بسم الله الرحمن الرحيم

الرقى والتمائم


**معنى الرقية:
**فى القاموس المحيط:
العَوْذُ: الالتجاء، كالعِياذِ والمَعاذِ والمَعاذَةِ والتَّعَوُّذِ والاسْتِعاذَةِ،
والرُّقْيَةُ، بالضم: العُوذَة
والنُّشْرَةُ، بالضم: رُقْيَةٌ يُعالَجُ بها المَجْنونُ، والمَريضُ، وقد نَشَرَ عنه.
**فى مفردات ألفاظ القرآن:
العوذ: الالتجاء إلى الغير والتعلق به. يقال: عاذ فلان بفلان، ومنه قوله تعالى:{أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين} (البقرة/67)، {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون} (الدخان/20)، {قل أعوذ برب} (الفلق/1)، {إني أعوذ بالرحمن} (مريم/18). وأعذته بالله أعيذه. قال: {إني أعيذها بك} (آل عمران /36)، وقوله: {معاذ الله} (يوسف/79)، أي: نلتجئ إليه ونستنصر به أن نفعل ذلك، فإن ذلك سوء نتحاشى من تعاطيه. والعوذة: ما يعاذ به من الشيء، ومنه قيل: للتميمة والرقية: عوذة، وعوذه: إذا وقاه، وكل أنثى وضعت فهي عائذ إلى سبعة أيام.‏
**فى النهاية فى غريب الحديث:
والرُّقْيَة: العُوذة التي يُرْقى بها صاحب الآفة كالحُمَّى والصَّرع وغير ذلك من الآفات. والرُّقَي يُكْرَه منها ما كان بغير اللِّسان العَرَبِيّ، وبغير أسماء اللّه تعالى وصِفاته وكلامِه في كُتُبه المُنَزَّلة، وأن يَعتَقد أن الرُّقْيا نافِعَة لا مَحالة فَيَّتِكل عليها، ولا يُكْره منها ما كان في خلاف ذلك؛ كالتَّعَوّذ بالقُرآن وأسماء اللّه تعالى، والرُّقَى المَرْوِيَّة، ولذلك قال للذي رَقَى بالقرآن وأخَذَ عليه أجْراً: {من أخَذ بِرُقْيَة بَاطِلٍ فقد أخَذْتَ بِرُقْية حَقّ}
وكقوله في حديث جابر {أنه عليه الصلاة والسلام قال: اعْرِضُوها عليَّ، فعرَضْنَاها فقال: لا بأس بها، إنَّما هي مَواثِيقُ} كأنه خاف أن يَقَع فيها شيء مما كانوا يَتلَّفظون به ويعتَقِدونه من الشِّرْك في الجاهلية، وما كان بغير اللسان العَرَبيّ، ممَّا لا يُعْرف له تَرْجَمة ولا يُمْكن الوُقوف عليه فلا يجوز اسْتِعْمالُه.
وأمّا قوله {لا رُقْيَة إلَّا مِن عَيْنٍ أو حٌمَة} فمعناه لا رُقْيَة أوْلَى وأنفَع. وهذا كما قيل: لا فَتي إلَّا عَلِيّ. وقد أمَر عليه الصلاة والسلام غير وَاحِد من أصحابه بالرُّقْية. وسَمع بجماعة يَرْقون فلم يُنْكِر عليهم.
وأمّا الحديث الآخر في صِفة أهل الجنة الذين يدخلونها بغير حساب {هم الذين لا يِسْتَرْقُون ولا يكْتَوُون، وعلى رَبِّهم يتوكلون} فهذا من صِفَة الأولياء المُعْرِضين عن أسباب الدُّنيا الذين لا يَلتَفِتون إلى شيء من عَلائِقها. وتلك دَرَجة الخَواصِّ لا يَبْلُغها غيرُهم، فأمّا العَوامُّ فَمُرخَّص لهم في التَّداوِي والمعالجات، ومن صَبَر على البَلاء وانْتظَر الفرج من اللّه بالدعاء كان من جُمْلة الخوَاصّ والأولياء، ومَن لم يصبر رُخِّص له في الرُّقْية والعِلاج والدَّواء
*النُّشْرة بالضم: ضرْبٌ من الرُّقْية والعِلاج، يُعالَج به مَن كان يُظَنُّ أنّ به مَسَّاً من الجِنّ، سميت نُشْرةً لأنه يُنْشَر بها عنه ما خامَره من الداء: أي يُكْشَف ويُزال.
وقال الحسن: النُّشْرة من السِحر. وقد نَشَّرْت عنه تنشيرا.
ومنه الحديث {فلعلَّ طَبّاً أصابَه، ثم نَشَّرَه بقل أعوذ بربِّ الناس} أي رَقَاه.
**وفى لسان العرب:
والعُوذةُ والمَعَاذَةُ والتَّعْوِيذُ: الرُّقية يُرْقى بها الإِنسان من فزع أَو جنون لأَنه يعاذ بها.
وقد عَوَّذَه؛ يقال: عَوَّذْت فلاناً بالله وأَسمائه وبالمُعَوِّذتين إِذا قلت أُعيذك بالله وأَسْمائه من كل ذي شر وكل داء وحاسد وحَيْنٍ. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه كان يعوِّذ نفسه بالمعوِّذتين بعدما طُبَّ. وكان يُعَوِّذُ ابني ابنته البَتُول، عليهم السلام، بهما.
والمعوِّذتان، بكسر الواو: سورة الفلق وتاليتها لأَن مبدأَ كل واحدة منهما قل أَعوذ. وأَما التعاويذ التي تُكتب وتعلق على الإِنسان من العين فقد نهى عن تعليقها، وهي تسمى المَعًّاذات أَيضاً، يُعَوَّذ بها من علقت عليه من العين والفزع والجنون، وهي العُوذُ واحدتها عُوذَةٌ.
والأُخْذَة، بالضم: رقية تأْخُذُ العينَ ونحوها كالسحر أَو خرزة يُؤَخِّذُ بها النساءُ الرجال، من التأْخِيذِ.
**معنى التمائم:
**قال فى النهاية فى غريب الحديث:
التمائم جمع تمِيمة وهي خَرَزات كانت العرب تُعلّقها على أولادهم يَتَّقُون بها العين في زعْمهم، فأبْطلها الإسلام.
ومنه حديث ابن عمر {وما أبالي ما أتَيْتُ إن تعلَّقْتُ تميمة}.
والحديث الآخر {من علَّق تَميمةً فلا أتمّ اللّه له} كأنهم كانوا يعتقدون أنها تمام الدَّواء والشفاء، وإنما جعلها شركاً لأنهم أرادوا بها دفْع المقادير الكتوبة عليهم، فطلبوا دفْع الأذَى من غير اللّه الذي هو دافِعه...
