صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







دعوة عقلانية .. للتعاطف .. مع إسرائيل !!

د.فهد بن صالح العجلان
@alajlan_f

 
بسم الله الرحمن الرحيم


لكِ الله يا غزّة الجريحة.
كم في أثوابك المدمّمة من أحزانٍ وآلامٍ وأوجاعٍ وذكرياتٍ تفيض بالأسى والكرب.
ما تكاد ترحل المصيبة بأثقالها وكُرَبها إلا وتخلفها مصائب تتكاثر كالسرطان في جسد هذا الجزء المـُنهك المـُنتهك من جسد أمتنا الغافلة.
مناظر الدم، والخراب، والحزن، وصرخات الوجع والألم، ومشاعر الحزن والبكاء، أصبحت روحاً ساكنة في جسد كلّ مسلم ومسلمة من سكّان غزّة المجاهدة الصامدة.
نستغفر الله من هذا الهوان المهين الذي حلّ بكلّ مسلم ، وسكن في كلّ أرض مسلمة، فما عادت تلك المجازر البشعة والجرائم القذرة، والإرهاب السافر، ما عادت تحرّك ساكناً، ولا تثير إلا الدمع والشتم والتعاطف، فغفرانك اللهمّ، جَنّبنا غِبّها !
حتى التعاطف يستكثر على إخوان الإسلام المستضعفين المظلومين في غزّة، فما كادت الآلة العسكرية الإسرائيلية المجرّمة تتوقّف عن قطع شريان الدمّ من الضحية حتى قامت الأقلام والأفواه عن جيفة واحدة، لم تتعاطف مع الضحيّة ولم تجرّم الفاعل إلا بالجزء الذي يستر العورة، وصبّت جام غضبها على سبب الجريمة في نظرهم – حماس قطعاً- ،

وهذا الموقف البارد، والروح الخامدة تخرج ميكانيكيّاً إثر أي عدوان على أي بقعة إسلاميّة، فحديثهم في هذا الجريمة، هو ذاته ما قالوه في كلّ الاعتداءات الإسرائيلية السابقة، وهو ما قالوه في البهيمية القذرة التي احتلّت بها العراق وأفغانستان والشيشان، وسيقولونها في أي اعتداء قادم، فالمنطق واحد، والخلاف إنما هو في الأساليب وفنون الصياغة، رؤية تقوم على غضّ الطرف عن الجريمة وتحميل الضحية سبب الجريمة، وهذه الظاهرة المخذولة تبعث فينا عدة دلالات:

الدلالة الأولى:

أن هذا اعتراف ضمني من هذه الأقلام العربية المخذولة بأن الجيش الإسرائيلي جيش نزيه ونظيف، وأنه تابع لحكومة عادلة رحيمة مسالمة، لا تتحرّك إلا بدافع منطقي عقلاني، يلحّ عليها للقيام بأعمال لا ترتضيها، وإنما تضطرّ إليها لوجود أسباب منطقية تحرّكها،
ومهمّة هذه الأقلام أن تبين لنا هذه الأسباب المنطقية جدّاً، هذا هو المضمر الذي تنفيه تلك الأقلام بظاهر لسانها، وتمارسها علناً وتستنير بها في دفع مثل هذه الكتابات الآسنة.

الدلالة الثانية:

فقدان روح الانتماء والولاء للأرض العربية والإسلامية، وغياب قيم المروءة والعدالة والإنسانية، فقد أجد عذراً لمن اكتفى بإفشاء عواطفه ولواعج نفسه، وسأجد أي عذرٍ للساكت الذي لم يبدي شيئاً من حرقة نفسه من هذا البشاعة والقذارة، أمّا من تكلّم ليبحث عن سبب عقلاني للعدوان، ولم يظهر حسرة ولا ألماً ولا تعاطفاً صادقاً مع آلام المستضعفين، فإني أجد عجزاً تامّاً عن لجوء طريق يمكن أن يصل بنا إلى عذر قد يكون مقبولاً لمثل هذه السلوكية المنحرفية في التعامل مع قضايا الإسلام والعروبة،
في حادثة هي في غاية البشاعة، وموقف في أحطّ درجات العدائية، وبآلام في أعظم أشكال الإثارة، يتحرّك منها العظم والصخر، فإذا لم يتحرّك ولم يتعاطف، بل وتحرّك بالعكس فأي مروءة وأي انتماء وأي إنسانية في مثل هذا؟ وما يغنيه اسمه أو اسم أبيه ومسقط رأسه إن كان هذا هو سلوكه؟

الدلالة الثالثة:

أن موقف المسلم من أي عدوان يصبّ على أي أرض مسلمة هو الوقوف معهم ونصرتهم بما يستطاع، وهذا من بدهيات الروح الإسلامية المتآخية، أما من يكتفي في مواقف العدوان على المسلمين بالفرح إذ لم يصب بأذى، والطعن بفكّ قلمه المتسمم في كتف إخوانه المسلمين فهذا من صفات المنافقين الذين قال الله تعالى فيهم ( الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا).

الدلالة الرابعة:

هبوا – جدلاً- أن السبب الحقيقي والمنطقي للعدوان الإسرائيلي كان هو حماس أو غيرهم، أمن الحكمة والمروءة والديانة أن يرميهم المعتدي بناره، ويرميهم أخوهم المتخاذل بلسانه؟
أفلئن رأيت أخاك قد أساء بلفظ أو حال فولج اللصوص بيته فسرقوا ماله وعبثوا بحريمه وأسالوا كرامته، هل الاكتفاء بالمشاهدة وتسديد العتب والنقد للأخ الذي قصّر وفرّط هل هذا هو المنطق العقلاني المنطقي، أم هو الموت الدماغي للمروءة والكرامة والإنسانية؟

الدلالة الخامسة:

ثم أي سبب أثارته حماس؟
هل هذه هي المرّة الأولى التي يتحرّك فيها الوحش الإسرائيلي ليمزّق اللحم الفلسطيني؟
وكلّ تلك (المستنقعيّات) تعلم أن الدبّ المتوحّش قد رضع لبان الدم واللحم مع مهاده، وما كبر لحمه واشتدت قوته على ظهور المستضعفين من قبل أن تخرج إلى عالم العزّة والكرامة شيء اسمه حماس، ومنذ ستين عامّاً لم تتوقّف الحركة العسكرية للطائرات والدبابات والرشاشات والقذائف الإسرائيلية عن نشر الجحيم الإجرامي في سماء الأرض الإسلامية وجبالها وأوديتها!
لن أزيد، لأنّ القضية ليست قضية عقلانية أحتاج إلى الكشف عن ثغراتها، والبحث عن قناعات تقف في وجهها، وإنما روح منكسرة وأقلام مسلوبة، لا يشد ظهرها كرامة ، ولا يقف في داخلتها مروءة، وما شمّت في دنيا العزّة والأنفة رائحة، وقدرنا أن نتجرع غثاءها صباح مساء.


صحيفة سبق الإلكترونيّة
1/1/1430هـ

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.فهد العجلان
  • مقالات
  • السياسة الشرعية
  • سيادة الشريعة
  • محاضرات مفرغة
  • معركة النصّ
  • الفروق الفيسبوكية
  • المؤلفات
  • الصفحة الرئيسية