بسم الله الرحمن الرحيم

تحالف ظالم، وتخاذل آثم! (1)


لا غرابة في أن تجتمع دول الكفر الصليبي واليهودي، والوثني بقواتها البرية والبحرية والجوية، وما ملكت من أدوات إبادة، لتدمير شعب فقير محطم مسلم، وهو أفغانستان، فطغاة الكفر لم يهدأ لهم بال من قديم الزمان، وهم يرون في الأرض مجاورة الإسلام لهم على كوكب الأرض، فقد أقسم قائد الكفر الأول"إبليس لعنه الله": ((قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم(16)ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين(17) [الأعراف]
وهكذا استمر أعداء الإسلام يصدون عن سبيل الله، ويحاربون دعاة الإسلام من عهد نوح عليه السلام، إلى أن بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يزالون على مكانتهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ولا يرضى أعداء الإسلام بإقامة دين الله في الأرض، ولو هادنهم دعاة الحق، واقرأ طلب نبي الله شعيب من طغاة الكفر أن يدعوه هو ومن آمن به، يقومون بعبادة ربهم، حتى يحكم الله بينهم، وما أجابوه به من الرفض والتهديد:
((وإن كان طائفة منكم ءامنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين(87) قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين ءامنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين(88)قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين(89)) [الأعراف]
فعلة محاربة طغاة الكفر في كل زمان، هي تمسك أهل دين الله بدينهم وعدم اتباع ملة أهل الكفر، كما قال تعالى: ((ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصي)) [البقرة: 120]
وقال تعالى: ((ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)) [البقرة: 217]
أقول: لا غرابة في أن تجتمع دول الكفر الصليبي واليهودي، والوثني بقواتها البرية والبحرية والجوية، وما ملكت من وسائل إبادة، لتدمير شعب فقير محطم مسلم، وهو أفغانستان.
وإنما الغرابة أن يتحالف مع طغاة الكفر من يدعون الإسلام، فيوالون أهل الكفر ويناصرونهم على إخوانهم في الدين، كما هو حال غالب حكومات الشعوب الإسلامية التي أعلنت تحالفها مع دولة الظلم والعدوان، التي أعلن زعيمها "بوش" الحرب الصليبية على المسلمين، الذي اغتر بقوته مقتديا بغرور صنوه "فرعون" الذي تجاوز حد المخلوقين إلى ادعاء الربوبية: ((فقال أنا ربكم الأعلى)) [النازعات: 24]
ولسان حال "بوش" وحال أشياعه يقول كما قالت عاد قوم هود: ((فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون)) [فصلت: 15]
والذي جمع بين طغاة الصليب، ومدعي الإسلام في هذا الحلف الظالم، هو محاربة الإرهاب –كما يدعون- فما نصيب هذه الدعوى من الصحة؟
الإرهاب الذي يدعيه الحليفان غير محدد المعنى.
وهو في اللغة العربية: التخويف والترويع.
وفي الاصطلاح الإسلامي ينقسم قسمين:
قسم مشروع مأمور به، وهو أن تعد الدولة الإسلامية القوة التي ترهب بها أعداءها، لتحقق به أمرين:
الأمر الأول: ردع العدو من الاعتداء على بلدان المسلمين.
الأمر الثاني: فتح الطريق أمام الدعوة الإسلامية، لتصل إلى الناس، وتقوم عليهم الحجة بالبلاغ المبين.
وقد دل على هذا القسم قول الله جل وعلا: ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وءاخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون)) [الأنفال: 60]
والأمة الحريصة على أنها وسلامتها، من عدوان أعدائها، لا بد أن تعد القوة التي ترهبهم بها، وهذا أمر لا تختلف فيه الأمم، ولهذا نجد السباق الشديد بين الدول في إعداد القوة التي يرهبون بها أعداءهم، سواء سموا ذلك إرهابا أو ردعا، أو سلاما، والعدو الذي لا ترهبه لا بد أن يرهبك.
وهل يليق بالأمة الإسلامية أن تخضع لإرهاب أعدائها، وهي الأمة الوحيدة التي تملك الحق الإلهي، وهي وحدها التي تستحق أن تكون لها القيادة في العالم، لا لكبرياء وعدوان، وإنما لتخرج الناس من الظلمات إلى النور، ولتنشر العدل في الأرض، وتطارد الظلم عن المظلومين فيها
ألست ترى حكومات الشعوب الإسلامية، قد ارتعدت فرائصها من دويلة أجنبية غرسها الصليبيون في قلب الأرض الإسلامية، وفي أشرف البقاع بعد الحرمين الشريفين، لا يزيد عددهم على أربعة ملايين، وعدد العرب وحدهم يقارب 300 مليون..؟
وسبب ذلك إنما هو إعداد العدو اليهودي القوة التي أرهب بها تلك الحكومات.
افتح الرابط الآتي لمعرفة القسم المشروع من الإرهاب.
http://www.jlsaat.net/jlsaat/showth...&threadid=16212

القسم الثاني: إرهاب غير مشروع، وهو: الاعتداء على غير المقاتلين، أفرادا كانوا أوجماعات، أو دولا بينها وبين المسلمين عهد لم تنقضه.
قال تعال: ((وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)) [البقرة: 190]والآيات والنصوص كثيرة في هذا القسم.
افتح الرابط الآتي: http://www.eslah.org/ubb/Forum2/HTML/000122.html
هذا هو معنى الإرهاب في الإسلام وهذان قسماه: المشروع منه وغير المشروع.

والحقيقة أن حكومة أمريكا الصليبية، تريد بالإرهاب-فيما ظهر من قرائن مواقفها-خمسة أمور:

الأمر الأول: أن تملك أي دولة مسلمة سلاحا يمكنها من الدفاع عن نفسها، إذا اعتدت عليها أمريكا، أو قاعدتها المحتلة "دولة اليهود" كالقنبلة النووية وأسلحة الدمار الشامل التي تريد أن تحتكرها لنفسها، حتى ترهب به العالم كله وتهيمن عليه.
وقد تبين ذلك من ضرب اليهود الأجانب في المنطقة، المفاعل النووي العراقي.
كما تبين من استدراج أمريكا النظام العراقي سنة 1990م لاحتلال العراق، من أجل القضاء على ما يملك من قوة عسكرية، كان اليهود يرهبونها أشد الرهبة، وقد فعلوا، ولا زالوا.
ويتبين ذلك من تهديدات أمريكا واليهود لدولة باكستان التي ملكت السلاح النووي، وهما يهددان إيران خشية من أن تملك هذا السلاح، وتريد أمريكا أن تبقى الدول العربيو وحكومات الشعوب الإسلامية الأخرى خاضعة لها وللدولة اليهودية.

الأمر الثاني: ظهور شعبية لجماعة إسلامية أو حزب إسلامي، تتيح له تولي زمام الأمر في بلده، عن طريق الانتخابات التي تسميها أمريكا: "الديمقراطية" وتدعي حمايتها في العالم، ففوز أي حزب إسلامي في الانتخابات يعتبر إرهابا عند أمريكا.
يظهر ذلك في المسألة الجزائرية التي فازت فيها جبهة الإنقاذ فوزا ساحقا، فتعاونت دول الكفر من أمريكا وأوربا، مع العسكر في الجزائر، والقصة وآثارها معروفة.
ويظهر كذلك في تأييد أمريكا للدولة العسكرية في تركيا ضد الحزب الإسلامي الذي تعرض للأذى والحل بسبب فوزه الذي أوصل زعيمه "أربكان" يصل إلى تكوين حكومة ولو ترك وشأنه لأصبحت تركيا –كسالف عهدها-دولة إسلامية.

الأمر الثالث: أن تتجه أي دولة في البلدان الإسلامية، إلى الحكم بالشريعة الإسلامية، كالحال في السودان، التي أعلنت أنها تريد تطبيق الشريعة على المسلمين، فحاربتها أمريكا حربا شعواء بسبب ذلك، وأعلنت الإدارة الأمريكية ذلك مرارا.

الأمر الرابع: أن يقوم شعب أو حزب أو جماعة بالجهاد في سبيل الله، ضد عدو اغتصب بلده، وانتهك حرماته، ودنس مقدساته، وأخرج أهله من ديارهم، وهدم منازلهم، وافسد مزارعهم، وقتل وسفك دماءهم، كمنظمتي "حماس" و "الجهاد" في فلسطين، و "المجاهدون" في كشمير، و "جبهة مورو الإسلامية" في الفيليبين...
وقد جمعت أمريكا قبل سنتين تقريبا زعماء العالم، ومنهم زعماء الدول العربية، وزعيم الشرطة الفلسطينية، في شرم الشيخ، لمحاربة الإرهابيين في فلسطين، والمقصود منهم منظمتا حماس والجهاد... افتح الرابط الآتي: http://64.29.210.216/completesearch...agazineID=14334