**هل الرقية مشروعة؟؟:
قال ابن حجر فى الفتح:
والرقية كلام يستشفى به من كل عارض أشار إلى ذلك ابن درستويه ,
وبوب البخارى فى كتاب الطب*بَاب الرُّقَى بِالْقُرْآنِ وَالْمُعَوِّذَاتِ..‏
قال فى شرح:
قو له : ( باب الرقى ) بضم الراء وبالقاف مقصور : جمع رقية بسكون القاف , يقال رقي بالفتح في الماضي يرقى بالكسر في المستقبل , ورقيت فلانا بكسر القاف أرقيه , واسترقى طلب الرقية , والجمع بغير همز , وهو بمعنى التعويذ بالذال المعجمة . قوله : ( بالقرآن والمعوذات ) هو من عطف الخاص على العام , لأن المراد بالمعوذات سورة الفلق والناس والإخلاص كما تقدم في أواخر التفسير , فيكون من باب التغليب . أو المراد الفلق والناس وكل ما ورد من التعويذ في القرآن كقوله تعالى : ( وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ) ( فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) وغير ذلك , والأول أولى ,.......
وقد أخرج الترمذي وحسنه والنسائي من حديث أبي سعيد: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذات فأخذ بها وترك ما سواها " . وهذا لا يدل على المنع من التعوذ بغير هاتين السورتين , بل يدل على الأولوية , ولا سيما مع ثبوت التعوذ بغيرهما , وإنما اجتزأ بهما لما اشتملتا عليه من جوامع الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا ,
وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط :
(1) أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته ,
(2) وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره ,
(3) وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى . واختلفوا في كونها شرطا , والراجح أنه لا بد من اعتبار الشروط المذكورة , ففي صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك قال : " كنا نرقى في الجاهلية , فقلنا : يا رسول الله كيف ترى في ذلك ؟ فقال : اعرضوا علي رقاكم , لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " وله من حديث جابر " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى , فجاء آل عمرو بن حزم فقالوا : يا رسول الله إنه كانت عندنا رقية نرقى بها من العقرب , قال : فعرضوا عليه فقال : ما أرى بأسا , من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه "..... وقد تمسك قوم بهذا العموم فأجازوا كل رقية جربت منفعتها ولو لم يعقل معناها , لكن دل حديث عوف أنه مهما كان من الرقى يؤدي إلى الشرك يمنع , وما لا يعقل معناه لا يؤمن أن يؤدي إلى الشرك فيمتنع احتياطا , والشرط الآخر لا بد منه . وقال قوم لا تجوز الرقية إلا من العين واللدغة كما تقدم في " باب من اكتوى " من حديث عمران بن حصين " لا رقية إلا من عين أو حمة " , وأحيب بأن معنى الحصر فيه أنهما أصلا كل ما يحتاج فيه إلى الرقية , فيلتحق بالعين جواز رقية من به خبل أو مس ونحو ذلك لاشتراكها في كونها تنشأ عن أحوال شيطانية من إنسي أو جني , ويلتحق بالسم كل ما عرض للبدن من قرح ونحوه من المواد السمية . وقد وقع عند أبي داود في حديث أنس مثل حديث عمران وزاد " أو دم " وفي مسلم من طريق يوسف بن عبد الله بن الحارث عن أنس قال : " رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقى من العين والحمة والنملة " وفي حديث آخر " والأذن " ولأبي داود من حديث الشفاء بنت عيد الله " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : ألا تعلمين هذه - يعني حفصه - رقية النملة "... والنملة قروح تخرج في الجنب وغيره من الجسد , وقيل المراد بالحصر معنى الأفضل , أي لا رقية أنفع كما قيل : لا سيف إلا ذو الفقار ,
وقال قوم : المنهي عنه من الرقى ما يكون قبل وقوع البلاء , والمأذون فيه ما كان بعد وقوعه , ذكره ابن عبد البر والبيهقي وغيرهما , وفيه نظر , وكأنه مأخوذ من الخبر الذي قرنت فيه التمائم بالرقى , فأخرج أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم من طريق ابن أخي زينب امرأة ابن مسعود عنها عن ابن مسعود رفعه " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " وفي الحديث قصة , والتمائم جمع تميمة وهي خرز أو قلادة تعلق في الرأس , كانوا في الجاهلية يعتقدون أن دلك يدفع الآفات , والتولة بكسر المثناة وفتح الواو واللام مخففا شيء كانت المرأة تجلب به محبة زوجها , وهو ضرب من السحر , وإنما كان ذلك من الشرك لأنهم أرادوا دفع المضار وجلب المنافع من عند غير الله , ولا يدخل في ذلك ما كان بأسماء الله وكلامه , فقد ثبت في الأحاديث استعمال ذلك قبل وقوعه , كما ثبت من حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم " كان إذا أوى إلى فراشه ينفث بالمعوذات ويمسح بهما وجهه " الحديث , وفي أحاديث الأنبياء حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم " كان يعوذ الحسن والحسين بكلمات الله التامة , من كل شيطان وهامة " الحديث , وصحح الترمذي من حديث خولة بنت حكيم مرفوعا " من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق , لم يضره مشيء حتى يتحول " وعند أبي داود والنسائي بسند صحيح عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن رجل من أسلم " جاء رجل فقال : لدغت الليلة فلم أنم , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك " والأحاديث في هذا المعنى موجودة ,
لكن يحتمل أن يقال : إن الرقى أخص من التعوذ , وإلا فالخلاف في الرقى مشهور , ولا خلافه في مشروعية الفزع إلى الله تعالى والالتجاء إليه في كل ما وقع وما يتوقع .
وقال ابن التين : الرقى بالمعوذات وغيرها من أسماء الله هو الطب الروحاني , إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله تعالى , فلما عز هذا النوع فزع الناس إلى الطب الجسماني وتلك الرقى المنهي عنها التي يستعملها المعزم وغيره ممن يدعي تسخير الجن له فيأتي بأمور مشتبهة مركبة من حق وباطل يجمع إلى ذكر الله وأسمائه ما يشوبه من ذكر الشياطين والاستعانة بهم والتعوذ بمردتهم , ويقال : إن الحية لعداوتها للإنسان بالطبع تصادق الشياطين لكونهم أعداء بني آدم , فإذا عزم على الحية بأسماء الشياطين أجابت وخرجت من مكانها , وكذا اللديغ إذا رقى بتلك الأسماء سالت سمومها من بدن الإنسان , فلذلك كره من الرقى ما لم يكن بذكر الله وأسمائه خاصة وباللسان العربي الذي يعرف معناه ليكون بريئا من الشرك , وعلى كراهة الرقى بغير كتاب الله علماء الأمة .
وقال القرطبي : الرقى ثلاثة أقسام:
أحدها: ما كان يرقى به في الجاهلية مما لا يعقل معناه فيجب اجتنابه لئلا يكون فيه شرك أو يؤدي إلى الشرك .
