بسم الله الرحمن الرحيم

رمضان... كيف نستقبله ؟؟... وكيف نغتنمه ؟؟

رمضان.....كيف نستقبله ؟؟....وكيف نغتنمه ؟؟


تقديم :

إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا ، وسيأت أعمالنا ,من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمد عبده ورسوله اللهم صلى على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته كما صليت على آل ابراهيم انك حميد مجيد...
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } 102: آل عمران .
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَـقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } 1 : النساء .
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلً سَدِيدًا * يُصْلِـحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } 71 : الأحزاب
أما بعد :
فأن أصدق الحديث كتاب الله , وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها , وكل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة فى النار, وبعد ….
فان شهر رمضان من الأزمان التي لها عند المسلمين مكانةٌ عظيمةٌ , هذه المكانة ليست مجرد شجون وتقدير لما لايرتبطون به , لا بل هى مكانةٌ ترتبط بها القلوب والأبدان لما تجده النفوس من بهجةٍ وفرحةٍ واطمئنان وحب للخيرات وفعل للطاعات وتهيؤ عظيم فى القلوب ولين فى الأبدان لفعل الخيرات وترك المنكرات , ولاشك أن هذا يشعر به كل مسلم وان قل ايمانه لأن شهر رمضان هو زمنُ لين القلوب واطمئنانها ولو نسبياً , وزمنُ تعاون الناس على كثير من البر والطاعات , وفعل الخيرات , فأنت ترى الناس تختلف مسالكهم فى رمضان عن غيره لوقوع الصيام منهم جماعة مما يجعل لهم صورة جماعية طيبة فى بعض الأمور كإجتماع الناس فى البيوت للإفطار حتى تخلو الطرقات فى القرى والمدن من المارة الا القليل , والتى لا تكون كذلك فى مثل هذه الأوقات فى غير رمضان , وغير ذلك من المظاهر الجماعية والتى تحدث فى رمضان ولا يمكن أن تحدث فى غيره باستقراء الواقع الا أن يشاء الله شيئا...وذلك -مثلا -مثل أجتماع الناس على قيام رمضان , ومثل امتلاء المساجد فى صلاة الفجر على غير عادة الناس فى غير رمضان فى أزماننا, هذا وغيره كثير يدل دلالة واضحة على تلك المكانة التى هى لهذا الشهر فى قلوب العامة والخاصة من المسلمين , وتلك المكانة التى تكون فى  القلوب تتفاوت فى قلوب المسلمين بما يترتب عليه تفاوتا بينا فى مسالكهم وعاداتهم فى هذا الشهر أفرادا وجماعات , وهذا التفاوت ليس هو فقط فى المقدار والأثر والقوة لا بل هو أيضا فى نوعه بمعنى أنه ليس فقط تفاوتا فى كمه وقوته بل فى كيفيته ونوعيته...... وصدق ربنا اذ يقول :" إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى" 4 : الليل ...... نعم فان سعى الناس عموما فى أمر دينهم ودنياهم لشتى خاصة فى مثل تلك الأزمان الفضيلة , فبين مقدر لقدره ومضيع , وكاسب وخاسر , وموفق ومغبون , وضال ومهتد , وتقى وفاجر عافانا الله من التضيع والخسران والغبن والضلال والفسوق والكفران وجعلنا بفضله ومنه وجوده من المؤمنين الفائزين فى الدنيا والأخرة فى رمضان وغيره من شهور العام ....آمين ....آمين


أيها الاخوة الكرام كيف نستقبل..ونغتنم.. رمضان ؟

وقبل الاجابةِ أسأل نفسى واياك أخى الكريم سؤالا يقرب المسألة , وهذا السؤال هو لو أن لك صاحب أو قريب أو رحم عزيز عليك ,غاب عنك أحد عشر شهرا ثم علمت بمجيئه اليك زائرا عما قريب , ماذا أنت صانع لملاقاة واستضافة هذا الضيف والجائى الكريم العزيز عليك , ماذا انت صانع ؟...سأترك الاجابة لك ولكن بشرط أن تجيب بأنصاف وموضوعية ...
واذا وفققك الله لاجابةٍ صحيحة منصفة بما يليق وشأن ضيفك وزائرك الذىافترضنا أنه عزيز بل عزيز عليك جدا ..جدا.... فاسأل نفسك ماذا هو الحال اذا كان هذا الزائر هو شهر رمضان المبارك ؟
ونحن سوف نستقبل فى غضون أيام هذا الضيف...هل تعرفه...وماذا أعددت له وكيف ستستقبله وتتعامل معه؟

أولا : من هو شهر رمضان ؟
هــــــــو : الشهر التاسع فى ترتيب الشهور التى هى عند الله اثنى عشر شهرا من يوم أن خلق الله السموات والأرض,وعلى الترتيب الذى أنشأه عمر رضى الله عنه...
قال تعالى: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } ....الآية  36 : التوبة
وهــــــو : الشهر الذى أنزل الله فيه القرآن .
قال تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ  مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } ......الآية  185 : البقرة
وهــــــو: الشهر الذى أبتعث الله فيه نبيه وخليله وخاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم .
وهــــــو : الشهر الذى جعل الله منه الى رمضان ما بعده كفارة :
بوب مسلم فى كتاب الطهارة : باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر *
وفيه : عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر *
وهــو: الشهر الذى اذا دخلت أول ليلة من لياليه كان ما كان من الخير اسمع :
عند البخارى فى كتاب الصوم : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة *
وفى رواية عنه أيضا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين*
وهــو : الشهر الذى جعل الله فيه لأصحاب الذنوب والخطايا المخرج وكذلك لطالبى الجنة والعلو فى الدين :
فعند البخارى فى كتاب التوحيد : عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها قالوا يا رسول الله أفلا ننبئ الناس بذلك قال إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة *
وعند مسلم فى كتاب صلاة المسافرين : عن أبى هريرة حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه *
وهــو : الشهر الذى جعل الله فيه العمرة كحجة ليس هذا فحسب بل كحجة معه صلى الله عليه وسلم :
فعند البخارى فى كتاب الحج : عن عطاء قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يخبرنا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار سماها ابن عباس فنسيت اسمها ما منعك أن تحجين معنا قالت كان لنا ناضح فركبه أبو فلان وابنه لزوجها وابنها وترك ناضحا ننضح عليه قال فإذا كان رمضان اعتمري فيه فإن عمرة في رمضان حجة*
وفى رواية:" عمرة في رمضان تعدل حجة" متفق عليه.
وفى رواية: قال فإن عمرة في رمضان تقضي حجة أو حجة معي*
قوله : { عمرة في رمضان تعدل حجة } في الثواب، لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض. للإجماع على أن الاعتمار لا يجزيء عن حج الفرض. وقال ابن العربي: حديث العمرة هذا صحيح وهو فضل من الله ونعمة فقد أدركت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها. وقال ابن الجوزى: فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وخلوص المقصد.
وهــو : الشهر الذى جعل الله فيه ليلة هى خير من ألف شهر فى دين وعمل العبد المؤمن :
فعند البخارى فى كتاب صلاة التراويح:عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول : تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان *
وعند مسلم فى كتاب صلاة المسافرين: عن زر قال سمعت أبي بن كعب يقول وقيل له إن عبد الله بن مسعود يقول من قام السنة أصاب ليلة القدر فقال أبي والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان يحلف ما يستثني و والله إني لأعلم أي ليلة هي هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة صبيحة سبع وعشرين وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها*
وأنت تعلم قوله تعالى: { ليلة القدر خير من ألف شهر } ....
وهـــو : خير الشهور على المؤمنين وشر الشهور على المنافقين :
ففى الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:" أظلكم شهركم هذا بمحلوف رسول الله ما مر على المسلمين شهر هو خير لهم منه ولا يأتي على المنافقين شهر شر لهم منه إن الله يكتب أجره وثوابه من قبل أن يدخل ويكتب وزره وشفاءه من قبل أن يدخل ذلك أن المؤمن يعد فيه النفقة للقوة في العبادة ويعد فيه المنافق إغتياب المؤمنين واتباع عوراتهم فهو غنمٌ للمؤمن ونقمةٌ على الفاجر"......  أحمد...والبيهقى ، عن أبي هريرة .وحسنه الألبانى فى صحيح الترغيب..
* وإذا نظرت لهذا الحديث الجامع ترى أن ذلك وكأنه واقع يراه القاصى والدانى...المؤمنون يعدون عدة البر يجهز زكاة ماله لينفقها فى رمضان...ويرتبون المال للتوسيع على الأهل والأولاد...ويعدون أسباب إعانة المساكين والفقراء...وكذا إطعام الصائمين....وفى المقابل المنافقون ممن يعدون العدة بالأفلام والتمثليات والفوازير....ألخ....فصدق الصادق المصدوق هو غنمٌ للمؤمن ونقمةٌ على الفجر,,,,,,,,
** ولو ظللت أعرف بمن يكون هو هذا الضيف العزيز ما وفيت الكلام على مكانته ولكن المقصود هو كيف نستقبل هذا الضيف المكرم ؟
*...كــــــــــــــــيف...؟؟؟؟؟
ومن ثم لابد أن أذَكِر أولاُ بأمور هامة أولها: نحــــــن المسلمين :
لكم أسأنا استقبال هذا الضيف لأنه لطالما يزورنا ويأتينا كل عام فى نفس الموعد وهو ضيف كريم يأتى بالهدايا الكثيرة العظيمة النفع التى يحتجها كل أحد من الخلق وخاصة المسلمين ونحن نقابل لك بأن نأخذ من هداياه ما يعجبنا ونرمى فى وجهه ما لا يعجبنا ونحن فى ذلك من المغبونين ... وصدق ربنا اذ يقول:"ان سعيكم لشتى".....نعم ان سعى العباد فى الدين لشتى , وخاصة فى رمضان , فمضيع ومستهتر ومغبون ومفتون وغير ذلك من مسالك الباطل والتضييع , ولكن هناك أهل الحكمة وشكر النعمة ..جعلنا الله منهم .. أهل تقدير العطايا والمنح الربانية- الذين يرجون ثواب ربهم ويخافون عذابه ويتقون سخطه بطلب مرضاته - نعم هم من يطلبون النجاة ويسلكون مسالكها فيعرفون لرمضان قدره ويستقبلونه بالتوبة وفعل الخيرات وترك المنكرات , يحكى عن السلف أنهم كانو يظلون ستة أسهر يدعون ربهم أن يبلغَهم رمضان , فاذا جاء أحسنوا استقباله , فاذا رحل عنهم ظلوا ستة أشهر بعده يسألون الله قبول ما قدموا فيه من الصيام والقيام والصدقة وغير ذلك مما قدموا من البر ....أرأيت كيف كان حالهم ... وكيف صار حالنا , نسأل الله أن يصلحنا ويصلح بنا ويحسن مآلنا ويجعلنا فى شهر رمضان من الفائزين ,كان السلف أذا انقضى رمضان يقولون رمضان سوق قام ثم انفض ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر , اللهم اجعلنا فيه وفى سائر ايامنا وأعمارنا من الرابحين المفلحين ....أمين ....أمين...

