صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ثلاثون علامة تدل على أن هؤلاء المخربين خوارج

بدر بن علي بن طامي العتيبي

 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسـول الله ، وعلى آله وصحبه أجمعين :
سألتني بارك الله فيك عن الخوارج ، وحالهم ، وهل من يقوم بأعمال التخريب اليوم منهم أم لا ، وما أوجه الشبه بينهم فأقول :
الخــوارج من الفرق المنحرفة عن السبيل ، التي خرجت أولى علاماتها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، عندما قال ذو الخويصرة التميمي : ( يا محمد اعدل !! ) ، فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : ( ويحك ، ومن يعدل إذا لم أعدل ؟! ) ثم أخبر : ( أنه يخرج من ضئضئ هذا أقوام تحقِِِِِِِِِرون صلاتكم مع صلاتهم ، وصيامكم مع صيامهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ! ) ، وفيما قال : ( كلاب النار ، كلاب النار ، كلاب النار) ( شرُّ قتلى تحت أديم السماء ) ( لئن لقيتهم لأقتلنهم قتل عاد ) (طوبى لمن قتلهم أو قتلوه ) ( لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لنكلوا عن العمل ) ( سفهاء أحلام ، حدثاء أسنان يقولون من قول خير البرية ، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة) ( يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء ) ( يتقفرون العلم تقفرا ) ( سيماهم التحليق والتسبيد ) ( يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ) ( يخرجون على حين فرقة من الناس ) ( هم شر الخلق والخليقة ) ( يخرج آخرهم مع الدجال ! ) كل هذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في خبر الخوارج ، والأحاديث أكثر ، بل لم يروَ في ذكر خبر الفرق المخالفة في الإسلام أكثر ولا أصح من أحاديث الخوارج ! ، هذا إن لم يقل بأنه لم يصح في الباب غيرها ! ، وقد جمع أهل العلم أحاديثهم في مظانها ، ولعلكم تراجعونها في " جامع الأصول " [10/76-93] ، وفي غيره ، فإذا كان مبدء خروجهم كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وشككوا في ذمته وعدله ، ثم استفحل شرهم في عهد عثمان ذي النورين ، وشككوا في أمانته وعدله ، بل واقتحموا عليه الدار ، وقتلوه ، ومثّلوا به ، واستباحوا حرمة دمه وماله ودينه ! ، ثم جردوا السلاح ضد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ! ، وكفروا علياً رضي الله عنه وأحبطوا عمله ! ، ويرون بأنهم أولى بالحسنيين ! ، وأن رواحهم إلى الجنة .

وعندما ضرب أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه أحدهم بالسيف قال له ( خذها إلى النار وبئس القرار ! ) ، قال الخارجي : ( ستعلم غداً من منّا أولى بها صلياً !!!! ) .

فإذا كان هذا حالهم مع أكمل الخلق وأطهرهم طريقة ، فلا يستغرب ما يحصل اليوم من أتباعهم مع من هم عرضة للخطأ والتقصير ، وما مرّ زمان إلاّ ومنهم فلول ، تجتمع أحياناً ثم تفترق أحايين ! ، حتى ( يخرج الدجال !! ) كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ! ، وما من خليفة من خلفاء الإسلام وحكامها إلاّ ولقي من أذية الخوارج ما لقي سواء بالسيف أو باللسان والتحريش ! .

والذين يقومون اليوم بالعمليات التخريبية ، وكذا الذين من قبلهم من الذين يؤلّبون الناس على الحاكم ، ويوغرون صدورهم عليه : لا يشك صاحب سنة عالم عاقل بأنهم : (خوارج مارقة ) .

ولعل نتائج أعمالهم حققت أوصافهم ، وصدق انتسابهم إلى هذا الفكر المنحرف وإن رفضوا ذلك ، وعامة من كابر بادئ الرأي ، وأنكر وصفهم بالخروج ، وخبث طويتهم ، اعترف اليوم بذلك ، وأنكر منهم أشد النكير ، وهذا مما يميّز صاحب السنة العالم العاقل عن غيره ، لأن الفتنة إذا أقبلت يعرفها العلماء ، وإذا تغشت الناس وأدبرت عرفها عامة الناس ، ولهذا ما أوسع علم ابن مسعود رضي الله عنه عندما رأى أقواماً يتعبدون الله تعالى في المسجد على غير ما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال مقولته المشهورة : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن أقواماً سيخرجون يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، وأيم الله ما أدرى لعل أكثرهم منكم ) ، وما دارت الأيام والليالي إلاّ ويحصل ما قاله العالم العاقل ابن مسعود رضي الله عنه ، وشهد بذلك من شهد الواقعتين وهو عمرو بن سلمة حيث قال : ( رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج) .

