بسم الله الرحمن الرحيم

ما خفي من قضية المرأة ..؟!!
أرسل الموضوع إلى صديق


قضية المرأة!!.

تلك القضية التي صيّرت قضية!!...

ونسج حولها كثير من الأوهام والتخرصات، وطوي فيها كثير من الحقائق، وانساق وراءها أكثر الناس، فعاشوا هاجس المرأة، ومشاكل المرأة، وحقوق المرأة.. ؟؟!.

فقل أن تجد من يسأل بروية وحكمة: هل حقا نعاني مشكلة المرأة؟، وهل المرأة تجد نفسها مظلومة مضطهدة؟.. هل هذه الضجة لها أساس من الصحة، أم ماذا؟.


وسائل الإعلام المسؤول الأول عن إثارة قضية المرأة، وخلق ضجة حولها!!.

وعندما تكون هذه الوسائل برمتها أو جلها بيد فئة ذات اتجاه معين متحد، فبإمكان هذه الوسائل أن تحدث ضجة حول قضية تريد لها أن تطفو على السطح، لتخلق منها مشكلة تستدعي حلا، ولو كان الأمر لا يستحق كل ذلك، ولو لم تكن في الحقيقة ثمة مشكلة!!..

فتشغل الرأي العام بالقضية المقصودة، ويكثر الكلام حولها، وتتعدد الآراء حولها، وتكون الغلبة في النهاية للرأي الذي تتبناه هذه الوسائل، لأن صوتها هو المسموع، وهو الأصخب، والأكثر طرقا وإثارة، إلا في حال تنبه الناس لهذه اللعبة!!.

هذا هو السر الخطير في وسائل الإعلام، إنها السلطة الخفية، التي تعيد صياغة آراء الناس وتوجهاتهم وقناعاتهم، لتجعل منهم ببغاوات تردد ما يختار لها، وتلقن من الأنباء والآراء ما يراد لها، وأخطر ما يكون إذا اجتمعت واتفقت على هدف متحد.

ونظرة عابرة على هذه الوسائل المرئية والمسموعة والمكتوبة: صحفا، ومجلات، وروايات، وقصصا، وإذاعات، وقنوات فضائية. تبين للمرء اتفاقها جميعا على قضية واحدة، ولو اختلفت في غيرها، هي: قضية تحرير المرأة، وخلق جيل من النساء لا حواجز بينه وبين الرجال.!!.

فقد أجمع أصحاب هذه الوسيلة الخطيرة على قلب وجه المجتمع المسلم بإحداث هزة عنيفة، تزيح كل الحواجز التي تفرق بين الجنسين الذكر والأنثى، ولكي تنجح الخطة فلا بد من طعم، يُصطاد به عقول وقلوب الغافلين والذين جعلوا الإعلام مصدر علومهم وأفكارهم، وهم عامة الناس وأكثرهم.

ذلك الطعم شيء حقيقي غير مزيف، لكنه صغير، صغير جدا، وهذا ما لم يفطن إليه كثير من الناس، فهم ضحايا الطعم، ولولاه ما خدعوا، لكنهم خدعوا، ونجح الخداعون؟!!.


أول ما يطرحه القاصدون تحرير المرأة من القيود الشرعية: أن المرأة مظلومة.

والمطلوب: العدل والمساواة، بإعطاء المرأة حقوقها.. وهذا شعار جميل، فالكل يحب العدل، فهذا الشعار لترويج القضية، وكسب تعاطف الناس، لكن العقلاء يتساءلون: لا بد من دليل يثبت ظلم المرأة.

الدليل جاهز، ولا مشكلة في إيجاده، فالأمثلة على ظلم المرأة كثيرة:

- فهذا الأب عضل بناته..

- وآخر استولى على أموالهن..

- وثالث يزوج صغيرة من شيخ هرم..

- وزوج يهين زوجته ويضربها..

- وامرأة ضاعت حقوقها لأنها لا تملك هوية، وأولياؤها يرفضون عونها..

... وهكذا.

هذه الحوادث المتعلقة بالمرأة تعلن وتبرز، وتصاغ في صورة مشكلة اجتماعية متجذرة، سببها تسلط الرجل المطلق على المرأة، وإهانة المرأة جراء ذلك.!!.

هكذا يطرحون القضية، وهكذا يوجهونها، فكيف لنا أن نبين الحقيقة، ونفضح المتسترين خلفها؟.


إن نقض دعاوى هؤلاء من أيسر ما يكون، بشرط أن تكون العقول هي الفاعلة في النفوس، فلا تغطى عليها الكلمات المزخرفة، بل الدليل والبرهان:

- إن ما ذكروه من أمثلة موجودة، وهي من ظلم المرأة، لكن صياغاتها في صورة المشكلة المتجذرة الغالبة الراسخة في المجتمع، وهو ما تتكفل بها وسائل الإعلام، ولو كان خلاف الحقيقة: هو محل النزاع والنقد.

فهذه الأمثلة هي الطعم، والتي يبتلعها كثير من الناس، وينساقون وراء هذه التضليلات، فيظنون أن لدينا مشكلة اسمها: المرأة، وحقوقها.

معتمدين على صدق الأمثلة، فيعطون أصواتهم للمنادين بتحرير المرأة، دون أن يدركوا أن الحكم على الشيء بأنه مشكلة وظاهرة لا يكون إلا بعد ثبوت شيوعه وكثرته.. لا بالاعتماد على مجرد أمثلة؟!!..

فوجود أمثلة على الظلم هنا وهناك ليس دليلا على أنها ظاهرة، فمثل هذا النوع من التجاوزات موجودة في كل زمان ومكان، حتى إنه وجد في أحسن الأزمان وأفضل البقاع، في عهد النبوة، فقد أتت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها إلى الله تعالى، فهذه الأفضلية لم تمنع من وجود هذه الشكوى من الظلم، فوجود الظلم بحد ذاته لا يثبت وجود مشكلة ظاهرة، فالخير والشر موجودان، إنما القضية تكون مشكلة إذا ثبت شيوعها وكثرتها، فأين الدليل؟.

فالمسألة ليست كما يصوره هؤلاء، فإن ظلم المرأة وفق الأمثلة السابقة ليست مشكلة اجتماعية سائدة وغالبة.. كلا، ومن زعم أنها كذلك فليأت بالدليل..

وفي الدليل لابد من إجراء استبيان لشريحة كبيرة مختلفة من النساء، للتحقق من هذه الدعوى التي أطلقت جزافا.

- بل للمعارض أن يقول بعكس ذلك، أن يقول: إن المرأة عندنا مكرمة، معززة، تنال حقوقها وزيادة، ولاترجو شيئا أحسن مما هي عليه، بل هي ترفض أن يتكلم أحد على لسانها مطالبا باختلاطها وتحريرها.

ويأتي بالأمثلة الكثيرة على ذلك، ولو فعل لكان محقا، فقد أجري استبيان على عينة من طالبات الجامعة بلغت سبعا وسبعين، بالإضافة إلى بعض طالبات المرحلة الثانوية والمتوسطة، وبعض المتزوجات، حول: القوامة، وعمل المرأة، والحجاب، والاختلاط. فكانت الإجابات، كما وقفت عليها، ما يلي:

1- ثلاث فتيات فقط، من عدد سبع وسبعين، هن المعترضات على قوامة الرجل على المرأة.

2- تسع فتيات، من عدد سبع وسبعين، هن المطالبات بعمل المرأة، واستقلاليتها المالية.

3- سبع وخمسون أعلن رفضهن الصريح لنزع الحجاب والاختلاط، وعشرون لم يصوتن بشيء، اكتفاء بما قلنه في كلمات عبرت عن رفضهن أن يكون الحجاب سبب ظلم المرأة، وأظهرت نفورهن من مجتمعات التبرج والسفور والاختلاط، وفي العموم لم يطالب أحد بالاختلاط، ولم يعترض أحد على الحجاب، إلا واحدة اشترطت ألا تكون المرأة مغصوبة على لبس الحجاب.

فهذه حقيقة هذا المجتمع، والمنادون يعلمون ذلك، لكنهم يبتغون التغيير، بإرادة المجتمع إن تيسير، وإلا فبالحيلة، وإن لم يمكن فبالقوة والإرهاب. والمشكلة هنا كما ذكرنا: أنهم يذكرون أمثلة على ظلم المرأة، هي صحيحة في نفسها، لكن ليست القضية في هذه، إنما القضية في إثبات أنها مشكلة وظاهرة اجتماعية شائعة ومنتشرة.

هذا هو موضع النزاع!!. فمن أين لهم أنها ظاهرة؟، وأين دليلهم؟!!.


- ثم أمر آخر: لم الانحياز الكامل مع المرأة، والنظر في حقوقها دون النظر في حقوق الرجل؟.

هل نعلم أن كثيرا من الرجال قد سلبوا حقوقهم كرجال من قبل نسائهم؟.

فكم سمعنا رجلا يشتكي عجزه أمام زوجته، وضعفه عن إيقافها عند حدها..

وكم سمعنا رجالا يعطون ما يملكون لزوجاتهم صاغرين، ثم ينتظرون حسناتهن..

وكم من الأزواج يخافون من غضب وتمرد زوجاتهم، فيتزوجون خفية، دون إعلان..

وكم من نساء يضربن أزواجهن، عدى السب والشتم، فهذا كثير، ولا يملك الرجل إلا الصبر.

وكم رجال هم بين يدي زوجاتهم كالعبيد والخدم، لا يقدرون على رفض طلباتهن!!.

هل يستطيع أحد أن ينكر وجود هذه المشكلة؟.

وهاهم الشباب بأعداد كبيرة يهيمون على وجوههم لا يجدون عملا، في الوقت تفتح فيه المجالات لتوظيف الفتاة، وينادى بتوسيع نطاق عمل المرأة..

وربما لو أجرينا استبيانا لوجدنا أن ظلم الرجل لا يقل عن ظلم المرأة.. فما ينال المرأة ينال الرجل .. فلم التركيز على قضية المرأة؟.

كيف لنا أن نصدق دعوى أن المرأة عندنا مظلومة، وهذه أعدادهن الهائلة في الشوارع، والمدن، والمتنزهات، وخارج البلاد، يسرحن ويمرحن، حتى خالفن أمر الله؟.. وهل هذا إلا بسبب الحرية الزائدة المعطاة لهن؟.

كيف لنا أن نصدق أنها مظلومة، ونسبة البنات المتعلمات توازي على نسبة البنين؟.

كيف لنا أن نصدق ذلك، وهن يعلمن بمئات الألوف في وظائف شتى، حتى الاختلاط المحرم لم يمنعن منه؟. هل كل هذا لها، وغيره مما لم أذكره، ومع ذلك كله هي مظلومة؟. فما هو هذا الظلم المزعوم إذن؟.

أما الأمثلة السابقة فقد بينا بطلان دلالتها على هذه الدعوى، وتلك الأمثلة ما هي إلا طعم يصطاد به، فلا يروج باطل إلا إذا ألبس لباس الحق، وهكذا فعلوا..!!. إذن ما هو حقيقة أمرهم؟ .


حقيقة دعوتهم هو محو وإلغاء أحكام الله في المرأة، يظهر ذلك من أمثلة أخرى، يسوقونها للتدليل على ظلم المرأة في هذا المجتمع، فمن صور انتهاك حقوق المرأة في زعمهم: أن تكون المرأة تحت قوامة الرجل، وأن تمنع من السفر إلا بمحرم، وأن لا تخرج إلا بإذن وليها، وأن لا تملك ما يحقق استقلاليتها في كل شيء.

هذه الأمور التي يذكرونها وينكرونها إنما هي أحكام الله في عباده:

فالقوامة حكم الله: { الرجال قوامون على النساء، بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}..

والذي منع من سفر المرأة بمحرم هو النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إنه منع رجلا من الجهاد، وأمره باللحاق بزوجته التي خرجت إلى الحج، ومنعها من الخروج إلا بإذن الولي، فهي أحكام شرعية ثابتة، فالمعترض عليها هو معترض على الإسلام..؟!.

فهذه الأمثلة تكشف حقيقة نوايا هؤلاء، وحقيقة دعوتهم، إنهم يريدون تعطيل أحكام الله تعالى في المرأة..

وكما رأينا يوردون أمثلة في نفسها صحيحة للترويج لمسألة حقوق المرأة، ثم يعلنون رفضهم لمسألة القوامة، وإذا ما قيل لهم: إن هذا حكم شرعي.