الثاني : ما كان بكلام الله أو بأسمائه فيجوز , فإن كان مأثورا فيستحب .
الثالث : ما كان بأسماء غير الله من ملك أو صالح أو معظم من المخلوقات كالعرش , قال : فهذا ليس من الواجب اجتنابه ولا من المشروع الذي يتضمن الالتجاء إلى الله والتبرك بأسمائه فيكون تركه أولى , إلا أن يتضمن تعظيم المرقى به فينبغي أن يجتنب كالحلف بغير الله تعالى وقال الربيع: سألت الشافعي عن الرقية فقال : لا بأس أن يرقى بكتاب الله وما يعرف من ذكر الله , قلت : أيرقى أهل الكتاب المسلمين ؟ قال : نعم أذا رقوا بما يعرف من كتاب الله وبذكر الله ا هـ .
وفي " الموطأ ": أن أبا بكر قال لليهودية التي كانت ترقى عائشة : ارقيها بكتاب الله . وروى ابن وهب عن مالك كراهة الرقية بالحديدة والملح وعقد الخيط والذي يكتب خاتم سليمان وقال : لم يكن ذلك من أمر الناس القديم .
وقال المازري : اختلف في استرقاء أهل الكتاب فأجازها قوم وكرهها مالك لئلا يكون مما بدلوه . وأجاب من أجاز بأن مثل هذا يبعد أن يقولوه , وهو كالطب سواء كان غير الحاذق لا يحسن أن يقول والحاذق يأنف أن يبدل حرصا على استمرار وصفه بالحذق لترويج صناعته . والحق أنه يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال . وسئل ابن عبد السلام عن الحروف المقطعة فمنع منها ما لا يعرف لئلا يكون فيها كفر.أ.هـ

**خير الرقى كتاب الله تعالى:
*قال القرطبى عند بيان سورة الإسراء. الآية: 82
{وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا}.
قال:اختلف العلماء في كونه شفاء على قولين:
أحدهما: أنه شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها وإزالة الريب، ولكشف غطاء القلب من مرض الجهل لفهم المعجزات والأمور الدالة على الله تعالى.
الثاني: شفاء من الأمراض الظاهرة بالرقي والتعوذ ونحوه. وقد روى الأئمة - واللفظ للدارقطني - عن أبي سعيد الخدري قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ثلاثين راكبا قال: فنزلنا على قوم من العرب فسألناهم أن يضيفونا فأبوا؛ قال: فلدغ سيد الحي، فأتونا فقالوا: فيكم أحد يرقي من العقرب؟ في رواية ابن قتة: إن الملك يموت. قال: قلت أنا نعم، ولكن لا أفعل حتى تعطونا. فقالوا: فإنا نعطيكم ثلاثين شاة. قال: فقرأت عليه "الحمد لله رب العالمين" سبع مرات فبرأ. في رواية سليمان بن قتة عن أبي سعيد: فأفاق وبرأ. فبعث إلينا بالنزل وبعث إلينا بالشاء، فأكلنا الطعام أنا وأصحابي وأبوا أن يأكلوا من الغنم، حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر فقال: (وما يدريك أنها رقية) قلت: يا رسول الله، شيء ألقي في روعي. قال: (كلوا وأطعمونا من الغنم) خرجه في كتاب السنن.[والحدبث عتد البخارى ومسلم].
وروى البخاري عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها. فسألت الزهري كيف كان ينفث؟ قال: كان ينفث على يديه ثم يمسح بهما وجهه. وروى مالك عن ابن شهاب عن عروه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى قرأ على نفسه المعوذتين وتفل أو نفث.
قال أبو بكر بن الأنباري: قال اللغويون تفسير "نفث" نفخ نفخا ليس معه ريق. ومعنى "تفل" نفخ نفخا معه ريق.
*قال ابن حجر فى الفتح فى الكلام على حديث الرقية بالفاتحة [كتاب الإجارة]:
قال ابن أبي حمزة : محل التفل في الرقية يكون بعد القراءة لتحصيل بركة القراءة في الجوارح التي يمر عليها الريق فتحصل البركة في الريق الذي يتفله.أ.هـ
وقال: . وفي الحديث جواز الرقية بكتاب الله , ويلتحق به ما كان بالذكر والدعاء المأثور , وكذا غير المأثور مما لا يخالف ما في المأثور , وأما الرقى بما سوى ذلك فليس في الحديث ما يثبته ولا ما ينفيه.أ.هـ

*وبوب البخارى:
*بَاب الرُّقَى بِالْقُرْآنِ وَالْمُعَوِّذَاتِ...كتاب..الطب:
*وفيه عن عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا فَسَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ كَيْفَ يَنْفِثُ قَالَ كَانَ يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ".
*قال فى الشرح:
قوله : ( كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات ) دلالته على المعطوف في الترجمة ظاهرة , وفي دلالته على المعطوف عليه نظر , لأنه لا يلزم من مشروعية الرقى بالمعوذات أن يشرع بغيرها من القرآن لاحتمال أن يكون في المعوذات سر ليس في غيرها . وقد ذكرنا من حديث أبي سعيد أنه صلى الله عليه وسلم ترك ما عدا المعوذات , لكن ثبتت الرقية بفاتحة الكتاب فدل على أن لا اختصاص للمعوذات , ولعل هذا هو السر في تعقيب المصنف هذه الترجمة بباب الرقى بفاتحة الكتاب , وفي الفاتحة من معنى الاستعاذة بالله الاستعانة به , فمهما كان فيه استعاذة أو استعانة بالله وحده أو ما يعطي معنى ذلك فالاسترقاء به مشروع . ويجاب عن حديث أبي سعيد بأن المراد أنه ترك ما كان يتعوذ به من الكلام غير القرآن , ويحتمل أن يكون المراد بقوله في الترجمة " الرقى بالقرآن " بعضه فإنه اسم جنس يصدق على بعضه , والمراد ما كان فيه التجاء إلى الله سبحانه , ومن ذلك المعوذات , وقد ثبت الاستعاذة بكلمات الله في عدة أحاديث .
