بسم الله الرحمن الرحيم

بندان فقط يا مؤتمر القمة في الجزائر


تعددت مؤتمراتكم، وكثرت بنود اجتماعاتكم، وامتلأت الخزائن ببياناتكم، وقلت وكادت أن تفقد فيها ثقة شعوبكم، لعدم تنفيذ كثير من تلك البيانات، ولتصاعد الخلاف والنزاع بينكم، وانفراد بعضكم عن بعض باتخاذ قرارات مصيرية برغم عدم رضا أمتكم [ وما تطبيع العلاقات مع اليهود منكم ببعيد] وحدث ولا حرج في كثير من العلاقات الانفرادية التي أضعفتكم مع كثرتكم، ومكنت عدوكم من اليهود من إرعابكم، وسيطرته على كل دولة على حدة من دولكم، ويأبى هذا العدو أن يفاوضكم مجتمعين، و يصر على ما أعلنه في الستينات من التفاوض خطوة خُطوة مع بعضكم، وقد نجح في تحقيق قراره علنا مع بعضكم، وخفاء مع عضكم، وما عادت الأمور خافية على من يراقب خطواته وخطوتكم.
وهاأنتم اليوم تشكون من تآمر بعضكم على بعض، ولا توجد دولة في الإقليم الشرقي ولا الغربي مصطلحة حقيقة مع جارتها، وإن ظهرت البيانات التقليدية ثنائية أو جماعية تشير إلى انسجامكم.

لذلك نقترح عليكم، عن بعد لأنا لا نستطيع نصل إليكم ونصارحكم: أن تقتصروا في هذا الاجتماع أو في اجتماع آخر على بندين من بنودكم:

البند الأول: تحقيق الأخوة الصادقة فيما بينكم وبين عقلاء شعوبكم، وتآلفكم أيها الزعماء واجتماع كلمتكم، والاعتصام بحبل الله الذي جمع كلمة من سبقكم من أسلافكم، وقد تنافروا وتناحروا أكثر منكم، وامتن الله عليهم بما يجب أن تتسابقوا إلى الفوز به لتنجو إلى حال أحسن من حالكم:

((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )) آل عمران (103)]

وإذا ما رزقكم الله تحقيق هذا البند، فستحققون به ما تتوقون إلى تحقيقه من أهدافكم، في كل المجالات التي تهمكم: اقتصادية وسياسية ومالية وتعليمية وإعلامية، وعسكرية، وستجدون بإذن الله ما استعصى عليكم طوع بنانكم، لأن الثقة ستتوثق بينكم، والتعاون على ما ينفعكم جميعا سيظللكم.

البند الثاني: مد أيديكم لإخوانكم في الشعوب الإسلامية، والتعاون مع زعماء تلك الشعوب،لتقفوا موقفا واحدا من المخاطر التي تتهددكم وتتهدد دينكم و شعوبكم ومقدساتكم، فالحملة الصليبية اليهودية المعاصرة لا تختلف عن الحملات الظالمة التي سبقتها، ولم يتخلص منها أسلافكم إلا بتعاونهم وتكاتفهم وقوة إرادتهم وتوكلهم على خالقهم.

إن اليهود - وقد حلوا في قلب أمتكم – ودنسوا أرضكم ومساجدكم، وفي طليعتها قبلتكم الأولى ومسرى نبيكم، ما حلوا هنا إلا لتمزيقكم والتربص بكم، والتحريش الماكر بينكم، كما هي طبيعتهم في كل بلد حلوا وبين أي قوم سكنوا.

وسوف لا يستقر لكم قرار، ولا يهدأ لكم بال، ولا يجتمع لكم شمل ما بقي هذا السرطان القاتل محتلا لقلب أرض الأنبياء، إنه جذام أجنبي مميت، ووباء مُعْدٍ لا يحتمل، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (فر من المجذوم فرارك من الأسد) ومحاربة الأوبئة لازمة.

وإن التنازل عن الحق الصغير، يتبعه التنازل عن الحق الكبير، وقد تنوزل له عما لم يكن يحلم به في المنام، وهو اليوم يحقق أهدافه العظام.

وإن قلوبهم لتمتلئ عليكم وعلى أمتكم حقدا، وهم يعدون العدة لتبريد حقدهم هذا بالعدوان عليكم، وإن أظهروا لكم مكرا وخداعا خلاف ذلك، وصد الله القائل:

(( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)) [المائدة (((82)]

وإن هؤلاء اليهود هم وراء الحملة الأمريكية الظالمة فأنقذوا أنفسكم وشعوبكم من التنازلات الخطيرة التي يتبع بعضها بعضا، وأصبح بعضكم يسوق بعضا للتطبيع مع هذا العدو الماكر، مع نسيان حقوق إخوانكم في الأرض المباركة الذين يذوقون منهم سوء العذاب من قتل وسجن واعتقال، وتشريد، وهدم بيوت وإفساد زروع، فما معنى تطبيع مع عدو يتعاطى كل ذلك وغيره، والله تعالى يقول:

((إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ)) [الممتحنة (9)]

كتبه
د . عبد الله قادري الأهدل

الصفحة الرئيسة    |    صفحة الشيخ