صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







سلسلة يوميات مسلم (8) تحية المسجد ومابين الآذان والإقامة

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


الحمد لله الذي خلق وبرى،فالق الحب والنوى،أحمده سبحانه وأشكره أن دلنا طريق الفوز والنجاة من الردى،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يبتغى ولا ند له يترجى وأشهد أن نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على النهج واقتفى.أما بعد:فأوصيكم أحبتي بسبب النجاة والفوز في الدنيا والآخرة ألا وهو تقوى الله قال ربكم في محكم التنزيل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }[الحديد : 28].
معاشر المؤمنين ذكرنا خلال سبع خطب ماضية من هذه السلسلة (يوميات مسلم) حال المسلم منذ يقظته وحتى دخوله المسجد وحرصه على مكان في الصف الأول؛واليوم نكمل المشوار فبعد أن تدخل أخي المؤمن يا من حضرت مبكراً للمسجد وحرصت على الصف الأول ستسمع النداء للصلاة (الأذان) فإذا سمعته سن لك أن تقول مثلما يقول ثم تصلي على نبيك وحبيبك صلى الله عليه وسلم وتسأل الله له الوسيلة لما أخرجه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ))(مسلم،الصلاة،ح(577)). فالله أكبر ما أحوجنا أحبتي وأنا والله أولكم للمحافظة على هذه الكلمات البسيطات؛إن أحدنا أيها الأحبة في الله إذا كان في موقف صعب من مواقف الدنيا بحث عمن يشفع له فكيف..كيف بالله عليكم بهول موقف يوم القيامة:{ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ()وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ()وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ()لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس :34-37]؟.ومما يدفعك للحرص على تلك الكلمات أن تتخيل أخي مع كل أذان حالك وقد فرَّ منك أبوك وأخوك وأمك وزوجك فرَّ كل هؤلاء وجاءك خير البرية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يبحث عنك ليشفع لك فتدخل الجنة وتنجو من النار{ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }[آل عمران : 185].ثم اعلم أخي الحبيب أن أول ما تدخل المسجد وقبل أن تجلس عليك أن تصلي ركعتين تحية المسجد أمرك بذلك نبيك وحبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري من حديث أَبَي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ((إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ))(البخاري،الجمعة،ح(1097)).وبلغ من شأنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوماً الجمعة فدخل رجل وجلس ولم يصليهما فقطع النبي صلى الله عليه وسلم خطبته ليأمره بصلاتها كما في صحيح البخاري من حديث جابر بن عبد الله(البخاري،الجمعة،ح(878)).
ثم أعلم أخي الحبيب رحمني الله وإياك أن ركعتي تحية المسجد ليست صلاةً خاصةً بذاتها؛فلو صليت أيَّ ركعتين كسنة الفجر مثلاً فإنها تغنيك عنها؛وأنه إذا قامت الصلاة المكتوبة فلا يصح لك أن تتشاغل بغيرها كما أمرك بذلك نبيك وحبيبك صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بقوله:((إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ))(مسلم،صلاة المسافرين وقصرها،ح(1160)).وأن تحية المسجد يصليها المرء ولو في وقت النهي عن الصلاة لأنها من ذوات الأسباب.أخي الحبيب إن كنت قد صليت تحية المسجد قبل الأذان سن لك أن تصلي بعد الأذان ركعتين لما أخرجه الإمام الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(( بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ))(الترمذي،الصلاة،ح(170)).قَالَ الإمام الترمذي:"حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ فَلَمْ يَرَ بَعْضُهُمْ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ و قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَقُ إِنْ صَلَّاهُمَا فَحَسَنٌ وَهَذَا عِنْدَهُمَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ"(المرجع السابق).ويؤيد صلاة الركعتين بين الأذان والإقامة قبل صلاة المغرب ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه "عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ كَانَ الْمُؤَذِّنُ إِذَا أَذَّنَ قَامَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ كَذَلِكَ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ شَيْءٌ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ جَبَلَةَ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا قَلِيلٌ"(البخاري،الأذان،ح(589)).وقد يأتي الشيطان لبعض السامعين فيقول: ركعتان في البيت،وركعتان حين دخول المسجد،وركعتان بين الأذان والإقامة،لما هذا الإكثار؟.فأجيبه أحبتي وأقول له لأنك أنت...نعم أنت في حاجة لكثرة السجود؛ ألم تسمع للحديث الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث رَبِيعَةَ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي:(( سَلْ)) فَقُلْتُ أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ ((قَالَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟.)) قُلْتُ هُوَ ذَاكَ، قَالَ: ((فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ))(مسلم،الصلاة،ح(754)).فهذا صحابي وهب وقته وجهده لخدمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم احتاج لكثرة السجود،فقلي بربك ماذا قدمت أنت لربك ولدينك ولنبيك صلى الله عليه وسلم ؟.ألست أنت وأنا وهو وهي بحاجة ماسة لكثرة السجود؟ لعلنا ندرك تلك الأمنية الغالية مرافقة نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم في الجنة،استمع ..استمع معي لحديث حبيبك صلى الله عليه وسلم العذب وكأنك تنظر وجهه الأنور وهو يقول لك: ((عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً)) (مسلم،الصلاة،ح(753)).فهل تسمح لي أخي أن أوصيك وأنا والله أحق بها منك ألا تترك فرصة تلوح لك تتمكن فيها من صلاة وسجود لله إلا اغتنمتها.
أخي الحبيب هل تسمح لي أن أدلك على كنز؟.نعم والله كنز كم غفلنا عنه وأنا أولكم،فتعالوا أحبتي استمع وإياكم للدلالة على ذلك الكنز من أطهر فم نطق على وجه الأرض؛أخرج الإمام الترمذي عَنْ أَنَسِ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :(( الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ)) قَالُوا فَمَاذَا نَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:((سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)).(الترمذي،الدعوات ،ح(3518)" قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ").فكم..كم بالله عند كل واحد منا من حوائج وكم عنده من هموم وكم عنده من كرب كل ذلك لا يعين عليه ولا يفرجه إلا الله،فارفع يديك وابتهل وتذلل وثق بأن ربك عظيم كريم حيي يستحي أن يرد يدان رفعت إليه صفراً.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [البقرة : 186].