نحــــــــن ياسادة : كم من مرات ومرات جعلناه يرحل عنا وهو حزين لا يرى منا الا الوكسة والجرى وراء الدنيا الحقيرة والرضى بالدنية فى الدين , والميل مع الذين يتبعون الشهوات ميلا عظيما , والتولى عن العمل لله ,ويري كذلك زهدنا فى أخرتنا وعدم نصرتنا لربنا ,,,,,,,,,, ففعل المنكرات , وسهرٌ أمام التلفاز فى الليالى الرمضانية - هكذا يسمونها من يقيمونها - وهى فى الحقيقة ليالى شيطانية لا رمضانية , فالليالى الرمضانية هى ليالى القيام واجتماع الناس فى المساجد والتسحر استعدادا لصيام يرضاه الله جل وعلا وغير ذلك من الذكر والتلاوة هذه هى الليالى الرمضانية , وكذلك لكم رحل عنا رمضان وهو يرى حال المسلمين المتردى الذين هم فى أشد الحاجة لما جاءهم به من الخير الكثير الذى جعله الله لعباده التائبين المقبلين الذين يبحثون عن مخرج من ورطة الذنوب وتخفيفا لثقلها عن عاتقهم ...

نحــــــــن أيها الاخوة : يأتينا هذا الشهر هذه المرة وهناك متغيرات كثيرة الشيشان وما أدراك ما الشيشان وتدنيس بيت المقدس والتعدى عليه من أبناء القردة والخنازير,والهوان والاستضعاف الذى تعيش فيه الأمة دولا وجماعات وأفراد حكاما ومحكومين , فقتل وتشريد وهدم للبيوت وتحريق للممتلكات , قتل للأطفال والكبار والنساء والرجال ابادة هنا وهناك , ومسح للدول الاسلامية من على خريطة العالم كما يحدث فى فلسطين والشيشان , وغطرسة كافرة تعربد بحقد أسود وجبروت طاغى فى كل حدب وصوب , وإذلال للقادة والملوك والممكنين قبل المستضعفين , ووصف للإسلام والمسلمين بالإرهاب وغير ذلك , فانا لله وانا اليه راجعون ...
ان رمضان ذلك الضيف الكريم يأتى هذه الزيارة ونحن نعانى  من انهزامية يزرعها فينا دعاة السلام ...عفوا بل دعاة الاستسلام والذلة لغير الله مع الاعراض عن الله...انهزمية يزرعها فينا دعاة العلمانية , ويدعمها حبنا للدنيا الذى هو من أعظم أسباب تلك الانهزامية ففى الحديث الصحيح من حديث ثوبان أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قيل يا رسول الله : فمن قلة يومئذ؟ قال: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل يجعل الوهن في قلوبكم وينزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت".أخرجه أحمد وابو داود .
* يأتى علينا هذا الضيف ياسادة ونحن نلعق مرار تسلط اليهود على بيت المقدس وتكبرهم علينا حكاما ومحكومين , دولا وجماعات وأفراد , نلعق مرارة ابادة الروس الملاحدة الملاعين للمسلمين فى الشيشان أنتهكو حرماتهم وهدموا وخربوا أرضهم وانتهكوا أعراضهم ومسحوا دولة معترف بها فى المجتمع الدولى مسحوها أو هكذا يحاولون ولن يمكن الله لهم ...فانا لله وانا اليه راجعون ...
خلاصة القول أن هذا الضيف العزيز الكريم بما كرمه به الله تعالى يأتى علينا ونحن أزلة مستضعفين أنهكتنا ذنوبنا وشهواتنا وحرمنا طلب المقامات العليه , مقامات الجهاد والمجاهدة مقامات البذل لله تعالى مقامات عز الطاعة والانابة الى الله تعالى , خلاصة القول أن هذا الضيف سوف يجيئ ليجد فينا ومنا حالا لايسر حبيب ولكن يسرعدو , يسر الشيطان الذى يقعد للمسلم بكل صرط , يسر اليهود الذين برون منا الانهزامبة أمام تصلفهم وكبرهم ...فاجتمعات ولجان ومؤتمرات لاتتمخض الا عن زيادة ذل وهوان انا لله وانا اليه راجعون...حالٌ لايسر الا دعاة الاستسلام لليهود لأنهم قُهروا نفسيا أمام الدولة العظمى كما يحلوا لهم أن يسموها للغطرسة الأمريكية تلك الأسطورة التى هى إلى زوال تقريبا خاصة بعد ما أوضح مدى خوار الأسطورة التى لاتقهر والأمن الذى لايخترق...ها قد أخذ الله القرية الظالمة بعض الأخذ...وهو على كل شئ قدير...وإن هلاكهم قريب...ألم تر تلك الأية التى ظهرت فى عقر دارهم.....فنحن نخور ونركع فى محراب الطغيان الأمريكى.. واليهودى ...وغيره.... وطبعا لايجر ذلك الا الى الصغار والذل لاالعز والكرامة.. فحسبنا الله ونعم الوكيل .... فحالنا يسادة يسر كل عدو قل أو كثر ....بعد أو قرب.... والى الله المشتكى ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم......
* هذا بعض ما ينبغى أن نعرفه ابتداء ....وذلك قبل أن نتكلم عن كيفية استقبال هذا الضيف العزيز....
* ولابد هنا أيها الاخوة الكرام من معرفة أن هذا الضيف : يأتى ومعه كثير من أسباب الاعانة والتغيير التى يمن الله بها على عباده المؤمنين الذين يؤمنون أنهم لاينبغى لهم أن يهنوا ولاينبغى أن يحزنوا , ولا ينبغى بحال أن ينهزموا أويضعفوا أو يصيبهم الخور أمام عدوهم , وولاينبغى كذلك أن يذلوا لغير الله تعالى المعز المذل الكبير المتعال الذى اذا أراد
شيئا قال له كن فيكون بيده الخير وهو على كل شئ قدير , وذلك لأنه سبحانه قد وعدهم بأنهم الأعلون ان كانوا مؤمنين قال تعالى: { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }39 : آل عمران ... وكذلك هم يستبشرون بوعد الله تعالى حيث قال : { وَعَـدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنـُوا مِنْكُمْ وَعَمِلـُوا الصَّالِحـَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ } 55 : ا لنور
ولذلك لابد... ثم لابد.....ان أردنا الخلاص مما نحن فيه من الغبن وقلة الايمان وكثرة الشرور.... أن نكون من أولائك الذين يقدرون هذا الضيف قدره ويحفظون عليه مكانته التى أنزلها الله اياه ويتنعمون بكثير الفضائل والكرائم والهبات والهدايا والنعم الربانية التى يبعث بها الله تعالى مع هذا الضيف العزيز.... أليس كذلك ...
لابد أن نجعل استقبالنا لهذا الضيف الكريم نقطة تحول كبيرة فى حياتنا الايمانية وفى انفسنا , نقطة تحول نتحول بها :
أولا : من كثرة الذنوب والمعاصى التى لاتنتهى سواء الدائم منها....مثل شرب الدخان وسماع الأغانى والمعازف والتبرج وعرى البنات والاختلاط وحلق اللحى والكسب الحرام من الوظائف المحرمة مثل العمل فى البنوك والضرائب والأعمال التى فيها ظلم العباد أو الحكم بغير ما أنزا الله والنظر الى المحرمات وظلم الزوجات واسأة التربية للأولاد وغير ذلك كثير من الذنوب التى يقع فيها الكثير...دائما...ليل نهار... أو ما نأتيه حينا مثل الزنا والغيبة ....التعاون فى بعض المنتديات على الاثم والعدوان كما هو فى منكرات الأفراح والأعراس وما شابه , والليالى القبيحة المسامة بالليالى الرمضانية حيث يجتمع البنات والشبات مع الرجال والأولاد ...فى فعل المنكرات ومشاهدة المحرمات أو قضاء الليل فى اللعب والصراخ والمجون والسهرات الملونة ..... فقد أصبح البر والطاعات وفعل الخيرات وترك المنكرات والتعاون على البر والتقوى , صار ذلك فى حياتنا وأحوالنا ...أحيانا ...أحيانا....أحيانا...فلابد اذا من التحول من هذا الحال الى العكس ولن بكون ذلك بالآمانى والتمنى , لا لن يكون ذلك الا بتغيير النفس , والمجاهدة فى الخروج من هذا الأسر أسر الدنيا والاخلاد لها , أسر الشهوات وحب المال والرضى بالحياة الدنيا والاطمئنان لها ,فلابد اذا من تغيير النفس لابد....ثم لابد..قال تعالى:" إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ...." 11 : الرعد...ولن يكون ذلك الا أن تبدأ بالتوبة , التوبة من الحال الذى يعرفه كل منا من نفسه ....ولاينبغى أن نتقلل عيوبنا وذنوبنا وكأنها شئ هين لا ثم لا فهذا شأن المنافقين والعياذ بالله تنبه..
فعند البخارى فى كتاب الدعوات: عن الحارث بن سويد حدثنا عبدالله بن مسعود حديثين أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم والآخر عن نفسه قال إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا قال أبو شهاب بيده فوق أنفه*
أرأيت إياك...إياك أن تفعل ذلك....فذنوبنا أهلكتنا أو كادت فلابد من التغيير والهجرة الى الله تعالى دون مكابرة فاننا عباد الله ان جادلنا عن افسنا فى الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنا فى الأخرة من...من...قال تعالى: { هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا } 109 : النساء.
فلنجعل من رمضان بما فيه من صنوف البر الكثيرة معسكر توبة نتحول فيه من أصحاب معاصى وسيئات الى أصحاب طاعات وفعل خيرات وليس هناك من الطاعات طاعة جمعت مافى التوبة من خير وفضل من الله تعالى ولذلك أمر الله بها :-
قال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }  8 : التحريم …
قال تعالى : { أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } 74 : المائدة....
وقال تعالى: { وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } 3 : هود...
وقال تعالى: { وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ } 52 : هود …وقال تعالى: { وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ } 90 :هود …
وقد شدد الله تعالى على من لم يتب فقال تعالى: { وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ } 11 : الحجرات..
فيا أخى : إن أردت أن يتوب الله عليك وتنجو من حالك السئ قبل الموت فتب قال تعالى: { إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } 160 : البقرة
ياأخى الكريم: ان اردت أن يحبك الله فتب قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } 222 :البقرة …
ياأخى الحبيب: ان أردت أن يغفر الله لك ويرحمك .... وانت صاحب الذنوب التى كالجبال والتى لعلها تكون سبب الهلاك والعياذ بالله....ان اردت ذلك فتب قال تعالى: { إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }  89 : آل عمران...
يا أخى فى الله: ان أردت أن يأتيك الله الأجر الذى يمكن أن يكون سببا للخلاص من ورطة الذنوب فتب قال تعالى: { إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا }  146 : النساء...
ياأخى الحبيب: ان أردت الخير كل الخير فتب قال العلى الكبير: { فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ } 74 : التوبة..
واعلم أخى أن الله تعالى الغنى الحميد القائل فى محكم التنزيل
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } 15: فاطر … وقال تعالى: { وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ }  97 : آل عمران … وقال تعالى: { وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ } 133 : الأنعام …
وقال تعالى : { وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ } 6 : العنكبوت...
ومع هذا كله فانه جل وعلا يطلب منك الرجوع إليه تعالى , ويفتح لك بابا من أوسع الأبواب لترجع منه , وحتى لاتجد الطريق ضيقا فقد وسع الله
فى باب التوبة وجعله مفتوحا على مصرعيه للعبد طيلة حياته مالم يغرغر , أو تطلع الشمس من مغربها [ يعنى وقت الساعة ] ... وليس هذا فحسب بل ان الغنى عنك وعن العالمين سبحانه, من يفتقر له كل من فى السموات والأرض , يفرح بتوبة عبده التائب ففى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:" "لله أفرح بتوبة عبده المؤمن من رجل نزل في أرض فلاة دوية مهلكة، معه راحلته، عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام فاستيقظ وقد ذهبت راحلته، فطلبها حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت، فاستيقظ فإذا راحلته عنده عليها زاده وشرابه، فالله تعالى أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته" متفق عليه من حديث ابن مسعود وأنس. زاد مسلم في حديث أنس "ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" ورواه مسلم بهذه الزيادة من حديث النعمان بن بشير... أرأيت أخى كيف يفرح الله بتوبة العبد من أن العبد هو المحتاج والله هو الغنى , ياللعجب الفقير العاجز دائم الحاجة لا يفرح بالتوبة وهو فى أشد الحاجة اليها , كن أخى من الفرحين بالتوبة التى لعل وراءها رحمة رب العالمين سبحانه..
قال تعالى : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } 58: يونس.....
فهذا من أول ما ينبغى أن نجعله من أعمالنا فى أستقبال شهر رمضان لنكون ممن يستقبله استقبالا حسنا .....

