صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







جريمة اللواط

الدكتور عصام بن هاشم الجفري


الحمد لله الذي يسر لنا سبل الهدى و التقى والعفاف،ونجانا بفضله مما يحذر المرء منه ويخاف،وأكرمنا بجوده الذي ليس على أحد بخاف،وجعلنا بكرمه ومنته من المسلمين الأحناف، أحمده سبحانه وأشكره أن شرع لأمة الإسلام من الحدود ما يحفظ بها عليها أمنها الأخلاقي والاجتماعي والمالي ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم  تسليماً كثيراً .أما بعد:
فإلى كل من يخشى على أولاده الضيعة من بعده وإلى كل مؤمن موحد أوصيه بتقوى الله فهي صمام الأمان للمرء في حياته ولأبنائه من بعد مماته يقول اللطيف الخبير : {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}([1])  .أمة الطهر والعفاف بيان لوزارة الداخلية نشرته الصحف المحلية في يوم الخميس قبل الماضي،ثم تبعه بيان آخر مماثلاً له في يوم السبت لا أظن أن عاقلاً يحمل في صدره قلباً حياً إلا وأصابه الهم والحزن والقلق ولكن مما يخفف من ذلك الهم والحزن قيام الدولة أعزها الله بتطبيق الحد عليهم،أعرفتم ما البينان المقصودان؟ إنها عن مجموعة شاذة من بلادنا الطيبة الطاهرة جمع من الرجال تشبهوا بالنساء وتزوجوا بالرجال ولم يكتفوا بذلك بل تعدى جرمهم وانتكاسة فطرتهم إلى الفتيان صغار السن حيث يغرروا بهم ويدفعوهم  لفعل فاحشة اللواط تحت الترغيب أو الترهيب،فلا إله إلا الله ما أعظمها من فاجعة،ولا إله إلا الله ما أشدها من مصيبة تمسك وجدان المجتمع وضميره وتهزه هزاً عنيفاً عل نائمي القوم أن يستيقظوا ! أمة الطهر والعفاف إن فاحشة اللواط فاحشة يضيق بها الفضاء ، وتعج لها السماء ، ويحل بها البلاء ،ذنب تموت به الفضيلة، وتحيا به الرذيلة،وضع مقلوب، وعمل مسبوب،وشرف مسلوب،وفاعل ملعون ومفعول به عليه مغضوب،خلق فاسد وكرامة معدومة، وزهري، وآيدز وسيلان،وجرب ذو ألوان،وقذر وانتان، ووساخة دونها كل وساخة.فاحشة اللواط ينحط فاعلها عن درجة البهائم،فما رؤي ذكر من البهائم ينزو على ذكر، فكيف يفعلها من كرمه الله بالعقل من بني آدم؟جريمة اللواط مخالفة لمقتضى الفطرة والطبيعة فضلاً عن مخالفتها لمقتضى الدين والشريعة؛سنها مجرموا قوم لوط عليهم من الله ما يستحقون:{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ()إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ()}(2)، قال عمر بن دينار : (ما نزا ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط)(3)، وقال الوليد بن عبد الملك: (لولا أن الله عزوجل قص علينا خبر قوم لوط ما ظننت أن ذكراً يعلو ذكراً )(4)، ولما قلب قوم لوط فطرة الله التي فطر الناس عليها قلب الجبار عليهم ديارهم فجعل عاليها سافلها يصف لنا ذلك جبار السموات والأرض بقوله: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ()مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ()}(5).هذه الفاحشة القذرة كان يخاف عليكم منها رسولكم يا خير أمة أخرجت للناس فعند الترمذي وغيره من حديث جابر : ((إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ))(6).وقد لعن المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه من فعل هذه الفعلة المقيتة ثلاث لعنات متواليات حيث قال : ((..وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ))(7). وخرج الطبراني من حديث جابر رضي الله عنه عن النبي   صلى الله عليه وسلم   قال فيه : ((..وإذا كثر اللوطية رفع الله يده عن الخلق فلا يبالي في أي واد هلكوا)) . أما عن عقوبة هذه الجريمة الدنيئة فقد أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة والبيهقي وغيرهم عنه صلوات ربي وسلامه عليه قوله : ((من وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ))(9).وفي رواية ابن ماجة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ قَالَ : ((ارْجُمُوا الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ ارْجُمُوهُمَا جَمِيعًا))(10). احبتي في الله ومن الناس من يتساهل في عمل تلك الجريمة المنكرة مع زوجته ، فنقول له تعال واسمع إلى ما ينذرك به خير الورى صلوات ربي وسلامه عليه فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي  صلى الله عليه وسلم   قال : ((هي اللوطيةُ الصغرى))، يعني الرجل يأتي زوجته في دبرها،وعَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ))(11).وأخرج الترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم   : ((لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ))(12).وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم   قَالَ : ((مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ))(13).معاشر المؤمنين قد يجد المرء لمجتمعات الغرب التي غرقت في أوحال تلك الرذيلة مايبرر سلوكها فهم أمم تعيش لشهواتها بلا هدف تعاملوا بالزنا حتى ملوا منه فتحولوا إلى اللواط وأصبح هناك منتديات لممارسة هذه الجريمة الشنعاء،بل وأصبح منهم مسؤولون يتباهون بذلك الشذوذ،وتقول بعض الدراسات عن هذه الظاهرة أن الشاذين جنسياً بتلك المجتمعات يشكلون نسبة15%،وتوصلها دراسات أخرى إلى 20%،وهذه في الحقيقة بشرى للمؤمنين بزوال تلك المجتمعات والأمم الطاغية:{..إِنَّ مَوْعِدَهُمْ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}(14). لكن المرء يتساءل ما الأسباب التي تدفع من يفعل هذه الفعلة الشنيعة في بلادنا؟ هل هو صعوبة الزواج من النساء ؟ هل هي الجريمة التي يرتكبها الأباء بإشعال الغريزة الجنسية في أبنائهم من خلال القنوات والأنترنت والمجلات وغيرها فيحاول الأبناء إشباع تلك الغريزة عن طريق هذه الجريمة البشعة؟ أم هل هي بشائر العولمة وصنف من أصناف تقليد الغرب الذي أخذ يستشري في مختلف حياة مجتمعنا؟ هل..وهل..تساؤلات تجعل المرء في دوامة من الحيرة وهي بحاجة إلى إجابة صادقة ووقفة حازمة . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ()إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ()وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ()إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ()}(15). 