الأمر الخامس: أن تتمكن أي جماعة إسلامية في أي بلد إسلامي من نشر مبادئ الإسلام بين أبناء شعبها، عن طريق مدارس ومعاهد إسلامية، وبمناهج وكتب إسلامية، كالحال في اليمن التي بلغت المعاهد العلمية فيها ما يقارب ألف معهد، وكذلك المدارس الإسلامية في الأردن، فقد تكرر الضغط الأمريكي على الدولتين، وقد استجابت الحكومة اليمنية للضغط، فقررت إلغاء تلك المعاهد، مع إلحاح عامة الشعب –وبخاصةالطلاب وأولياء أمرهم- على الإبقاء عليها. افتح الرابط الآتي
http://www.yemeniislahparty.com/bai...ia19-5-2001.htm
وكذلك أصدرت الحكومة الأردنية قانونا للسيطرة على المدارس الإسلامية، وهو شرط من شروط التطبيع مع اليهود. افتح الرابط الآتي:
http://www.islam-online.net/Arabic/...Article34.shtml
هذه هي مظاهر الإرهاب عند الولايات المتحدة الأمريكية، والدولة اليهودية الصهيونية، وهي التي ستسوق أمريكا حلفاءها من حكومات الشعوب الإسلامية التي وافقت على محاربة الإرهاب، إلى محاربتها.
نعم نحن نسمع تصريحات –على خجل-من بعض حكومات الشعوب الإسلامية، تدعو إلى تعريف الإرهاب، بحيث تستثنى منه حركات التحرير التي تدافع عن العدوان على أرضها، كالشعب الفلسطيني، ولكن تلك التصريحات، لا أظن أنها ستصمد أمام الأوامر والتهديدات الأمريكية، وبخاصة إذا تلقت الشرطة الفلسطينية طعما من اليهود، بإقامة حكم ذاتي، يسمى "دولة فلسطينية" فإن الشرطة الفلسطينية، ستؤم الدول العربية إلى القبلة الصليبية "واشنطن" في التضييق على المجاهدين الذين يجاهدون في فلسطين لنيل حريتهم من الهيمنة اليهودية، ومعاملتهم معاملة الإرهابيين.
وهاهي الشرطة الفلسطينية قد قتلت ثلاثة من أبناء شعبها قبل يومين أو ثلاثة، وجرحت ستين منهم، عندما قاموا بمظاهرات سلمية، استجابة لتصريح أمريكي صحفي، أن أمريكا ترغب في إقامة دولة فلسطينية!!!
إن تحالف حكومات الشعوب الإسلامية مع الدولة الأمريكية الصليبية باسم محاربة الإرهاب، للاعتداء على الشعب الأفغاني المسلم، هو من موالاة أعداء الله الكافرين ونصرهم على أولياء الله المسلمين، وهو أمر محرم، لا يرضاه الله ولا رسوله ولا المؤمنون.
والحقيقة أن غالب حكومات الشعوب الإسلامية، إنما تستجيب للتحالف مع أمريكا، لأمرين:
الأمر الأول: الرعب الشديد الذي أنزلته أمريكا في قلوبهم، وخوفهم من بطشها وهز عروشهم من تحتهم، وهو أمر مألوف عند من يخاف الناس أشد من خوف الله، ويعتمد على الناس أكثر من اعتماده على الله، وقد قال تعالى في أمثال هؤلاء: ((ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين)) [المائدة: 51-52]
الأمر الثاني: أن ذلك قد وافق هوى في نفوسهم، فهم قد ضاقوا ذرعا بالصحوة الإسلامية التي عمت الأرض، وأصبح المسلمون بسبب ذلك يتوقون إلى أن يستظلوا في ظل حكم الإسلام الذي حرمهم منه المغتصبون لبلادهم من الصليبيين في القرن الماضي، وحاربوا تطبيقه في حياتهم بكل وسيلة: إعلامية وتعليمية وتشريعية وقانونية، وعسكرية، ثم نصبوا على كراسي حكمهم تلامذتهم من أبناء تلك الشعوب الذين أخلصوا لتطبيق أهداف أساتذتهم أشد منهم، وهم يرون أن نمو الصحوة الإسلامية وتأثيرها في الشعوب الإسلامية، سيقضي على زعاماتهم التي لم يعد لهم مؤهلات تمكنهم من البقاء فيها.
ولهذا تراهم يهرولون إلى التحالف مع الصليبي الظالم، كما قال الله تعالى: ((فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة)) ولا يدرون كما لم يكن يدري إخوانهم من قبلهم أن العاقبة لأولياء الله المؤمنين، وأن عاقبة تولي الكافرين هي الندم: ((فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين))
الخلاصة أن تحالف المسلمين مع الكافرين للعدوان على الشعب الأفغاني المسلم، تحالف محرم شرعا لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتعاطاه، وأن متعاطيه يعتبر مواليا للكافرين، معاديا للمؤمنين، والله تعالى يقول: ((ومن يتولهم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين))
وللحديث صلة.

كتبه
د . عبد الله قادري الأهدل