وهكذا الحال اليوم : فكم صرّح علماؤنا الأجلاء بخروج أهل التعيير والتشهير ، ونصيحة الفضيحة ، وتوغير القلوب ، من قبل هذه الوقائع بسنواتٍ عديدة ، ومع ذلك ما أشد أذية الحمقى لهم !! ، ورفضهم لقبول هذه الحقائق الكونية ! ، فرحم الله العلماء ما أعظم فضلهم على الناس ، وما أشد أذية الناس لهم ! .

واليوم : من نظر إلى طريقة القوم ، وقرنها بطريقة أسلافهم من الخوارج المارقة ، يقف حتما على مبلغ التوافق العجيب ! ، وخذ من ذلك :

الخوارج الأوائل : شككوا في أمانة النبي صلى الله عليه وسلم وعدله ! ، وأمانة عثمان وعدله ، ووصفوه بالاستبداد . وهكذا هم اليوم يصنعون مع حكامنا ! .

الخوارج الأوائل : قاموا بدعوى نصرة التوحيد الجهاد ، وتحكيم الشريعة ، وكفروا علياً ومعاوية وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم بذلك ، ورأوا أن أعمالهم قد حبطت .
وهكذا هم اليوم : كفروا حكامنا ، وعلماءنا ، ووصفوهم بالطواغيت ، وقالوا عن الشيخ ابن باز : ( رأس الردة !، وعمود الكفر ! ، وذنب الحكام !! ) ، وقالوا : ( بلغ مرحلة من الخرف والسفه مما جعله لا يقبل قوله) ، وقالوا : ( علماء السلاطين ) وقالوا ( أقل ما يقال فيهم أنهم فسّاق ! ) .

الخوارج الأوائل : يزورون الكتب ، والأقاويل على لسان أهل العلم ، وأنها تعضد طريقتهم ، [ البداية والنهاية :10/277] [10/281] [10/340] .
وهم اليوم : يزورون الكتب ، وينسبون أنفسهم إلى أهل التوحيد والسنة من الأحياء والأموات !! ، ويستشهدون بكلام الإمام ابن تيمية وهم أبعد الناس عن طريقته ، وبكلام الشيخ محمد بن عبدالوهاب وهم أبعد الناس عن حقيقته ، وبكلام أئمة الدعوة وهم الذين رضوا بحكم آل سعود وناصروهم حتى أقاموا دولتهم .

الخوارج الأوائل : يقومون بالمظاهرات والمسيرات ضد الحاكم ! ، [ البداية :10/280] .
وهم اليوم كذلك .

الخوارج الأوائل : يسعون إلى الانقلاب على الحاكم فضلاً على أن يناصحوه ، كما دخلوا على عثمان رضي الله عنه ، وحاصروا داره ، وقالوا للناس : من كفّ يده فهو آمن !! ، [البداية :10/280] .
وهم اليوم كذلك ، وأطلقوا الحرب للحاكم بل وحكومته بل وشعبه المناصر له !! .

والخوارج الأوائل : يفترون على الحاكم ما لم يقل ، ونسبوا إلى عثمان كتاباً ، ووضعوا عليه خاتماً كخاتمه !! [ البداية : 10/280 ] .
وهم اليوم كذلك يفترون على الحكام بشتى أنواع الأكاذيب أو على أقل تقدير ما لم يأتوا عليه ببينة ! ، ويزورون الوثائق ، والجوازات ، وغير ذلك .

الخوارج الأوائل : من مزيد ظلمهم ومبلغ حقدهم على الحاكم يسمونه بأسماء زعماء اليهود والنصارى ، كما سموا عثمان رضي الله عنه بـ : نعثل !! ، [ البداية :10/282] [10/307] وربما قلبوا اسمه ، كما صنع الراسبي ، فما كان يسمي علياً رضي الله عنه باسمه ! ، وإنما يسميه بـ : الجاحد ، من شدة بغضه له ، [ البداية :10/591] .
وهم اليوم : يسمون الحاكم بـ : ( بوش العرب ) أو ( البابا يوحنا ! ) و ( آل سلول ) .

الخوارج الأوائل : يسبون الحكام على المنابر ! ، كما صنع ابن عديس في شتمه لعثمان رضي الله عنه على المنبر ! ، [ البداية :10/297] .
وهم اليوم كذلك : بالتصريح ، وبالتلميح !! .

الخوارج الأوائل : يصرحون بكفر الحاكم مهما كان له من فضائل ، فعندما دخلوا على عثمان وقتلوه ، وهو على مصحفه ، قد أصابه بعض دمه ، قال أحدهم : ما رأيت كاليوم وجه كافرٍ أحسن !! ، ولا مضجع كافرٍ أكرم !! . [ البداية :10/307] .
وهم اليوم : لم يلتفتوا إلى محاسن حكام المسلمين ، وما رعى الله بهم من المصالح ، وحفظ بهم من الحقوق ، وحقن بهم من الدماء ، وصان بهم من أعراض ، ومع ذلك كفروهم .

والخوارج الأوائل : يستبيحون المحرم لتحقيق مطلبهم !! ، وقالوا : الذي أباح لنا دم عثمان كيف يحرم علينا ماله ؟! ، وأخذوا كل شيٍ حتى الأقداح ،[ البداية :10/307 ] ،ويسفكون الدماء ، ويقطعون السبل ، ويستحلون المحارم ، [ البداية :10/584] .
قال ابن كثير مؤيداً قتال علي رضي الله عنه للخوارج : ( وفيه خيرة عظيمة لهم ، ولأهل الشام أيضاً ، إذ لو قووا هؤلاء لأفسدوا الأرض كلها عراقاً وشاماً ، ولم يتركوا طفلاً ولا طفلة ولا رجلاً ولا امرأة لأن الناس عندهم قد فسدوا فساداً لا يصلحهم إلاّ القتل جملة ..) [ البداية :10/584-585] .
وهم اليوم : يفعلون كل محرم من أجل تحقيق مطلبهم !! ، يسرقون !! ، يحلقون !! ، يكذبون !! ، يفترون !! ، يلبسون لباس النساء !! ، يقتلون الدماء المعصومة لمصلحة عظمى عندهم وهي قتل كافر أو رجل أمن !!!!!! ، ويرون بأنه لا ( إصلاح ) إلاّ ( بالسلاح !) .

الخوارج الأوائل : يقاتلون الحاكم في حقيقة الأمر لشيٍ في أنفسهم لا لله عز وجل ونصرة لدينه ، كما صنع عمرو بن الحمِقِ حين جلس على صدر عثمان بعد ما طعن من قبل ، فطعنه تسع طعنات !! ، وقال : أما ثلاث منهن فلله ، وستٍ لما كان في صدري عليه !!! ، [ البداية :10/309 ] .
وهم اليوم كذلك ، فما يفرحون بخير حباهم الله به ، ولا يحزنون بأمرٍ أصابهم ! .

الخوارج الأوائل : يبحثون عن إسقاط الحاكم في الزلة على كل وجهٍ !! ، فعندما نسبوا إلى عثمان رضي الله عنه أنه كتب فيهم كتاباً ، وأنكر ذلك قالوا له : إن كنت كتبته فقد خنت !! ، وإن كنت لم تكتبه فقد عجزت !! ، ومثلك لا يصلح للخلافة : إما لخيانتك وإما لعجزك !! ، [ البداية :10/311 ] وتأمل رد ابن كثير فما أحسنه .
وهم اليوم كذلك : حتى فيما يفعلونه من تخريب !! ، فيستبيحون ما يقومون به من أعمال تخريبية ، ومن جانب آخر يصيح السفيه من جانبٍ آخر ويقول : هذا فيه دليل على عدم أهلية الحاكم ، وانفلات الأمن !! ، وكلهم مبطل كذاب ! .

الخوارج الأوائل : أن الخوارج لا يموتون – غالباً – إلاّ بشر قتلة ، وعلى أردى حال ، وقد أقسم بعض السلف أنه ما مات أحد من قتلة عثمان إلاّ مقتولاً ! ، قيل إجابة لدعوة سعد بن أبي وقاص عندما قال : ( اللهم أندمهم ثم خذهم ) [ البداية :10/320 ]
وهم اليوم : بعدما استباحوا الدماء المعصومة ، وقتلوا الرجال والنساء والأطفال ، وقنت عليهم المسلمون في جنح الظلام : ماتوا أخس ميتة ، وقتلوا شر قتلة : ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (الكهف:103-104) .