قال ابن بطال : في المعوذات جوامع من الدعاء . نعم أكثر المكروهات من السحر والحسد وشر الشيطان ووسوسته وغير ذلك , فلهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكتفي بها.أ.هـ
**وبوب البخارى: *بَاب الرُّقَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب:ِ
قال فى الشرح:
وقال ابن القيم : إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع فما الظن بكلام رب العالمين ثم بالفاتحة التي لم ينزل في القرآن ولا غيره من الكتب مثلها لتضمنها جميع معاني الكتاب , فقد اشتملت على ذكر أصول أسماء الله ومجامعها وإثبات المعاد وذكر التوحيد والافتقار إلى الرب في طلب الإعانة به والهداية منه , وذكر أفضل الدعاء وهو طلب الهداية إلى الصراط المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه والاستقامة عليه , ولتضمنها ذكر أصناف الخلائق وقسمتهم إلى منعم عليه لمعرفته بالحق والعمل به , ومغضوب عليه لعدوله عن الحق بعد معرفته , وضال لعدم معرفته له , مع ما تضمنته من إثبات القدر والشرع والأسماء والمعاد والتوبة وتزكية النفس وإصلاح القلب والرد على جميع أهل البدع , وحقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يستشفى بها من كل داء , والله أعلم.أ.هـ
**قال القرطبى:فى الفاتحة.
وقيل: السورة كلها رقية لقوله عليه السلام للرجل لما أخبره: (وما أدراك أنها رقية) ولم يقل: أن فيها رقية، فدل هذا على أن السورة بأجمعها رقية لأنها فاتحة الكتاب ومبدؤه ومتضمنة لجميع علومه.أ.هـ

**بعض الأحاديث فى الرقى والتمائم:
*فى الحديث:
عنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ عنِ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "لاَ رُقْيَةَ إلاّ مِنْ عَيْنٍ أوْ حُمَةٍ".
قال المنذري: والحديث أخرجه الترمذي...وأخرجه أيضا أحمد وأبو داود.
تحقيق الألباني: (‌صحيح‌) انظر حديث رقم‌: 7496 في صحيح الجامع‌.
وأخرج مسلم عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ حُصَيْبٍ الأَسْلَمِيّ، أَنّهُ قَالَ: "لاَ رُقْيَةَ إِلاّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ".
*قال النووى فى الشرح:
*قوله: (لا رقية إلا من عين أو حمة) أما الحمة فهي بضم الحاء المهملة وتخفيف الميم وهي سم العقرب وشبهها، وقيل فوعة السم وهي حدته وحرارته، والمراد أو ذي حمة كالعقرب وشبهها، أي لا رقية إلا من لدغ ذي حمة، وأما العين فهي إصابة العائن غيره بعينه والعين حق، قال الخطابي: ومعنى الحديث لا رقيه أشفى وأولى من رقية العين وذي الحمة، وقد رقى النبيّ صلى الله عليه وسلم وأمر بها، فإذا كانت بالقرآن وبأسماء الله تعالى فهي مباحة، وإنما جاءت الكراهة منها لما كان بغير لسان العرب، فإنه ربما كان كفراً أو قولاً يدخله الشرك، قال: ويحتمل أن يكون الذي كره من الرقية ما كان منها على مذاهب الجاهلية في العوذ التي كانوا يتعاطونها ويزعمون أنها تدفع عنهم الاَفات ويعتقدون أنها من قبل الجن ومعونتهم، هذا كلام الخطابي رحمه الله تعالى أعلم.
*وفى الحديث عن عقبة بن عامر: "من علق تميمة فقد أشرك".
أخرجه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك.
تحقيق الألباني: (‌صحيح‌) انظر حديث رقم‌: 6394 في صحيح الجامع‌.
*قال فى فيض القدير:
(من علق) على نفسه أو غيره من طفل أو دابة (تميمة) هي ما علق من القلائد لرفع العين (فقد أشرك) أي فعل فعل أهل الشرك وهم يريدون به دفع المقادير المكتوبة قال ابن عبد البر: إذا اعتقد الذي قلدها أنها ترد العين فقد ظن أنها ترد القدر واعتقاد ذلك شرك.أ.هـ
*وفى الحديث عن أبي أمامة "ثلاثة من السحر: الرقي والتول والتمائم".
تحقيق الألباني: (‌ضعيف‌) انظر حديث رقم‌: 2583 في ضعيف الجامع‌.
*وفى الحديث عن عقبة بن عامر "من علق ودعة فلا ودع الله له، ومن علق تميمة فلا تمم الله له"...أخرجه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك.
تحقيق الألباني: (‌ضعيف‌) انظر حديث رقم‌: 5703 في ضعيف الجامع‌.
*قال فى فيض القدير:
(من علق ودعة) بفتح أو سكون على نحو ولده (فلا ودع اللّه له) أي لا جعله في دعة وسكون وهو لفظ بنى من الودعة أي لا خفف اللّه عنه ما يخافه كذا ذكره ابن الأثير وهذا دعاء أو خبر وكذا يقال في قوله (ومن علق تميمة فلا تمم اللّه له) قال في مسند الفردوس: الودعة شيء يخرج من البحر شبه الصدف يتقون به العين والتميمة خرزات تعلق على الأولاد للعين فأبطل النبي صلى اللّه عليه وسلم ذلك.
[تنبيه] قال ابن حجر كغيره: محل ما ذكر في هذا الخبر وما قبله تعليق ما ليس فيه قرآن ونحوه أما ما فيه ذكر اللّه فلا نهي عنه فإنه إنما جعل للتبرك والتعوذ بأسمائه وذكره وكذا لا نهي عما يعلق لأجل الزينة ما لم يبلغ الخيلاء والسرف.أ.هـ

*وفى الموطأ... أبواب السِّيَر... باب الرُّقَى:
أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، أن سليمان بن يَسار أخبره، أن عروة بن الزبير أخبره أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دخل بيت أم سلمة وفي البيت صبيٌّ يبكي ، فذكروا أنَّ به العينَ ، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أفلا تستَرْقُون له من العين؟
قال محمد: وبه نأخذ. لا نرى بالرقية بأساً إذا كانت من ذكر اللّه تعالى.
*أفلا استرقيتم له ? فإن ثلث منايا أمتي من العين .
تحقيق الألباني: (‌ضعيف‌) انظر حديث رقم‌: 1054 في ضعيف الجامع‌...لكن له شاهد من حديث البخارى....عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَمَرَ أَنْ يُسْتَرْقَى مِنْ الْعَيْن:ِ..[خ..ك..الطب].‏
*قـوله:أفلا تسترقون له من العين، هذا وأمثاله مصرَّح بجواز الرقية، وورد في الروايات المنع من الرقية، فعن ابن مسعود مرفوعاً: أن الرُّقى - {جمع رقية} - والتمائم - {جمع تميمة ، وهي ما يعلَّق في العنق أو يُشَدّ في العضد من التعويذات} - والتِّوَلة - {بالكسر ثم الفتح، هي شيء من أنواع السحر، أو شبيه به تفعله النساء لمحبة الأزواج} - : شرك، أخرجه ابن حبان والحاكم وقال: صحيح الإِسناد، وهو وأمثاله محمول على الرُقّى والتمائم على اعتقاد أنها تدفع البلاء وأن لها تأثيراً بنفسها كاعتقاد أرباب الطبائع والجهالة، وما خلا عن هذا الاعتقاد فلا بأس به، وقيل: المنهي عنه ما كان بغير لسان العرب، فلم يدرِ ما هو، فلعله قد دخل فيه سحر أو كفر فأما إذا كان معلوم المعنى، وكان فيه ذكر اللّه فيستحب الرُّقَى به، ويجوز تعليقه، كذا حققه الخطابي في حواشي سنن أبي داود وغيره (وفي المجتبى: اختُلف في الاستشفاء بالقرآن بأن يقرأ على المريض أو الملدوغ الفاتحة، أو يُكتب في ورق ويُعلَّق عليه أو في طست ويُغسل ويسقى، وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يعوِّذ نفسه، قال: وعلى الجواز عمل الناس اليوم،وبه وردت الآثار، ولا بأس بأن يشدَّ الجنب والحائض التعاويذ على العضد إذا كانت ملفوفة....( أوجز المسالك 14/373).‏

*وفي تحفة الأحوذى. ـ كتاب الطبّ عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم .
باب مَا جَاءَ في كَرَاهِيَةِ التّعْلِيق .
في الحديث :
عن محمد بن عبد الرحمن بنِ أَبِي لَيْلَى عن عيسَى وهُوَ ابنُ عَبْدِ الرحمنِ بنِ أَبِي لَيْلَى قالَ: "دَخَلْتُ على عَبْدِ الله بنِ عُكَيْمٍ أَبِي مَعْبَدٍ الْجُهَنِيّ أَعُودُهُ وبه حُمْرَةٌ، فَقلت: أَلاَ تُعَلّقُ شَيْئاً؟ قالَ: المَوْتُ أَقْرَبُ مِنْ ذلكَ، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَعَلّقَ شَيْئاً وُكِلَ إِلَيْهِ"......
وأخرجه أحمد وأبو داود والحاكم. ‏
*وفى الجامع الصغير:"من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر و من سحر فقد أشرك و من تعلق شيئا وكل إليه"..... تحقيق الألباني:(‌ضعيف‌) انظر حديث رقم‌: 5702 في ضعيف الجامع‌.

*قال فى تحفة الأحوذى:
قو له:(وبه) أي بعبد الله والباء للإلصاق (حمرة) أي مما يعلو الوجه والجسد، قاله القاري. وقال في القاموس: الحمرة ورم من جنس الطواعين (ألا تعلق شيئاً) بحذف إحدى التاءين أي ألا تتعلق شيئاً،
قال في القاموس: علقه تعليقاً جعله معلقاً لتعلقه انتهى. وفي المشكاة: ألا تعلق تميمة (قال الموت أقرب من ذلك) . وفي المشكاة فقال: نعوذ بالله من ذلك. قال القاري: وسببه أنه نوع من الشرك. وقال الطيبي: ولعله إنما عاذ بالله من تعليق العوذة لأنه كان من المتوكلين وإن جاز لغيره انتهى (من تعلق شيئاً) أي من علق على نفسه شيئاً من التعاويذ والتمائم
وأشباهها معتقداً أنها تجلب إليه نفعاً أو تدفع عنه ضراً، قاله في النهاية (وكل إليه) بضم واو وتخفيف كاف مكسورة أي خلي إلى ذلك الشيء وترك بينه وبينه . والحديث استدل به من قال بكراهية تعليق التمائم. وقد اختلف في ذلك أهل العلم.

**حكم تعليق التمائم:
قال السيد الشيخ أبو الطيب صديق بن حسن القنوجي في كتابه الدين الخالص: اختلف العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم في جواز تعليق التمائم التي من القرآن، وأسماء الله تعالى وصفاته، فقالت طائفة: يجوز ذلك، وهو قول ابن عمرو بن العاص، وهو ظاهر ما روي عن عائشة، وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية، وحملوا الحديث (يعني حديث ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الرقى والتمائم التولة شرك) رواه أحمد وابن ماجة وابن حبان والحاكم وقال صحيح، وأقره الذهبي على التمائم التي فيها شرك. وقالت طائفة: لا يجوز ذلك وبه قال ابن مسعود وابن عباس وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم، وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه. وجزم به المتأخرون واحتجوا بهذا الحديث وما في معناه. قال بعض العلماء: وهذا هو الصحيح لوجوه ثلاثة تظهر للمتأمل.
الأول: عموم النهي ولا مخصص للعموم.
الثاني: سد الذريعة فإن يفضي إلى تعليق من ليس كذلك.
الثالث: أنه إذا علق فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك. قال وتأمل هذه الأحاديث وما كان عليه السلف يتبين لك بذلك غربة الإسلام، خصوصاً إن عرفت عظيم ما وقع فيه الكثير بعد القرون المفضلة من تعظيم القبور واتخاذها المساجد، والإقبال إليها بالقلب والوجه، وصرف الدعوات والرغبات والرهبات وأنواع العبادات التي هي حق الله تعالى إليها من دونه، كما قال تعالى: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله}، ونظائرها في القرآن أكثر من أن تحصر انتهى....
قلت: غربة الإسلام شيء وحكم المسألة شيء آخر، والوجه الثالث المتقدم لمنع التعليق ضعيف جداً لأنه لا مانع من نزع التمائم عند قضاء الحاجة ونحوها لساعة ثم يعلقها. والراجح في الباب أن ترك التعليق أفضل في كل حال بالنسبة إلى التعليق الذي جوزه بعض أهل العلم بناء على أن يكون بما ثبت لا بما لم يثبت لأن التقوى لها مراتب وكذا في الإخلاص، وفوق كل رتبة في الدين رتبة أخرى والمحصلون لها أقل، ولهذا ورد في الحديث في حق السبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب أنهم هم الذين لا يرقون ولا يسترقون مع أن الرقى جائزة وردت بها الأخبار والآثار والله أعلم بالصواب. والمتقي من يترك ما ليس به بأس خوفاً مما فيه بأس. انتهى كلامه بلفظه.....
*قال فى فيض القدير:
(من تعلق شيئاً) أي تمسك بشيء من المداواة واعتقد أنه فاعل للشفاء أو دافع للداء (وكل إليه) أي وكل اللّه شفاءه إلى ذلك الشيء فلا يحصل شفاؤه أو المراد من علق تميمة من تمائم الجاهلية يظن أنها تدفع أو تنفع فإن ذلك حرام والحرام لا دواء فيه وكذا لو جهل معناها وإن تجرد عن الاعتقاد المذكور فإن من علق شيئاً من أسماء اللّه الصريحة فهو جائز بل مطلوب محبوب فإن من وكل إلى أسماء اللّه أخذ اللّه بيده وأما قول ابن العربي: السنة في الأسماء والقرآن الذكر دون التعليق فممنوع أو المراد من تعلقت نفسه بمخلوق غير اللّه وكله اللّه إليه فمن أنزل حوائجه باللّه والتجأ إليه وفوض أمره كله إليه كفاه كل مؤونة وقرب عليه كل بعيد ويسر له كل عسير ومن تعلق بغيره أو سكن إلى علمه وعقله واعتمد على حوله وقوته وكله اللّه إلى ذلك وخذله وحرمه توفيقه وأهمله فلم تصحح مطالبه ولم تتيسر مآربه وهذا معروف على القطع من نصوص الشريعة وأنواع التجارب أ.هـ

‏ *وفى عون المعبود - كتاب الطب- باب في الترياق.
