صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







يوميات مسلم (24) المسلم بعد رمضان

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


الحمد لله المنزه عن النقائص والأنداد والأضداد والأعوان، الحمد لله المحمود بكل لسان، أحمده جل في علاه وأشكره نظر في قلوب عباده فاصطفى منها الخالصة المخلصة للاستقامة على الأعمال الصالحة بعد رمضان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له الملك الحق الديان ، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله إلى الثقلين الإنس والجان صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم القيامة بإحسان.أما بعد:ف{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }(آل عمران:102).
أخي المؤمن الحبيب كيف حالك؟. كيف حالك في شوال مع ربك رب رمضان ورب شوال ورب الشهور جميعاً؟.أخي الحبيب هل علمت أن من أمة الإسلام من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من نسي ليلة العيد وفي غمرة فرحة العيد أن يصلي ركعة واحدة لله!.وتتابع الأمر في ليالي العيد حيث أمضاها في السهر واللهو واللعب فعجباً والله هذا الذي كان يصلي في كل ليلة من ليالي رمضان عشرات الركعات ماذا دهاه؟.ماذا أصابه؟.حتى غدت ركعة وتر واحدة يصليها قبل أن ينام أثقل عليه من نقل الجبال الراسيات!. قولوا له أما سمعت تحذير العظيم لك ولكل من سلك مسلكك بقوله:{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا... }(النحل:92). قولوا لمثل هذا أين شكر النعمة لمن بلَّغَك رمضان ووفقك للصيام والقيام؟. أين أنت من وعد الله الخالد يوم أن وعد بقوله:{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }(إبراهيم:7).قولوا له أما رغبت في الزيادة ، أما خشيت من سخط الله وعقابه.وقد يقول قائل أيام العيد أيام فرح ومرح ولهو ولعب فمالكم تريدون منا أن نحولها لذكر وعبادة وصيام وتلاوة قرآن إذاً ما الفرق بينها وبين رمضان؛ فنقول له:نعم والله أيام العيد أيام فرح وقد شرع الله لك الفرح والاجتماع مع المسلمين في صلاة العيد، بل شرع لك أن ترفع صوتك بالفرح بمجرد دخول العيد من خلال التكبير ، وشرع لك اللعب واللهو في العيد فهذه الدفوف تضرب في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم العيد وهؤلاء الحبشة يلعبون في مسجده صلى الله عليه وسلم وكان الحبيب القدوة صلى الله عليه وسلم ينظر هو وزوجه للعبهم؛ أخرج البخاري في صحيحة عن أمنا أم المؤمنين الطاهرة المبرأة من فوق سبع سموات عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنَى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: ((دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ)) وَتِلْكَ الْأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :((دَعْهُمْ أَمْنًا بَنِي أَرْفِدَةَ يَعْنِي مِنْ الْأَمْنِ))(البخاري، الجمعة،ح(934)).نعم نفرح ولكن بأي شيء نفرح؟. نفرح بأن أكرمنا ووفقنا الكريم لطاعته:{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }(يونس:58). نفرح بطاعة الله ونستبشر بذكر الله ولا نكون كمن قال الله فيهم:{وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }(الزمر:45).نفرح في العيد ولاننسى ربنا وخالقنا ورازقنا فقد حذر الله من ذلك الأمر وبيِّن أنه من صفات المنافقين بقوله:{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ()وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ }(التوبة:67-68).نفرح ونلهو في العيد ولكنا لا نأمر بمنكر باسم العيد ولا ننهى عن معروف باسم العيد،ولاننسى ذكر الله وعبادته باسم العيد فقد حذرنا الله من عقوبة نسيانه بقوله جل شأنه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ()وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ()لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ } (الحشر:18-20).
فقلي بربك إذا نسيك الله من ذا يذكرك؟.إذا نسيك الله من ذا ينفعك؟.إذا نسيك الله من ذا يرفعك؟.أخي الحبيب قلي بربك كيف أنت مع صيام الست من شوال هل بادرت بصيامها؟. هل وضعت برنامجاً لصيامها؟. أم أنك لا قدر الله قد تهاونت في عمل بسيط تكسب به ما يعدل أجر صيام السنة كاملة.قد يدخل الشيطان على البعض فيقول له لقد جاءت الآن الأعمال والمدارس ولا فرصة للصيام فنقول له بإمكانك أن تصوم حتى ولو الخميس والجمعة من كل أسبوع حتى تتمها.أخي الحبيب كيف أنت مع كتاب ربك بعد رمضان؟. كيف أنت مع تلاوته؟. كم جزءا ختمت من أول يوم في العيد وحتى اليوم؟. كيف أنت مع تطبيق القرآن في حياتك؟. أخي الحبيب احذر وفقني الله وإياك أن تدخل فيمن شكاهم الرسول إلى ربه بقوله:{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورً }(الفرقان:30).
أخي الحبيب كيف أنت مع الجلوس في المسجد بعد الفجر حتى الإشراق؟.كيف أنت مع التبكير والخروج لصلاة الجماعة مع الآذان والاستفادة من ذلك الوقت في تلاوة القرآن؟.كيف هو حال بيتك وأهلك هل حصل تغير إيجابي في حياتهم باتجاه الله؟.أم أن البيت عاد بعد رمضان كما كان قبل رمضان؟.كيف أنت مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد رمضان؟.أما ولدَّ فيك رمضان حرارة إيمان وغيرة على محارم الله؟.كيف تجد نفسك مع حلاوة المنجاة وحلاوة الطاعة؟.هل تجد خفة ونشاط للطاعة ورغبة حقيقية فيها؟أم عياذاً بالله تكون ثقيلة عليك؟.أحبتي ليرجع كل منا لبيته وأهله وليسأل نفسه وإياهم تلك الأسئلة وغيرها حتى إذا كان هناك تقصير نراجع أنفسنا قبل أن يتسع الخرق على الراقع ولا نستطيع عياذاً بالله العودة مرة أخرى، إخوة الإيمان إني أدعوكم ونفسي وأرجوكم ثم أرجوكم ثم أرجوكم أن تستقيموا على الأعمال الصالحة فإن الثمرة عظيمة وعدكم بها من لا يخلف الميعاد بقوله:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ()نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ () نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ }(فصلت:30-32).

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه.أما بعد:فاتقوا الله عباد الله وليكن كل همكم قبول ما قدمتوه من أعمال في رمضان من صيام وصلاة وصدقة،أخي الحبيب لا تكن كذاك الذي يؤدي العبادة ثم لا يلتفت إلى قبولها فقلي بربك ما فائدة أعمال كالجبال لم يقبلها الله لخلل فيها،أخي الحبيب لتحرص أنت وحَرِّص أهلك وولدك في كل سجود وفي كل رفعة أكف بالدعاء أن تدعوا من الله أن يقبلك أن يقبل منك ما قدمت في رمضان وأن يقبل منك جميع أعمالك الصالحات؛فذاك هو دأب المؤمنون الذين يخشون ربهم حقاً واستمع معي بأُذُنِك وبقلبك وبجميع مشاعرك لربك يوم يعدد صفاتهم ويثني عليهم في آيات خالدة إلى يوم القيامة بقوله:{إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ()وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ()وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ()وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ()أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ()وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }(المؤمنون:57-62).فهيا أخي ماذا تنتظر؟.هيا لندخل أنا وأنت وأهلينا لندخل جميعاً تحت الظلال الوارفة لهذه الآية.هيا لنتصف بصفاتها فما زال في العمر بقية لا ندري ما مداها.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية