صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







المنتقى النفيس من كتاب "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر (3)
طبعة دار ابن الجوزي - الطبعة الأولى، 1414هـ ، تحقيق: أبي الأشبال الزهيري.

أيمن الشعبان
@aiman_alshaban

 
 بسم الله الرحمن الرحيم


قال أيوب السختياني: أَجْسَرُ النَّاسِ عَلَى الْفُتْيَا أَقَلُّهُمْ عِلْمًا بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ، وَأَمْسَكُ النَّاسِ عَنِ الْفُتْيَا أَعْلَمُهُمْ بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ.
(2/816).
كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يَكُونُ إِمَامًا فِي الْفِقْهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ إِمَامًا فِي الْقُرْآنِ وَالْآثَارِ وَلَا يَكُونُ إِمَامًا فِي الْآثَارِ مَنْ لَمْ يَكُنْ إِمَامًا فِي الْفِقْهِ.
(2/818).
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ: لَا يَنْبَغِي لِمَنْ لَا يَعْرِفُ الِاخْتِلَافَ أَنْ يُفْتِيَ، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ الْأَقَاوِيلَ أَنْ يَقُولَ: هَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ.
(2/819).
قال الخليل بن أحمد: الرِّجَالُ أَرْبَعَةٌ رَجُلٌ يَدْرِي ويَدْرِي أَنَّهُ يَدْرِي فَذَلِكَ عَالِمٌ فَاتَّبِعُوهُ وَسَلُوهُ، وَرَجُلٌ لَا يَدْرِي ويَدْرِي أَنَّهُ لَا يَدْرِي فَذَلِكَ جَاهِلٌ فَعَلِّمُوهُ، وَرَجُلٌ يَدْرِي وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ يَدْرِي فَذَلِكَ عَاقِلٌ فَنَبِّهُوهُ، وَرَجُلٌ لَا يَدْرِي وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ لَا يَدْرِي فَذَلِكَ مَائِقٌ فَاحْذَرُوهُ.
قال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: لَا يَكُونُ إِمَامًا فِي الْعِلْمِ مَنْ أَخَذَ بِالشَّاذِّ مِنَ الْعِلْمِ وَلَا يَكُونُ إِمَامًا فِي الْعِلْمِ مَنْ رَوَى عَنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَلَا يَكُونُ إِمَامًا فِي الْعِلْمِ مَنْ رَوَى كُلَّ مَا سَمِعَ.
(2/820).
قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ عَنْ أَرْبَعَةَ، سَفِيهٍ مُعْلِنِ السَّفَهِ وَصَاحِبِ هَوًى يَدْعُو النَّاسَ إِلَيْهِ، وَرَجُلٍ مَعْرُوفٍ بِالْكَذِبِ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ لَا يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَجُلٍ لَهُ فَضْلٌ وَصَلَاحٌ لَا يَعْرِفُ مَا يُحَدِّثُ بِهِ.
(2/821).
قال عَبْدُ اللَّهِ بنُ مسعود: يَأَيُّهَا النَّاسُ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يَعْلَمُهُ فَلْيَقُلْ بِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَلْيَقُلِ: اللَّهُ أَعْلَمُ؛ فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ تَقُولَ لِمَا لَا تَعْلَمُ: اللَّهُ أَعْلَمُ، إِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86].
(2/832).
قال ابن مسعود: إِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ تَقُولَ لِمَا لَا تَعْلَمُ: اللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}.
(2/833).
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: «لَا أَدْرِي» فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ: نِعِّمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهِ.
(2/835).
ذَكَرَ الشَّعْبِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يَقُولُ: «مَا أَبْرَدَهَا عَلَى الْكَبِدِ، مَا أَبْرَدَهَا عَلَى الْكَبِدِ» فَقِيلَ لَهُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أَنْ تَقُولَ لِلشَّيْءِ لَا تَعْلَمُهُ: اللَّهُ أَعْلَمُ.
(2/836).
قال مالك: سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيَّ، عَنْ شَيْءٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ فَقَالَ لَهُ: لَا أَرَاكَ فَهِمْتَ مَا سَأَلْتُكَ عَنْهُ؟ قَالَ: «بَلَى» قَالَ: فَلِمَ لَا تُجِيبُنِي؟ قَالَ: «لَا أَعْلَمُهُ».
قال عبد الرحمن بن مهدي: كُنَّا عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جِئْتُكَ مِنْ مَسِيرَةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ حَمَّلَنِي أَهْلُ بَلَدِي مَسْأَلَةً أَسْأَلُكَ عَنْهَا، قَالَ: فَسَلْ فَسَأَلَهُ الرَّجُلُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ «لَا أُحْسِنُهَا» قَالَ: فَبُهِتَ الرَّجُلُ كَأَنَّهُ قَدْ جَاءَ إِلَى مَنْ يَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ، قَالَ فَقَالَ: فَأَيُّ شَيْءٍ أَقُولُ لِأَهْلِ بَلَدِتِي إِذَا رَجَعْتُ لَهُمْ؟ قَالَ: " تَقُولُ لَهُمْ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحْسِنُ ".
(2/838).
قال مالك: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ وَسَيِّدُ الْعَالَمِينَ يُسْأَلُ عَنِ الشَّيْءِ فَلَا يُجِيبُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْوَحْيُ.
(2/839).
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ أَرْبَعَةً وَثَلَاثِينَ شَهْرًا فَكَثِيرًا مَا كَانَ يُسْأَلُ فَيَقُولُ: «لَا أَدْرِي» ثُمَّ يَلْتَفِتُ إِلَيَّ فَيَقُولُ: «تَدْرِي مَا يُرِيدُ هَؤُلَاءِ؟ يُرِيدُونَ أَنْ يَجْعَلُوا ظُهُورَنَا جِسْرًا لَهُمْ إِلَى جَهَنَّمَ.
(2/841).
عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّ عُمَرَ، كَتَبَ إِلَيْهِ: إِذَا أَتَاكَ أَمْرٌ فَاقْضِ فِيهِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ أَتَاكَ مَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَاقْضِ بِمَا سَنَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ أَتَاكَ مَا لَيْسَ فِي كِتَابٍ وَلَمْ يَسُنَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاقْضِ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، وَإِنْ أَتَاكَ مَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يَسُنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ أَحَدٌ فَأَيَّ الْأَمْرَيْنِ شِئْتَ فَخُذْ بِهِ.
(2/846).
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَفِرَاسَةَ الْعُلَمَاءِ، احْذَرُوا أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْكُمْ شَهَادَةً تَكُبُّكُمْ عَلَى وُجُوهِكُمْ فِي النَّارِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَلْحَقُّ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ وَيَجْعَلُهُ عَلَى أَبْصَارِهِمْ.
(2/852).
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: وَاللَّهِ لَوْلَا مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ مِنْ أَمْرِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يَعْنِي دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ لَرَأَيْتُ أَنَّ الْقُضَاةَ قَدْ هَلَكُوا؛ وَأَنَّهُ أَثْنَى عَلَى هَذَا بِعِلْمِهِ وَعَذَرَ هَذَا بِاجْتِهَادِهِ.
(2/882).
قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي: إِنَّمَا التَّوْسِعَةُ فِي اخْتِلَافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْسِعَةٌ فِي اجْتِهَادِ الرَّأْيِ فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ تَوْسِعَةً لِأَنْ يَقُولَ النَّاسُ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ عِنْدَهُ فِيهِ فَلَا وَلَكِنَّ اخْتِلَافَهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمُ اجْتَهَدُوا فَاخْتَلَفُوا.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَلَامُ إِسْمَاعِيلَ هَذَا حَسَنٌ جِدًّا.
(2/906-907).
قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَالصَّوَابُ مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ وَتَدَافَعَ وَجْهٌ وَاحِدٌ وَلَوْ كَانَ الصَّوَابُ فِي وَجْهَيْنِ مُتَدَافِعَيْنِ مَا خَطَّأَ السَّلَفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي اجْتِهَادِهِمْ وَقَضَايَاهُمْ وَفَتْوَاهُمْ، وَالنَّظَرُ يَأْبَى أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ ضِدُّهُ صَوَابًا كُلَّهُ.
(2/919).
فِي كِتَابِ عُمَرَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: لَا يَمْنَعْكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ بِالْأَمْسِ رَاجَعْتَ فِيهِ نَفْسَكَ وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ أَنْ تَرْجِعَ فِيهِ إِلَى الْحَقِّ؛ فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ، وَالرُّجُوعُ إِلَى الْحَقِّ أَوْلَى مِنَ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ.
عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ كَانَتِ الْأَهْوَاءُ كُلُّهَا وَاحِدَةً لَقَالَ الْقَائِلُ: لَعَلَّ الْحَقَّ فِيهِ، فَلَمَّا تَشَعَّبَتْ وَتَفَرَّقَتْ عَرَفَ كُلُّ ذِي عَقْلٍ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَتَفَرَّقُ.
عَنْ مُجَاهِدٍ {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفَيْنِ} [هود: 118] قَالَ: أَهْلُ الْبَاطِلِ {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 119] قَالَ: أَهْلُ الْحَقِّ لَيْسَ فِيهِمُ اخْتِلَافٌ.
(2/921).
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُوصَفُ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فَيُدْرَكُ بِقِيَاسٍ أَوْ بِإِنْعَامِ نَظَرٍ.
(2/929).
دَخَلَ أَبُو مَسْعُودٍ عَلَى حُذَيْفَةَ فَقَالَ: اعْهِدْ إِلَيَّ، قَالَ: أَوَلَمْ يَأْتِكَ الْيَقِينُ؟ قَالَ: بَلَى فَإِنَّ الضَّلَالَةَ حَقٌّ الضَّلَالَةِ أَنْ تَعْرِفَ مَا كُنْتَ تُنْكِرُ، وَتُنْكِرَ مَا كُنْتَ تَعْرِفُ، وَإِيَّاكَ وَالتَّلَوُّنَ فِي دِينِ اللَّهِ؛ فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ وَاحِدٌ.
(2/933).
قَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ: قُلْتُ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، الرَّجُلُ يَكُونُ عَالِمًا بِالسُّنَّةِ أَيُجَادِلُ عَنْهَا؟ قَالَ: «لَا وَلَكِنْ يُخْبِرُ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ قُبِلَتْ مِنْهُ وَإِلَّا سَكَتَ.
(2/936).
قَالَ الشَّافِعِيُّ: حُكْمِي فِي أَهْلِ الْكَلَامِ أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيدِ وَيُطَافُ بِهِمْ فِي الْعَشَائِرَ وَالْقَبَائِلَ، هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَأَخَذَ فِي الْكَلَامِ.
(2/941).
قَالَ أَبُو عُمَرَ: مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَقْلِ الثِّقَاتِ وَجَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَصَحَّ عَنْهُمْ فَهُوَ عِلْمٌ يُدَانُ بِهِ، وَمَا أُحْدِثَ بَعْدَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ فِيمَا جَاءَ عَنْهُمْ فَبِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ وَمَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ أَوْ صِفَاتِهِ عَنْهُمْ سَلِمَ لَهُ، وَلَمْ يُنَاظَرْ فِيهِ كَمَا لَمْ يُنَاظَرُوا.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: رَوَاهَا السَّلَفُ وَسَكَتُوا عَنْهَا وَهُمْ كَانُوا أَعْمَقَ النَّاسِ عِلْمًا وَأَوْسَعَهُمْ فَهْمًا وَأَقَلَّهُمْ تَكَلُّفًا وَلَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُمْ عَنْ عِيٍّ فَمَنْ لَمْ يَسَعْهُ مَا وَسِعَهُمْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ.
كَانَ الْحَسَنُ فِي مَجْلِسٍ فَذُكِرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا أَبَرَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قُلُوبًا وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، قَوْمٌ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَشَبَّهُوا بِأَخْلَاقِهِمْ وَطَرَائِقِهِمْ فَإِنَّهُمْ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ
(2/946).
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ: الْمِرَاءُ يُفْسِدُ الصَّدَاقَةَ الْقَدِيمَةَ وَيَحِلُّ الْعُقْدَةَ الْوَثِيقَةَ، وَأَقَلُّ مَا فِيهِ أَنْ تَكُونَ الْمُغَالَبَةُ، وَالْمُغَالَبَةُ أَمْتَنُ أَسْبَابِ الْقَطِيعَةِ.
(2/952).