وثانـــيا :..أن تجعل من رمضان سببا لنيل الشرف وأن تكون من أهل الشرف خروجا من قهر الذل ذل المعاصى والانهزامية وهذا الشرف ليس فى عضوية مجلس الشركاء فهذا مزيد من الذلة ليس الشرف والعز فى مثل ذلك , وليس الشرف كذلك فى جمع الأموال والاستكثار من التجارات لأنه موسم ...نعم هو موسم ...ولكن للبر والحسنات لا للجنيهات والريالات...نعم هو موسم ...للبر والطاعات لا للمكاسب والتجارات.... الشرف الذى أقصده هنا هو قيام الليل ففى الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس"... أخرجه الحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان عن سهل بن سعد البيهقي في شعب الإيمان عن جابر" وقال الألبانى رحمه الله فى صحيح الجامع .حسن برقم : 73 
وفى الحديث "من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"......القيام وما أدراك ما القيام ذلك البر الذى لما تركه المسلمون تركوا معه سببا عظيما من أسباب عزهم فالعز طريقه فى أمرين:
الأول: الأنس بالله ليلا والترهب له , وجمع القلب عليه والانكسار ليلا فيورث ذلك الاخبات والاخلاص ,
والثانى :البذل والجهاد فى الله نهارا فى طلب العلا علما وعملا وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر وهذا يورث الفداء والاباء , قيام الليل لا تضيعه واغتنم ما وعد الله به على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم حيث قال:" من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".. متفق عليه..... فهذا ثانيا... ....

*وثــالــثا:... *ادخال السرور على أخيك :
أن دخول شهر رمضان على المسلمين هو بمثابة دخول الغوث عليهم فى دينهم ودنياهم , فأبواب الفرج تتفتح وفى الحديث "اذا كان رمضان فتحت أبواب الخير" ولم يقيد أو يستثن , وهذا معناه أن كل أبواب الخير الدنيوية والأخروية تفتح , وكلنا يشهد بذلك ويحسه , حتى أن الناس تقول { رمضان الرزق فيه واسع } , ومن هذا المنطلق لابد أن تجعل من رمضان باب خير عليك وعلى أهل بيتك , فلا مانع من التوسيع على أهل بيتك بلا تكلف واسراف , والتوسيع على أخوانك من أرحامك ومن جيرانك ومن أصحابك هو من أفضل الأعمال ...
ففى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا، أو تقضي عنه دينا، أو تطعمه خبزا "..... أخرجه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة وابن عدي في الكامل عن ابن عمر , وقال الألبانى فى صحيح الجامع حسن ,برقم : 1096 ، وقال أيضا :" من أفضل العمل إدخال السرور على المؤمن: تقضي عنه دينا، تقضي له حاجة، تنفس له كربة". أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن ابن المنكدر مرسلا, وفى صحيح الجامع برقم . : 5897 ,صحيح .
أرأيت أخى كيف أن ادخال السرور على أخيك من أفضل الأعمال وهذا الفضل يزداد أذا كان جارا ففى الحديث الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ليس المؤمن الذي لا يأمن جاره بوائقه "... أخرجه الطبراني في الكبير عن طلق بن علي,وفى صحيح الجامع برقم: 5380  ,صحيح.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم :" ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه ".....أخرجه البخاري في الأدب والطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن عن ابن عباس.,وفى صحيح الجامع برقم : 5382 ,صحيح .
فياليتنا نخرج من سوء نفوسنا ونستقبل هذا الضيف العزيز بادخال السرور على الأهل والجيران والأصحاب ونجعل من رمضان ملتقى الأحبة فى الله نطعمهم ونخفف عنهم ونشاركهم فى قضاء حوائجهم ولو بالدعاء ممن لم يجد ولنتذكر فى هذا المقام قول الهادى البشير عليه الصلاة والسلام وهو يقول :" { ترى المؤمنين: في تراحمهم، وتوادهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد، إذا اشتكى عضواً، تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى } . البخارى ومسلم..... وبناءً على هذا فلنستقبل رمضان من منطلق تحولنا عن الاساءة لأخواننا الى التواد والتعاطف والتراحم , لنستقبل هذه الأيام الفضيلة ونحن جسد واحد , جسد الاسلام والمسلمين هذا ثالثا ...

ورابــــعا : ...حسن الخلق ولين الجانب والألفة :
فلنجعل من رمضان نقطة تحول من سوء الخلق والفظاظة الأحقاد والغل وسوء الطوية وسوء معاشرة الأزواج والاساءة لهن , والنشوز على الأزواج وعدم طاعتهم , والخروج من كبر النفس , والتعالى بعضنا على بعض , وتقطيع الأرحام والسعى فى الأرض فسادا , وفحش اللسان والكذب والخيانة والغيبة والنميمة...وغير ذلك..من السوء فلنتحول من ذلك كله ومن كل خلق سئ , نجعل من أيام هذا الشهر معسكرا تربويا , نقيم أنفسنا فيه على الأخلاق الحسنة وهى فرصة عظيمة لتحصيل ذلك الخير الكثير ففى الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم:" إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجة القائم الصائم"...... أبو داود وابن حبان في صحيحه عن عائشة.وقال الألبانى رحمه الله فى صحيح الجامع برقم : 1932  صحيح .
وعنه أيضا صلى الله عليه وسلم:"أثقل شيء في ميزان المؤمن خلق حسن إن الله يبغض الفاحش المتفحش البذيء"......البيهقى.عن أبي الدرداء,وقال فى صحيح الجامع برقم : 135  ,صحيح .
ويكفى أن تعرف أن النبى صلى الله عليه وسلم سمى ووصف البر بأنه حسن الخلق كما فى الحديث : " البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس".أخرجه البخاري في الأدب وصحيح مسلم والترمذي عن النواس بن سمعان
* أن يأمنك الناس وتهجر المعاصى فذلك ثمرة حسن الخلق:
وفى الحديث:"المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهـم، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب". ابن ماجة عن فضالة بن عبيد,وقال الألبانى فى صحيح الجامع برقم : 6658  ,صحيح.

* واعلم أن الألفة من شيم المؤمنين :
ففى الحديث :" المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس"....أخرجه الدارقطني في الأفراد والضياء عن جابر,وفى صحيح الجامع برقم : 6662  ,وقال حسن .
وفى الحديث أيضا : " المؤمن يألف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف".....أخرجه أحمد في مسنده عن سهل بن سعد, وفى صحيح الجامع برقم : 6661  ,وقال صحيح .
وفى الحديث : " المؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم".....أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة.وفى صحيح الجامع برقم : 6653  ,وقال حسن .
قال فى لسان العرب :
وفي الحديث : المؤمِنُ غِرٌّ كريم أَي ليس بذي نُكْر، فهو ينْخَدِع لانقياده ولِينِه، وهو ضد الخَبّ.
يقال: فتى غِرٌّ، وفتاة غِرٌّ، يريد أَن المؤمن المحمودَ منْ طَبْعُه الغَرارةُ وقلةُ الفطنة للشرّ وتركُ البحث عنه، وليس ذلك منه جهلاً ، ولكنه كَرَمٌ وحسن خُلُق ؛
وقال ابن الأثير فى النهاية:
والخبُّ بالفتح : الخدَّاعُ، وهو الجُزْبُرُ الذي يسعى بين الناس بالفَسَاد .
* واعلم أن الصبر على آذى الناس من الايمان لاأنه من عظيم حسن الخلق :
ففى الحديث : " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم"...أخرجه أحمد في مسنده والبخاري في الأدب والترمذي وابن ماجة عن ابن عمر,وفى صحيح الجامع برقم : 6651  ,وقال صحيح. ...... أرأيت أخى هذا بعض ما فى حسن الخلق من فضائل وخيرات وبركات , فلما لانجبر النقص ونسد الخلل ونحصل ذلك الخير الكثير ونذوق الحُسنَ بعد السوء والحلو بعد المر والاحسان فى المعاشرة بدلا من الاساءة والتعدى , ما أحلى حسن الخلق وما أحلى مذاقه , فلنجعل من رمضان بداية عهد جديد , فلنستقبل رمضان بحسن الخلق ولين الجانب وحسن الطوية ومحاولة الاتلاف فيما بيننا عسى ربنا أن يرحمنا .........
فهذا يا أخى رابعا مما نحاول أن نجعله من مقتضيات استقبال شهر رمضان ذلك الضيف الكريم ..........

وخامــــسا:... المؤمن عف اللسان :
إن سوء اللسان من سوء الخلق ولكنه أخطره ولذلك ينبغى أن نعرف هذه الخطورة ونحذرها ولعل كثير الشقاق بيننا وعدم الألفة والتفرق بين أصحاب النهج الواحد بل ان من أعظم ما يخلق العداوة بين الأولياء والأرحام والأصهار حتى بين الرجل وامرأته كثير منها ان لم تكن كلها.... بسبب اللسان...نعم إن للسان خطورة شديدة ومن أعظمها خطورة بعد التكلم بالكفر والعياذ بالله ...سب المؤمن...ففى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " ساب المؤمن كالمشرف على الهلكة"...... الطبراني في الكبير عن ابن عمرو,وفى صحيح الجامع برقم : 3586 ، وقال حسن .
وقال أيضا صلى الله علبه وسلم : " ليس على رجل نذر فيما لا يملك، ولعن المؤمن كقتله، ومن قتل نفسه بشيء عُذب به يوم القيامة، ومن حلف بملة سوى الإسلام كاذبا فهو كما قال، ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله".... متفق عليه
وفى الحديث :"ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذي".....
أحمد في مسنده والبخاري في الأدب وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك عن ابن مسعود,وفى صحيح الجامع برقم : 5381 ، وقال صحيح .
وفى الحديث " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده..."
ولهذا ينبغى أن نعلم أن فرقة الصف , وتفرق الجمع , وفك حزمة المسلمين , يرجع سبب ذلك الى أمور , لعل من أعظمها التلاعن بين المسلمين , فكل جماعة تلعن أختها ولو من طرف خفى , وكل فرد يلعن من ليس فى حزبه أو جماعته فتزداد بذلك الفرقة , وتتعمق به الغربة بين المسلمين , وهذا لايُرضى الا أعداء الاسلام الذين يسعون فى المسلمين منذ أمد بعيد بمبدأ فرق تسد , وقد نجحوا فى ذلك مع الأسف , وما ذلك الا بسبب بعد المسلمين عن هدى نبيهم وشريعة ربهم , وباتوا يلهثون وراء الغرب الكافر الذى هو موطن أعدائهم , ومحل مبغضيهم وحاسديهم , باتوا يتخذونهم أولياء ويتبعونهم فى كل صغيرة وكبيرة حتى فرقوهم وجعلوهم شرازم متباغضين متناحرين , حتى قامت بين المسلمين الحروب , فبدلا من أن يتوجه المسلم بسلاحه وقوته وضربته الى أعدائه الحقيقيين من الكفار والملحدين ومن اليهود والنصارى وأشياعهم من دول الغرب الكافرة , بدلا من هذا يجعل قوته ورميته فى صدر أخيه المسلم,فانا لله وانا اليه راجعون...ولاحول ولا قوة الا بالله العلى العظيم...فلهذا أخى الكريم ينبغى أن نتفطن لما أوقعنا فيه عدونا , وقد ذقنا مرارة التفرق والتلاعن والسب والمقاتلة حتى كدنا نستنزف لصالح أعدائنا , لنتنبه الى مثل هذه الأمور العظام ونخرج أنفسنا من ورطة الغفلة التى وضعنا فيها بعدنا عن ديننا هذا واحد , وتربص ومكر أعدائنا الثانى , قد تكون هناك أسباب أخر لكن الكل يكاد يتفق على هذين السببين , وينبغى أن يكون أخوك هو أخوك يشد عضدك يحوطك من ورائك ...وهكذا , فينبغى أن يكون :
* المؤمن مرآة أخيه :
ففى الحديث : " المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن: يكف عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه".....أخرجه البخاري في الأدب وأبو داود عن أبي هريرة,وفى صحيح الجامع برقم : 6656 ، وقال حسن......وليس الأمر يقف عند حد النصح والتعاون على الخير , بل مجتمع المسلمين مجتمع مسئول , للمسلم على المسلم حقوق , وعليه كذلك حق......
* حق المؤمن على أخيه:
فى الحديث : " للمؤمن على المؤمن ست خصال: يعوده إذا مرض، ويشهده إذا مات، ويجيبه إذا دعاه، ويسلم عليه إذا لقيه، ويشمته إذا عطس، وينصح له إذا غاب أو شهد".... الترمذى والنسائى عن أبي هريرة.وفى صحيح الجامع برقم : 5188 ، وقال صحيح .
وفى الحديث : " المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر" ......  أخرجه مسلم ، عن عقبة بن عامر.
وفى الحديث :" الْمُؤمِنُ للْمُؤمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهَ بَعْضَاً"....أخرجه الشيخان من حديث أبي موسى .
* أرأيت أخى كيف ينبغى أن نجعل من رمضان منطلق لربط الأوصال بين جمع الجماعة الحق التى لايحب الله غيرهم ويده سبحانه فوق ايديهم , فلنجعل من استقبالنا للشهر الفضيل
مقاطعة للسب والتلاعن والتهاجر , ونجعل من دخول رمضان علينا نقطة تحول الى الوحدة والتماسك والترابط كالبنيان , ونذر كل سبب للفرقة والشرزمة ولنتخذ من عفة اللسان وحسن الكلام سبيلا الى ذلك والله المستعان وعليه التكلان ولاحول ولا قوة الا بالله العلى العظيم...... فهذا يأخى الحبيب خامسا ...

* وســـادســـا:.... * رحمة الصغير واحترام الكبير :
إننا نعانى من أزمة احترام وتقدير لكل صاحب شأن سواء كان كبير فى السن أو ذو مقام أو ما شابه , وكذلك يستشعر المخالط لفريق الملتزمين بنوع قسوة وشدة فى غير موضعها ,بعبارة أخرى نقص أو قل فقد رحمة وتراحم والنبي  يقول :
"ليس منا من لم يجل كبيرنا , ويرحم صغيرنا , ويعرف لعالمنا حقه " ...أخرجه أحمد فى المسند والحاكم فى مستدركه , وفى صحيح الجامع برقم  5443  وقال حسن .
ويقول "من لايرحم لايرحم" ويقول أيضا:" الرحماء يرحمهم الرحمن".....ولهذا ينبغى أن نلوم أنفسنا بقدر كبير فى عدم نجاحنا فى مقامات الدعوة مع عامة المسلمين , ومن هم من أهل المعاصى والبدع , فهم مسئوليتنا ولعلنا نُسأل عن هذه المسئولية فى
الأخرة , فالفظاظة والغلظة وعدم الرحمة والتراحم وانعدام
العطف والاحترام فى محله وبضوابطه, هو سبب كبير ومؤثر فى دعوتنا سلبا ,وكذا فى مسالكنا وآدابنا وديننا بل والأخطر وايماننا...وتذكر قول الله تعالى :" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" 159 : آل عمران.... فهذا ياأخى بيان من الله تعالى يبين فيه أن من أعظم أسباب نجاح الدعوة الى الله واجتماع رباط المسلمين حول قائدهم الحق هو الرحمة والاحترام والتقدير لكل ذى منزله , واللين الباعث على الألفة والترابط ,وأن الغِلظة والفظاظة تبعث على الفرقة والعداوة والانفضاض عن من الانفضاض عنه هلاك ,فتنبه أخى لذلك ولنجعل من هذا منطلقاً لإستقبالنا لرمضان ومبعث حنو واحترام وتقدير وتراحم بيننا وبين كل من نملك أن نفعل معه ذلك ,عسى أن يكون ذلك مبتدأ خير علينا كأفراد بما ينعكس على جماعةِ ومجتمع المسلمين بالصلاح والاصلاح , فهو ولى ذلك والقادر عليه وحده جل وعلا ....هذا يأخى سادس أمر من الأمور التى ينبغى أن تكون ركائز نرتكز عليها فى استقبالنا واغتنامنا لشهر رمضان .........

*ســـابــعا:...... **الصدقة:
اوما أدراك ما الصدقة وما أثرها فى القلوب والأبدان والأموال والأجر , وخاصة فى شهر الصدقات والجود والكرم...
والصدقة فى القرآن جاء ذكرها بما يدل على عظيم قدرها:
قال تعالى:" قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ " 263 : البقرة
وقال تعالى:" تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " 271 : البقرة
وقال تعالى:" مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " 261 : البقرة …
وقال تعالى:" إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ " 18 : الحديد
وقال تعالى:" وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ " 280 : البقرة
وقال تعالى:" يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ " 276 : البقرة
فهذا بعض شأن الصدقة فى القرآن والسنة بينت أن الصدقة باب عظيم لكثير من الخير فى الدنيا والأخرة :
فالصدقة من أعظم أسباب فكاك النفس من قيد الشيطان واخراجها من سلطانه وهى من أعظم ما يصد عنه الشيطان والعياذ بالله تعالى:
ففى الحديث الصحيح انه صلى الله عليه وسلم قال : " ما يخرج رجل شيئا من الصدقة حتى يفك عنها لحي سبعين شيطانا".....أخرجه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك عن بريدة,وفى صحيح الجامع برقم : 5814 ، وقال صحيح .
وذلك لأن الصدقة على وجهها إنما يقصد بها ابتغاء مرضاة اللّه والشياطين بصدد منع الإنسان من نيل هذه الدرجة العظمى  فلا يزالون يأبون في صده عن ذلك والنفس لهم على الإنسان ظهيرة لأن المال شقيق الروح فإذا بذله في سبيل اللّه فإنما يكون برغمهم جميعاً ولهذا كان ذلك أقوى دليلاً على استقامته وصدق نيته ونصوح طويته والظاهر أن ذكر السبعين للتكثير لا للتحديد كنظائره .
والصدقة من أعظم أسباب التداوى ففى الحديث الصحيح :
أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " داووا مرضاكم بالصدقة".....أخرجه ابو الشيخ فى الثواب عن ابى امامة, وفى صحيح الجامع برقم: 3358 ، وقال حسن .
والمراد: من نحو إطعام الجائع, واصطناع المعروف لذي القلب الملهوف, وجبر القلوب المنكسرة كالمرضى من الغرباء والفقراء والأرمل والمساكين الذين لا يؤبه بهم, وكان ذوو الفهم عن اللّه إذا كان لهم حاجة يريدون سرعة حصولها كشفاء مريض يأمرون باصطناع طعام حسن بلحم كبش كامل ثم يدعون له ذويالقلوب المنكسرة ,قاصدين فداء رأس برأس,وكان بعضهم يرىأن يخرج من أعز ما يملكه فإذا مرض له من يعز عليه تصدق بأعز ما يملكه من نحو جارية أو عبد أو فرس يتصدق بثمنه على الفقراء من أهل العفاف.
قال الحليمي: فإن قيل: أليس اللّه قدر الأعمال والآجال والصحة والسقم فما فائدة التداوي بالصدقة أو غيرها ، قلنا: يجوز أن يكون عند اللّه في بعض المرضى أنه إن تداوى بدواء سلم ,وإن أهمل أمره أفسد أمره المرض فهلك .
* ثم الصدقة سهلة ميسورة والكل يمكنه التصدق مهما كان حاله فالتصدق نوعان :
الأول : صدقة الاحتساب : ويدل عليها الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:" ما أطعمت زوجتك فهو لك صدقة وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة وما أطعمت نفسك فهو لك صدقة"..... أخرجه أحمد فى المسند والطبرانى عن المقدام بن معد يكرب ,وفى صحيح الجامع برقم : 5535 ، وقال صحيح .
والثانى : صدقة البذل: ويدل عليها ما جاء من مثل قول النبى صلى الله عليه وسلم:" أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول"....أخرجه مسلم .
والمعنى: أي ما بقيت لك بعد إخراجها كفاية لك ولعيالك واستغناء كقوله تعالى { ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو}.
ومن هنا نعرف أن التصدق سهل على كل واحد منا... ومن المهم أن نعرف بعض ما يعظم أجر الصدقة فمن ذلك :
ما جاء فى الحديث الصحيح : " أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تأمل الغنى وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلان." متفق عليه .
وفى الحديث أيضا : "أفضل الصدقة جهد المقل، وابدأ بمن تعول"....أخرجه أبو داود والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة,
وفى صحيح الجامع برقم : 1112 ، وقال صحيح .
وانظر معى الى ما جاء فى هذا الحديث الصحيح :" أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم الكاشح."....أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في الكبير عن أبي أيوب،وفى صحيح الجامع برقم : 1110 ، وقال صحيح.
والكاشح : العَدُوُّ الذي يُضْمِر عَداوَته ويَطْوي.
يعني: أفضل الصدقة على ذي الرحم المضمر العداوة في باطنه فالصدقة عليه أفضل منها على ذي الرحم الغير كاشح لما فيه من قهر النفس للإذعان لمعاديها وعلى ذي الرحم المصافي أفضل أجراً منها على الأجنبي لأنه أولى الناس بالمعروف.
وأحرص أخى فى أمر التصدق على ذوى الأرحام ففى الحديث الصحيح ان النبى صلى الله عليه وسلم قال : " الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة، وصلة الرحم".....أخرجه أحمد في مسنده والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم في
المستدرك عن سلمان بن عامر,وفى صحيح الجامع برقم : 3858 ، وقال صحيح .
** والكلام على الصدقة سيل لاينقطع....فهذا ياأخى الحبيب غيض من فيض وقطرة من سيل ولعل فيه الكفاية لمن أراد الهداية .... فاحرص أيها المريد للخير أن تجعل من استقبالك لرمضان نقطة انطلاق الى رحابة البذل خروجا من قيد الشح والبخل وتذكر قول الله تعالى : { هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } 38 :محمد ... فلعل ذلك يكون سببا فى الانتصار على هوى النفس الأمارة بالسوء واخراجها من ظلماتها , وذلك مع ورود انوار رمضان فيكون نور فوق نور , فلنستقبل رمضان بفعل الخيرات التى منها الصدقة وما أدراك ما الصدقة........... هذا ياأخى المستقبل والداخل فى رمضان سابعا...أما الثامن فهو....

*الثامـــــن:.... المجاهدة ...مجاهدة النفس التى هى طريق الجهاد بالنفس !:
ان الذين تتوق نفوسهم للجهاد فى سبيل الله جل وعلا..ويتكلمون فى ذلك الأمر كثيرا, لعلهم لايعلمون ان فى رمضان فرصة كبيرة لتربية النفس ,واقامة معسكر لاعداد من يريد أن يكون من المجاهدين , لأن الجهاد بالنفس يبداء بجهاد النفس وتربيتها أولا...نعم بجهاد النفس أولا...
ولابد للمؤمن... الذى تتوق نسه بصدق الى الجهاد فى سبيل الله... لابد له من تربية النفس وتخليصها مما يهلكها, لابد أن يجعل من الدنيا سجن عما حرم الله وعما يفسد الدين وينقص الايمان ,وهى كذلك للمؤمن ولابد ففى الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر"..... أخرجه أحمد في مسنده ومسلم فى صحيحه والترمذي وابن ماجة
عن أبي هريرة........أرأيت أخى كيف هى الدنيا للمؤمن...
ولذلك فالله لايصطفى أهل المعاصى والتولى عن الحق ونصرته ,المنهزمون فى أنفسهم والذين ذلوا لشهواتهم ,الله لايتخذ ولا يأتى بهؤلاء بل يأتى بمن يجاهدون أنفسهم بتربيتها على الحق والتخلص من أسر وقيود الشهوات والأهواء, حتى تخلص لربها ثم يختارهم ويأتى بهم لشرف الجهاد بالنفس...
قال تعالى : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " 54 : المائدة
ثم اذا أفلح العبد فى مجاهدة نفسه لعله يفلح باذن الله فى الجهاد سواء بالسيف أو باللسان ففى الحديث ان النبى صلى الله عليه وسلم قال:" إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه"... أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في الكبير عن كعب بن مالك.,وفى صحيح الجامع برقم: 1934 ، وقال صحيح.
أيها الأخوة الشباب جاهدوا أنفسكم لأنفسكم أولا حتى تستمروا فى المسيرة بلا فتن أو انقطاع أو انقلاب...وهنيئا لمن شاب فى الاسلام هنيئا ..ففى الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الشيب نور المؤمن. لا يشيب رجل شيبة في الإسلام إلا كانت له بكل شيبة حسنة، ورفع بها درجة"..... أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمرو,وفى صحيح الجامع برقم: 3748 ، وقال حسن.
فلنجعل نحن معشر المسلمين , من رمضان وصيامه , وقيامه , والتصدق , والتلاوة القرآنية التى لاتنقطع الا لنوم أو خلاء أو طعام ,ولامانع أن تقراء الحائض والجنب مما يحفظ حتى يطهر فيقراء من المصحف , وهكذا الذكر الدائم وبذل المعروف , ,وافطار الصائمين من المال الحلال ولو تمرة ,وادخال السرور على الضعفاء والمساكين والأرامل والفقرأء وخيرهم من كان يتيما وخاصة من كان من أهل الصلاح وعمل الخير,وصلة الأرحام والاحسان الى الجيران , وحسن الخلق مع الأهل والأصحاب والعشيرة , والأزواج والذرية ,وغيرهم والعفوا فى أيام العفو ,وانظار ذوى الاعسار, واسقاط الدين عمن لايجد وانت تقدر ولو من زكاة المال, والأمر بالمعروف برفق ومعروف واصلاح ,
والنهى عن المنكر بما لايترتب عليه منكر أكبر, وكذلك ما هو أعظم من الاخلاص لله فى كل قول وعمل, والمحافظة على الصلوات فى وقتها جماعة للاستكثار من الأجر , وبر الوالدين وخفض جناح الرحمة لهم , كل ذلك يكون مع مجاهدة النفس فى ترك المنكرات سواء ما كان دائما أو عرضا ,فان من اعظم اسباب الاعانة على فعل الخيرات ترك المنكرات..,كل هذا وغيره ينبغى أن يستقبل به العبد شهر رمضان , ويغتنمه ليكون معسكر اعدادٍ للجهاد, نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى ......هذا ياصاحبى وأخى فى الله ثامنا فى مسيرة استقبال ..واغتنام رمضان المبارك.....

*تـاســـعا:...الطريق القصد.... السنة علما وعملا :
قال تعالى: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} 153 : الأنعام
وقال تعاللى : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ } 108 : يوسف
فهذا بيان من الله تعالى لهداية من أراد الهدى وشدد سبحانه على المُعرِض عن طريق السنة والحق بالوعيد الشديد.....
فقال تعالى: { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ } 146 : الأعراف
فاحرص أخى على طلب الهدى واتباعه فهو سبيل مرضات الله تعالى ومن كان يحب الله فليأت بالبرهان وهو اتباع الرسول وهديه ومن كان يطلب محبة الله فالطريق اليها هو اتباع الرسول وهديه :....
قال تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } 31 : آل عمران
والنبى صلى الله عليه وسلم يقول:" قد تركتكم على البيضاء: ليلها كنهارها، لا يزيع عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد".....أخرجه أحمد في مسنده وابن ماجة والحاكم في المستدرك عن عرباض. وفى صحيح الجامع برقم : 4369 ، وقال صحيح .
فعليك أخى أن تنطلق فى رمضان..... ونفسك طيعة تلين لك فى فعل البر لينا لاتجده منها فى غير رمضان....أغتنم هذا اللين وانطلق فى معسكر البر والخير الى ما ينبغى أن تنطلق اليه وهو تربية النفس ,وهذا الأمر العظيم يبدأ من العلم والتعلم , نعم قد يكون الانسان ذو همة واخلاص ولكنه جاهل , فعندئذ قد يفسد فى دينه أكثر مما يصلح , فالطريق القصد المستقيم الذى يوصل الى الحق واقامة النفس على ما يرضى الرب ويبعث على محبته هو إتباع السنة علما وعملا....أجعل من رمضان انطلاقة علم وعمل من خلال السنة تعلمُها والعمل بها لتكون من أهل الحق , والسنة ,  لا من أهل الضلال والبدع,....نسأله سبحانه أن يعلمنا ما ينفعنا.....وينفعنا بما علمنا.... فى الدنيا والأخرة....أمين....أمين... هذا أخيه التاسع فى خطة اسقبال رمضان واغتنامه ........

*ثم العـاشــر: الفرق بين المؤمن والمنافق :
عرفنا فيما سبق ان شهر رمضان هو خير الشهور على المؤمنين , وشر الشهور على المنافقين , ومن أعظم علامات النفاق هى الانكسار أمام الفتن, كما تنكسر الأزرة أمام الريح, بينما المؤمن مثل السنبلة تميل مع الريح ثم تعود قائمة لاتنكسر, عفانا الله من النفاق وشؤمه , وجعَلنا من أهل الإيمان الصادقين المخلصين.....أمين.....أمين
ففى الحديث :" مثل المؤمن كمثل خامة الزرع: من حيث أتتها الريح كفتها، فإذا سكنت اعتدلت؛ وكذلك المؤمن. يكافأ بالبلاء. ومثل الفاجر كالأرزة: صماء معتدلة حتى يقصمها الله تعالى إذا شاء " . متفق عليه
وفى الحديث : " مثل المؤمن مثل السنبلة: تميل أحيانا، وتقوم أحيانا ".....أخرجه أبو يعلى في مسنده والضياء عن أنس ,وفى صحيح الجامع برقم : 5845 ، وقال صحيح.
وفى الحديث :" مثل المؤمن مثل السنبلة: تستقيم مرة، وتَخِر مرة. ومثلُ الكافر مثل الأرزة: لا تزال مستقيمة حتى تخر ولا تشعر".....أخرجه أحمد في مسنده والضياء عن جابر,وفى صحيح الجامع برقم : 5844 ، وقال صحيح .
ولذلك ينبغى أخى أن تجعل من رمضان وما فيه من صنائع المعروف بداية عهد جديد وباب عظيم لمراجعة النفس طلبا للخلاص من النفاق ,حتى يكون رمضان لك من خير الشهور , ولأن الفوز مع الاخلاص , والهلاك مع النفاق ,عافانا الله بفضله وجوده وكرمه..... ولابد أن تعلم أخى أمرا هام فى هذا المقام وهو أن كل ما تقدم لنفسك من خير تجده فى الأخرة لايضيع أبدا.....لايضع.... لايضيع أجر المؤمن عند الله أبدا :
قال تعالى : { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } 20 : المزمل
وفى الحديث:" إن الله تعالى لا يظلم المؤمن حسنة: يعطى عليها في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة. وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا"....أخرجه أحمد في مسنده وصحيح مسلم عن أنس.
والله يستر المؤمن فى الأخرة :
ففى الحديث: " إن الله تعالى يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس، ويقرره بذنوبه، فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال: فإني قد سترتُها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يُعطى كتاب حسناته بيمينه. وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد: "هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين " . متفق عليه
ولكن الفتن يرقق بعضها بعضا :
ففى الحديث : " إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدُل أمته على ما يعلمه خيراً لهم وينذرهم ما يعلمه شراً لهم وإن أمتكم هذه جُعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاءٌ شديد وأمورٌ تنكرونها وتجئُ فتن فيرقق بعضُها بعضا وتجئ الفتنة فيقول المؤمن: هذه مُهلكتي ثم تنكشف وتجئ الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه فمن أحب منكم أن يُزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأتيه مَنيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يُؤتَى إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخَر ينازعه فاضربوا عنق الآخر"..... أخرجه أحمد فى المسند ومسلم والنسائى عن ابن عمرو
بل كيف أنت فى فتنة الدجال عفانا الله ووقانا شر الفتن :
ففى الحديث : " يخرج الدجال فيتوجه قِبله رجل من المؤمنين فيلقاه المشايخ مشايخ الدجال يقولون له: أين تعمد؟ فيقول أعمد إلى هذا الذي خرج فيقولون له: أو ما تؤمن بربنا فيقول: ما بربنا خفاءٌ فيقولون: اقتلوه فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحداً دونه؟ فينطلقون به إلى الدجال فإذا رآه المؤمن قال: يا أيها الناس هذا الدجال الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمر الدجال به فيُشَج فيقول: خذوه وشجوه فيوسع بطنه و ظهره ضربا فيقول: أما تؤمن بي؟ فيقول: أنت المسيح الكذاب فيؤمر به فيُنشر بالمنشار من مِفرقه حتى يفرق بين رجليه ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له: قم فيستوي قائماً ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول ما ازددتُ فيك إلا بصيرة ثم يقول: يا أيها الناس إنه لا يُفعل بعدي بأحد من الناس فيأخذه الدجال فيذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا فلا يستطيع إليه سبيلا فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنما قذفه في النار وإنما ألقي في الجنة هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين"..... أخرجه مسلم عن أبي سعيد .
ولذلك القوة فى الدين :
ففى الحديث : " المؤمن القوي خيرٌ وأحبُ إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍ خير إحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أني فعلتُ كان كذا وكذا، لكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان "......  أحمد, مسلم ، عن أبي هريرة .
العمل للأخرة هو الهم :
ففى الأثر: " أعظم الناس هما المؤمن، يهتم بأمر دنياه وبأمر آخرته".......إبن ماجة عن أنس...ولعله لايصح مرفوعا...
ولاتتمنى الموت مهما كانت الفتنة أو المصيبة :
ففى الحديث عن أنس رضي اللّه عنه قال:
قال النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم: "لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَـــوْتَ مِنْ ضُرّ أصَابَهُ، فإنْ كانَ لا بُدَّ فاعِلاً فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أحْيِني ما كانَتِ الحَياةُ خَيْراً لي، وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتِ الوَفاةُ خَيْراً لِي"...أخرجه البخاري ومسلم .

وفى الحديث : " لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا"......... أخرجه أحمد فى المسند ومسلم عن أبي هريرة .
وهذه الفتن البلايا وراءها مع الإيمان الأجر أو حط الخطايا وتكفير الذنوب :
فعند مسلم فى كتاب البر والصله : عن الأسود عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما يصيب المؤمن من شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة أو حط عنه بها خطيئة "
وفى رواية : عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة أو حطت عنه بها خطيئة"
وفى رواية:عن أبي سعيد وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته "
والثأر الربانى:ـ
*من آذى لى وليا :
فى الحديث :" إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، وإن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن: يكره الموت، وأنا أكره مساءته"..... صحيح البخاري عن أبي هريرة.....
وهكذا ينبغى أن يكون رمضان وما فيه من نفحات ربانية , هو سببل الصلاح والاصلاح ,فالنفس لينه بفضل الله وبسبب الصيام , والناس بينهم شعور جماعى بأن هذه الأيام ليست كسائر الأيام ,والوقت لاينبغى أن تكون فيه برحة بغير طاعة , فالنهار صيام وذكر وتلاوة ,والليل قيام وسماع القرآن , ورؤية الناس مجتمعين على طاعة , ذلك كله يبعث على انكسار لهيب الشهوات , وميل النفس لفعل الخيرات , وتهيؤ النفوس للطاعات بما لاتكون مهيئة عليه فى غير رمضان ,هذا وغيره كثير تعد بمثابة عوامل.... بفضل الله تعالى....مساعدة على أن نجعل من شهر رمضان معسكر ايمانى كبير ...وإياك أخى الكريم أن تستقبل رمضان على حال المغبونين المفرطين المضيعين , الذين كادوا أن يهلكوا من شدة الظمأ ثم يردون الماء ويعدون أشد ظمأً ....فتلك فرصةٌ عظيمة لاتضيعها , فمن أحياه الله الى رمضان فقد من عليه منة كبيرة , تستوجب الشكر , فمن شكر نجا ومن كفر النعمة هلك......نعوذ بالله من الهلاك.
وفى الحديث : " رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة" .. أخرجه الترمذى والحاكم عن أبى هريرة, وفى صحيح الجامع برقم :3510 ، وقال صحيح
و"رغم": بكسر الغين، وتفتح و بفتح الراء قبلها: أي لصق أنفه بالتراب، وهو كناية عن حصول غاية الذل والهوان........,,,, نسأل الله العفو والعافية فى الدين والدنيا....