في الحديث:
عنْ عَبْدِالرّحْمَنِ بنِ رَافِعٍ التّنُوخِيّ قالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ عَمْرِو يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا أُبَالي ما أتَيْتُ إنْ أنَا شَرِبْتُ تِرْيَاقاً أوْ تَعَلّقْتُ تَمِيمَةً أوْ قُلْتُ الشّعْرَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي". قالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا كانَ لِلنّبيّ صلى الله عليه وسلم خَاصَةً وَقَدْ رَخّصَ فِيهِ قَوْمٌ يَعْني التّرْيَاقَ".
قال المنذري: في إسناده عن عبدالرحمَن بن رافع التنوخي قاضي أفريقية. قال البخاري في بعض حديثه بعض المناكير حديثه في المصريين، وحكى ابن أبي حاتم عن أبيه نحو هذا.
تحقيق الألباني: (‌ضعيف‌) انظر حديث رقم‌: 4976 في ضعيف الجامع‌.
*قال فى عون المعبود:
*قوله: (ما أبالي ما أتيت): أي ما فعلت.
وقوله (إن أنا شربت ترياقاً): إلى آخره شرط جزاؤه محذوف يدل عليه ما تقدم، والمعنى إن صدر منى أحد الأشياء الثلاثة كنت ممن لا يبالي بما يفعل ولا ينزجر عما لا يجوز فعله شرعاً، كذا في المرقاة. وقال في اللمعات: ومعنى الحديث إني أن فعلت هذه الأشياء كنت ممن لا يبالي بما فعله من الأفعال مشروعة أو غيرها لا يميز بين المشروع وغيره انتهى. ثم الترياق بكسر أوله وجوّز ضمه وفتحه لكن المشهور الأول وهو ما يستعمل لدفع السم من الأدوية والمعاجين وهو معرب ويقال بالدال أيضاً كذا في المرقاة.
قال ابن الأثير: إنما كرهه من أجل ما يقع فيه من لحوم الأفاعي والخمر وهي حرام نجسة، والترياق أنواع فإذا لم يكن فيه شيء من ذلك فلا بأس به. وقيل الحديث مطلق فالأولى اجتنابه كله انتهى
وقو له: (أو تعلقت تميمة): أي أخذتها علاقة والمراد من التميمة ما كان من تمائم الجاهلية ورقاها، فإن القسم الذي يختص بأسماء الله تعالى وكلماته غير داخل في جملته. قال في النهاية: هي خرزات كانت العرب تُعّلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم فأبطلها الإسلام. وفي الحديث "التمائم والرقى من الشرك" وفي حديث آخر "من علق تميمة فلا أتم الله له" كأنهم كانوا يعتقدون أنها تمام الدواء والشفاء وإنما جعلها شركا لأنهم أرادوا بها دفع المقادير المكتوبة عليهم وطلبوا دفع الأذى من غير الله الذي هو دافعه انتهى.
قال السندي: المراد تمائم الجاهلية مثل الخرزات وأظفار السباع وعظامها، وأما ما يكون بالقرآن والأسماء الإلهية فهو خارج عن هذا الحكم بل هو جائز. وقال القاضي أبو بكر العربي في شرح الترمذي: تعليق القرآن ليس من طريق السنة وإنما السنة فيه الذكر دون التعليق انتهى.
وقوله: (أو قلت الشعر من قبل نفسي): أي قصدته وتقوّلته لقوله تعالى {وما علمناه الشعر وما ينبغي له} وأما قوله صلى الله عليه وسلم: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
فذلك صدر لا عن قصد ولا التفات منه إليه.
وقال الخطابي: ليس شرب الترياق مكروهاً من أجل التداوي وقد أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم التداوي والعلاج في عدة أحاديث ولكن من أجل ما يقع فيه من لحوم الأفاعي وهي محرمة والترياق أنواع، فإذا لم يكن فيه من لحوم الأفاعي فلا بأس بتناوله. والتميمة يقال إنها خرزة كانوا يعلقونها يرون أنها تدفع عنهم الآفات واعتقاد هذا الرأي جهل وضلال إذ لا مانع ولا دافع غير الله سبحانه، ولا يدخل في هذا التعوذ بالقرآن والتبرك والاستشفاء به لأنه كلام الله سبحانه والاستعاذة به ترجع إلى الاستعاذة بالله، إذ هو صفة من صفات ذاته. ويقال بل التميمة قلادة يعلق فيها العوذ وقد قيل إن المكروه من العوذ هو ما كان بغير لسان العرب فلا يفهم معناه، ولعله قد يكون فيه سحر أو نحوه من المحظور انتهى كلامه (هذا): أي النهي عن شرب الترياق.

‏*وفىعون المعبود - كتاب الطب- باب في تعليق التمائم.
في الحديث:
عن يَحْيَى ابنِ الْجَزّارِ عن ابنِ أخِي زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِالله عن زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِالله عن عَبْدِالله قال سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إنّ الرّقَى وَالتّمائمَ وَالتّوَلَةَ شِرْكٌ. قالَتْ قُلْتُ: لِمَ تَقُولُ هَذا، وَالله لَقِدْ كَانَتْ عَيْنِي تَقْذِفُ فَكُنْتُ أخْتَلِفُ إلَى فُلاَنٍ الْيَهُودِيّ يَرْقِينِي فإذَا رَقَانِي سَكَنَتْ. فقالَ عَبْدُ الله: إنّمَا ذَلِكَ عَمَلُ الشّيْطَانِ كَانَ يَنْخُسُهَا بيَدِهِ فإذَا رَقَاهَا كَفّ عَنْهَا، إنّمَا كَانَ يَكْفِيكِ أنْ تَقُولِي كَما كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: اذْهِبِ الْبَاسَ رَبّ النّاسِ، اشْفِ أنْتَ الشّافِي، لاَ شِفَاءَ إلاّ شِفَاؤُكَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سُقْماً".
قال المنذري: والحديث أخرجه ابن ماجه عن ابن أخت زينب عنها وفي نسخة عن أخت زينب عنها وفيه قصة والراوي عن زينب مجهول.
*وفى رواية عند سنن ابن ماجة- كتاب الطب. باب تعليق التمائم.
عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنِ ابْنِ أُخْتِ زَيْنَبَ، امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ؛ عَنْ زَيْنَبَ؛ قَالَتْ: كَانَتْ عَجُوزٌ تَدْخُلُ عَلَيْنَا تَرْقِي مِنَ الْحُمْرَةِ. وَكَانَ لَنَا سَرِيرٌ طَوِيلُ الْقَوَائِمِ. وَكَانَ عَبْدُ اللهِ، إِذَا دَخَلَ، تَنَحْنَحَ وَصَوَّتَ. فَدَخَلَ يَوْماً. فَلَمَّا سَمِعَتْ صَوْتَهُ احْتَجَبَتْ مِنْهُ. فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِي. فَمَسَّنِي فَوَجَدَ مَسَّ خَيْطٍ. فَقَالَ: مَاهذَا؟ فَقُلْتُ: رُقًى لِي فِيهِ مِنَ الْحُمْرَةِ. فَجَذَبَهُ وَقَطَعَهُ، فَرَمَى بِهِ وَقَالَ: لَقَدْ أَصْبَحَ آلُ عَبْدِ اللهِ أَعْنِيَاءَ عَنِ الشِّرْكِ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:
(إِنَّ الرُّقَي وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ).
قُلْتُ: فَإِنِّي خَرَجْتُ يَوْماً فَأَبْصَرَنِي فُلاَنٌ. فَدَمَعَتْ عَيْنِي الَّتِي تَليهِ. فَإِذَا رَقَيْتُهَا سَكَنَتْ دَمْعَتُهَا. وَإِذَا تَرَكْتُهَا دَمَعَتْ. قَالَ: ذَاكِ الشَّيْطَانُ. إِذَا أَطْعْتِهِ تَرَكَكِ، وَإِذَا عَصَيْتِهِ طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي عَيْنِكِ. وَلكِنْ لَوْ فَعَلْتِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ خَيْراً لَكِ وَأَجْدَرَ أَنْ تَشْفِينَ. تَنْضَحِينَ فِي عَيْنِكِ الْمَاءَ وَتَقُولِينَ: أَذْهِبِ الْبَاسْ. رَبَّ النَّاسْ. اِشْفِ، أَنْتَ الشَّافِي. لاَشِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَيُغَادِرُ سَقَماً.
قال في الزوائد: روى أبو داود بعضه. ورواه الحاكم في المستدرك.
تحقيق الألباني: (‌ضعيف‌) انظر حديث رقم‌: 2583 في ضعيف الجامع‌.
*قال فى الشرح:
*قوله: (إن الرقي): بضم الراء وفتح القاف مقصور جمع رقية.
قال الخطابي: وأما الرقي فالمنهى عنه هو ما كان منها بغير لسان العرب فلا يدرى ما هو ولعله قد يدخله سحراً أو كفراً وأما إذا كان مفهوم المعنى وكان فيه ذكر الله سبحانه فانه مستحب متبرك به والله أعلم.
*قوله:(والتمائم): جمع التميمة وهي التعويذة التي لا يكون فيها أسماء الله تعالى وآياته المتلوة والدعوات المأثورة تعلق على الصبي. قال في النهاية: التمائم جمع تميمة وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم فأبطلها الإسلام
*قوله:(والتّوَلَة): قال الخطابي: يقال إنه ضرب من السحر قال الأصمعى: وهو الذي يحبب المرأة إلى زوجها انتهى.
قال القاري: والتوله بكسر التاء وبضم وفتح الواو نوع من السحر أو خيط يقرأ فيه من السحر أو قرطاس يكتب فيه شيء من السحر للمحبة أو غيرها
*قوله: (شرك): أي كل واحد منهما قد يفضي إلى الشرك إما جلياً وإما خفياً قال القاضي: وأطلق الشرك عليها إما لأن المتعارف منها في عهده ما كان معهوداً في الجاهلية وكان مشتملا على مايتضمن الشرك أو لأن اتخاذها يدل على اعتقاد تأثيرها وهو يفضي إلى الشرك (قالت): زينب (لم تقول هذا): أي وتأمرني بالتوكل وعدم الاسترقاء فإني وجدت في الاسترقاء فائدة (لقد كانت عيني ُتقًذف): على بناء المجهول أي ترمي بما يهيج الوجع، وبصيغة الفاعل أي ترمي بالرمص أو الدمع وهو ماء العين من الوجع، والرمص بالصاد المهملة ما جمد من الوسخ في مؤخر العين قاله القاري (فكنت أختلف): أي أتردد بالرواح والمجيء (سكنت): أي العين يعني وجعها (إنما ذلكِ): بكسر الكاف (عمل الشيطان): أي من فعلِه وتسويله والمعنى أن الوجع الذي كان في عينيك لم يكن وجعاً في الحقيقة بل ضرب من ضربات الشيطان ونزعاته (كان): أي الشيطان (ينخسها): بفتح الخاء المعجمة أي يطعنها قاله القاري.
وفي فتح الودود: أى يحركها ويؤذيها (فاذا رقاها): أي إذا رقى اليهودي العين (كَف): الشيطان (عنها): أي عن نخسها وترك طعنها (أن تقولى): أي عند وجع العين ونحوها (أذهب): أمر من الإذهاب أي أزل (البأس): أي الشدة (رب الناس): أي خالقهم ومربيهم (أنت الشافي): يؤخذ منه جواز تسمية الله تعالى بما ليس في القرآن بشرطين أحدهما أن لا يكون في ذلك ما يوهم نقصاً والثاني أن يكون له أصل في القرآن وهذا من ذاك، فإن في القرآن {وإذا مرضت فهو يشفين}: قاله في الفتح (لا شفاء): بالمد مبني على الفتح وخبره محذوف أي لا شفاء حاصل لنا أوله إلا بشفائك. قاله العيني (إلا شفاؤك): بالرفع بدل من موضع لإشفاء قاله العيني (شفاء): بالنصب على أنه مصدر لقوله اشف (لا يغادر سقما): هذه الجملة صفة لقوله شفاء، ومعنى لا يغادر لا يترك وسقماً بفتحتين مفعوله ويجوز فيه ضم السين وتسكين القاف أي مرضاً.
*قال فى فيض القدير:
وقال الطيبي رحمه اللّه: المراد بالشرك اعتقاد أن ذلك سبب قوي وله تأثير وذلك ينافي التوكل والانخراط في زمرة الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون لأن العرب كانت تعتقد تأثيرها وتقصد بها دفع المقادير المكتوبة عليهم فطلبوا دفع الأذى من غير اللّه تعالى وهكذا كان اعتقاد الجاهلية فلا يدخل في ذلك ما كان بأسماء اللّه وكلامه ولا من علقها بذكر تبركاً اللّه عالماً أنه لا كاشف إلا اللّه فلا بأس به.أ.هـ

**خير تعوذ:
*وفى مسلم كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار.
باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره.
عن خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ السّلَمِيّةَ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللّهِ التّامّةِ مِنْ شَرّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرّهُ شَيْءٌ، حَتّىَ يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ"....وفى رواية عنها: "أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللّهِ التّامّات"ِ
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَىَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ. قَالَ: "أَمَا لَوْ قُلْتَ، حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللّهِ التّامّاتِ مِنْ شَرّ مَا خَلَقَ، لَمْ تَضُرّكَ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "أعوذ بكلمات الله التامات" قيل معناه الكاملات التي لا يدخل فيها نقص ولا عيب، وقيل النافعة الشافية، وقيل المراد بالكلمات هنا القرآن والله أعلم.
‏*فى الجامع الصغير:
في الحديث: عن خولة بنت حكيم‌.
"إذا نزل أحدكم منزلا فليقل : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل عنه" .
تحقيق الألباني: (‌صحيح‌) انظر حديث رقم‌: 805 في صحيح الجامع‌.
قال المناوى فى الشرح:
(إذا نزل أحدكم منزلاً) مظنة للهوام والحشرات ونحوها مما يؤذي (فليقل) ندباً لدفع شرها (أعوذ) أي أعتصم (بكلمات الله) أي صفاته القائمة بذاته التي بها ظهر الوجود بعد العدم وبها يقول للشيء كن فيكون، وقيل هي العلم لأنه أعم الصفات ذكره بعضهم وقال القاضي كلماته جميع ما أنزله على أنبيائه لأن الجميع المضاف إلى المعارف يقتضي العموم، وقال التوربشتي: الكلمة لغة تقع على جزء من الكلام اسماً أو فعلاً أو حرفاً وعلى الألفاظ المنطوقة وعلى المعاني المجموعة والكلمات هنا محمولة على أسماء الله الحسنى وكتبه المنزلة لأن المستفاد من الكلمات هنا إنما يصح ويستقيم أن يكون بمثلها ثم وصف الكلمات بقوله (التامات) أي التي لا يعتريها نقص ولا خلل تنبيهاً على عظمها وشرفها وخلوها عن كل نقص إذ لا شيء إلا وهو تابع لها يعرف بها فالوجود بها ظهر وعنها وجد، ذكره القاضي. وقال التوربشتي وصفها بالتمام لخلوها عن العوائق والعوارض فإن الناس متفاوتون في كلامهم واللهجة وأساليب القول، فما منهم من أحد إلا وفوقه آخر في معناه أو معان كثيرة، ثم إن أحدهم قلما يسلم من معارضة أو خطأ أو سهو أو عجز عن المراد، وأعظم النقائص المقترنة
بها أنها كلمات مخلوقة تكلم بها مخلوق مفتقر إلى أدوات ومخارج وهذه نقيصة لا ينفك عنها كلام مخلوق، وكلمات الله تعالى متعالية عن هذه القوادح فهي التي لا يتبعها نقص ولا يعتريها اختلال (من شرما خلق فإنه) إذا قال ذاك مع قوة يقين وكمال إذعان لما أخبر به الشارع (لا يضره شيء) من الهوام والمخلوقات (حتى يرتحل عنه) أي عن ذلك المنزل.
قال القرطبي: خبر صحيح وقول صادق فإني منذ سمعته عملت به فلم يضرني شيء فتركته ليلة فلدغنتي عقرب. وقال ابن عربي: جربته في نفسي لدغتني عقرب مراراً في وقت وكنت استعذت بذلك فلم أجد ألماً؟ لكن كان في حزامي بندقتان وكنت سمعت أن البندق بالخاصية يدفع ألم الملسوع فلا أدري هل كان للبندق أو للدعاء أولهما لكن تورم رجلي وبقي الورم أياماً بلا ألم.

**هل يؤخذ على الرقية أجر؟:
*بوب البخارى: بَاب مَا يُعْطَى فِي الرُّقْيَةِ عَلَى أَحْيَاءِ الْعَرَبِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ لَا يَشْتَرِطُ الْمُعَلِّمُ إِلَّا أَنْ يُعْطَى شَيْئًا فَلْيَقْبَلْهُ وَقَالَ الْحَكَمُ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا كَرِهَ أَجْرَ الْمُعَلِّمِ وَأَعْطَى الْحَسَنُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ بِأَجْرِ الْقَسَّامِ بَأْسًا وَقَالَ كَانَ يُقَالُ السُّحْتُ الرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ وَكَانُوا يُعْطَوْنَ عَلَى الْخَرْصِ"[.ك..الإجارة].وأخرج فيه حديث الرقية بالفاتحة.
*قال ابن حجرشرح:
قوله : ( وقال ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله ) هذا طرف من حديث وصله المؤلف رحمه الله في الطب , واستدل به للجمهور في جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن , وخالف الحنفية فمنعوه في التعليم وأجازوه في الرقى كالدواء , قالوا لأن تعليم القرآن عبادة والأجر فيه على الله , وهو القيام في الرقى إلا أنهم أجازوه فيها لهذا الخبر , وحمل بعضهم الأجر في هذا الحديث على الثواب , وسياق القصة التي في الحديث يأبى هذا التأويل . وادعى بعضهم نسخه بالأحاديث الواردة في الوعيد على أخذ الأجرة على تعليم القرآن وقد رواها أبو داود وغيره , وتعقب بأنه إثبات للنسخ بالاحتمال وهو مردود , وبأن الأحاديث ليس فيها تصريح بالمنع على الإطلاق بل هي وقائع أحوال محتملة للتأويل لتوافق الأحاديث الصحيحة كحديثي الباب , وبأن الأحاديث المذكورة أيضا ليس فيها ما تقوم به الحجة فلا تعارض الأحاديث الصحيحة , وسيكون لنا عودة إلى البحث في ذلك في كتاب النكاح في " باب التزويج على تعليم القرآن " . قوله : ( وقال الشعبي : لا يشترط المعلم , إلا أن يعطى شيئا فليقبله , وقال الحكم : لم أسمع أحدا كره أجر المعلم , وأعطى الحسن دراهم عشرة ) . وروى ابن أبي شيبة من طريق أخرى عن الحسن قال : لا بأس أن يأخذ على الكتابة أجرا وكره الشرط . وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة : أحدث الناس ثلاثة أشياء لم يكن يؤخذ عليهن أجر ضراب الفحل وقسمة الأموال والتعليم ا هـ . وهذا مرسل , وهو يشعر بأنهم كانوا قبل ذلك يتبرعون بها فلما فشا الشح طلبوا الأجرة فعد ذلك من غير مكارم الأخلاق فتحمل كراهة من كرهها على التنزيه والله أعلم .

وجمعه وكتبه الفقير الى عفو ربه تعالى…
د/ السيد العربى بن كمال