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إِنَّ مِمَّا أَخْشَى عَلَيْكُمْ زَلَّةَ الْعَالِمِ، وَجِدَالَ الْمُنَافِقِ بِالْقُرْآنِ، وَالْقُرْآنُ حَقٌّ، وَعَلَى الْقُرْآنِ مَنَارٌ كَأَعْلَامِ الطَّرِيقِ.
(2/980).
قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ! كَيْفَ تَصْنَعُونَ بِثَلَاثٍ؟ دُنْيَا تَقْطَعُ أَعْنَاقَكُمْ، وَزَلَّةِ عَالِمٍ وَجِدَالِ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ، فَسَكَتُوا فَقَالَ: أَمَّا الْعَالِمُ فَإِنِ اهْتَدَى فَلَا تُقَلِّدُوهُ دِينَكُمْ، وَإِنِ افْتُتِنَ فَلَا تَقْطَعُوا مِنْهُ أَنَاتَكُمْ؛ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يُفْتَتَنُ ثُمَّ يَتُوبُ، وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَلَهُ مَنَارٌ كَمَنَارِ الطَّرِيقِ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ، فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهُ، وَمَا شَكَكْتُمْ فَكِلُوهُ إِلَى عَالِمِهِ، وَأَمَّا الدُّنْيَا فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ الْغِنَى فِي قَلْبِهِ فَقَدْ أَفْلَحَ، وَمَنْ لَا فَلَيْسَ بِنَافِعَتِهِ دُنْيَاهُ.
(2/982).
قَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ: سَمِعْتُ أَبَا خَالِدٍ الْأَحْمَرَ يَقُولُ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تُعَطَّلُ فِيهِ الْمَصَاحِفُ، لَا يُقْرَأُ فِيهَا، يَطْلُبُونَ الْحَدِيثَ وَالرَّأْيَ، ثُمَّ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يُصْفِقُ الْوَجْهَ وَيُكْثِرُ الْكَلَامَ وَيَشْغَلُ الْقَلْبَ.
(2/1021).
قَالَ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي: مَنْ تَتَبَّعَ غَرَائِبَ الْأَحَادِيثِ كَذَبَ، وَمَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ، وَمَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِالْكِيمْيَاءِ أَفْلَسَ.
(2/1033).
عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَيْسَ عَامٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، وَلَا أَقُولُ: عَامٌ أَمْطَرٌ مِنْ عَامٍ وَلَا عَامٌ أَخْصَبُ مِنْ عَامٍ وَلَا أَمِيرٌ خَيْرٌ مِنْ أَمِيرٍ وَلَكِنْ ذَهَابُ خِيَارِكُمْ وَعُلَمَائِكُمْ، ثُمَّ يُحَدِّثُ قَوْمٌ يَقِيسُونَ الْأُمُورَ بِرَأْيِهِمْ فَيُهْدَمُ الْإِسْلَامُ وَيُثْلَمُ.
(2/1044).
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، يَقُولُ: لَمْ يَزَلْ أَمْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسْتَقِيمًا حَتَّى أَدْرَكَ فِيهِمُ الْمُوَلَّدُونَ أَبْنَاءُ سَبَايَا الْأُمَمِ فَأَحْدَثُوا فِيهِمْ بِالرَّأْيِ فَأَضَلُّوا بَنِي إِسْرَائِيلَ.
(2/1047).
قَالَ الشعبي: إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حِينَ تَشَعَّبَتْ بِهِمُ السُّبُلُ وَحَادُوا عَنِ الطَّرِيقِ، فَتَرَكُوا الْآثَارَ وَقَالُوا فِي الدِّينِ بِرَأْيِهِمْ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا.
(2/1050).
قال سُحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ: مَا أَدْرِي مَا هَذَا الرَّأْيِ سُفِكَتْ بِهِ الدِّمَاءُ وَاسْتُحِلَّتْ بِهِ الْفُرُوجُ وَاسْتُخِفَّتْ بِهِ الْحُقُوقُ غَيْرَ أَنَّا رَأَيْنَا رَجُلًا صَالِحًا فَقَلَّدْنَاهُ.
(2/1072).
