اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/aldgithr/4.htm?print_it=1

فوائد في أحكام الصيام
المجموعة الأولى

د.عبدالعزيز بن سعد الدغيثر

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد:
فهذه فوائد قصيرة ومسائل يسيرة في أحكام الصوم والاعتكاف، وهي تمثل المجموعة الأولى، أشارك فيها القراء الكرام، وكل مسألة فيها توجهات للفقهاء، وبحثها ليس هذا موضعه.
 
إذا أصبح الصائم وفي يده الإناء

صح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته"[1].
 
الصيام من نصف النهار:

ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أرسل غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: من كان أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم"[2].
 
هل يصوم الرضيع:

كان صلى الله عليه وسلم يعظم يوم عاشوراء ويدعو برضعائه ورضعاء فاطمة فيتفل في أفواههم ويأمر أمهاتهم ألا يرضعن إلى الليل[3].
 
المفطرات

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: من نوى الفطر يفطر، هذا هو الصحيح في قضاء الفريضة، وهو مذهب أحمد ومالك والشافعي[4]. وقال في موضع آخر: اختلف العلماء في من نوى الفطر في رمضان فقال بعض العلماء بفطره وقال آخرون بعدم بطلان الصوم، والمسألة تحتاج إلى نظر. فأورد عليه من نوى الحدث ومن نوى الطلاق، فقال: لا يقع الطلاق ولا الحدث بالنية، أما الفطر فالأمر فيه شبهة، ولا جواب لدي الآن فيها. شريط 77 من التعليق على ندوة الجامع.
قال الشيخ الفقيه حمد بن عبد الله الحمد في " شرح الزاد:" قال :(ومن نوى الإفطار أفطر) .
فمن نوى الإفطار فإنه يفطر وإن لم يأكل وليس المراد بقوله :" أفطر " أنه بمعنى الأكل والشارب، بل مراده أنه كما لو لم ينو الصوم  بمعنى :رجل صائم ثم نوى أن يفطر فإنه يكون بحكم المفطرين لأنه قد قطع النية، والنية شرط أن تغطي العمل كله وقد قطعها، فحينئذ فسد صومه لبطلان نيته وهذا باتفاق العلماء وهي مسألة ظاهرة، لأن الواجب هو النية في اليوم كله، وحيث نوى الفطر فإنه يكون مفطراً .
وإنما قلنا :أنه يكون في حكم المفطر، لا في حكم من أكل أو شرب لأن هنا فرقاً بين المسألتين، ويتصور ذلك بأن يقال :رجل ممسك عن الطعام والشراب بنية التقرب إلى الله إلى أذان الظهر ثم نوى الفطر، فإنه أن لم يأكل ولم يشرب يجوز له أن ينوي مرة أخرى التنفل لأنه لم يقع منه أكل ولا شرب فهو ممسك . أما لو قلنا :أنه بمعنى أكل أو شرب فإنه لا يجوز له أن ينوي حينئذ ففرق بين قولنا :أفطر بمعنى أكل أو شرب وقولنا :أفطر بمعنى أصبح لا نية له فهو كما لو لم ينو.
فإن تردد في القطع فما الحكم ؟ قولان في مذهب أحمد: أرجحهما أنه لا ينقطع صومه بل يكون في حكم الصائمين لا المفطرين، لأن هذا التردد لم يؤثر في نيته الأصلية فهو مازال ناوياً الصوم أم لا يقطعه فلم تتأثر نيته بذلك . ويصح أن يستدل لذلك بقوله النبي الله عليه وسلم :(أن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن عقد النية من الليل أن يصوم نافلة ثم إنه تغدى ولم يذكر أنه صائم إلا بعد غروب الشمس فأجاب: صيامه صحيح[5].
مذهب أحمد ومالك والشافعي أن من أدخل إلى جوفه شيئا من أي موضع كان أفطر مثل القطرة في الأذن وخيط وصل إلى معدته[6].
ظاهر كلام أحمد أن من كرر النظر فأنزل منيا أنه لا يفطر ولا قضاء عليه وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي لأنه عن غير مباشرة وأشبه الإنزال بالتفكير، وإن كان يمكن صرفه لكن لما في المؤاخذة به من الحرج، وقد ذكره صاحب الزاد من المفطرات[7].
الفصد مفطر في رواية عن أحمد ورجحها الزركشي والوزير وشيخ الإسلام قياسا على الحيض والاستقاء والاستمناء والحجامة، ونص صاحب الروض أنه لا يفطر وفاقا للجمهور[8].
إن شك في غروب الشمس أو اعتقد غروبها فأفطر فيقضي ، قال الزركشي: اتفقوا على وجوب القضاء فيما إذا أكل شاكا في غروب الشمس لا في طلوع الفجر نظرا للأصل فيهما. وقال في الإنصاف في من شك في غروب الشمس: عليه القضاء إجماعا. واختار شيخ الإسلام أن من أفطر معتقدا أنه ليل فبان نهارا فلا قضاء عليه، وقال به طائفة من السلف والخلف واستدل بأنه ثبت عن عمر أنه أفطر ثم تبين النهار، فقال: لا نقضي، فإنا لم نتجانف لإثم. وحديث أسماء في الصحيح أنهم أفطروا ثم طلعت الشمس وقل هشام: أوَبدٌّ من قضاء، هذا رأي من هشام، ولو أمروا بالقضاء لنقل [9].