قالوا: الإسلام ليس حكرا على أحد، لنا الحق أن نفهم النص الشرعي بفهمنا الخاص، وليس لكم الحق أن تلزمونا بفهمكم؟؟!!.

والحق أنه ليس فهمنا، بل فهم من أمر الله تعالى ورسوله باتباعهم، وجعل ذلك علامة على اتباع الحق، وهم السلف، فلا يسع أحد أن يفسر النص الشرعي بما يناقض تفسيرهم، وفي تفسيرهم لن يجد هؤلاء ما يثبت دعاويهم في قضية المرأة: في حجابها، وفي إزالة الحواجز بين الجنسين، وفي رفع القوامة.


إذا أخذنا بالعموم والسائد، فالمرأة ليست مظلومة، كلا، بل هي مكرمة معززة، تخدم في كل شيء، وهذا الحكم للأعم الأغلب، ولها منزلة في هذا المجتمع ليست للرجل:

انظر كيف يعامل الرجال المرأة إذا جاءت تشتري شيئا، الكل يقدمها لتأخذ ما تريد أولاً.

وإذا جاءت امرأة لتجلس قام الرجال لها، فجلست مكانهم، ورضوا بالوقوف.

وإذا استغاثت هب الناس لعونها، وتخليصها.

مثل هذا لا يحدث في المجتمعات المتحررة، بل تعامل معاملة أدنى من الرجل، وهذا أمر أشهر من أن يذكر، فقد تواترت الأخبار، وعاينها كثير من الناس: أن النساء في البلدان المتحررة يعانين مشاكل كثيرة، جراء احتكاكهن بالرجال، وافتقادهن لخصوصية الانعزال والبعد عن الرجال؟..

وهل كان يتوقع غير هذا؟.

ونظرة عابرة على ما تتعرض له امرأة تلبس عباءة مخصرة مزينة، قد أبدت عينيها وجبهتها، من تحرشات كثير من مرضى القلوب، تبين لنا مآل ما يدعو إليه هؤلاء من تحرير المرأة، فإذا كان هذا حالها وهي لم تخلع حجابها بعد، لما أنس الرجال منها الزينة والتبرج افتتنوا بها، فتطلعت نفوسهم إلى العدوان، فكيف إذن إذا صارت بلا حجاب، وفي أتم زينة، تخرج وتلج، وتقود السيارة، كما نشاهد في بلدان كثيرة؟.

وإذا كانت المرأة تتعرض لهذه المضايقات، بسبب غياب محرمها عنها لساعات، فكيف إذا غاب بالكلية، فلم يعد له ولاية عليها، وصارت مستقلة بالكلية، ليس لها محرم؟.

فهؤلاء المدعون تحرير المرأة من الظلم، هم المتسببون في إهانتها وظلمها، وحرمانها مما تميزت به.

ودعوى أن هذه المشاكل التي تتعرض لها المرأة بسبب اختلاطها بالرجال وتبرجها مرده أن المجتمع لم يعتد هذا الأمر، وأن التعود كفيل بالقضاء على السلبيات. دعوى قديمة، تكرر دائما، يكررها هؤلاء وكأن الناس لا يفهمون، ولا يقرؤون، ولا يسمعون، فهذه الدول التي اعتادت على التحرر منذ عقود وقرون، هي إلى اليوم تعاني من تزايد نسب التحرش والاغتصاب، فأين هم من التعود؟!!. لم لم يهذب غرائزهم؟!!.

لن يعز المرأة ويكرمها ويرفع الظلم عنها إلا التزامها بحجابها وبعدها عن الرجال، وخضوعها لقوامة محرمها..

أما غير المحارم فهم طامعون فيها ظالمون، وأمثلهم طريقة من يجاهد نفسه ألا يفتتن بها، هذه هي حال الغريزة الجنسية، ومن زعم أنه ليس كذلك، فهو إما أنه به علة خربت غريزته، أو أشغلته عنها، أو أنه مخادع، فإذا تبرجت لهم، وتزينت، وتركت حجابها، واختلطت بهم، وخرجت عن قوامة وليها فلن تجد إلا الإهانة والظلم، واسألوا نساء الغرب، وجمعيات حقوق النساء.. اسألوهن يخبرنكم بما هن عليه من إهانة وظلم.

أبو سارة
abu_sarah@maktoob.com

الصفحة الرئيسة       |      صفحة الشيخ