صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







أسباب السعادة

محمد بن فنخور العبدلي
@ALFANKOR


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي جعل سعادة القـلوب في الإقبال إليه، وجعل راحة الأرواح في السجود بين يديه ، والصلاة والسلام على أسعد الناس ، وأعبد الناس نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي وضَّحَ لنا طريق السعادة ، وأنار لنا سُبُل السكينة أما بعد
كل الناس رجالاً ونساء ، كباراً وصغار ، يبحثون عن السعادة ، والكل يتمنّاها ، فيا تُرى من الذي وجدها ؟ هل وجدها صاحب المحلات والعقارات ؟ أم هل وجدها ذلك الذي يُتابع القنوات ؟ أم ذلك الشاب الذي يُعاكس الفتيات ؟ أم هل وجدها ذلك الذي يسهر على المُحرَّمات ؟ إنّني أتساءل من الذي ذاق طعم السعادة ؟ هل تلك المرأة التي كشفـت وجهها أو عينها، ولَبِست تلك العباءة الضيقة والمطرزة ، هل تظـنون أنّها وجدت السعادة ؟ فمن هو السعيد ؟ وأين أجد السعادة ؟ أحبتي الكرام : إنَّ السعادة كنزٌ عظيم ، وغايةٌ منشودة ، ومطلبٌ نفيس ، إنَّ السعيد هو: ذلك الذي حقق العبودية لربه تبارك وتعالى 0
إن السعادة في الإقبال على الله ، إنَّ الإقبال على الله بالطاعات ودوام التقرب إليه سبحانه وتعالى بكثرة النوافـل ، والإنابة إليه عزَّ وجل ستوصلك إلى حلاوة الإيمان وجنة الدنيا ، قال الله تعالى ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِن ذَكَرٍ أو أُنثى وهو مُؤمِن فَلَـنُحيـينّهُ حَياةً طَيبة ) ، إنّها الحياة السعيدة ، إنّها الطُمأنينة والسكون ، إنّها الراحة والخشوع ، تلك هي اللَّذة التي يتذوقها كل من أقبل على ربه وأناب إليه ، قال أحد الصالحين: مساكين أهل الدنيا، خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها، قالوا: وما هو ؟ قال: ( معرفة الله ) ، وقال آخر: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدونا عليها بالسيوف ، إذن إنْ كنت تريد السعادة فاتجه إلى الصلاة ، وأقبل على الله ، وستجد السعادة بإذن الله 0
السعادة في قراءة القرآن ، إنّه القرآن ، كتاب الحياة ، وباب السعادة ، كلما نظرت كلما أشرق في قلبك نور الإيمان ، قال تعالى ( فامنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ) ، إنّه القرآن يا أمة الإسلام ، فلماذا هجرناه وأعرضنا عنه ونسيناه ، ولماذا ألهتنا الدنيا عن قراءته وسماعه وتدبره ، قال سبحانه وتعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تُلهِكُم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ) ، إنَّ القرآن علاج الهموم ، ومُزيل الغموم ، ومُذْهِب الحسرات ، وكاشفُ للبليَّات ، فيا من أحاطت به هموم الدنيا، وأزعجـته المصائب ، أُوصِيك ونفسي بأن تجلس مع القرآن في كل يوم ولو ساعة تقرأ فيه ، وتتأمل معانيه ، وتعرض نفسك عليه ، فوالله سوف تشعر بالسعادة وتذوق طعم الحياة 0
السعادة توجد عند أصحاب الأخلاق الحسنة ، والله إنَّ المُتَّصفين بالصفات الحسنة والأخلاق الحميدة ، ليجدون من الراحة والسعادة ما لا يخطر بالبال ،
إنّهم أقوام أحبهم الله وأحبهم الناس ، فكيف لا يجدون السعادة ؟ إنّهم مُتواضعون مع الناس ، يبتسمون ، ويمزحون ، ويضحكون ، إنّهم يُساعدون المُحتاج ، ويعطِفون على المسكين ، إنّهم يُحسِنون الظن ، ويتجاوزون عن الخطأ ، إنّهم طيبون ، ويرحمون ، وينفعون ، إذا رأيتهم رأيت فيهم أجمل الأخلاق وأحسن الصفـات ، إنّهم يسيرون على منهج الرسول صلى الله عليه وسلَّم الذي مدحه الله بقوله ( وإِنَّـك لعلى خُلُقٍ عَظِيم ) ، فعامل النَّاس بمِثـلِ ما تُحب أنْ يُعاملوك ، وستجد السعادة 0
السعادة في ترك الذنوب ، إنَّ الشهوات ومتابعة القنوات والسهر على المُحرمات طريقك إلى الشقـاء في الدنيا والآخرة ، إنَّ إعراضك عن الله يجلب لك القلق والهمَّ والحزن ، قال تعالى ( ومَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإنَّ لهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ) ، إنَّ الذنوب لها لذةٌ في لحظـتها ونشوةً في ساعتها، ولكن بعد ذلك عذاب القـلب، وسموم الروح 0
رأيتُ الذنوب تُميتُ القـــــلوب وقـــد يُـورِثُ الـذُلُّ إدمـانـُهــا
وتـركُ الذنــوبِ حيـاةُ القـلوب وخيــرٌ لـنـفـسـكَ عِـصـيـانــُها
أقبِل على ربك ، وابكِ على خطيئـتِك ، واستغفر لذنبك ، وستجد السعادة 0
السعادة في الإحسان إلى النّاس ، إنْ كُنتَ تبحث عن الراحة والسكون والطمأنينة ، فأمسح رأس اليتيم ، وقبـِّـل رأس العجوز الكبير في السن ، إنَّ الإحسان طريق مخـتـصـر إلى السعادة ، وباب يُدخلك على كنوزٍ من الطمأنينة ، قال تعالى ( وأحْسِنُوا إنَّ الله يُحِبُّ المُحسِنِين ) 0
أخي المسلم: هل عفوتَ عن أحدٍ ظلمك ؟ هل سامحت من أساء إليك ؟ جرِّب ذلك وستجد طعماً للسعادة لا يُوازيه شيء 0
ابذل مالك للمحتاج ، يا من رزقه الله بيتاً إنَّ هناك عوائـل لا بيوت لها ، يا من منحه الله زوجة هناك من طلَّق زوجـته ، يا من تلعب مع أطفاله إنَّ هناك أطفال لم يجدوا آباءهم ، فهم موتى ، أو مسجونين ، أو في شباك المخدرات ، يا من يريد السعادة : أَخْرِج قليلاً من مالك لذلك الفـقـيـر ، ولتلك الأرملة ، ولذلك المسكين ، فوالله سـتـشـعـر بِلَذَّةِ الإحسان وطعم السعادة ، قال تعالى ( ومَن يُـوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأُولئكَ هُمُ المُفْلِحُون ) 0
السعادة عند التائبين ، إنَّ جميع الخلق لابد أنْ يصدر منهم الذنب والخطأ مهما كانوا في صلاحهم واستقـامتهم كما ورد في الحديث ( لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم آخرين يذنبون فيستغفرون، فيغفـر الله لهم ) ، وفي الحديث الآخر ( كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطَّاءين التوابون ) ، أيها الأحبة : إنَّ هناك أقوام قد صدقوا مع ربهم وأقبلوا عليه تائبين، نادمين، مُعترفين، وهؤلاء لهم نصيب من السعادة على قدر صدقهم ، قال تعالى ( مِنَ المؤمِنين رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيه فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَـحْبَهُ ومِنْهُمْ مَن ينتظر ومَا بَدَّلوا تبديلاً ) 0
هناك سعادة عند الموت ، ولكن هذه السعادة خاصة للمؤمن الصالح الذي أفنى حياته في طاعة الله ، فهذا له موعد مع السعادة عند مماته ، قال تعالى ( إنَّ الذينَ قالوا ربنا الله ثمَّ استقاموا تتنزَّلُ عليهمُ الملائكة ألاَّ تخافوا ولا تحزنوا وأبشِروا بالجنَّة التي كُنتُم توعدون ) ، إنّها البشارة لهم عند الممات بالجنة ، إنّه يرى مقعده من الجنة ، فتطير روحه شوقـاً إلى ما عند الله 0
السعادة الكُبرى عندمـا تأخذ كتابك باليمين ، وتصيح أمام العالمين ( هَآؤُمُ اقْرَءُوا كِـتابِـيـهْ إنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابـيـه ) ، السعادة عندما تمشي بأقدامك إلى الجنة ، عندما تنظر إلى قصورك في الجنة ، وترى الأنهار تجري من تحتها ، السعادة الكبرى عندما تدخـل قصرك وترى الأشجار من ذهب قد أحاطت بذلك القـصر ، والخدم يطوفون حولك لـكي يخدموك ، السعادة عندما ترى زوجاتك من الحور العين، فإذا بِكَ ترى ذلك الجمال الباهـر ، وتكتمل السعادة عندما تسمع النداء من الله ( يا عبادي هل رضيتم ؟ فيقولون: وكيف لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحد من خلقك، فيكشف الحجاب عن وجهه، فما أُعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى الله تعالى ) 0
أحبتي في الله هذه جولة سريعة في أبواب السعادة وأحوالها ووسائـلها
فنسأل الله أن يرزقنـا السعادة وصلى الله على نبينا محمد 00000


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد العبدلي
  • البحوث العلمية
  • عروض البوربوينت
  • المقالات
  • خطب الجمعة
  • عروض الفيديو
  • الصفحة الرئيسية