترمذي في سننه عن أمنا أم المؤمنين الطاهرة المبرأة من فوق سبع سموات الصديقة بنت الصديق رضي الله عنه وعن أبيها: ((مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنْ الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا))(الترمذي،الأضاحي،ح(1413)). بعبادة الحج العظيمة التي يقول عنها خير الورى فداه أبي وأمي والناس أجمعين فيما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:((مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ))(البخاري،الحج،ح(1424)).كل هذه الفرص يقدمها ربك لك لتختم عامك الهجري بعمل صالح،فلا إله إلا الله ما أكرمك ياربنا،كم أذنبنا في عامنا وكم قصرنا في عامنا وكم جهلنا في عامنا وكم غفلنا في عامنا،ومع هذا تَمُنّ علينا بفضلك وتفتح لنا أبواب رحمتك لنلج فيها..!. يا أمة الإسلام إن ختم عامناالهجري بهذه الأعمال العظيمة رسالة ربانية تأخذ بمجامع القلوب لتهزها وتصرخ فيها بصوت عال ٍإن الأعمال بالخواتيم؛فتتيقظ القلوب الغافلة،وتنشط القلوب الحية اليقظة،تلك الرسالة التي بلغها لنا رسولنا وحبيبنا أبا القاسم صلوات ربي وسلامه عليه بقوله فيما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه: ((..إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ))(البخاري،القدر،ح(6117)). فلا تغتر يامن وفقك الله لطريق الهداية واسأل الله الثبات فقد سأله من هو خير منك رسول الهدى صلى الله عليه وسلم فقد كان أكثر دعائه يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، ولا تيأس يامن عظمت ذنوبك وكثر تفريطك أقبل على الله فربك رحمان رحيم{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(الزمر:53).أخي الحبيب يا عبد الله هل علمت أنك تبعث يوم القيامة على مامت عليه أخبرك بذلك من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى صلى الله عليه وسلمبقوله فيما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جَابِرٍ رضي الله عنه ((يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْه))(مسلم،الجنة ونعيمها،ح(5126)).فهيا أحبتي ضجوا إلى العظيم الكريم بالدعاء ..يارب..يارب نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى إلا رضيت عنا وأحسنت خواتيمنا وأهلينا والمسلمين، عباد الله هذا ربكم يبشركم فاسمعوا لبشارة ربكم إذ يقول: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ()نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ()نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ }(فصلت:30-32).

الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأِشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.أمابعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا رحمني الله وإياكم أن ما وفقتم إليه من صلاة أو صيام أو حج أو أضحية أو ذكر أو نحوه إنما هو بفضل الله وحده،وإنما هو نعمة من الله الواحد الأحد،فهل لي أن أدعو نفسي وإياكم لشكر هذه النعمة العظيمة،لنستزيد من فضل الله، عباد الله ها قد بقي على ختام العام ما يقارب نصف الشهر فيا ترى ما نحن عاملين فيه؛لنعاهد أنفسنا على الاستمرار على طاعة الله وأن نختم عامنا الهجري بأعمال صالحة ترضي العظيم عنا،ليس هذا فحسب بل لنحرص أن نكون دوماً ما استطعنا على طاعة لله وعبودية له بمعنا ها الواسع الذي يمكننا من تحويل جميع عاداتنا من أكل وشرب ونوم ونحوها لعبادة بمجرد النية فإنا لا ندري متى تكون ساعة الرحيل من هذه الدنيا،لنفزع إلى الله في كل سجود ووقت إجابة دعاء أن يرزقنا ووالدينا حسن الخاتمة، واعلموا معاشر المؤمنين أنا لسنا ملائكة لا نخطيء ولا نغفل ولذا من رحمة الكريم سبحانه أن جعل باب التوبة الواسع مفتوح لك ياعبد الله تلجه متى شئت في أي ساعة من ليل أو نهار ما دامت أنفاسك تتردد في صدرك أخبرك عن ذلك نبيك وحبيبك صلى الله عليه وسلم بقوله فيما أخرجه الإمام الترمذي في سننه عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: ((إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ))(الترمذي،الدعوات،ح(3460)).فماذا تنتظر أخي بل ماذا ننتظر جميعاً قوموا عباد الله لندخل باب التوبة الواسع العظيم فما أجمل أن نختم عامنا بتوبة نصوح.


 

عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية