صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







صور من الجنة والطريق لتحصيلها

الدكتور عصام بن هاشم الجفري

 
الحمدلله عالم السر والجهر ،قاصم الجبابرة بالعز والقهر،موفر الثواب للعابدين ومكمل الأجر،العالم بخائنة الأعين وخافية الصدر،أحمده سبحانه وأشكره أن أكرمنا تفضلاً منه بليلة القدر،واختصها بكثير من المزايا وعظيم الأجر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له يعظم للعاملين الأجر ،ويغفر للتائبين الوزر،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله له عظيم المحبة في الصدر وله كامل الاتباع في العبادة ابتغاء الأجر فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه الميامين الغر صلاة سرمدية متصلة إلى يوم الحشر . أما بعد:
فيا معاشر من يرجو الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة أوصيكم ونفسي القاصرة المذنبة أولا بتقوى الله في السر والعلن يقول ربكم جل شأنه وعظم {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} ويقول سبحانه:{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}.
أخي الحبيب هذه العشر الآواخر من رمضان تعيشها، فهل استشعرت مافيها؟
لكأني أخي الحبيب أنظر إلى سحائب الرحمات تتوالى عليك من لدن ربك الرحيم، فلا لا تستتر منها بمظلة الذنوب والمعاصي،تعرض لها بالخروج إلى ساحة العبودية والتذلل لله دعها تغمرك ثم تصور بعدها كم من راحة نفسية وطمأنينة سو تُسكب فيك،كم من نشوة وفرحة سوف تشعر بها ، وهل لك غاية في هذه الدنيا الفانية أكبر من أن يرضى عنك ربك الذي خلقك وصورك وعافك ورزقك وأمَّنك وسترك ومن كل ما سألته أعطاك وأكرمك ؟
 لكأني أنظر إلى قصرك في الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وقد زينه لك الكريم في هذا الشهر الكريم،كأني أسمع أبوابه ونوافذه وجدرانه تناديك ترجوك أن تجتهد في هذا الشهر في طاعة من أعد لك هذا القصر ليحضنك غداً بين جوانبه،كأني أنظر إلى سريرك وقد وضعت عليه الحرائر تنظر في شوق متى تتكئ عليها؟
كأني أسمع خرير الأنهار التي تجري من تحت قصرك في الجنة أنهار اللبن أنهار الماء الغير آسن أنهار العسل المصفى أنهار الخمر لذة للشاربين كأن خريرها ملؤه اللهفة على أن تتناول منها شربة بيدك المتوضئة الطاهرة ، هذه زوجتك من الحور العين قد أطلت تعيش على أحر من الجمر شوقاً للقائك هذه التي تعيش معك حياتك الدنيا بأحسيسها ولوعتها عليك وأنت لاتشعر،هاهي إذا ما أغضبتك زوجتك من نساء الدنيا ردت عليها دفاعاً عنك وإن لم تسمعها وقالت لها إنما هو عارية عندك،هاهي تنظر إليك بعينها الحوراء فلا تزعجها أن تراك على معصية أو تقصير في جنب الله واحرص أن تُدخل على قلبها السرور كما تحب هي لك السرور،وسرورها أن تراك على طاعة للباري الذي أبدع جمالها وصورتها لك نعم لك أنت وحدك ، أنظر إلى وجهها الصبوح الذي لو أطلت به لأضاءت مابين السماء والأرض ،انظر إلى مخ سوقها الذي يُرى من تحت لباسها من جمالها ، فلا لا تنظر إلى امرأة أجنبية في سوق أو في مجلة أو شاشة فقد تُحرم النظر لتلك الفاتنة ولذاك الجمال الذي لا يضاهى ، ارع سمعك ارع سمعك لحديثها أسمعت إن صوتها أعذب الأصوات فلم ولن تسمع صوتاً أعذب من صوتها ، فلا لا تسمع لصوت امرأة أجنبية في معاكسة هاتفية قد تحرمك هذا الصوت الندي،لاتسمع لماجنة تغني بألحان الدنيا فقد تُحرم غنائها لك بذاك الصوت الشجي أخي الحبيب إنك لن تجد عندها ما تجده عند نساء الدنيا من سباب وشتائم فإنها حريصة على مشاعرك فلا تُسمعك إلا مايطيب له خاطرك وتنشرح له نفسك ،ولن تشم منها إلا أعطر ريح فإنها لو أطل طرف خمارها على الدنيا لملأت الجو بأريج عبيرها ، أنظر أنظر معي كأني أراها تمد إليك يدها البيضاء الناعمة تناديك فاسمع ياولي الله أمالنا فيك من دولة ، فألا ترى أخي الحبيب أن ذلك النداء أحق بالإجابة من نداء امرأة مجرمة زانية من نساء الدنيا تدعوك للرذيلة والمرض والضياع ، ألا ترى بأن إجابة نداء من لم يمسها قبلك إنس ولا جآن أحق من إجابة امرأة من الدنيا جعلت من نفسها كحمام عام أعزكم الله يقضي فيها كل عبر حاجته . أخي الحبيب كأني بثمار الجنة متدلية تشتاق أن تتناول منها قطفة كأني أرى طيور الجنة الشهية تتمنى أن تأكلها مقلية أو مشوية ، تتمنى أن تلاك بهذا الفم الذي طالما امتلأ بالطعام الحلال وبذكر الله وبتلاوة القرآن والدعوة إلى الله . أخي الحبيب هل اشتريت ملابس العيد؟ كم حرصت أن تكون جميلة وناعمة ورقيقة ؟ إن لك في الحنة حرائر أرق وأنعم وأجمل مما تتصور ، وهي في شوق عارم أن تلامس جسدك الذي جعلت معظم جهده لله . أخي الحبيب هل اشتريت عطر العيد ؟ كم حرصت أن تكون رائحته جميلة منعشة تدوم طويلاً؟ إني أبشرك ببشرى فأنت في الجنة لا تحتاج إلى طيب فإن غذاؤك الذي تأكله سوف ترشحه مسكاً وطيباً لا يضاهيه طيب من طيب الدنيا.أخي الحبيب كأني بك في الفردوس الأعلى من الجنة جليس لنبيك الذي أمنت به وصدقت به واتبعت ما جاءك به من الحق وأحببته من كل قلبك كأني به يحدثك ويبتسم في وجهك وحولك أبو بكر وعمر وعثمان وعلى والصحب الكرام رضوان الله عليهم الذين طالما قرأت سيرهم وتمنيت رؤياهم،كأني بك وقد نلت أغلى أمانيك لذة النظر إلى جلال وجه العظيم سبحانه وجه من صمت له وركعت له وسجدت له إلى من نجاك من فتن الدنيا ومن ظلمة القبر ومن عذاب النار برحمته وفضله وكرمه فأي سعادة ودرجة نلت فاحرص رحمني الله وإياك على تلك النزل.أخي الحبيب أخبر من ورائك من النساء من زوجاتك وبناتك وغيرهن بأن لهن مثل مالك من النعيم،أخبرهن بأن ما ذُكر في الحور العين سيكون جزء من جمالهن ورقتهن هنالك،وبلغهن أن منهن الاجتهاد والعمل ومن الكريم الثواب والعطاء .

ياسلعة الرحمن لست رخيصة ...بل أنت غالية على الكسلان...ياسلعة الرحمن ليس ينالها...في الألف إلا واحد لا اثنان
ياسلعة الرحمن ماذا كفؤها .....إلا أولوا التقوى مع الإيمان....ياسلعة الرحمن سوقك كاسـد..بين الأراذل سفلة الحيوان
ياسلعة الرحمن أين المشتري...فلقد عُرضت بإيسر الأثمان ....ياسلعة الرحمن هل من خاطب..فالمهر قبل الموت ذو إمكان
ياسلعة الرحمن كيف تصبَّر الخطاب ..عنك وهم ذووا إيمان ..ياسلعة الرحمن لولا أنها ..حجبت بكل مكاره الإنسان
ماكان عنها قط من متخلف ..وتعطلت دار الجزاء الثاني ...لكنها حجبت بكل كريهة ليُصد عنها المُبطل المتواني
وتنالها الهمم التي تسمو إلى ..رب العلى بمشيئة الرحمن ...فاتعب ليوم معادك الأدنى تجد...راحاته يوم المعاد الثاني
وإذا أبت ذا الشأن نفسك فاتهمها ..ثم راجع مطلع الإيمان...واسأله إيماناً يباشر قلبك ...المحجوب عنه لتنظر العينان