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه.أمابعد:
فاتقوا الله عباد الله واحرصوا على الترديد مع المؤذن حال الأذان ولا يشغلكم عدوكم عن ذلك بكلام من الدنيا ؛ فمهما بدا والله الكلام لأحدنا مهم فإن الشفاعة في يوم القيامة أهم ، لتتذكر أخي بأن الأمر موازنة بين كلام من الدنيا وبين شفاعة خير الورى صلى الله عليه وسلم لك في يوم وموقف عصيب، ولنحرص على اللفظ كما علمنا إياه معلمنا الحبيب صلى الله عليه وسلم بلا زيادة فيه مهما بدت لنا حسنة؛ لأنه عبادة والعبادات لا يصح للمرء أن يزيد فيها من عند نفسه، ثم لنحرص أحبتي على كثرة السجود في المنزل وفي المسجد وفي غيره فهو والله الذخيرة التي ستسعد بها أخي غداً يوم تلقى ربك ، وأخيراً دعاء ما بين الأذان والإقامة اجعل جزءا منه لنفسك ولزوجك ولولدك ادع الله بالهداية والتوفيق اسأل الله من خيري الدنيا والآخرة ، ولاتنس أمة الإسلام المكلومة أن تسأل الله لها النصر والعز والتمكين فإن لها حق عليك كبير.أخي الحبيب إني أحملك أمانة تبيلغ ما سمعت وما تسمع لزوجك وولدك وكل من حولك فالدال على الخير كفاعله وقد قال صلى الله عليه وسلم :((مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ))(مسلم،الإمارة،ح(3509)).

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية