صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







وقفات مع أمنيات الموتى (1)

أحمد خالد العتيبي
@Ahmadarts9

 
بسم الله الرحمن الرحيم


إن لكل إنسان في هذه الحياة أمان كثيرة ومتعددة، فلو سألت إنسانا ما أمنيتك في هذه الحياة؟ فإن كان من وسط فقير، تمنى أن يعيش غنيا، وأن يملك العقارات والسيارات، ليعيش منعماً كما يتنعم غالب الناس.

ولو قابلت مريضا طرحه المرض على الفراش، فشل حركته، ومنعه حتى من لذة الطعام والمنام، وسألته عن أمنيته؟ لرأيته يتمنى أن يعافى من مرضه، ولو أن يفتدي بماله كله.


ولو سألت بعض الأغنياء عن أمنياتهم، لرأيتهم يتمنون مزيداً من الغنى، ليكونوا أغنى من فلان وعلان، وهكذا فالمقل لا يقنع، والمكثر لا يشبع، وأماني الدنيا لا تنتهي.


وصدق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  حيث قال في ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه: ( لو أن لابن آدم وادياً من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب). رواه البخاري ومسلم (1048)


أي لايزال ابن آدم حريصاً على الدنيا حتى يموت، ويمتلئ جوفه من تراب قبره، ومع هذه الأماني لهؤلاء الناس، فإن الجميع تراهم يسعون ويكدحون طوال حياتهم، لتحويل أحلامهم وأمنياتهم إلى واقع، وقد يوفقهم الله تعالى إلى تحقيقها متى بذلوا أسباب ذلك.


ولكن هناك فئة من الناس لا يمكنهم تحقيق أمنياتهم، فمن هم يا ترى؟ إنهم الأموات (رحم الله موتانا وجميع موتى المسلمين). فماذا يتمنى الأموات يا ترى؟ ومن يستطيع أن يُحدثنا عن أمنياتهم، وقد انقطع عنا خبرهم؟


لنتعرف على أمنيات أناس أصبح بصرهم حديدا، فعاينوا الجنة والنار، ورأوا ملائكة الله عز وجل، وأصبح الغيب لديهم شهادة، وعرفوا حقيقة الدنيا والآخرة، وأيقنوا وهم في برزخهم، أنهم سيبعثون ليوم عظيم، فهل يتمنون العودة إلى هذه الدنيا ليتمتعوا بالحياة. 


إن أمنية الكثير من الناس في هذه الحياة، لا تزيد على وظيفةٍ مرموقة، ومركبٍ هنيء، وبيتٍ واسع، وأملاكٍ وعقارات، وحضورٍ ولائم وحفلات.


أما الأموات، فماذا يريدون من دنيا رحلوا عنها،  وعرفوا حقيقتها، فلنقرأ ما ذكره لنا كتاب ربنا عز وجل وسنة نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ـ من أمنيات الموتى الصالحين:

1ـ أن المؤمن إذا مات وحمل على الأعناق، ونادى أن يقدموه ويسرعوا به إلى القبر ليلقى النعيم المقيم،
 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ ، فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ ؛ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ : قَدِّمُونِي قَدِّمُونِي ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ ، قَالَتْ : يَا وَيْلَهَا أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا ، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ ، وَلَوْ سَمِعَهَا الْإِنْسَانُ لَصَعِقَ ) رواه البخاري (1314.( اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة يا رب العالمين.

2ـ وإذا أدخل قبره وبشر بالجنة، ورأى منزلته فيها، فإنه لا يتمنى أن يعود إلى الدنيا، بل يتمنى أن تقوم الساعة، ليدخل في ذلك النعيم المقيم الذي ينتظره، لقد ذكر لنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن العبد المؤمن إذا أجاب عن أسئلة الملكين وهو في قبره،  (يُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي ، فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ . قَالَ : فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا ، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ ، قَالَ : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ ، فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ ؟ فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي ... ) الحديث رواه أحمد (17803) وأبو داود (4753) وصححه الألباني في "أحكام الجنائز" ( ص 156).
  

هذه أمنية الرجل الصالح وهو في قبره، أن تقوم الساعة، وأما الكافر أو المنافق فعلى الرغم من شدة العذاب الذي يلاقيه في قبره، فإنه يدعو: رب لا تقم الساعة، رب لا تقم الساعة، لأنه يعلم أن ما بعد القبر هو أشد من ذلك.


3ـ كما صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن المؤمن إذا بشر في قبره بالجنة، يتمنى أن يعود إلى أهله ليبشرهم بنجاته من النار وفوزه، قال
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إذا رأى المؤمن ما فسح له في قبره، فيقول: دعوني أبشر أهلي). وفي رواية ( فيقول : دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي). رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع (557).

كتاب: أمنيات الموتى – محمد بن إبراهيم النعيم (رحمه الله تعالى).

ـ
اللَّهُمَّ إنِّا نسْأَلُكَ الجَنَّةَ ومَا قَرَّبَ إلَيْهَا مِنْ قَولٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إلَيْهَا مِنْ قَولٍ أَوْ عَمَلٍ .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أحمد خالد العتيبي
  • قصص دعوية
  • مقالات
  • الصفحة الرئيسية