من جامع ناسيا أو مكرها أو جاهلا ففيه أقوال:
1.   عليه القضاء والكفارة وهو المذهب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل من المجامع.
2.   لا قضاء عليه ولا كفارة إن كان ناسيا أو مكرها عند الشافعي ورواية عن أحمد قياسا على من أكل ناسيا ولعموم عدم مؤاخذة الناسي والمكره والجاهل ولأن الحديث في العامد بدلالة قوله: هلكت".
3.   لا قضاء على الناسي فقط وهو مذهب الحنفية.
4.   عليه القضاء دون الكفارة عند المالكية في الناسي والمكره والجاهل.
 
تم توحيد سعة الصاع النبوي في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله بحيث يعادل قيمة 3.03لتر[10].
كراهة جمع الريق وابتلاعه لخلاف أبي حنيفة وأقل أحوال المختلف فيه أن يكون مكروها[11].
 
إفطار من صنعته شاقة

نقل الشيخ ابن قاسم عن الآجري أنه قال: من صنعته شاقة وتضرر بتركها وخاف تلفا أفطر وقضى، وإن لم يضره تركها أثم، وإلا فلا. قال: وهذا قول للفقهاء رحمهم الله تعالى، وذكر الحنفية وغيرهم أنه لو ضعف عن الصوم لاشتغاله بالمعيشة فله أن يفطر ويقضي، إن أدرك عدة من أيام أخر، وإلا أطعم عن كل يوم نصف صاع، وأنه لا شك في الحصاد ونحوه إذا لم يقدر عليه مع الصوم، ويهلك الزرع بالتأخر مثلا، جاز له الفطر، وعليه القضاء.أهـ
ثم قال الشيخ ابن قاسم: وكذا البناء ونحوه إذا خاف على المال إن صام وتعذر العمل ليلا، جزم به غير واحد[12].
 
صوم يوم السبت:

فيه حديث عبدالله بن بشر مرفوعا:" لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" رواه أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وقال النووي: صححه الأئمة.
لكن قال شيخ الإسلام بشذوذه أو نسخه واختار عدم الكراهة وهو قول أكثر العلماء، لمخالفة هذا الحديث لأحاديث كثيرة منها حديث أم سلمة أنه كان يصوم السبت والأحد ويقول هما عيدان للمشركين فأنا أحب أن أخالفهم" وإسناده جيد وصححه جماعة. فإن صام معه غيره لم يكره إجماعا[13]. 
 
خروج المعتكف من معتكفه:

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الخروج من المعتكف على ثلاثة أقسام :   
1-   جائز بلا شرط، وهو الخروج للضروريات من أكل أو حاجة أو صلاة جمعة أو طهارة.
2- الخروج لطاعة غير واجبة كشهود جنازة، وهذه تجوز إذا اشترطه وإلا فلا.
3- الخروج لأمر ينافي الاعتكاف كالبيع والشراء فهذا لا يجوز بكل حال.
 وقال صاحب البليهي رحمه الله في السلسبيل: يبطل الاعتكاف بأحد ستة أشياء: الردة ونية الخروج ولو لم يخرج وبالخروج لغير ضرورة وبالوطء بالفرج وبالإنزال عن مباشرة وبالسكر.

-------------------------------------------------
[1] أخرجه أبوداوود(2350) وسنده صحيح ورواه وأحمد2/423 والطبري في تفسيره(3115) والحاكم 1/426 وصححه ووافقه الذهبي، قال ابن القيم: أعله ابن القطان بأنه مشكوك في اتصاله. عون المعبود 6/475.
[2]  رواه البخاري 3/38،48،58 ، 9/111، ومسلم 2/798 والنسائي في الصغرى 4/163 وأبو داوود 1/571 والترمذي وأحمد والدارمي.
[3] رواه ابن خزيمة 3/289 وتوقف ابن خزيمة في تصحيح الحديث بسبب خالد بن ذكوان وهو محتج به في الصحيح .
[4]  حاشية الروض المربع 3/387.    
[5] درس الشيخ بتاريخ 14/10/1419هـ
[6] حاشية الروض 3/391.
[7]  حاشية الروض 3/397.
[8] حاشية الروض 3/399-400.
[9] حاشية الروض 3/406-407.
[10]  كتاب المواصفات والمقاييس للدكتور خالد بن يوسف الخلف- هيئة الواصفات والمقاييس- إصدار المئوية-1419هـ صفحة /35.
[11] حاسية الروض 3/421.
[12] حاشية الروض 3/379.
[13] حاشية الروض 3/459.

 

د.عبدالعزيز الدغيثر
  • بحوث علمية
  • مقالات حديثية
  • مقالات فقهية
  • مقالات لغوية
  • مقالات عقدية
  • مقالات أخرى
  • الصفحة الرئيسية