قال سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيِّ: مَا أَحْدَثَ أَحَدٌ فِي الْعِلْمِ شَيْئًا إِلَّا سُئِلَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِنْ وَافَقَ السُّنَّةَ سَلِمَ وَإِلَّا فَهُوَ الْعَطَبُ.
(2/1085).
قال أبو حازم: الْعُلَمَاءُ كَانُوا فِيمَا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ إِذَا لَقِيَ الْعَالِمُ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ غَنِيمَةٍ وَإِذَا لَقِيَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ ذَاكَرَهُ، وَإِذَا لَقِيَ مَنْ هُوَ دُونَهُ لَمْ يُزْهَ عَلَيْهِ، حَتَّى كَانَ هَذَا الزَّمَانُ فَصَارَ الرَّجُلُ يَعِيبُ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ ابْتِغَاءَ أَنْ يَنْقَطِعَ مِنْهُ حَتَّى يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ حَاجَةٌ إِلَيْهِ وَلَا يُذَاكِرُ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَيُزْهَى عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فَهَلَكَ النَّاسُ.
(2/1093).
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: أَدْرَكْتُ عِشْرِينَ وَمِائَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَاهُ قَالَ: فِي الْمَسْجِدِ فَمَا كَانَ مِنْهُمْ مُحَدِّثٌ إِلَّا وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ الْحَدِيثَ وَلَا مُفْتٍ إِلَّا وَدَّ أَنَّ أَخَاهَ كَفَاهُ الْفُتْيَا.
(2/1120).
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَامَ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ سُنَّتْ لَكُمُ السُّنَنُ وَفُرِضَتْ لَكُمُ الْفَرَائِضُ وَتُرِكْتُمْ عَلَى الْوَاضِحَةِ إِلَّا أَنْ تَضِلُّوا بِالنَّاسِ يَمِينًا وَشِمَالًا.
(2/1178).
كَانَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي بِدِينِكَ وَبِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي الْحَقِّ وَمِنَ اتِّبَاعِ الْهَوَى وَمِنْ سَبِيلِ الضَّلَالَةِ وَمِنْ شُبُهَاتِ الْأُمُورِ وَمِنَ الزَّيْغِ وَالْخُصُومَاتِ.
(2/1179).
عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] الْآيَةَ، قَالَ: الرَّدُّ إِلَى اللَّهِ الرَّدُّ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَالرَّدُّ إِلَى رَسُولِهِ إِذَا كَانَ حَيًّا، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ فَالرَّدُّ إِلَى سُنَّتِهِ.
(2/1189).
عَنْ أَيُّوبَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِمُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ: لَا تُحَدِّثُونَا إِلَّا بِالْقُرْآنِ فَقَالَ لَهُ مُطَرِّفٌ: وَاللَّهِ مَا نُرِيدُ بِالْقُرْآنِ بَدَلًا وَلَكِنْ نُرِيدُ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِالْقُرْآنِ مِنَّا.
(2/1193).
عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] قَالَ: أَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ وَيُشَرِّفُوهُ وَيَدْعُوهُ بِاسْمِ النُّبُوَّةِ.
(2/1205).
قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: مَا دَخَلْتُ عَلَى رَجُلٍ قَطُّ وَلَا مَرَرْتُ بِبَابِهِ فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ فِي دَفْتَرٍ وَجَلِيسُهُ فَارِغٌ إِلَّا حَكَمْتُ عَلَيْهِ وَاعْتَقَدْتُ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ عَقْلًا.
كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يُجَالِسُ النَّاسَ وَنَزَلَ الْمَقْبَرَةَ فَكَانَ لَا يَكَادُ يُرَى إِلَّا وَفِي يَدِهِ دَفْتَرٌ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَمْ أَرْ قَطُّ أَوْعَظَ مِنْ قَبْرٍ وَلَا أَمْتَعَ مِنْ دَفْتَرٍ وَلَا أَسْلَمَ مِنْ وَحْدَةٍ.
(2/1231).

تم بحمد الله وفضله وتأييده،،،

5/6/1439هـ
21/2/2018م
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أيمن الشعبان
  • من أقوال السلف
  • مقالات
  • ما صح وما لم يصح
  • فلسطينيات
  • تأملات قرآنية
  • المسلم في بلاد الغربة
  • رمضانيات
  • الصفحة الرئيسية