مختصر لبعض أحكام الصيام:ـ

*الصـــــــيام:
الصيام لغة: الإمساك وفي الشرع: "إمساك مخصوص" وهو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وغيرها مما ورد به الشرع "في النهار على الوجه المشروع" ويتبع ذاك الإمساك عن اللغو والرفث وغيرهما من الكلام المحرّم والمكروه، لورود الأحاديث بالنهي عنها في الصوم زياده على غيره، في وقت مخصوص بشروط مخصوصة.

* معرفة أنواع الصيام:
الصوم الشرعي منه واجب، ومنه مندوب إليه.
والواجب ثلاثة أقسام: منه ما يجب للزمان نفسه، وهو صوم شهر رمضان بعينه. ومنه ما يجب لعلة، وهو صيام الكفارات. ومنه ما يجب بإيجاب الإنسان ذلك على نفسه، وهو صيام النذر.

(1) صيام شهر رمضان:
هو فرض عين على كل مكلف قادر على الصوم، وقد فرض في عشر من شهر شعبان بعد الهجرة بسنة ونصف، ودليله الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقد قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتِبَ عليكم الصيام} إلى قوله: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}
وأما السنة فمنها قوله صلى اللّه عليه وسلم: "بنى الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا اللّه، وأن محمداً رسول اللّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان" رواه البخاري، ومسلم عن ابن عمر، وأما الإجماع فقد اتفقت الأمة على فرضيته، ولم يخالف أحد من المسلمين، فهي معلومة من الدين بالضرورة، ومنكرها كافر، كمنكر فرضية الصلاة، والزكاة، والحج.

(2) أركان الصيام.
إن للصيام ركنين (منهم من جعلهم ثلاثة ):
أحدهما: الإمساك...وهذا متفق عليه... أجمعوا على أنه يجب على الصائم الإمساك زمان الصوم عن المطعوم والمشروب والجماع لقوله تعالى {فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}،(وهذا بخلاف من جعل الزمن الذى هو محل الصوم ركن , فيكون الكلام على ركنين دون الزمن)
ثانيهما: النية....وهذا مختلف فيه والحق أنه ركن لأن الحديث دل عليه...،ويجب تجديدها لكل يوم صامه؛ ولا بد من تبييتها، أي وقوعها ليلاً قبل الفجر، ولو من بعد المغرب؛مع التعيين بأن يقول بقلبه لابلسانه: نويت صوم غد من رمضان، وعن حَفْصةَ أُمِّ المُؤمنين رضي الله عنها أَنَّ النّبيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "منْ لَمْ يُبَيّت الصِّيامَ قَبْلَ الفجر فلا صيام لهُ" رواهُ الخمْسةُ , "لا صيام لمن لَم يْفَرضْه منَ الليل" , والحديث عام للفرض والنفل والقضاء والنذر.

(3) شروط الصيام.
تنقسم شروط الصيام الى: شروط وجوب، وشروط صحة،
*أما شروط وجوبه فأربعة:
أحدها البلوغ، فلا يجب الصيام على الصبي، ولكن يؤمر به لسبع سنين إن أطاقه،
ثاينها: الإسلام، فلا يجب على الكافر وجوب مطالبة،
ثالثها: العقل، فلا يجب على المجنون.
رابعها: الإطاقة حساً وشرعاً، فلا يجب على من لم يطقه لكبر أو مرض لا
يرجى برؤه لعجزه حساً، ولا على نحو حائض لعجزها شرعاً،
* وأما شروط صحته، فأربعة أيضاً:
الأول: الإسلام حال الصيام، فلا يصح من كافر أصلي، ولا مرتد كتارك الصلاة أو من يسب الله ورسوله وكتابه.
الثاني: التمييز، فلا يصح من غير مميز، فإن كان مجنوناً لا يصح صومه،
الثالث: خلو الصائم من الحيض والنفاس والولادة وقت الصوم وإن لم تر الوالدة دماً،
الرابع: أن يكون الوقت قابلاً للصوم. فلا يصح صوم يومي العيد وأيام التشريق، فإنها أوقات غير قابلة للصوم،

**المفطرون في الشرع على ثلاثة أقسام:
( أ ). صنف يجوز له الفطر والصوم بإجماع.
وهو المريض بإتفاق، والمسافر باختلاف،( فى الحديث عنْ حمزةَ بنِ عَمْرو الأسلمي رضي الله عنهُ أنّهُ قال: يا رسول الله أَجدُ بي قوَّةً على الصيام في السّفر فَهَلْ عليَّ جُناحٌ؟ فقال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "هي رُخْصةٌ من الله فمنْ أَخذ بها فحسنٌ، ومَنْ أَحَبَّ أَنْ يصوم فلا جناحَ عليه" رواهُ مُسلمٌ وأَصلهُ في الْمُتّفق عليه) , والحامل والمرضع والشيخ الكبير. (والحامل والمرضع إذا أفطرتا, يطعمان ولا قضاء عليهما، وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس, ولعله أصح الأقوال مع الخلاف , وأما الشيخ الكبير والعجوز اللذان لا يقدران على الصيام فإنهم أجمعوا على أن لهما أن يفطرا،عليهما الإطعام مد عن كل يوم، وقيل إن حفن حفنات كما كان أنس يصنع أجزأه , ولعل هذا هو الحق مع الخلاف فى ذلك , )
(ب). وصنف يجب عليه الفطر على اختلاف في ذلك بين المسلمين....كالحائض والنفساء.وفى الحديث قال رسُول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "أليسَ إذا حَاضَتِ المَرْأَةُ لم تُصَلِّ ولمْ تَصُمْ؟" مُتّفقٌ عليه، في حديثٍ طويلٍ.
(ج). وصنف لا يجوز له الفطر،وهو من كان من غير هؤلاء.

(4) ثبوت شهر رمضان.
*يثبت شهر رمضان بأحد أمرين:
الأول: رؤية هلاله إذا كانت السماء خالية مما يمنع الرؤية من غيم أو دخان أو غبار أو نحوها.
الثاني: إكمال شعبان ثلاثين يوماً إذا لم تكن السماء خالية مما ذكر لقوله صلى اللّه عليه وسلم: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين"؛ رواه البخاري عن أبي هريرة، ومعنى الحديث: أن السماء إذا كانت صحواً أمر الصوم متعلقاً برؤيته الهلال، فلا يجوز الصيام إلا إذا رئي الهلال، أما إذا كان بالسماء غيم، فإن المرجع في ذلك يكون إلى شعبان، بمعنى أن نكمله ثلاثين يوماً. بحيث لو كان ناقصاً في حسابنا نلغي ذلك النقص، وإن كان كاملاً وجب الصوم،ويجب على من رأى الهلال، وعلى من صدقه الصيام،

*إذا ثبت الهلال بقطر من الأقطار
اذا ثبت رؤية الهلال بقطر من الأقطار وجب الصوم على سائر الأقطار، لا فرق بين القريب من جهة الثبوت والبعيد إذا بلغهم من طريق موجب للصوم. ولا عبرة باختلاف مطلع الهلال مطلقاً، عند ثلاثة من الأئمة؛ وخالف الشافعية،والحق مع الجمهور.وفى الحيث أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "إذا رأيتموهُ فصُوموا وإذا رأَيتموهُ فأَفطروا، فإن غُمَّ عليكمْ فاقْدرُوا له" متّفقٌ عليه، ولمسلمٌ: "فإن أُغمَى عليكم فاقُدُرُوا له ثلاثين" وللبخاري "فأَكْملوا العِدة ثلاثين".

*هل يعتبر قول المنجم (الفلكيين)؟
لا عبرة بقول المنجمين، فلا يجب عليهم الصوم بحاسبهم، ولا على من وثق بقولهم، لأن الشارع علق الصوم على أمارة ثابتة لا تتغير أبداً، وهي رؤية الهلال أو إكمال العدة ثلاثين يوماً أما قول المنجمين فهو إن كان مبنياً على قواعد دقيقة، فإنا نراه غير منضبط، بدليل اختلاف آرائهم في أغلب الأحيان، وهذا هو رأي ثلاثة من الأئمة،
وقد قال الباجي: في الرد على من قال إنه يجوز للحاسب والمنجم وغيرهما الصوم والإفطار اعتماداً على النجوم , قال إن إجماع السلف حجة عليهم، وقال ابن بزيزة: هو مذهب باطل قد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنها حدس وتخمين ليس فيها قطع.
والجواب الواضح عليهم ما أخرجه البخاري عن ابن عمر أنه صلى صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "إنا أمّة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا. يعني تسعاً وعشرين مرة وثلاثين مرة. ولهُ في حديث أَبي هُريرةَ: "فأَكملوا عدة شعْبان ثلاثين". وهذه الأحاديث نصوص في أنه لا صوم ولا إفطار إلا بالرؤية للهلال أو إكمال العدة.

( 6) ما يفسد الصيام
ينقسم مفسدات الصيام إلى قسمين: قسم يوجب القضاء والكفارة، وقسم يوجب القضاء دون الكفارة،وما لايوجب شئ , وإليك بيان كل قسم:
*ما يوجب القضاء والكفارة:
مفسدات الصيام التي توجب القضاء والكفارة: أن يقضي شهوة الفرج كاملة،......فلو أفطر ناسياً أو مخطئاً تسقط عنه الكفارة , ففى الحديث عَنْ أَبي هُريرة رضي الله عنْهُ قال: جاءَ رجُلٌ إلى النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فقال: هَلَكْتُ يا رسول الله قال: "وما أَهْلَكك؟" قال: وقعْتُ على امرأَتي في رمضان فقال: "هلْ تَجدُ ما تُعتقُ رقبة؟" قال: لا، قال: "فهل تَسْتَطيعُ أَن تَصومَ شهرين مُتتابعين؟" قال: لا، قال: "فهل تَجدُ ما تُطعمُ ستِّين مسْكيناً؟" قال: لا، قال: ثمَّ جلس فأَتي النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بعَرَقٍ فيه تمرٌ فقال: "تَصَدَّقْ بهذا" فقال: أَعلى أَفْقَر مِنّا؟ فما بيْنَ لابَتَيها أَهل بيت أَحْوج منّا فَضَحك النّبيُّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم حتى بدتْ أَنيابهُ، ثم قالَ: "اذهب فأَطعمهُ أَهلك" رواهُ السبّعة واللفظ لمسْلمٍ , والحديث دليل على وجوب الكفار على من جامع في نهار رمضان عامداً، وذكر النووي أنه إجماع , وأما المرأة التي جامعها فقد استدل بهذا الحديث أنه لا يلزم إلا كفارة واحدة وأنها لا تجب على الزوجة وهو الأصح من قولي الشافعي وبه قال الأوزاعي ولعله هو الصواب , مع الخلاف فى المسألة.
*ما يوجب القضاء دون الكفارة :
أن يتناول غذاء، أو ما في معناه بدون عذر شرعي، كالأكل والشرب ونحوهما، مما يميل إليه الطبع، وتنقضي به شهوة البطن،( الفطر بعمد بغير الجماع ولو كان بنية فسخ الصوم فقط دون أكل).
*وما لا يوجب شيئاً:
أحدها: أن يغلبه القيء، ولم يبتلع منه شيئاً فهذا صومه صحيح، فعَنْ أَبي هُريرة رضي اللَّهُ عنهُ قال: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "مَنْ ذَرَعَهُ القيءُ فلا قضاءَ عليه، ومن اسْتقاءَ فعليه القضاءُ" رواهُ الخمسة.
ثانيها: أن يصل غبار الطريق أو الدقيق ونحوهما إلى حلق الصائم كالذي يباشر طحن الدقيق، أو نخله، ومثلهما ما إذا دخل حلقه ذباب، بشرط أن يصل ذلك إلى حلقه قهراً عنه،
ثالثها: أن يأكل أو يشرب ناسيا فيتذكرً، فيطرح المأكول ونحوه من فيه بمجرد تذكره، فإنه لا يفسد صيامه بذلك، فعنْ أَبي هريرة رضي الله عَنْهُ قال: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "مَنْ نسَى وهُو صَائمٌ فَأَكلَ أَوْ شرب فليتمَّ صَوْمَهُ فإنّما أَطعمهُ اللَّهُ وسقاهُ" مُتّفقٌ عليه، وفي رواية الترمذي "فإنما هو رزق ساقه الله إليه" , والحديث دليل على أن من أكل أو شرب أو جامع ناسياً لصومه فإنه لا يفطره ذلك لدلالة قوله: "فليتم صومه" على أنه صائم حقيقة وهذا قول الجمهور.
رابعها: من غلبه المني أو المذي بمجرد نظر أو فكر دون عمد فإن ذلك لا يفسد الصيام،
خامسها: أن يبتلع ريقه المتجمع في فمه، أو يبتلع ما بين أسنانه من بقايا الطعام؛
سادسها: أن يضع دهناً على جرح في بطنه متصلاً بجوفه؛ فإن ذلك لا يفطره، لأن كل ذلك لا يصل للمحل , والحقن وان كانت مغزية,والكحل , والعطر , وماشابه,

*ما يكره فعله للصائم وما لا يكره.
يكره للصائم فعل أمور:
* ذوق شيء يتحلل منه ما يصل إلى جوفه.
ولكن يجوز للمرأة أن تذوق الطعام لتتبين ملوحته إذا كان زوجها سييء الخلق، ومثلها الطاهي - الطباخ - ، وكذا يجوز لمن يشتري شيئاً يؤكل أو يشرب أن يذوقه إذا خشي أن يغبن فيه ولا يوافقه،
* ومن المكروه مضغ العلك - اللبان - الذي لا يصل منه شيء إلى الجوف ، ومنهم من لم يرى به بأس.
* مباشرة الزوجة مباشرة فاحشة.
* جمع ريقه في فمه ثم ابتلاعه، ولكن يحذر من إخراج النخامة الغليظة فى جوف الفم ثم يبتلعها,
* وأما ما لا يكره للصائم فعله فأمور:
* القبلة بغير مذى... فعَنْ عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: "كانَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يُقَبِّلُ وَهُو صائمٌ ويُباشرُ وهُوَ صائمٌ، ولكنه كانَ أَمْلَكَكُمْ لإرْبهِ" مُتّفقٌ عليه ,
* والحجامة ونحوها إذا كانت لا تضعفه عن الصوم، فعن ابنِ عَبّاسٍ رضي اللَّهُ عَنْهُما: "أَنَّ النّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم احْتجمَ وهُوَ مُحْرمٌ واحْتَجَمَ وهُو صَائمٌ" رَوَاه البُخاريُّ ,
* و السواك في جميع النهار، بل هو سنة، ولا فرق في ذلك بين أن يكون السواك يابساً أو أخضر؛ مبلولاً بالماء أو لا،
* المضمضة والاستنشاق، ولو فعلهما لغير وضوء بشرط عدم المبالغة؛
* الاغتسال،والتبرد بالماء بلف ثوب مبلول على بدنه، ونحو ذلك , وكذلك لو أصبح جنبا من جماع قبل الفجر , يعنى أنهى الوقاع قبل آذان الفجر ثم آذن الفجر المؤذن بدخول وقت الصوم وهو جنب , ففى الحديث عَنْ عائشة وأُمِّ سلَمة رضي الله عَنْهما "أَنَّ النّبيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كان يُصبحُ جُنُباً منْ جماع ثم يغتسل ويصُوم" مُتّفقٌ عَلَيْهِ، وقال النووي: إنه إجماع.

* حكم من فسد صومه في أداء رمضان.
من فسد صومه في أداء رمضان وجب عليه الإمساك بقية اليوم تعظيماً لحرمة الشهر، فإذا داعب شخص زوجته أو عانقها أو قبلها أو نحو ذلك فأمنى، فسد صومه، وفي هذه الحالة يجب عليه الإمساك بقية اليوم، ولا يجوز له الفطر،

الأعذار المبيحة للفطر.
* المرض وحصول المشقة الشديدة.
* خوف الحامل والمرضع الضرر من الصيام.
* الفطر بسبب السفر...خاصة المرتحل.
* صوم الحائض والنفساء.
إذا حاضت المرأة الصائمة أو نفست وجب عليها الفطر، وحرم الصيام، ولو صامت فصومها باطل، وعليها القضاء.
* حكم من حصل له جوع أو عطش شديدان.
فأما الجوع والعطش الشديدان اللذان لا يقدر معهما على الصوم، فيجوز لمن حصل له شيء من ذلك الفطر؛ وعليه القضاء.
* حكم الفطر لكبر السن.
الشيخ الهرم الفاني الذي لا يقدر على الصوم في جميع فصول السنة يفطر وتجب عن كل يوم فدية طعام.

*ما يستحب للصائم
يستحب للصائم أمورٌ منها:
* تعجيل الفطر بعد تحقق الغروب، وقبل الصلاة، فعن سهِل بنِ سَعْدٍ رضي الله عنْهُما أَنْ رسولَ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "لا يزالُ الناسُ بخير ما عجّلوا الْفِطْر" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ , ويندب أن يكون على رطب، فتمر؛ فحلو، فماء، وأن يكون ما يفطر عليه من ذلك وتراً، ثلاثة، فأكثر , فعَنْ سلمان بنِ عامر الضَّبِّيِّ رضي الله عنهُ عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "إذا أَفْطَر أَحَدُكُمْ فَلْيُفطر على تمرٍ، فإن لَم يجدْ فَلْيُفطْر على ماءٍ فإِنّهُ طَهُورٌ" رواهُ الخمسة , ومنها الدعاء عقب فطره بالمأثور، كأن يقول: اللّهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، وعليك توكلت، وبك آمنت، ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر،
* ومنها السحور على شيء وإن قل، ولو جرعة ماء؛ لقوله صلى اللّه عليه وسلم: "تسحروا، فإن في السحور بركة"، فعنْ أَنس بنِ مَالكٍ رضي الله عنْهُ قال: قال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "تَسَحْرُوا فإن في السّحُور بركةً" مُتّفقٌ عَلَيه.
* ومنها كف اللسان عن فضول الكلام، وأما كفه عن الحرام، كالغيبة والنميمة، فواجب في كل زمان، ويتأكد في رمضان؛ "قال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّور والعَمَلَ بهِ والجهْلَ فَلَيْسَ للَّهِ حَاجةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشرابَهُ" رواهُ البُخاريُّ
* ومنها الإكثار من الصدقة والإحسان إلى ذوي الأرحام والفقراء والمساكين. ومنها الاشتغال بالعلم، وتلاوة القرآن والذكر، والصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم كلما تيسر له ذلك ليلاً أو نهاراً؛ ومنها الاعتكاف،

*قضاء رمضان
من وجب عليه قضاء رمضان لفطر فيه عمداً أو لسبب من الأسباب السابقة فإنه يقضى بدل الأيام التي أفطرها في زمن يباح الصوم فيه ً، فلا يجزئ القضاء فيما نهى عن صومه ، كأيام العيد، ولا فيما تعين لصوم مفروض كرمضان الحاضر، وأيام النذر المعين، كأن ينذر صوم عشرة أيام من أول ذي القعدة، فلا يجزئ قضاء رمضان فيها لتعينها بالنذر، ومن مات وعليه صيام , قبل أن يقضى صام عنه وليه , فعنْ عائشة رضي اللَّهُ عنها أنَّ النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "من مات وعليه صيامٌ صامَ عَنْهُ وليّهُ" متّفقٌ عليه. والمراد في الولي: كل قريب وأولاهم الوارث , بل لو صام عنه الأجنبي بأمره أجزأ كما في الحج وإنما ذكر الولي في الحديث للغالب...............هذا والله تعالى أعلى وأعلم.....

هذا وما كان صواباً فمن الله وحده وما كان سهوا أو خطأً فمنى ومن الشيطان....والحمد لله رب العالمين...
وصلى اللهم وسلم على محمدٍ وصحبه أجمعين .....سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك...

وجمعه وكتبه الفقير الى عفو ربه تعالى…
د/ السيد العربى بن كمال
غفر الله له ولوالديه ولأهله ولإخوانه .....أمين...أمين.