بسم الله الرحمن الرحيم

المسلمون في أوربا ومسئوليتنا عنهم (3)


تقديس الأوروبيين للعقل وآثاره.

ويغلب على الأوربيين-بما ورثوه من الفكر اليوناني-تقديس العقل وجعله الحكم في كل شيء، فما أقره العقل عندهم أثبتوه، وما لم يقره فالأصل فيه الشك، ولكن العقل الأوربي، قد ربي على عدم الإيمان بالغيب أو البحث فيه.
كما يغلب عليهم-بما ورثوه من الفكر الروماني-الاهتمام بالملذات المحسوسة والمتاع العاجل.
وينصب اهتمام الفرد الأوربي على مصالحه الخاصة، ولا يفكر غالبا فيمن سواه، إلا فيما يعود عليه هو بالفائدة، أو ما يلزمه به القانون، ولهذا سيطرت عليهم الأنانية الفردية التي أصبحت لها آثار مدمرة في حياتهم، أفرادا وأسرا ومجتمعات، يشكو منها الفرد والأسرة والمجتمع في كل المجالات: السلوكية والسياسية والاجتماعية والعسكرية وغيرها.
ومن هنا تفككت الأسرة والمجتمع في الغرب تفككا رهيبا، كما أَثْبَتُّ ذلك في محاوراتي لمن قابلتهم من أهل الغرب أنفسهم مسلمين وغير مسلمين، على مستويات مختلفة، رجالا ونساء.
فهم الأوربيين للإسلام.
غالب الذين اجتمعت بهم من المسلمين الأوربيين وغير المسلمين منهم، وسألتهم: متى سمعوا عن الإسلام، وما الذي سمعوه عنه؟ كانوا يجيبون بأنهم سمعوا عنه عندما كانوا في المدرسة الثانوية، في مادة تاريخ الأديان، وعامتهم لم يسمعوا عن الإسلام إلا ذَمَّهُ والقدحَ فيه وتشويهه في الأذهان، وبعضهم يذكر أنه لم يسمع عن الإسلام شيئا إلا في الفترة الأخيرة، إما بمناسبة حرب البترول، وإما بمناسبة الحرب العراقية الإيرانية، وإما بغير ذلك مما يحمل تشويه الإسلام والتنفير منه.
وهناك فئتان يغلب على أفرادهما فهم الإسلام فهما جيدا يقيم عليهم الحجة، وهما فئة المستشرقين، وبعض فئات المنصرين من القسس المهتمين بمقارنة الأديان والدعوة إلى تقارب أهلها، وبخاصة النصارى والمسلمين، وقد يكون لدى بعض أفراد الفئتين رغبة في أن يكونوا-كما يقولون-موضوعيين محايدين في المقارنة، ولكنهم لا يفهمون الإسلام فهما جيدا، وبخاصة الذين لا يرجعون إلا كتب المستشرقين الذين سبقوهم، لعدم إجادتهم اللغة العربية.
ويُعتَبر المستشرقون مرجع المستفتين الأوربيين، من الساسة والقانونيين والمحامين والمدعين العامين، فيما يتعلق بشؤون المسلمين القانونية والدينية والاجتماعية، كالحجاب والزواج والدفن...
ويوجد أفراد منهم تدل تصرفاتهم ومواقفهم من المسلمين ومن المعاني الإسلامية، أنهم مقتنعون بأن الإسلام حق، وقد يكون بعضهم مؤمنا يكتم إيمانه خوفا على مركزه الاجتماعي، ومن ضغط المجتمع النافر من الإسلام، أو تأولا بأنه بكتمان إيمانه ينفع المسلمين بالدفاع عنهم..

تابـــــع

كتبه
د . عبد الله قادري الأهدل