أخي الحبيب إني لأظنك في شوق إلى أن تكون تلك الديار مستقرك ومنقلبك بعد هذه الدنيا الفانية ، فهل أدلك على طريق ميسر لذلك؟ عشر ليالي قمها إيماناً واحتساباً،انخلع فيها بين يدي ربك ومولاك من الذنوب والخطايا،اسأل من هو على كل شيء قدير أن يهدي قلبك وأن ينير بصيرتك ،اسأله أن يأخذ بيديك وناصيتك إلى ما يحبه ويرضاه ، نعم قمها وأنا ضامن لك ثقة بوعد من لايخلف الميعاد وثقة بقول من لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى حيث قال :(( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ..))،وليلة القدر هي ليلة من هذه الليالي العشر،أوصيك بتحري هذه الليلة التي نزل فيها القرآن والتي يُفرق فيها كل أمر حكيم عل الله أن ينظر إلى فقرك وحاجتك فيكتب لك السعادة الأبدية يقول الرحمن الرحيم :{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ(3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} فهذا نبيك خير البشر من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كان يخص هذه العشر بمزيداً من العبودية لله الواحد الأحد ففي صحيح مسلم عن أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الآواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها ، وفي الصحيحين عنها قالت:كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله وفي المسند عنها أيضاً كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم فإذا كان العشر شمر وشد مئزره ، ولك أخي الحبيب في رسولك أسوة حسنة. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :{ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ() سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.

الخطبة الثانية

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .أما بعد :فاعلموا رحمني الله وإياكم أنه كان من دأب نبيكم صلى الله عليه وسلم في هذه العشر الآواخر الاعتكاف في المسجد للتفرغ للعبادة ومما ينبغي للمعتكف أن ينشغل به الذكر والقرآن والصلاة والعبادة وأن يتجنب ما لا يعنيه من أمور وحديث الدنيا ولا بأس بالقليل المباح ،ويحرم على المعتكف الجماع ومقدماته من التقبيل واللمس لقوله تعالى:{ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}ولا بأس للمعتكف أن يخرج بعض بدنه من المسجد فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُخرج رأسه لزوجته عائشة فتغسله وترجله،أما الخروج بكامل البدن فإن كان لأمر لا بد منه طبعاً أو شرعاً كقضاء حاجة أو تناول طعام فجائز إن لم يمكن فعله بالمسجد،فإن أمكن فلا يخرج، أما إن كان الخروج لأمر طاعة لا تجب عليه كعيادة مريض وشهود جنازة فقد رخص فيه بعض الفقهاء بشرط أن يشترط ذلك في ابتداء اعتكافه ، أما الخروج لأمر ينافي الاعتكاف كبيع وشراء وجماع فلا يصح سواء اشترط أم لم يشترط.أيها الأحبة في الله وإن علم الرجل أن في اعتكافه تضييع لبيته وأولاده،أو أن يكون في اعتكاف الشاب تقصير في بر والديه فلا يجدون من يقضي لهم حوائجهم،فترك الاعتكاف والاشتغال بتلك الواجبات أولى،كما أني أدعوك أخي الحبيب لأن تأخذ بيد زوجتك وأولادك إلى طريق الجنان وتبعدهم عن النيران ، فاحرص أن يكون بيتك في العشر الآواخر ليس فيه إلا تالياً للقرآن أو مصلياً أو ذاكراً لله ، واحذر أن تترك زوجتك وبنياتك يقطعن ليالي العشر في الأسواق أو حول أجهزة اللهو والفساد وحبب إليهن قيام هذه العشر من خلال تذكيرهن بالنصوص الواردة في فضلها وحال السلف فيها فكلكم راع ولكلكم مسئول عن رعيته.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عصام الجفري
  • خطب إيمانية
  • خطب إجتماعية
  • يوميات مسلم
  • خطب متفرقة
  • مناسبات وأحداث
  • رمضانيات
  • خطب ودروس الحج
  • الصفحة الرئيسية