الخطبة الثانية
الحمد لله عظيم الشأن،الذي لا يعجزه أحد من خلقه أينما كان، ينزل بطشه وانتقامه على من عصاه من الإنس والجان،وهو الذي يقبل التوبة عن عباده الحنان المنان .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .أما بعد:فنحمد الله أحبتي أن يسر لنا دولة تقيم حدود الإسلام فينا وليتخيل المرء لو لم يقم الحد على أمثال هؤلاء وعلى الزناة وغيرهم ممن يبغونها عوجاً كيف يكون حالنا؟ فنسأل الله أن يثبت ولاة أمرنا على هذا الطريق . أيها الأحبة في الله من الناس من إذا سمع أن ابنه فعل فيه اللواط والعياذ بالله غضب وأظلمت الدنيا في وجهه أما إذا سمع بأن ابنه هو الفاعل تلقى الأمر ببرود ولم يغضب! ذلك لأن غضبه لعرضه لا لوقوع المعصية مع أن الفاعل هو المجرم الأكبر في طرفي العملية حيث إذا رأى سهولة وقوع الجريمة الأولى تحول لذئب مفترس يقتنص فريسته ومن يمتنع قد يتطاول عليه بالإكراه ، أمة العفاف إن الأسباب المؤدية لارتكاب تلك الجريمة عديدة يضيق المجال عنها لكني سأحاول سرد أهمها فمن تلك الأسباب : عدم تربية الأولاد على تقوى الله وخشيته في السر والعلن ومراقبته مما يجعله عبداً للشهوات، ومنها حرمان الولد من الحنان مما يجعله فريسة سهلة لكل من يشعره بشيء من الاهتمام،ومنها عدم التفريق بين الأولاد في المضاجع،وتحقيق أمر النبي   صلى الله عليه وسلم   بذلك،ومنها تربية الأولاد على الخوف والجبن فيخضع الولد لأول تهديد ويسلم نفسه لمجرمي اللواط،ومنها مجالسة المرد من الشباب،والمقصود بهم صغار السن، وأصحاب الجمال ومن لا لحية له،ومنها إطلاق الأولاد مع رفقاء السوء وعدم متابعتهم ومراقبتهم،ومنها ترك الأولاد عند يجالسون من هم أكبر منهم سناً فيقعوا فريسة لهم،ومنها عدم تعويد الصغار نقل ما يحدث لهم في الخارج إلى آبائهم خوفاً منهم،ومنها إرسال الأولاد إلى أقاربهم في بلاد بعيدة حيث يقل الرقيب ويحدث ما يحدث،ومنها عدم متابعة الأولاد في المدارس ومعرفة من يصاحبون وما يحدث معهم فيها،وتقييدهم بأوقات دخول وخروج المدرسة،ومنها تركهم مع ما يثير الغرائز وينشر الرذائل،من تمثليات وصحف ومجلات،وغناء.ومنها عدم تلبية حاجة الأولاد من الألعاب وتركهم في الحواري مع من يملكون تلك الألعاب فيساومونهم على تلك الفعلة الخبيثة،ومنها اختلاء الشباب والمراهقين بأصدقائهم وإغلاق الغرف عليهم.والأسباب يطول عرضها وحسبي ما ذكرت واسأل الله أن يجنبني وإياكم والمسلمين السوء والزلل.  

-------------------------
([1]) النساء:9.(2)الأعراف:80،81.(3)،(4)تفسير الآيات السابقة عند ابن كثير.(5)هود:82،83.(6)الترمذي،كتاب الحدود،ح(1377)قال عنه الترمذي حديث حسن غريب،وقال الحاكم صحيح الإسناد.(8)الإمام أحمد،مسند بني هاشم،ح(2677).(9)الإمام أحمد،مسند بني هاشم،ح(2596).(10)ابن ماجة،كتاب الحدود،ح(2552).(11)ابن ماجة،كتاب النكاح،ح(1914)وأخرجه برواية أخرى أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح.(12)الترمذي،كتاب الرضاع،ح(1086) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.(13)الترمذي،كتاب الطهارة،ح(125).(14)هود:(81).(15)الحجر:74-77.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية