بسم الله الرحمن الرحيم

ما معنى " المأثم والمغرم " ؟


السؤال :
ما معنى (المأثم والمغرم) اللذان نستعيذ بالله منهما؟

الجواب :
‏الأخ الحبيب .
إليك الجواب بشكل مفصل واسمح لنا على الإطالة مقدما .

1 - الأحاديث التي وردت فيها عبارة التعوذ من " المغرم والمأثم :
- عَنْ ‏عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏أَخْبَرَتْهُ ‏: ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ ‏: ‏اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ ‏‏الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ‏‏وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ‏الْمَأْثَمِ ‏ ‏وَالْمَغْرَمِ . ‏فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ : مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنْ ‏الْمَغْرَمِ .‏ ‏فَقَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا ‏‏غَرِمَ ‏‏حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ .
رواه البخاري في كتاب الأذان . باب الدعاء قبل السلام (789) .

قال الحافظ ابن حجر في الفتح : ‏قَوْلُهُ : ( وَالْمَغْرَم ) ‏: ‏أَيْ الدَّيْن , يُقَال غَرِمَ بِكَسْرِ الرَّاء أَيْ اِدَّانَ . قِيلَ وَالْمُرَاد بِهِ مَا يُسْتَدَان فِيمَا لَا يَجُوز وَفِيمَا يَجُوز ثُمَّ يَعْجِز عَنْ أَدَائِهِ , وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِهِ مَا هُوَ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ . وَقَدْ اِسْتَعَاذَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَلَبَة الدَّيْن . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الْمَغْرَم الْغُرْم , وَقَدْ نَبَّهَ فِي الْحَدِيث عَلَى الضَّرَر اللَّاحِق مِنْ الْمَغْرَم , وَاللَّهُ أَعْلَمُ . ‏
ورواه أيضا في كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس . باب من استعاذ من الدين .

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح : قَالَ الْمُهَلَّب : يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ سَدّ الذَّرَائِعِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَعَاذَ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ ذَرِيعَةٌ إِلَى الْكَذِبِ فِي الْحَدِيثِ وَالْخُلْفِ فِي الْوَعْدِ مَعَ مَا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَقَالِ ا ه .

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ الدَّيْنِ الِاسْتِعَاذَة مِنْ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ حَتَّى لَا يَقَعَ فِي هَذِهِ الْغَوَائِل أَوْ مِنْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى وَفَائِهِ حَتَّى لَا تَبْقَى تَبِعَته وَلَعَلَّ ذَلِكَ هُوَ السِّرُّ فِي إِطْلَاق التَّرْجَمَة .

ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَة اِبْن الْمُنِير : لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ الِاسْتِعَاذَةِ مِنْ الدَّيْنِ وَجَوَاز الِاسْتِدَانَةِ لِأَنَّ الَّذِي اُسْتُعِيذَ مِنْهُ غَوَائِل الدَّيْن مَنْ ادَّانَ وَسَلِمَ مِنْهَا فَقَدْ أَعَاذَهُ اللَّه وَفَعَلَ جَائِزًا .
ورواه أيضا في كتاب الدعوات . باب التعوذ من المأثم والمغرم بلفظ أطول من سابقه .

- ‏عَنْ ‏عَائِشَةَ ‏‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ‏‏أَنَّ النَّبِيَّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏كَانَ يَقُولُ ‏: ‏اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ ‏ ‏وَالْمَأْثَمِ ‏‏وَالْمَغْرَمِ ‏‏وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ ‏‏الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ‏‏اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّي خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّ قَلْبِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ .

وقال الحافظ ابن حجر أيضا في الفتح : ‏قَوْله ( بَاب التَّعَوُّذ مِنْ الْمَأْثَم وَالْمَغْرَم ) ‏‏بِفَتْحِ الْمِيم فِيهِمَا . وَكَذَا الرَّاء وَالْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْهَمْزَة وَالْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالْمَأْثَم مَا يَقْتَضِي الْإِثْم وَالْمَغْرَم مَا يَقْتَضِي الْغُرْم .

وقال الحافظ ابن حجر أيضا في الفتح : ‏قَوْله ( وَالْمَأْثَم وَالْمَغْرَم ) ‏‏وَالْمُرَاد الْإِثْم وَالْغَرَامَة وَهِيَ مَا يَلْزَم الشَّخْص أَدَاؤُهُ كَالدَّيْنِ .

2 - فـــــائـــــدة :
من السائل لرسول الله عن سبب كثرة التعوذ من المغرم ؟
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانه هُنَاكَ وَقُلْت إِنِّي لَمْ أَقِف حِينَئِذٍ عَلَى تَسْمِيَة الْقَائِل ثُمَّ وَجَدْت تَفْسِير الْمُبْهَم فِي الِاسْتِعَاذَة لِلنَّسَائِيِّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق سَلَمَة بْن سَعِيد بْن عَطِيَّة عَنْ مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ فَذَكَرَ الْحَدِيث مُخْتَصَرًا وَلَفْظه " كَانَ يَتَعَوَّذ مِنْ الْمَغْرَم وَالْمَأْثَم " قُلْت : يَا رَسُول اللَّه مَا أَكْثَر مَا تَتَعَوَّذ مِنْ الْمَغْرَم قَالَ : " إِنَّهُ مَنْ غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ " فَعُرِفَ أَنَّ السَّائِل لَهُ عَنْ ذَلِكَ عَائِشَة رَاوِيَة الْحَدِيث .

والـــلـــه أعــلــم .
رابط الموضوع

عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com