الخوارج الأوائل : مع ما توهب لهم من عطايا وأموال ، يتكبرون ويسألون الله التغيير والتبديل ! ، قال سعيد بن المسيب : كانت المرأة في زمان عثمان تجئ إلى بيت المال ، فتحمل وقرها ، وتقول : اللهم بدل ، اللهم غيّر !! ، البداية [ 10/336] .
وهم اليوم : على ما وهبوا في هذه البلاد من نعم كثيرة ، ومن إعانات ، ومن أنعام لا تحصى في الجملة ، وربما بعضهم موظف في ( حكومتهم ) أكل من أموالهم ، واشتد بها عوده ، ومنهم من تدعمه الدولة : بإذن دعوة ! ، أو بنشر كتابٍ ، أو بتدريس ٍ في جامعة أو مدرسةٍ ، أو بإقامة مركز ، أو بترتيب مخيمٍ ، ثم يقول : ( اللهم غيّر ، اللهم بدل !!) .
أنشد حسان رضي الله عنه :

قلتم بدّل فقد بدلكم ***** سنة حرّى وحرباً كاللهبِ
ما نقمتم من ثيابٍ خلفةٍ **** وعبيدٍ وإماءٍ وذهب ؟! .


والخوارج الأوائل : يعتبون على الحاكم اجتهاداته الشرعية ، ويستغلونها لإسقاطه ، وتوغير القلوب ضده ، كما عتبوا على عثمان تحريق المصاحف ! ، وإتمام الصلاة في منى ، [ 10/395] .
وهم اليوم : ما إن يرى الحاكم رأياً للخلاف فيه نظر ، وللاجتهاد فيه مسوّغ : إلاّ وطاروا بمخالفته ، وقالوا : هذا تبديل لشرع الله !! ، وحكم بغير ما أنزل الله ! .

الخوارج الأوائل : يتأولون كلام الحاكم وفعله على غير ما يريد ! ، كما صنعوا مع عليٍ رضي الله عنه ! قال ابن جرير : ( ثم جعلوا بعد ذلك يعرضون له في الكلام ، ويسمعونه الشتم ، ويتأولون تآويل في كلامه ! ) [ البداية :10/569] .
وهم اليوم : كذلك ، وكل ما يصدر منهم يقلب على أقبح الأوصاف : حرب للإسلام ، تجفيف لمنابع الدين ، تعطيل للجهاد ، استنزاف للأموال ! ، نهب لمدخرات البلاد ! .

الخوارج الأوائل : ينزلون آيات الكفر على حكام المسلمين ! ، كما قال أحدهم لعلي رضي الله عنه وهو في الصلاة : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)(الزمر: من الآية65) ، فقرأ علي رضي الله عنه : ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) (الروم:60) ، [ البداية :10/569 ] .

الخوارج الأوائل : يجهلون مسائل الحكم بغير ما أنزل الله ، ويكفرون الحاكم بما ليس منها بمكفرٍ !! ، وقالوا لعلي رضي الله عنه : ( يا عليّ أشركت!! في دين الله الرجال ، إن الحكم إلاّ لله ! ) ، [ البداية :10/570] .
وهم اليوم كذلك ! .

الخوارج الأوائل : يأخذون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض ! ، فتمسكوا بقوله تعالى ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ)(الأنعام: من الآية57) ، وقوله : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)(المائدة: من الآية44) ، ونزلوها على غير تنزيلها ، وأجملوا ، وعمموا في الدليل والحكم ! ، ولما ناظرهم ابن عباس – رضي الله عنهما – أتم لهم الدليل ، ونقض لهم الحكم . وكشف جهلهم ! ، وأتى لهم بالأدلة التي حكم الله فيها حكم الرجال ، فحكم الرجال بحكم الله من حكم الله ! .
وهم اليوم كذلك في مسائل عدة ، حتى أن أحدهم أطلق مرة الحكم بأن كل من حرم ما أحل الله : فهو كافر ! ، فقال له صاحب السنة ، وما تقول في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التحريم:1) ، فبهت الذي فجر ! ، ثم طغى وكفر وقال : يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم كفر ثم تاب الله عليه !!.

الخوارج الأوائل : يتحزبون إلى أشخاصٍ – وإن كانوا صالحين ! – وكل منهم يطلب أن تكون الولاية لصاحبه !! ، [ البداية :10/398] .
وهم اليوم : كل حزبٍ يدعو إلى أولوية ( زعيمه ) بالولاية !!!!! ، وهم من أبعد الناس عن الصلاح والتقى ، والعلم والهدى ، بل : والعقل وحصافة الرجال ! .

الخوارج الأوائل : يفضحون ، ويشهرون ، ويكفرون ، ويهددون ، وقال زرعة بن البرج لعلي رضي الله عنه : أما والله يا عليّ لئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب الله لأقاتلنك اطلب بذلك وجه الله ورضوانه !!!!!! ) [ البداية :10/577 ] .
وهم اليوم كذلك :
حرموا من النصيحة والإصلاح الشرعي ! ، وجنحوا إلى التعيير والتشهير ، والتهديد ، ومن ثمّ إلى التخريب والتدمير ، واستباحة المحرمات !! .

الخوارج الأوائل : يدعون إلى مهاجرة أرض الإسلام !! ، كما قال عبدالله بن وهب الراسبي وهو منهم : ( اخرجوا بنا إخواننا من هذه القرية الظالم أهلها ، إلى جانب هذا السواد ، إلى بعض كور الجبال ، أو بعض هذه المدائن ، منكرين هذه الأحكام الجائرة .. ) ، [ البداية :10/578] .
وهم اليوم كذلك : ومنهم من هو أسوأ من الخوارج الأوائل حيث جمز إلى أرض الكفار ، واستنصر بهم ، وعاش تحت ولايتهم ، ودان باتباع أنظمتهم ، وتحاكم إلى شريعتهم ، وهيئوا له السبل لحرب الإسلام والمسلمين ! ، فاستبدل صوت المآذن ، وخلو الأرض من الأوثان والكنائس ومعابد الكفر ، وهاجر إلى أرضٍ يعلو فيه الصليب ، وتدندن فيها أجراس الكنائس ، ويكفر فيها بالله علانية ، والله تعالى يقول : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً ) (النساء:97- 99) ،و قوله تعالى : ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) (العنكبوت:56).
ويتشدقون بأنهم هربوا من : سياسة القمع ، ومن ظلم الحكومات ! .

أن الخوارج الأوائل : خرجوا بمسمى الجهاد ، والتوحيد ، وإنكار المنكر ، ووجوب تحكيم شرع الله ، قال الراسبي : فأشهد أهل دعوتنا من أهل قبلتنا أنهم قد اتبعوا الهوى ، ونبذوا حكم الكتاب ، وجاروا في القول والعمل ، وأن جهادهم حق على المؤمنين !! ) [ البداية :10/578-579] ، وبالله عليك : اقرأ هناك كلام ابن كثير بعده فما أجمله ولولا خشية الإطالة لنقلته كاملاً .
وهم اليوم كذلك .

الخوارج الأوائل : يدّعون أن مقتولهم في الجنة ، ويستبشرون به ، وكانوا يتنادون يوم النهروان ( الرواح الرواح إلى الجنة !! ) [ البداية :10/587 ] .
وهم اليوم كذلك ، وينشدون ( الأهازيج ) ، و ( زفة الشهيد ) إلى الحور العين في الجنة !!

الخوارج الأوائل : يرون بأن من قتلوه في النار كائناً من كان !! ، حتى أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه وهو من أجل الصحابة لما ضرب أحدهم بالسيف فأنفذه من ظهره قال له : أبشر يا عدو الله بالنار ! ، فقال له الخارجي : ستعلم أيّنا أولى بها صليا !!!!! ، [البداية :10/588 ] .
وهم اليوم كذلك ، وما يرون الناس إلاّ من جثى جهنم ! .

الخوارج الأوائل : يستبيحون دماء أهل الذمة والعهود ، قال عبدالله بن شداد : والله ما بعث إليهم – يعني علياً رضي الله عنه – حتى قطعوا السبل ، وسفكوا الدماء ، واستحلوا أهل الذمة .. ) ، [ البداية :10/567] .

الخوارج الأوائل : لا يحترمون العلماء ، وربما طعنوا في ذممهم وأمانتهم ! ، بل ربما غمزوا علمهم ، حتى قالوا في ابن عباس وهو ترجمان القرآن : هذا ممن يخاصم في كتاب الله بما لا يعرفه !!! ، بل ربما غمزوا فيهم بترف اللباس والزينة والمسكن ! ، كما صنعوا أيضاً مع ابن عباس رضي الله عنهما واستنكارهم عليه لبسه للحلة ، [ البداية :10/569 ] .
وهم اليوم كذلك ، ويرون أن ما عندهم من أموال ما هي إلاّ من الرشوة التي يأكلونها من حكامهم ، والله موعدهم ، جميعاً ( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) (الزمر:31) .

الخوارج الأوائل : يخرجون على حين فرقة من الناس ، كما جاء في الحديث الصريح .
وهم اليوم : كذلك ، فبلادنا خاصة ، والبلاد الإسلامية عامة تتعرض لأشد حملة حربية وإعلامية على الإسلام في العصور المتأخرة ، في وقتٍ نحن أحوج فيه إلى تقويم الصفوف ، وإعداد العدة ، وجمع الكلمة ، فصاروا هم الحرب علينا ، وهم سلاح العدو الذي ينطلق بين ظهرانينا ! .

الخوارج الأوائل : حدثاء أسنان ، سفهاء أحلام ! ، كما صرّح به في الحديث .
وهم اليوم : كذلك ، لم يعرفوا بعلمٍ ولا أدب ولا طلبٍ ، وليس منهم من اشتد عوده في الإسلام ، وعامتهم من أوغل في الدين بشدّة ، ولن يشاد هذا الدين أحد إلاّ غلبه ! .

الخوارج الأوائل : يزداد مروقهم من الدين يوماً بعد يوم ! مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يمرقون من الدين ثم لا يعودون إليه ) .
وهم اليوم تزداد دائرة شرهم وضلالهم : بدءوا بطلب إخراج جنود الكفر ، ثم اتسعت الدائرة إلى كل مشرك ! ، ثم اتسعت الدائرة إلى إعلان الحرب ضدهم ، ثم اتسعت الدائرة إلى قتال من يذب عنهم من رجال الأمن ، ثم اتسعت الدائرة إلى كل رجال الأمن ، ثم اتسعت الدائرة إلى كل من دان بالولاء لحكام هذه البلاد ! ، وربما تتسع الدائرة حتى ينتهكون الأعراض والحرمات كما حصل يوم الحرة ، وما حصل في الجزائر موعظة لمن تدبر .

أما سؤال السائل عن كفرهم ، فأهل العلم اختلفوا في الحكم عليهم بالكفر ، والصواب فيهم التفصيل بحسب حالهم ! ، فمن استحل المحرمات ، واستباح قتل المسلمين ، وحكم بكفرهم جميعاً إلاّ من هم على شاكلته ، فهذا لا شك في كفرهم ، وخلاف من خالف في تكفير الخوارج لا يعني هؤلاء قطعاً .

أما من خرج على السلطان ، وشق عصا الطاعة ، بتأويل سابغ ، وشبهة عارضة فهؤلاء هم البغاة ، ويشملهم مسمى الخروج لا حقيقة حكم الخوارج ، والله تعالى يقول : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ)(الحجرات: من الآية9) ، ولهذا لا يجهز على جريحهم ، ولا تستباح أموالهم ، ولا نسائهم وذراريهم ، ويكف عمّن كفّ منهم .

والكلام محل بسطه في غير هذا المقام ، وقد تكلم أهل العلم في أحكام أهل البغي في كتب العقيدة والفقه ، فلتراجع ، مع وصيتي لكل من أراد معرفة مبلغ خطر هذه الفرقة ، وشدة ضلالهم أن يقرءوا كتب التاريخ ، وكيف حال الخوارج مع الحكام ، وحال العلماء مع الحكام ، منذ عصر الصحابة حتى العصور المتأخرة ، فلا يعرف بالخروج والمشاغبة على حكام المسلمين إلاّ أرذل الناس وأجهلهم ، ولم يعقبوا الإسلام إلاّ كل بلية ، ولم يلحقوا به إلاّ كل رزية ، ولو شاء ربك ما فعلوه ، والله حسبنا ونعم الوكيل ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .


كتبه :
بدر بن علي بن طامي العتيبي
14 ربيع الأول 1425هـ الطائف – الحوية
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أبو ريان الطائفي
  • رسائل
  • مقالات
  • الصفحة الرئيسية